ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى المجلد 10

اشارة

سرشناسه : صافی گلپایگانی، علی، 1281 - ، شارح

عنوان و نام پديدآور : ذخیره العقبی فی شرح العروه الوثقی [محمدکاظم بن عبدالعظیم یزدی]/ تالیف علی الصافی الگلپایگانی

مشخصات نشر : قم: مکتبه المعارف الاسلامیه، - 1372.

شابک : 2500ریال(ج.1)

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

يادداشت : ج. 2 (چاپ 1372)؛ بها: 2500 ریال

يادداشت : ج. 3 (چاپ اول: 1374)؛ بها: 6000 ریال

عنوان دیگر : العروه الوثقی. شرح

موضوع : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337؟ق. العروه الوثقی -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن ق 14

شناسه افزوده : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337ق. العروه الوثقی. شرح

رده بندی کنگره : BP183/5/ی4ع40216 1372

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 74-5990

[الحمد و الثناء لله تعالى]

نحمدك يا ربّ على نعمائك و نشكرك على آلائك و نصلّي و نسلّم على محمّد خاتم انبيائك الّذي اعطيته دينا جامعا وافيا لهداية خلقك و سعادة عبادك صلّ اللّهم عليه و على آله افضل ما صلّيت على اوليائك لا سيّما على الامام الثاني عشر الكاشف للضرّ عن أحبّائك و المنتقم من أعدائك و اللّعن على أعدائهم الى يوم لقائك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 5

كتاب الخمس من شرح عروة الوثقى

اشارة

لشارحه العبد الفقير اقل خدمة اهل العلم على الصافى الكلبايكاني (عفى عنه)

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 7

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ* قوله رحمه اللّه

كتاب الخمس و هو من الفرائض و قد جعلها اللّه تعالى لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ذريّته عوضا عن الزكاة اكراما لهم و من منع منه درهما أو اقل كان مندرجا فى الظالمين لهم و الغاصبين لحقهم بل من كان مستحلّا لذلك كان من الكافرين ففى الخبر عن ابى بصير قال قلت لابى جعفر عليه السّلام (ما ايسر ما يدخل به العبد النار قال عليه السّلام من اكل من مال اليتيم درهما و نحن اليتيم) «1» و عن الصادق عليه السّلام (انّ اللّه لا إله الّا هو حيث حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال) «2» و عن ابى جعفر عليه السّلام (لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا) «3» و عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا ان يقول

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 1 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب

1 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 1 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 8

يا رب اشتريته بما لى حتى يأذن له اهل الخمس) «1».

[فصل فيما يجب فيه الخمس و هي سبعة اشياء:]

اشارة

فصل فيما يجب فيه الخمس و هي سبعة اشياء:

[الاول: الغنائم المأخوذة من الكفار]

اشارة

الاول: الغنائم المأخوذة من الكفار من اهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم بشرط ان يكون باذن الامام عليه السّلام من غير فرق بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه و المنقول و غيره كالاراضى و الاشجار و نحوها بعد اخراج المؤن الّتي انفقت على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل و رعى و نحوها منها و بعد اخراج ما جعله الامام عليه السّلام من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح و بعد استثناء صفايا الغنيمة كالجارية الورقة و المركب الفارة و السيف القاطع و الدرع فانها للامام عليه السّلام و كذا قطائع الملوك فانها أيضا له عليه السّلام.

و أمّا إذا كان الغزو بغير اذن الامام عليه السّلام فان كان فى زمان الحضور و امكان الاستئذان منه فالغنيمة للامام عليه السّلام و ان كان فى ز من الغيبة فالاحوط اخراج خمسها من حيث الغنيمة خصوصا إذا كان للدعاء الى الاسلام فما يأخذه السلاطين فى هذه الازمنة من الكفّار بالمقاتلة معهم من المنقول و غيره يجب فيه الخمس على الأحوط و ان كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء الى الاسلام و من الغنائم التى يجب فيه الخمس الفداء الّذي يؤخذ من اهل

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 3 من ابواب الأنفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 9

الحرب بل الجزية المبذولة لتلك السرية بخلاف سائر افراد الجزية.

و منها أيضا ما صولحوا عليه و كذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين فى امكنتهم و لو فى زمن الغيبة فيجب اخراج الخمس فى جميع ذلك قليلا كان أو كثيرا من غير ملاحظة خروج

مئونة السنة على ما يأتي فى ارباح المكاسب و سائر الفوائد.

(1)

أقول اعلم أنّه لا اشكال فى وجوب الخمس فى الجملة بل هو فى الجملة من ضروريات الدين ما نص عليه القرآن الكريم وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ «1» و السنة المتواترة من المعصومين عليهم السلام دالة على وجوبه فى الجملة و على هذا لا اشكال فى اصل وجوبه فى الجملة انّما الكلام فى خصوصياته فنقول يجب الخمس فى سبعة اشياء.

الأوّل: فى الغنائم الماخوذة من الكفار من اهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم.

اما وجوبه فى الغنيمة الماخوذة من اهل الحرب مع المسلمين فى غزوة بدر فهو المورد المتيقن من الآية الشريفة المذكورة لانها نزلت بمناسبة هذه الغزوة كما انه لا خلاف ظاهرا بين الخاصة و العامة فى شمول الآية لكل ما يؤخذ من الغنيمة من اهل الحرب فى غير غزوة البدر من الغزوات فالعامة مع قولهم بنزول الآية فى غزوة

______________________________

(1) سورة الانفال، الآية 41.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 10

بدر يقولون بوجوب الخمس فى الغنائم المأخوذة فى غيرها من الغزوات و بعبارة اخرى يتعدون من مورد شان نزول الآية الى غيره و مع ذلك يختصون وجوب الخمس تمسكا بالآية الشريفة بخصوص الغنائم المأخوذة من الكفار من اهل الحرب و يقولون بعدم وجوبه فى الغنيمة الحاصلة للشخص من غير ما يؤخذ من اهل الحرب من الغنائم.

و من هنا يظهر ان قولهم و فتواهم بعدم دلالة الآية على وجوب

الخمس فى كل غنيمة حتى ما لا يكون من اهل الحرب مع فرض تعدّيهم عن مورد شان نزول الآية و هو حرب البدر الى غيره من الحروب قول بغير علم و فتوى بلا دليل لأنّه ان قلنا انّ اطلاق الآية الشريفة المذكورة الشاملة لكل غنيمة كان يقيّد بمورد النزول فلا يبقى وجه لتعدّيهم عن مورد النزول و هو حرب البدر الى غيره من الحروب و ان لم يكن شان النزول موجبا لتقييد اطلاق الآية الشاملة لكل غنيمة كما هو الحق و به يقول علمائنا الامامية رضوان اللّه تعالى عليهم فلم ينحصرون وجوب الخمس بخصوص غنائم دار الحرب.

فتلخّص من كلّ ذلك انا و لو اغمضنا النظر فرضا عن الاخبار الواردة عن الأئمة عليهم السلام و هم العترة المقرونة بالقرآن فى الكلام المتواتر عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم (انّى تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتى الخ) يكفى ظاهر القرآن حجة لنا على وجوب الخمس فى مطلق الغنيمة و ان لم تكن من دار الحرب.

و يظهر لك ممّا ذكرنا أنّه لا اشكال فى الجملة فى وجوب الخمس فى مطلق الغنيمة فى الجملة و من جملتها غنائم دار الحرب بنص الكتاب الكريم مضافا الى دلالة غير واحد من الاخبار على ذلك نذكر بعضها إن شاء اللّه فى المباحث الآتية.

انّما

الكلام فى خصوصياتها.
اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 11

الخصوصية الاولى: كون الغنيمة الحاصلة من الكفار من اهل الحرب قهرا بالمقاتلة معهم

اعلم انّ هذا المورد هو المورد المتيقن من الآية الشريفة و النصوص من موضوع وجوب الخمس فى غنائم دار الحرب.

و أمّا غير هذا المورد فنبحث عنه إن شاء اللّه بعد ذلك عند تعرض المؤلف رحمه اللّه له.

الخصوصية الثانية: يشترط ان يكون الحرب باذن الامام عليه السّلام

و هو أيضا المورد المتيقن و أمّا إذا لم يكن باذن الامام عليه السّلام فهل يجب فى الغنائم الماخوذة منه الخمس أو يكون كله للامام عليه السّلام مقتضى رواية العباس الوراق عن رجل سمّاه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال إذا غزا قوم بغير اذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلّها للامام و إذا غزوا بامر الإمام فغنموا كان للامام الخمس «1» هو وجوب خمس الغنيمة اذا كان الغزو بامر الإمام و ان لم يكن بامره فالغنيمة كلّها للامام.

لكن الرواية ضعيفة السند لأنّ من روى عنه العباس مجهول لعدم ذكر رجل سمّاه الّا ان يقال بانجبارها بعمل الاصحاب لعمل المشهور بها أو لكون فتواهم على طبقها.

و يدل على وجوب الخمس فى خصوص ما إذا كان بأمر الامام عليه السّلام ما رواها معاوية بن وهب قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسم قال ان قاتلوا عليها مع امير أمره الإمام عليهم اخرج منها الخمس للّه و للرسول و قسم بينهم أربعة اخماس و ان لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للامام يجعله حيث احب «2».

الخصوصية الثالثة: هل يكون وجوب الخمس فى غنائم دار الحرب مختصا بما حواه العسكر

______________________________

(1) الرواية 16 من الباب 1 من ابواب الأنفال من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 41 من ابواب جهاد العدو من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 12

من انسان أو حيوان أو غيرهما من المنقولات أو يعمه و ما لم يحوه العسكر كالاراضى و المساكن و الاشجار.

وجه التعميم الإطلاق المستفاد من الآية الشريفة المذكورة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ الخ و كذا بعض الروايات مثل ما رواها ابو بصير عن ابى جعفر عليه السّلام كل شي ء قوتل عليه على

شهادة ان لا إله الّا اللّه و انّ محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلم رسوله فانّ لنا خمسه و لا يحل لاحد ان يشترى من الخمس شيئا حتّى يصل إلينا حقّنا «1» و غير ذلك.

وجه الاختصاص بما حواه العسكر أوّلا ان الظاهر من الآية الشريفة و الرواية المذكورة و نظيرها هو خصوص ما حواه العسكر لأنّه ان لم يكن خصوص ما حواه العسكر فلا اقل من عدم ظهوره فى اطلاقها خصوصا بعض الروايات لأنّ الظاهر من تقسيم الغنيمة بخمسة حصص هو المنقولات فلا يشمل غير المنقول.

و ثانيا بعد دلالة بعض الروايات على كون الاراضى ملكا لجميع المسلمين أو ان ارض الخراج فى ء للمسلمين و عموم هذا البعض من الروايات اخص من عموم الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ الخ و بعض الروايات الموافقة للآية مفادا.

فلا بد من تخصيص عموم الآية و ما بمعناها من الاخبار بهذه الأخبار فتكون النتيجة وجوب الخمس فى خصوص ما حواه العسكر من غنائم دار الحرب.

و فيه أمّا وجه الأوّل فغير تمام لعدم كون ظاهر الآية و ما بمعناها من الاخبار هو خصوص ما حواه العسكر بل اطلاقها يشمل كل ما حواه العسكر و ما لم يحوه من الغنائم.

و أمّا ما فى الوجه الثانى من الاشكال فنقول ان النسبة بين ما دل على كون

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 13

ارض الخراج فى ء للمسلمين و بين عموم الآية الشريفة و ما مثلها مفادا من الاخبار تكون العموم من وجه لأنّ عموم الأوّل يشمل ارض دار الحرب و ارض غير دار الحرب كما ان

عموم الثاني يشمل اراضى دار الحرب و غير الأراضى مثل المنقولات فالأوّل عام من جهة و الثاني من جهة فاذا كانت النسبة العموم من وجه فلا وجه لتخصيص عموم الثانى بالأوّل بل مقتضى القاعدة هو الاخذ بالاظهر من العامين فى مادة الاجتماع و ان لم يكن بينهما الاظهر فلا بد من تساقطهما فى مادة الاجتماع و الاخذ بالعموم الفوق فيصح ما قيل فى الوجه الثانى ان كان عموم الآية و بعض الاخبار الموافق لها لسانا اظهر من عموم ما دل على كون ارض الخراج فى ء للمسلمين فى مادة الاجتماع و هو اراضى دار الحرب.

أقول أوّلا لم اجد الى الآن فى الروايات ما كان له عموم يدل على كون الاراضى للمسلمين أو اراضى الخراج فى ء لهم بحيث كان عمومه شاملا حتى لأراضى دار الحرب.

و ثانيا على فرض وجوده فعموم ما دل على وجوب الخمس فى غنائم دار الحرب من الآية الشريفة و الرواية اظهر من عموم ما دل على كون الاراضى للمسلمين أو ارض الخراج فى ء للمسلمين فى مادة الاجتماع و هو الأرض الّتي اغتنمها المسلمين فى الحرب قهرا من الكفار فعلى هذا يجب الخمس فى الغنائم من دار الحرب سواء كان ممّا هواه العسكر أو لم يحوه العسكر.

أقول و هنا كلام لسيدنا الاعظم فقيد الاسلام آية اللّه العظمى البروجردي رحمه اللّه عند ما كان بحثه فى الخمس و هذا حاصله لا ينبغى الاشكال فى انّ ما حواه العسكر من المنقولات ملكا لهم بعد اخراج خمسه كما لا ينبغى الاشكال فى كون ما لم يحوه العسكرى من الاراضى و العقار و المساكن و الاشجار ملكا للامام عليه السّلام يضعها حيث

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى،

ج 10، ص: 14

يشاء انّما الكلام فى وجوب الخمس فيه و عدمه فنقول بانّه فرق بين ما يحويه العسكر و هو الاشياء المنقولة و ما لم يحوه العسكر و هو غير المنقولات فى انّ اغتنام القسم الأوّل.

و الغلبة عليه يكون مستندا الى نفس الافراد من المجاهدين من المسلمين المشاركين فى الحرب فياخذون من العدوّ و يغتنمون منه كلما يصل بايديهم من المنقولات من النقود و السلاح و الفراش و اللباس و المراكب و غيرها.

و انّ الثاني: و هو ما لم يحوه العسكر من الاراضى و العقار و غيرهما فان اغتنامه مستند الى جميع المسلمين فيعم من حضر الحرب و من لم يحضره كما فى كل حرب يقع بين الطائفتين فاذا اخذ جنود إحداهما بلدا أو مملكة فيعدّ هذا غنيمة الطائفة لا غنيمة خصوص اهل الحرب فعلى هذا يقال بانّ الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ الخ و كل رواية تكون مثلها مفادا ظاهرة فى وجوب الخمس على ما يغتنمه اهل الحرب لأنّ الامر فى قوله تعالى (اعلموا) متوجه باهل الحرب و ما هو غنيمة لاهل الحرب ليست الا ما هواه اهل الحرب من المنقولات فامر بوجوب الخمس على ما اغتنموا.

و أمّا غير المنقول فليس غنيمة لهم حتى يجب عليهم فيه الخمس فالآية الشريفة لا تشمل موضوعا ما لم يحوه العسكر راسا فلا حاجة الى استدلال آخر على عدم وجوب الخمس فيما لم يحوه العسكر و لا يبعد ذلك فعلى هذا لا بد من القول بالتفصيل بين ما حواه العسكر و ما لم يحوه العسكر فيجب الخمس فى الأوّل دون الثانى خلافا لما اختاره السيد المؤلف رحمه اللّه فانه اوجب الخمس فى كل منهما.

الخصوصية الرابعة: هل يجب الخمس فى الغنائم الماخوذة من الكفار فى الحرب بعد اخراج المؤن

الّتي انفقت

على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ و حمل و رعى و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 15

نحوها منها أو يجب اخراج الخمس قبل اخراج المؤن منها قولان.

اعلم انّه ليس فى ما بايدينا نص يدل على اخراج المؤن و عدمه فما يمكن ان يكون وجها لخروج المؤن و وجوب الخمس بعدها ليس هو الّا دعوى انّ ذلك مقتضى العدل لأنّه بعد كون صرف المئونة بعد تحصيل الغنيمة بحفظ أو حمل أو رعى أو غيرها مربوطا بكل ما اغتنمه لا بخصوص غير خمس الغنيمة فمقتضى العدل توزيع المئونة على كل ما اغتنم حتى خمسه لا على ما بقى.

أو دعوى أنّه لا تصدق الغنيمة على ما يصرفه فى حفظ الغنيمة أو غيره و لكن يمكن الاشكال فى كلا الوجهين.

نعم يمكن ان يقال بعد كسب الغنيمة و وجوب اداء خمس يكون مقدار الخمس امانة عند المغتنم بناء على تعلق الخمس بالعين أو صار خمسه متعلقا لحق صاحب الخمس فيجب عليه اداء حقه فهو فى طريق اداء حقه فلو احتاج رد الخمس الى مئونة للحمل أو الرعى أو الحفظ فلا يجب على المغتنم بالكسر بل يوزع على كل الغنيمة و معنى ذلك اخراج الخمس بعد المئونة.

الخصوصية الخامسة: يجب الخمس فى هذا القسم بعد اخراج ما جعله الإمام عليه السّلام

من الغنيمة على فعل مصلحة من المصالح مثل ان جعل عليه السّلام ربع الغنائم مثلا لبناء القناطر أو لتطيح الشوارع أو غيرهما.

وجه ذلك هو أنّه بعد جعل الامام عليه السّلام بعضا من الغنيمة لمصلحة خاصة فلا تعدّ هذا المقدار غنيمة لاهل الحرب.

الخصوصية السادسة: يجب الخمس فى هذا القسم بعد استثناء صفايا الغنيمة

كالجارية الورقة و المركب الفارهة و السيف القاطع و الدرع فانّها للامام عليه السّلام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 16

و كذا قطائع الملوك فانّها له عليه السّلام أيضا.

يدل على الاربعة ما رواها ابو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن صفو المال قال الإمام يأخذ الجارية الروقة و المركب الفارهة و السيف القاطع و الدرع قبل ان تقسم الغنيمة فهذا صفو المال «1» و الظاهر دلالتها على أنّ صفو المال هذه الاربعة المذكورة.

و يدلّ على خصوص الاولين بالخصوص و على غيرهما بالعموم ما رواها حماد عن العبد الصالح عليه السّلام فى حديث قال و للامام صفو المال ان يأخذ من هذه الاموال صفوها الجارية الفارهة و الدابة الفارهة و الثوب و المتاع ممّا يحبّ أو يشتهى فذلك له قبل القسمة و قبل اخراج الخمس الخ «2» تدلّ على ان كلما يحبّ الامام عليه السّلام من الغنيمة فهو له قبل اخراج الخمس.

و يدل على كون قطائع الملوك للامام عليه السّلام ما رواه داود بن فرقد قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام قطائع الملوك كلّها للامام و ليس للناس فيها شي ء «3» و غير ذلك راجع الباب المذكور فيه هذه الرواية.

الخصوصية السابعة إذا كان الغزو بغير اذن الامام عليه السّلام فله صورتان:

الصورة الاولى: ما كان الغزو بغير اذنه عليه السّلام و فى زمان حضوره و امكان الاستيذان منه فالغنيمة له عليه السّلام و يدل عليه مرسلة العباس الوراق عن رجل سمّاه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام و رواية معاوية بن وهب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اللتان ذكرناهما فى الخصوصية الثانية من الخصوصيات المبحوثة فى المسألة.

______________________________

(1) الرواية 15 من الباب 1 من ابواب الأنفال من الوسائل.

(2) الرواية

4 من الباب 1 من ابواب الأنفال من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 1 من ابواب الأنفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 17

و الاشكال فى الاولى بضعف السند لارسالها قد يجاب عنه بانّ المشهور عملوا بها و انّ فتواهم مطابق لها و أمّا فى الثانية فاشكل عليها بانّ ظاهرها التفصيل بين القتال و عدمه لا بين اذن الإمام و عدمه و يجاب عنه بانّ ظاهر الرواية التفصيل بين كون القتال مع امير أمره الإمام ففيه الخمس و الّا فهو للامام عليه السّلام.

و فى قبال الروايتين قد يقال بدلالة رواية الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى الرجل من اصحابنا يكون فى لوائهم و يكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسا و يطيب له «1» بالإطلاق على وجوب الخمس على ما اصاب الشخص من الغنيمة فيشمل صورة كونه باذن الامام عليه السّلام و صورة عدم اذنه عليه السّلام فيعارض مع الروايتين.

و فيه أوّلا انّ ظاهر هذه الرواية هو كون الغزو بغير اذن الامام عليه السّلام و ثانيا على فرض اطلاق هذه الرواية يقيد اطلاقها بالروايتين المتقدمتين.

الصورة الثانية: ما إذا كان الغزو بغير اذن الامام عليه السّلام فى زمن الغيبة فهل يجب الخمس فى الغنيمة الماخوذة أو لا يجب الخمس.

أقول الظاهر اطلاق الروايتين من هذا الحيث لأنّ الظاهر منهما أنّه مع الاستيذان يجب الخمس و مع عدمه يجب الخمس سواء امكن الاستيذان و لم يستأذن مثل حال حضوره عليه السّلام أو لا يمكن الاستيذان مثل زمن غيبة عليه السّلام.

و يحتمل كون النظر فى الروايتين بظاهرهما الى خصوص صورة امكان الاستيذان و أمّا مع عدمه فالروايتان منصرفتان عنه و لعل لاجل هذا

الاحتمال قال المؤلف رحمه اللّه (الاحوط اخراج خمسها من حيث الغنيمة) فى هذه الصورة و لم يفت بوجوب الخمس.

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 18

ثمّ أنّه هل يكون فرق فى صورة عدم كون القتال باذن الامام عليه السّلام بين ما يكون قتال من يأخذ الغنيمة للدعاء الى الاسلام و بين عدم كونه للدعاء الى الاسلام مثل ما يأخذه بعض السلاطين من الكفار عند الحرب معهم.

الظاهر عدم الفرق حتى فيما كان الحرب فى زمن الغيبة لأنّ المستفاد من رواية العباس الوراق و معاوية بن وهب دوران حكمه بوجوب الخمس فى الغنيمة و كونها للامام عليه السّلام مدار الاستيذان منه عليه السّلام و عدم الاستيذان منه عليه السّلام فلا فرق فى كون الغنيمة للإمام مع عدم إذنه بين أن يكون الحرب للدعاء الى الإسلام أو لم يكن لذلك نعم لو قلنا بكون الظاهر من الروايتين صورة امكان الاستيذان فلا تشملان حال الغيبة حتّى نقول بوجوب الخمس فيما اغتنمه من باب عموم ما دل على وجوب الغنيمة و ان تاملنا فى ظهورهما نقول كما قال المؤلف رحمه اللّه بانّ الأحوط وجوب الخمس فافهم.

الخصوصية الثامنة: قال المؤلف رحمه اللّه من الغنائم التى يجب فيها الخمس الفداء

الّذي يؤخذ من اهل الحرب وجه وجوب الخمس فيه هو انّ الفداء بدل المغتنم فالمغتنم بنفسه اخذ الفداء عن المغتنم (بالفتح) أو بامر امير الجيش ففى الحقيقة يكون الفداء غنيمة.

و هل الجزية المبذولة لتلك السرية مثل الفداء فى وجوب الخمس فيه أولا الظاهر عدم كونها بحكمه لأنّ الجزية تصل الى البيت المال الّا ان تجعل لاهل الحرب فمع جعله لهم فليس وجوب الخمس فيه من باب كونها من غنائم

دار الحرب بل هو مثل ساير ارباح المكاسب.

و كذا ما صولحوا عليه فانّ ذلك ليس من الغنائم الماخوذة من الكفار الّا ان صولح على ان يكون ما صولح عليه لاهل الحرب و امّا ما يغتنم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين فيجب الخمس على من يأخذ الغنيمة لأنّه من مصاديق غنائم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 19

الماخوذة من الكفار.

***

[مسئلة 1: إذا غار المسلمون على الكفار]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: إذا غار المسلمون على الكفار فاخذوا اموالهم فالأحوط بل الاقوى اخراج خمسها من حيث كونها غنيمة و لو فى زمن الغيبة فلا يلاحظ فيها مئونة السنة و كذا إذا اخذوا بالسرقة و الغيلة نعم لو اخذوا منهم بالربا أو بالدعوى الباطلة فالاقوى الحاقة بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة عن مئونة السنة و ان كان الأحوط اخراج خمسه مطلقا.

(1)

أقول بل الاقوى وجوب خمس الغنيمة فيما غار المسلمون على الكفار لأنّه من مصاديق الغنائم المأخوذة من الكفار بالمقاتلة معهم مع اجتماع ساير الشرائط المذكورة فى الفصل انّ معنى غار المسلمون على الكفار الدخول عليهم بالهجوم عليهم.

و أما إذا اخذوا بالسرقة و الغيلة أو بالربا أو بالدعوى الباطلة فالظاهر عدم كونه من مصاديق الغنائم المأخوذة من الكفار حكما لأنّ الآية الشريفة لا تكون فى مقام البيان من حيث هذه الخصوصيات.

و أمّا ما ورد من الروايات فى الباب فمورده الغزو أو السرية فلا يشمل هذه الموارد فالاقوى أنّه مع كونه واجدا لشرائط الجواز يكون للشخص المسلم الآخذ

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 20

نعم يجب عليه الخمس بعنوان ارباح المكاسب بعد المئونة.

***

[مسئلة 2: يجوز اخذ مال النصّاب اينما وجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: يجوز اخذ مال النصّاب اينما وجد لكن الاحوط اخراج خمسه مطلقا و كذا الأحوط اخراج الخمس ممّا حواه العسكر من مال البغاة إذا كانوا من النصاب و دخلوا فى عنوانهم و الا فيشكل حليته مالهم.

(1)

أقول للمسألة صورتان:

الصورة الاولى: يجوز اخذ مال النصّاب اينما وجد و يجب اخراج الخمس منه يدل عليه ما رواها حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال خذ مال الناصب حيثما وجدته و ادفع إلينا الخمس «1» و روى معلّى

بن خنيس مثله راجع ملحق الحديث.

و قد يقال أو يتوهم دلالة رواية اسحاق بن عمّار قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام مال الناصب و كل شي ء يملكه حلال الا امرأته فان نكاح اهل الشرك جائز و ذلك ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال لا تسبّوا اهل الشرك فانّ لكل قوم نكاحا و لو لا انّا نخاف عليكم ان يقتل رجل منكم برجل منهم و رجل منكم خير من الف رجل منهم لامرناكم بالقتل لهم و لكن ذلك الى الامام «2» على جواز اخذ مال الناصب و عدم وجوب الخمس فيه لعدم تعرّض هذه الرواية لوجوب الخمس.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 26 من ابواب جهاد العدو من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 21

و فيه ان غاية ما يمكن ان يقال سكوت هذه الرواية عن الخمس و لا منطوق و مفهوم لها يدل على عدم وجوب الخمس و بعد نصوصية رواية حفص بن البخترى على وجوبه لا بد من ان نقول بوجوب الخمس فيه فلا ارى وجها لما قال المؤلف رحمه اللّه من ان الأحوط ذلك لأنّه بناء على متى الاستدلال برواية حفص يجب الخمس.

نعم قد يقال كما افاد و سيدنا الأعظم رحمه اللّه بان الاصحاب لم يعملوا بالروايتين و لم يقولوا بحلية مال كل ناصبى فتكون الروايتان معارضتين عند الاصحاب فليستا بجهة.

أقول ان قلنا بأنّ مجرد عدم العمل يعدّ إعراضا و قلنا بكفاية اعراض الاصحاب فى وهن الحديث فلا يكون مقتضى الحجية موجودا فى الروايتين فعلى هذا الكلام فى القول بجواز اخذ مال

الناصب و وجوب الخمس فرع على جواز اخذ ماله.

ثمّ انّ هنا كلاما فى أنّه هل يكون وجوب الخمس فى هذا المورد بعد المئونة مثل وجوبه فى ارباح المكاسب أو يجب الخمس و لا يستثنى منه المئونة.

أقول لا ظهور للرواية فى انّ وجوب الخمس فيما يؤخذ من الناصب عنوان بنفسه و يجب فيه الخمس من هذا الحيث فيمكن ان يكون الخمس فيه من باب كونه من مصاديق ارباح المكاسب.

الصورة الثانية: ما حواه العسكر من مال البغاة إذا كانوا من النصّاب و دخلوا فى عنوانهم هل يجب فيه الخمس من باب كون الغنيمة بحكم الغنيمة الماخوذة من الكفار بعنوان المقاتلة قهرا عليهم و ان لم نقل بجواز اخذ مال الناصب اينما وجد و لم نقل بوجوب الخمس فيه أو لا يجب فيه الخمس.

لا يبعد وجوب الخمس فيها من باب كون ما اغتنم من مصاديق الغنائم من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 22

دار الحرب لاطلاق روايتى العباس الوراق و معاوية بن وهب المتقدم ذكرهما فى الخصوصية الثانية من الخصوصيات المتقدمة فى هذا الفصل.

لكن الاشكال فى صحة سند الاولى و اطلاق الثانية نعم لو لم يشكل فى رواية حفص المتقدمة ذكرها فى المسألة الاولى يشمل اطلاقها هذه الصورة أيضا لكن الاشكال كما عرفت فى سندها فعلى هذا ما يمكن ان يقال هو انّ الأحوط وجوب الخمس فى هذه الصورة و الكلام فى كون وجوب الخمس فى هذه الصورة من باب خصوصية فى المورد أو من باب كونه من ارباح المكاسب فيكون بعد المئونة هو الكلام فى الصورة الاولى.

***

[مسئلة 3: يشترط فى المغتنم ان لا يكون غصبا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: يشترط فى المغتنم ان لا يكون غصبا من مسلم أو ذمى أو معاهد

أو نحوهم ممن هو محترم المال و الا فيجب ردّه الى مالكه نعم لو كان مغصوبا من غيرهم من اهل الحرب لا بأس باخذه و اعطاء خمسه و ان لم يكن الحرب فعلا مع المغصوب منهم و كذا إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من اهل الحرب بعنوان الامانة من وديعة أو اجارة أو عارية أو نحوها.

(1)

أقول فى المسألة مسائل:

الاولى: يشترط ان لا يكون المغتنم (بالفتح) غصبا من مسلم أو غيره ممن هو محترم المال كالذمى و المعاهد لأنّ مالهم محترم و يجب رده الى مالكه و هل يغرم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 23

الامام عليه السّلام غرامته بأربابه و يأخذ عين المغتنم (بالفتح) للمقاتلين او لا يكون محل كلامه و محل بحثه فى كتاب الجهاد و اختار المؤلف رحمه اللّه وجوب رد عين الماخوذ بأربابه.

الثانية: إذا كان المغتنم (بالفتح) مغصوبا عن غيرهم من اهل الحرب فقال المؤلف رحمه اللّه لا بأس باخذه و اعطاء خمسه و ان لم يكن الحرب فعلا مع المغصوب منهم و الظاهر انّ منشأ فتواه شمول اطلاق رواية العباس الوراق و معاوية بن وهب للمورد أيضا و لكن للتأمل فى شمول الاطلاق مجال لأنّ الظاهر منهما هو الغنيمة الماخوذة من اهل الحرب لا عمّن لا يكون من اهل الحرب و ان كان من اهل الحرب عنوانا و لكن يدّعى التسالم على كون هذا أيضا من المقاتلين و يجب فيه الخمس عليهم.

الثالثة: إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من اهل الحرب بعنوان الامانة من وديعة أو اجارة أو عارية أو نحوها و الظاهر انّ منشأ فتوى المؤلف رحمه اللّه فى المورد من جواز أخذه و اعطاء خمسه

هو شمول اطلاق الخبرين للمورد و هو قابل التأمل فتأمل.

***

[مسئلة 4: لا يعتبر فى وجوب الخمس فى الغنائم بلوغ النصاب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: لا يعتبر فى وجوب الخمس فى الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا فيجب خمسه قليلا كان أو كثيرا على الاصح.

(1)

أقول وجهه عدم الدليل على اختصاص وجوب الخمس على ما إذا بلغ

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 24

المغتنم عشرين دينارا فالاطلاق المستفاد من روايتى العباس الوراق و معاوية وهب محكّم.

***

[مسئلة 5: السلب من الغنيمة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه على السالب.

(1)

أقول وجهه كونه من الغنيمة موضوعا فيشمله اطلاق الدليل الدال على وجوب الخمس فيها.

و قد يستشكل فى أصل وجوب الخمس بانّه عليه السّلام قضى بالسلب للقاتل بدون ان امر بالخمس و يمكن رد الاشكال بان السكوت عن وجوب الخمس لا ينافى الوجوب و بعد شمول الاطلاق له نقول بوجوب الخمس.

و قد يستشكل فى وجوب الخمس بعنوان خمس الغنيمة بانّ كون السلب للقاتل و عدمه تابع للجعل فان جعل الامام عليه السّلام للقاتل كان له و لا يجب فيه الخمس الّا بعنوان كونه من ارباح المكاسب و ان لم يجعل له فلا يكون له حتى يجب عليه خمسه.

أقول لا بدّ من البحث فى ذلك محل و كلامه فى كتاب الجهاد.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 25

[الثانى ممّا يجب فيه الخمس]

اشارة

الثانى ممّا يجب فيه الخمس قوله رحمه اللّه الثانى: المعادن من الذهب و الفضّة و الرصاص و الصفر و الحديد و الياقوت و الزبرجد و الفيروزج و الزيبق و الكبريت و النفط و القير و السبخ و الزاج و الزرنيخ و الكحل و الملح بل و الجصّ و النورة و طين الغسل و حجر الرحى و المغرة و هي الطين الاحمر على الأحوط و ان كان الاقوى عدم الخمس فيها من حيث المعدنية بل هى داخلة فى ارباح المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مئونة السنة و المدار على صدق كونه معدنا عرفا و إذا شك فى الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من هذه الحيثية بل يدخل فى ارباح المكاسب و يجب خمسه اذا زادت عن مئونة السنة من غير اعتبار بلوغ النصاب فيه و لا

فرق فى وجوب اخراج خمس المعدن بين ان يكون فى ارض مباحة أو مملوكة و بين ان يكون تحت الأرض أو على ظهرها و لا بين ان يكون المخرج مسلما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 26

أو كافرا ذميا بل و لو حربيا و لا بين ان يكون بالغا أو صبيا أو عاقلا أو مجنونا فيجب على وليهما اخراج الخمس و يجوز للحاكم الشرعى اجبار الكافر على دفع الخمس ممّا اخرجه و ان كان لو اسلم سقط عنه مع بقاء عينه و يشترط فى وجوب الخمس فى المعدن بلوغ ما اخرجه عشرين دينارا بعد استثناء مئونة الاخراج و التصفية و نحوهما فلا يجب إذا كان المخرج اقل منه و ان كان الاحوط اخراجه إذا بلغ دينارا بل مطلقا و لا يعتبر فى الاخراج ان يكون دفعة فلو اخرج دفعات و كان المجموع نصابا وجب اخراج خمس المجموع و ان اخرج اقل من النصاب فاعرض ثمّ عاد و بلغ المجموع نصابا فكذلك على الأحوط و إذا اشترك جماعة فى الاخراج و لم يبلغ حصة كل واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع نصابا فالظاهر وجوب خمسه و كذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج فلو اشتمل المعدن على جنسين أو ازيد و بلغ قيمة المجموع نصابا وجب اخراجه نعم لو كان هناك معادن متعددة اعتبر فى الخارج من كل منهما بلوغ النصاب دون المجموع و ان كان الأحوط كفاية بلوغ المجموع خصوصا مع اتحاد جنس المخرج منها لا سيّما مع تقاربها بل لا يخلوا عن قوة مع الاتحاد و التقارب و كذا لا يعتبر استمرارا لتكون و دوامه فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ

النصاب فاخرجه ثمّ انقطع جرى عليه الحكم بعد صدق كونه معدنا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 27

(1)

أقول لا اشكال فى وجوب الخمس فى المعدن فى الجملة نصا و فتوى بل هو من المسلمات عندنا نذكر بعض النصوص إن شاء اللّه فى طى المباحث الآتية فنقول بعونه تعالى

يقع الكلام فى طى مسائل:
المسألة الاولى: ما ذكره المؤلف رحمه اللّه من المعادن منصوص بعضها بالخصوص

فى الروايات و غير منصوص بعضها.

اما المنصوص منها نذكر الروايات المتعرضة لها.

منها ما رواها محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص فقال عليها الخمس جميعا. «1»

منها ما رواها الحلبى فى حديث قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنز كم فيه قال الخمس و عن المعادن كم فيها قال الخمس و عن الرصاص و الصفر و الحديد و ما كان فى المعادن كم فيها قال يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب و الفضة. «2»

و منها ما رواها محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الملاحة فقال و ما الملاحة فقال (فقلت) ارض سبخة مالحة يتجمع فيه الماء فيصير ملحا فقال هذا المعدن فيه الخمس فقلت و الكبريت و النفط يخرج من الأرض قال فقال هذا و اشباهه فيه الخمس «3».

و منها ما رواها محمد بن على بن ابى عبد اللّه عن ابى الحسن عليه السّلام قال سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب المذكور من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة

الوثقى، ج 10، ص: 28

منها زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «1».

و منها ما رواها حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام قال الخمس من خمسة اشياء من الغنائم و الغوص و الكنوز و من المعادن و الملاحة «2».

فترى من ملاحظة مجموع هذه الروايات انّ وجوب الخمس فى معادن الذهب و الفضة و الصفر و الحديد و الرصاص منصوص و كذلك فى الملاحة و الكبريت و النفط و كذا اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد بناء على كون المعدن تحت البحر فيخرج منه هذه الثلاثة و قيل ان الرواية ضعيفة السند فلا يمكن القول بوجود النص بالخصوص على اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد.

أقول منشأ تضعيف السند ما قيل من جهالة محمد بن على بن ابى عبد اللّه لكن قال سيدنا الاعظم رحمه اللّه بانّ الراوى عنه هو احمد بن محمد بن ابى نصر و هو لا يروى الّا عن الثقة فاذا لا اشكال فى سند الحديث.

و أمّا غير المنصوص من المذكورات فى المتن فيستدل عليها بإطلاق بعض الروايات.

منها رواية الحلبى المتقدمة ذكرها و رواية محمد بن مسلم المتقدمة الواردة فى الملاحة و مرسلة حماد المتقدمة ذكرها.

و منها ما رواها زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن المعادن ما فيها فقال كلما كان ركازا ففيه الخمس و قال ما عالجته بمالك ففيه ما اخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس «3».

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس

من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 29

و منها ما رواها عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «1».

و ما رواها ابن ابى عمير عن غير واحد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال الخمس على خمسة اشياء على الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة و نسى ابن ابى عمير الخامس «2».

منها ما رواها احمد بن محمد ابى نصر قال سألت أبا لحسن عليه السّلام عمّا اخرج المعدن من قليل أو كثير هل فيه شي ء قال ليس فى شي ء حتى يبلغ ما يكون فى مثله الزكاة عشرين دينارا «3».

و المستفاد من هذه الطائفة من الروايات هو وجوب الخمس فى المعدن فعلى هذا نقول انّ المذكورات فى الطائفة الاولى يجب فيها الخمس للنص الوارد فيها بالخصوص و لو لم يصدق على بعضها المعدن.

و أمّا ما ذكر فى المتن و لم يرد فيه نص بالخصوص فلا بد من كونه من مصاديق المعدن.

و لا بدّ من فهم ما هو المراد من المعدن فنقول حكى عن بعض اهل اللغة أنّه معدن الذهب و الفضة كما حكى عن المعزب و غيره لا يخفى عدم امكان القول به لاطلاق المعدن فى بعض النصوص المتقدمة على غير معدنهما أيضا مثل الرواية الثانية و الثالثة من الروايات المتقدمة و عن الجوهر حكى تفسيره المعدن بانّه كل

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 1 من

الباب 4 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 30

حجر يستخرج منه شي ء ينتفع به و لا يمكن القول به لعدم اختصاصه بالحجر لحمله على الملاحة و عن المنتهى المعادن كلما خرج من الأرض ممّا يخلق فيها من غيرها ماله قيمة ثمّ قسّمه الى منطبع بانفراده و منطبع من غيره و غير منطبع و مائع و نحوه فى التذكرة ثمّ نسب ذلك الى علمائنا اجمع و انحصاره بما يخلق فى الأرض من غير الأرض غير تمام على ما يستفاد من بعض الروايات لأنّ اكثر المذكورات من الأرض و فى المسالك عدم اعتبار كونه من غير الأرض و هو هنا كلما استخرج من الأرض ممّا كان منها بحيث يشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها الخ.

اعلم انّ المعدن يطلق فى عرف العرب و استعمالاتهم على نفس الاراضى الّتي تستخرج منها الفلزات و غيرها من الجوامد و المائعات و فى عرف اهل الشرع يراد منه الحال فى تلك الاراضى المستخرجة منها دون المحل و لا يبعد كون المراد من المعدن مطلق ما يستخرج من الأرض من بطنها أو سطحها كان من الفلزات أو غيرها منطبعة «1» أو غير منطبعة المشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها و هذا قريب لما قال فى المسالك و هذا ما استفدت من المذكورات فى الروايات من افراد المعدن.

و اعلم انّ مختار المسالك أنّه لا فرق فيه بين ان يكون من الأرض أو خارجا عن الأرض و كذا على ما قلنا من استظهار المراد من المعدن من المذكورات فى روايات الباب فلا يصح اطلاق المعدن على ما يكون مصداق الأرض عرفا لأنّ كل المذكورات فى

الروايات حتى الملاحة لا يصدق اسم الأرض عليه.

فبناء على هذا نقول بان طين الغسل و حجر الرحى و المغرة و هى طين الاحمر يكون من الأرض عرفا.

و أمّا الجص و النورة فكما ترى فى مبحث التيمم يجوّز بعض الفقهاء

______________________________

(1) يعنى (چكش خور)

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 31

رضوان اللّه تعالى عليهم التيمم بها لصدق الأرض عليهما و عدم خروجهما عن الارضية و بعضهم لا يجوّزون التيمم بهما لعدم صدق الأرض عليهما و لا يبعد عدم صدق الأرض عليهما و مع ذلك تقول الأحوط الخمس فيهما من باب الشبهة فى كونها معدنا فيلاحظ فى الخمس فيهما ما يلاحظ فى الخمس فى المعادن على لكن اعلم أنّ ما قلنا من الاحتياط فيهما لا يكون واجبا لأنّه مع الشك فى صدق المعدن لا يجب الخمس فيه من باب وجوب الخمس فى المعدن لكون الشك فى التكليف.

المسألة الثانية: هل يكون فرق فى وجوب الخمس فى المعدن بين كونه فى ارض مباحة و بين ان يكون فى ارض مملوكة

الظاهر عدم الفرق لاطلاق الادلة من هذا الحيث.

المسألة الثالثة: هل يشترط فى وجوب الخمس فى المعدن ان يكون تحت الأرض

أو يجب و ان كان على وجه الأرض.

وجه اختصاص الوجوب بما كان فى تحت الأرض ما فى بعض الروايات من التعبير بكونه (ركازا) كما فى رواية زرارة أو التعبير بقوله (يخرج) كما فى رواية عمار بن مروان و احمد المتقدمتين لأنّ الركاز اى المركوز فى الأرض و الخروج يناسب مع كونه تحت الأرض فيخرج منها.

وجه عدم الاختصاص و تعميم الوجوب حتى لما على وجه الأرض اطلاق بعض الادلة أوّلا و وجوبه فى الملاحة مع اطلاق المعدن عليها مع فرض كونها على وجه الأرض ثانيا و أمّا رواية زرارة و عمار و احمد و إن كان موردها ما كان ركازا أو ما يخرج من الأرض و لكن لا مفهوم لها ينفى صورة كون المعدن على وجه الأرض.

المسألة الرابعة: هل يكون فرق فى وجوب الخمس بين كون المستخرج مسلما و بين كونه كافرا ذمّيا

بل حربيّا او لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 32

الظاهر عدم الفرق لاطلاق الادلة فيجوز للحاكم اجبار الكافر على دفع الخمس بمقتضى ولايته و ان كان يسقط عنه لو اسلم مع عدم بقاء عينه.

المسألة الخامسة: هل يكون فرق فى وجوب الخمس فى المعدن بين كون المستخرج بالغا

و بين ان يكون صبيا و كذا فرق بين ان يكون عاقلا و بين ان يكون مجنونا أو لا الظاهر عدم الفرق غاية الامر فى الصبى و المجنون يجب دفع الخمس على وليهما لوجوب الخمس على ما اخرج بلا تعرض للمخرج (بالكسر).

المسألة السادسة: هل يجب هذا الخمس فيما بلغ المستخرج دينارا او بلغ عشرين دينارا

بعد استثناء مئونة الاخراج و التصفية و نحوهما فلا يجب إذا كان المخرج اقل منه او يجب الخمس مطلقا و لو لم يبلغ عشرين دينارا بل و لو لم يبلغ دينارا واحدا.

منشأ اعتبار بلوغه دينارا الرواية المتقدمة ذكرها و هى ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر عن محمد بن على بن ابى عبد اللّه عن ابى الحسن عليه السّلام قال سألته عمّا يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «1».

و يضعّف هذا الخبر او لا بضعف سندها كما اشرنا إليه سابقا بمحمد بن على بن ابى عبد اللّه لجهالته و ان قال سيدنا الاعظم رحمه اللّه بانّه حيث ان الراوى عنه هو احمد بن محمد بن ابى نصر و هو لا يروى الّا عن ثقة فيتم الاستدلال بها إذا كان المعلوم بنائه على ذلك و ثانيا انّ الرواية لشذوذها و عدم العمل بها موهومة.

و منشأ اشتراط بلوغه عشرين دينارا الرواية المتقدمة ذكرها أيضا و هى

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 3 من الابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 33

ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر قال سألت أبا لحسن عليه السّلام عمّا اخرج المعدن عن قليل أو كثير هل فيه شي ء قال ليس

فيه شي ء حتى يبلغ ما يكون فى مثله الزكاة عشرين دينارا «1».

وجه الوجوب مطلقا بلغ عشرين دينارا أو لم يبلغ بل بلغ دينارا أو لم يبلغ اطلاق سائر اخبار الباب التى تلوناها عليك هذا ما خطر ببالى و لم ار من جمع بين الروايات بهذا النحو.

أقول أمّا الاخبار المطلقة فلا اشكال فى لزوم تقييدها لو كان مقيد فى البين فعلى هذا نقول بانّ المقيد.

امّا الرواية الدالة على الوجوب إذا بلغ دينارا فهى مع قطع النظر عن ضعف سندها و شذوذها لا بد من حمل الامر فيها بالخمس إذا بلغ دينارا على الاستحباب بقرينة رواية احمد بن محمد بن ابى نصر الّتي نصّ فى عدم وجوب الخمس حتى يبلغ عشرين دينارا و بعد حمل ظاهر رواية محمد بن على بن أبى عبد اللّه على نصّ رواية احمد بن محمد بن ابى نصر يكون المقيّد للاطلاقات هو رواية احمد بن محمد بن ابى نصر.

و بعد كون رواية احمد مقيّدا فلا بد من تقييد روايات المطلقة بها و تكون النتيجة وجوب الخمس إذا بلغ الخارج عشرين دينارا و الّا فلا يجب الخمس نعم الأحوط استحبابا يجب فيما بلغ دينارا بل و لم يبلغ دينارا الأحوط استحبابا اخراج الخمس أيضا.

المسألة السابعة: هل يجب الخمس فى المخرج (بالفتح) فى تمامه

أو يجب بعد

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 34

اخراج مئونة الاخراج و التصفية و نحوهما و استثنائها.

ما يستدل به على وجوب الخمس بعد اخراج مئونة الاخراج و نحوها ان كان ما ورد من انّ الخمس بعد المئونة.

ففيه انّ الظاهر ممّا ورد هو المئونة فى ارباح المكاسب و الشاهد استثناء مئونته و مئونة

عياله و هو يناسب مع ارباح المكاسب.

نعم يدعى الاجماع و عدم الخلاف على كون الخمس بعد استثناء مئونة الاخراج و نحوها.

المسألة الثامنة: بناء على اعتبار النصاب فى خمس المعدن لو اخرج ما يبلغ النصاب دفعة واحدة

فلا اشكال فى وجوب الخمس و انّما الكلام فيما اخرج دفعات و كان المجموع نصابا فهل يجب اخراج خمس المجموع أو لا الظاهر الوجوب لاطلاق الاخبار.

المسألة التاسعة: بناء على وجوب الخمس فيما بلغ المخرج (بالفتح) حد النصاب

يقع الكلام فيما اذا اخرج اقل من النصاب فاعرض ثمّ عاد و بلغ المجموع نصابا فهل يجب اخراج الخمس أو لا يجب أو يجب على الأحوط كما اختاره المؤلف رحمه اللّه الظاهر وجوب اخراج الخمس لاطلاق الاخبار.

المسألة العاشرة: بناء على اعتبار النصاب فى وجوب الخمس إذا اشترك جماعة فى الاخراج

و لم يبلغ حصة كل واحد منهم النصاب و لكن بلغ المجموع نصابا فهل يجب الخمس اعنى خمس المجموع البالغ بالنصاب مع فرض عدم بلوغ حصة كل واحد منهم النصاب أو لا.

وجه الوجوب الجمود على ظاهر بعض الاخبار الدال على وجوب الخمس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 35

على ما اخرج مثل رواية عمار بن مروان و احمد بن محمد بن ابى نصر.

وجه عدم الوجوب هو كون الامر متعلقا بالافراد فكل فرد بلغ ما اخرجه من المعدن حد النصاب وجب عليه لأنّه بعد ضم مطلق ما يدل على وجوب الخمس فى المعدن على المقيد و هو اشتراطه ببلوغه حد النصاب ينبح ذلك و هذا واضح.

المسألة الحادى عشر: إذا كان معادن متعددة لشخص واحد

و قلنا باعتبار بلوغ المخرج حدّ النصاب فهل يشترط فى وجوب الخمس بلوغ كل واحد منها حدّ النصاب فلا يجب فيما لم يبلغ كل واحد منها حدّ النصاب و ان بلغ مجموعها النصاب او لا يشترط ذلك بل يجب الخمس على المخرج بمجرد بلوغ مجموع ما اخرجه من المعادن المتعددة حدّ النصاب أو التفصيل بين ما تكون المعادن متقاربة فيجب و بين ما لا تكون متقاربة فلا يجب الخمس أو التفصيل بين ما تكون هذه المعادن متحدة الجنس مثلا كلّها تكون ذهبا و بين ما لا تكون متحدة الجنس فيجب فى الأوّل دون الثانى.

أقول الظاهر عدم الوجوب مطلقا الّا إذا بلغ كل واحد منها حد النصاب لأنّ المنصرف إليه بل الظاهر من الروايتين الدالتين على اعتبار النصاب كون متعلق الحكم كل فرد فرد من المعادن لا جنسه نعم لو كانت المعادن متقاربة بمقدار من القرب تعدّ عند العرف معدن واحد يجب الخمس إذا بلغ مجموعها النصاب كما

لا فرق فى كون الاعتبار ببلوغ كل معدن حدّ النصاب بين كون المعادن من جنس واحد أو من اجناس مختلفة.

المسألة الثانية عشر: هل يعتبر فى وجوب الخمس فى المعدن استمرار التكون و دوامه

مثل المعادن الّتي يستخرج منها الاشياء سنين كثيرة أو لا يعتبر ذلك فى وجوب الخمس فلو اخرج مرة واحدة شيئا من الاشياء المعدنية مثلا الياقوت ثمّ

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 36

لا يوجد بعده شي ء و بلغ فى المرة الواحدة النصاب يجب الخمس بناء على اعتبار النصاب أو اقل من حد النصاب بناء على عدم اعتبار بلوغ النصاب ثمّ انقطع.

الظاهر الثانى لاطلاق الاخبار من هذه الجهة.

***

[مسئلة 6: لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية فان علم بتساوى الاجزاء فى الاشتمال على الجواهر أو بالزيادة فيما اخرجه خمسا اجزا و الّا فلا لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقى عنده.

(1)

أقول ان كان الكلام فيما عنونه المؤلف رحمه اللّه من أنّه إذا اخرج خمس تراب المعدن لا بدّ من العلم بتساوى الاجزاء فى الاشتمال على الجواهر حتى يعلم باسقاط التكليف باداء خمسه فهذا ممّا لا ينبغى الاشكال فيه.

و لكن ما ينبغى ان يتكلم فيه هو أنّه هل يصح اخراج خمس التراب بعنوان ما فى التراب من الجواهر بعد التصفية أو لا يكفى هذا لعدم وجوب الخمس الّا بعد تصفيته لأنّ الخمس متعلق بهذه الاشياء مثلا بالذهب و ليس التراب ذهبا.

فاقول فى هذا المقام بانّ الظاهر من الاخبار هو وجوب الخمس فى المعدن و هو الذهب و الفضة و نظائرهما فعلى هذا نقول ان التراب تارة يكون بحيث يكون الذهب مثلا فيه غاية الامر مختلطا بغيره و تارة لا يكون كذلك بل لا بدّ من اعمال عمل فى التراب حتى يصير جوهرا من الجواهر.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 37

ففى الأوّل يجب الخمس فى الجوهر المختلط بغيره فعلى هذا يجوز

اخراج خمس التراب بشرط العلم بكون خمس كل الجوهر موجود فيما اخرجه بعنوان الخمس.

و أمّا فى الثانى فلا يجب الخمس بعد فلا يجزى اعطائه بقصد الخمس فتامل.

***

[مسئلة 7: إذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: إذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا فى الصحراء فان علم أنّه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما و علم انّ المخرج له حيوان أو انسان لم يخرج خمسه وجب عليه اخراج خمسه على الأحوط إذا بلغ النصاب بل الأحوط ذلك و ان شك فى انّ الانسان المخرج له اخرج خمسه أم لا.

(1)

أقول قبل ان نتكلم فى حكم ما ذكر فى المسألة ينبغى ان نتكلم فى أنّه متى يجب خمس المعدن على المكلف.

فنقول انّ الأرض الواقع فيها المعدن امّا تكون ملكا للشخص و امّا تكون من الأنفال و امّا ان تكون من الأراضى المفتوحة عنوة و فى كلّها امّا اخرج المعدن شخص بنفسه أو بالتسبيب بفعل الغير فمقتضى اطلاق الاخبار الدالة على وجوب الخمس فى المعدن وجوب الخمس على الشخص.

و أمّا إذا اخرجه غاصب فاستنقذ المالك منه أو اخرجه السيل أو الريح أو الحيوان و لم يكن له مالك فيما خرج من مثل الريح و غيره و لكن وجده مطروحا على الأرض فهل يجب على من اخذه الخمس أو لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 38

قد يتوهم عدم وجوب الخمس فى هذه الصور لأنّ الواجب الخمس على من اخرجه و على الفرض ليس الآخذ مخرجه عرفا فيما لا يكون الاخراج بفعله.

و فيه انّ دعوى الانصراف دعوى بلا دليل و الظاهر من الاخبار وجوب الخمس على المعدن سواء كان الآخذ مخرجه أو لا و أمّا إذا أخرجه انسان آخر فوجده

آخر مطروحا على الأرض فان علم بأنّه أخرجه لنفسه و لم يؤد خمسه يجب خمسه على الاخر و يكون ما بقى لقطة.

و أمّا إذا علم أنّه اخرجه لنفسه و لا يعلم أنّه ادّى خمسه او لا فلا يجب خمسه و يكون لقطة و محكوما بحكمها كما أنّه كل شي ء يلتقط من الأرض لا يجب خمسه و ان شك فى تعلق الخمس به و اداء مالكه على تقدير التعلق أم لا.

و أمّا إذا وجده مطروحا و يدور أمره من باب العلم الاجمالى بانّه خرج من مثل السيل و نحوه أو أنّ المخرج له حيوان أو انسان يعلم أنّه لم يخرج خمسه فقال المؤلف قدس سره الأحوط فيه وجوب الخمس و بنظرى الاقوى عدم وجوب الخمس لعدم تنجز العلم الاجمالى و من هذا يظهر عدم وجه للاحتياط بالخمس فيما يكون مطروحا على الأرض و يحتمل ان اخرجه انسان و يحتمل أنّه مع تقدير كونه المخرج ادى خمسه و هو اولى بعدم الاحتياط من فرص السابق لأن فى الفرض السابق يعلم بعدم اداء خمسه على فرض كون المخرج انسانا و فى هذا الفرض يحتمل اداء خمسه على فرض كون المخرج انسانا فافهم.

***

[مسئلة 8: لو كان المعدن فى ارض مملوكة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: لو كان المعدن فى ارض مملوكة فهو لمالكها

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 39

و إذا اخرجه غيره لم يملكه بل يكون المخرج لصاحب الأرض و عليه الخمس من دون استثناء المئونة لأنّه لم يصرف عليه مئونة.

(1)

أقول أمّا كونه لمالك الأرض فلكونه من جملة ملكه و ان اخرجه غيره لم يملكه لعدم صيرورته ملكا له بالاخراج بل هو غاصب له.

و أمّا وجوب الخمس على صاحب الأرض فلما قلنا فى المسئلة

7 من كون اطلاق الادلة شاملا لمورد لا يكون المالك مخرجا.

و أمّا عدم استثناء المئونة فلعدم صرفه مئونة له.

*** قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: إذا كان المعدن فى معمور الأرض المفتوحة عنوة الّتي هى للمسلمين فاخرجه احد من المسلمين ملكه و عليه الخمس و ان اخرجه غير المسلم ففى تملكه اشكال و أمّا إذا كان فى الأرض الموات حال الفتح فالظاهر انّ الكافر أيضا يملكه و عليه الخمس.

(2)

أقول قد يقال فيما اخرجه احد المسلمين بانّ ما اخرجه احد من المسلمين من المعدن فى معمور الأرض المفتوحة عنوة يكون ملكا للمسلمين لا لمن اخرجه لأنّه بعد كون الأرض للمسلمين فالمعدن يكون لهم لأنّه تابع للأرض فى الملكية فعلى هذا يشكل القول بكونه ملكا للمخرج.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 40

و لكن يقال فى وجه كون المعدن فى هذا الأرض ملكا لمن اخرجه.

امّا بانّ الأرض المذكورة حيث كانت فى نفسها فى حكم الموات فالمخرج يكون ملكا للمخرج.

و فيه عدم تماميته هذا الوجه لانّها خارجة عن ارض الموات بصيرورتها ملكا للمسلمين فما يخرج عنها تابعا لاصل الأرض.

و إمّا بانّ السيرة قائمة على تصرّف أفراد المسلمين فى زمان تسلط المعصومين عليهم السّلام و عدم تسلّطهم فى اراضى الموات و فى المفتوحة عنوة كافية فى جواز الخروج عن قاعدة التبعية.

و فيه ان وجود السيرة فى اراضى المفتوحة عنوة على جواز تملك هذه الاراضى حتى بدون اذن الامام عليه السّلام غير محقق.

و الحاصل ان وجوب الخمس على المخرج تابع لتملكه فان قلنا بملكية المخرج لمن اخرجه يجب عليه الخمس و الّا فلا هذا إذا اخرجه مسلم من المسلمين.

و أمّا فيما اخرجه غير المسلم فلا يملكه المخرج لكون الأرض

المفتوحة عنوة للمسلمين و لا دليل على صيرورة ما اخرجه الكافر ملكا له و وجود السيرة المدعاة فيما اخرجه المسلم فى هذا المورد غير معلوم.

و أمّا فيما اخرج المعدن الكافر فى ارض الموات فهو له و يجب عليه الخمس كما قلنا فى ذيل اصل فصل وجوب الخمس فى المعدن لأن إطلاق الاخبار يشمل المورد.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 41

[مسئلة 10: يجوز استيجار الغير لاخراج المعدن]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: يجوز استيجار الغير لاخراج المعدن فيملكه المستاجر و ان قصد الاجير تملكه لم يملكه.

(1)

أقول لانّ المستاجر مالك له كما قدمنا سابقا من ان ملكيته تحصل بالمباشرة و بالتسبيب و لا يملكه الاجير هذا كله فيما اذا استاجره لهذا العمل الخاص اعنى لهذه المنفعة الشخصية معلوم لأنّ عمله ملك للمستأجر بالاجارة و أمّا لو استأجره المستاجر على ما فى الذمة مثلا عمل ساعة مطلقة فامره بان يصرف هذا العمل فى اخراج المعدن لكن الاجير قصد العمل لنفسه لا للمستأجر فالمخرج يصير له لو لم يكن الأرض ملكا للمستأجر مثلا كان المعدن فى ارض الموات و ان بقى على عهدته العمل للمستأجر بمقتضى الاجارة و وجهه معلوم لكون المعدن للمخرج (بالكسر).

***

[مسئلة 11: إذا كان المخرج عبدا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: إذا كان المخرج عبدا كان ما اخرجه لمولاه و عليه الخمس.

(2)

أقول لانّه ملكه و ماله ملك له الّا فى بعض الصور الّذي يكون حاصل عمله ملكه و ذكر فى محله و اليوم لا ثمره لبيان هذا الفرع.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 42

[مسئلة 12: إذا عمل فيما اخرجه قبل اخراج خمسه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: إذا عمل فيما اخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته كما إذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله حليا أو كان مثل الياقوت و العقيق فحكه فصّا مثلا اعتبر فى الاخراج خمس مادته فيقوم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلا و يخرج خمسه و كذا لو اتجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناويا إلا خراج من مال آخر ثمّ أداه من مال آخر و أمّا إذا اتجر به من غير نية الاخراج من غيره فالظاهر انّ الربح مشترك بينه و بين ارباب الخمس.

(1)

أقول أمّا فيما إذا عمل المخرج للمعدن عملا فيما اخرجه يوجب زيادة قيمته فلا يجب عليه خمس تلك الزيادة لأنّ الواجب خمس خصوص ما اخرجه و هو المادة المخرجة لا الهيئة الصانعة فيها من جعلها حليّا أو ضربها درهما أو دينارا.

و أمّا لو اتجر مع ما اخرجه من المعدن فتارة يتّجر به مع نيته اخراج الخمس من مال آخر قبل ان يتّجر به فنقول أنّه ان قلنا بانّه يكفى فى نقل الخمس من العين الى الذمة مجرد النية فيصير الربح للمالك.

و أمّا لو لم نقل بذلك لعدم الدليل على كفاية مجرد نيته اخراج الخمس من مال آخر فى نقل الخمس من العين الى الذمة فيكون حكم هذه الصورة بحكم الصورة الاخرى و هى هذه.

ما لو اتجر بما اخرج

من غير نية اخراج خمسه من غيره فقال المؤلف رحمه اللّه الظاهر انّ الربح مشترك بينه و بين ارباب الخمس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 43

أقول الاتجار به تارة يكون بعينه الشخصية مثل أن يبيع و يشترى بعينه ما اخرجه من المعدن من الذهب فيكون من صغريات بيع ما يملك و ما لا يملك فيجوز لولى الخمس امضاء المعاملة و ردّه فلو امضاها يكون الربح مشتركا بين مالك المعدن و بين ارباب الخمس و لو ردّه ولى ارباب الخمس صارت المعاملة بالنسبة الى سهم ارباب الخمس فاسدة و يكون لطرف آخر المعاملة خيار تبعض الصفقة و تارة يكون المعاملة كليا مثل ان يشترى شيئا بمثقال من الذهب الكلى ثمّ فى مقام الوفاء يعطى مثقالا من الذهب المخرج من المعدن المتعلق للخمس فالظاهر انّ المعاملة تصير صحيحة و الربح له غاية الامر يشتغل ذمّته للبائع لادائه الذهب الّذي كان خمسه من الارباب الخمس فى مقام اداء الثمن فتامل فيما بينا حتى يظهر لك إن شاء اللّه ما فى كلام المؤلف رحمه اللّه من الاشكال فى بعض فروع المسألة.

***

[مسئلة 13: إذا شك فى بلوغ النصاب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13: إذا شك فى بلوغ النصاب و عدمه فالاحوط الاختبار.

(1)

أقول قد امضينا فى الاصول عدم وجوب الفحص فى الشبهات الموضوعية.

لكن نرى فى الفقه موارد التزم فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم بالفحص على سبيل الفتوى أو الاحتياط مثل مورد الشك فى وجوب تعلق الزكاة أو فى وجوب الخمس أو فى بلوغهما النصاب أو استطاعته فى الحج فكيف نجمع بين ما قلنا فى اصول الفقه و بين الالتزام فى وجوب الفحص فى امثال هذه الموارد مع كون الشبهة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى،

ج 10، ص: 44

موضوعية و لقد ذكر بعض الوجوه له لكن ليس المقام مقام ذكره.

من جملتها أنّه لو التزمنا فى امثال هذه الموارد بعدم وجوب الفحص يلزم العلم بالمخالفة القطعية للتكليف المعلوم فى غالب الموارد بل اغلبها و لهذا يجب الفحص.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 45

[الثالث ممّا يجب فيه الخمس الكنز]

اشارة

الثالث ممّا يجب فيه الخمس قوله رحمه اللّه

الثالث: الكنز و هو المال المذخور فى الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر و المدار الصدق العرفى سواء كان من الذهب أو الفضة المسكوكين أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر و سواء كان فى بلاد الكفار الحربيين أو غيرهم أو فى بلاد الاسلام فى الأرض الموات أو الأرض الخربة الّتي لم يكن لها مالك أو فى ارض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكا للبائعين و سواء كان عليه اثر الاسلام أم لا ففى جميع هذه يكون ملكا لواجده و عليه الخمس و لو كان فى ارض مبتاعة مع احتمال كونه لاحد البائعين عرفه المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله و هكذا فان لم يعرفه فهو للواجد و عليه الخمس و ان ادعاه المالك السابق فالسابق اعطاه بلا بينة و ان تنازع الملاك فيه يجرى عليه حكم التداعى و لو ادعاه المالك السابق إرثا و كان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 46

له شركاء نفوه دفعت إليه حصته و ملك الواجد الباقى و اعطى خمسه و يشترط فى وجوب الخمس فيه النّصاب و هو عشرون دينارا.

(1)

أقول و قبل التكلم فى حكم الكنز نذكر بعض الاخبار الواردة فيه إن شاء اللّه كى ينفعنا فى فهم حكم المسألة فنقول بعونه تعالى.

الرواية الاولى:

ما رواها الحلبى فى حديث أنّه سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الكنز كم فيه قال الخمس الحديث «1».

الرواية الثانية: ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب الزكاة فى مثله ففيه الخمس «2».

الرواية الثالثة: ما رواها حماد بن عمرو و انس بن محمد عن ابيه جميعا عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام فى وصية النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم لعلىّ عليه السّلام قال يا على ان عبد المطلب سنّ فى الجاهلية خمس سنن اجراها اللّه فى الاسلام الى ان قال و وجد كنزا فاخرج منه الخمس و تصدق به فانزل اللّه و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فانّ للّه خمسه الآية «3» و غيره من ابواب الخمس من الوسائل إذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى.

لا اشكال فى وجوب الخمس فى الكنز عندنا نصا و فتوى و انّما

الكلام فى مسائل:
اشارة

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب المذكور من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 47

المسألة الاولى: لا اشكال فى انّ المال المذخور فى الأرض كنز

بل هو القدر المتيقن ممّا يقال بانّه مصداق الكنز و هل المذخور فى الجبل أو الجدار أو الشجر من المال يكون من مصاديق الكنز أم لا صار مورد الإشكال؟

وجه الاشكال تفسير بعض اهل اللغة عن الكنز بانّه المال المذخور فى الأرض فلا يشمل غير الأرض و بعد عدم ذكر موضوعه فى الاخبار لا بد من الرجوع الى ما هو موضوعه عند العرف و اللغة و يمكن دفع الاشكال بانّه و ان فسّر فى كلام بعض اهل اللغة بخصوص المال المذخور فى الأرض و لكن فى تفسير بعضهم مطلق المال المذخور فيشمل المذخور فى الجبل و الجدار و الشجر و نحوها كما هو كذلك عرفا فعلى هذا يشمل الكنز كل مال مذخور فى الأرض و غير الأرض من الجبل و الجدار و الشجر و نحوها.

نعم الظاهر اعتبار كون المذخور ممّا يعتنى بشأنه عند العرف فلا يشمل كل شي ء مذخور و لو لم يكن له ثمن و قيمة أو كان له قيمة بخس.

فالمدار كما قال المؤلف رحمه اللّه على الصدق العرفى.

المسألة الثانية: هل يكون فرق فى وجوب الخمس فى الكنز بين ان يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين

أو غير المسكوكين أو غيرهما من الجواهر أم لا؟

اختار بعض فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم عدم الفرق و هو مختار المؤلف رحمه اللّه لإطلاق الاخبار من هذا الحيث.

و يدلّ عليه رواية زرارة المتقدمة ذكرها عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن المعادن ما فيها فقال كلما كان ركازا ففيه الخمس و قال و ما عالجته بمالك ففيه ما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 48

أخرج اللّه سبحانه منه من حجارته مصفى الخمس «1» فإن جواب الإمام عليه السلام (كلّما كان ركازا فيه الخمس) يدل على وجوب الخمس فى مطلق الكنز سواء كان

من النقدين أو غيرهما لأنّ الركاز على ما فى اللغة إمّا عبارة عن خصوص المذخور فى الأرض أو الجدار و كليهما يشملان الكنز و يستفاد من كلامه عليه السّلام جوابا عن المعدن أنّ الركاز مطلق ما فى الأرض من المعدن و غيره و عن بعض الفقهاء رضوان اللّه عليهم تخصيصه بالنقدين و يستدل عليه باصالة البراءة لأنّه شك فى وجوب الخمس فى غير النقدين من الكنز فبمقتضى اصالة البراءة نحكم بعدم وجوبه.

و فيه أنّه لا مجال للأصل العملى مع الدليل اللفظى و هو الاطلاق كما بينا.

و يستدل أيضا على انحصار وجوب الخمس بالنقدين من الكنز بالرواية الثانية من الروايات المتقدمة فى صدر بحث الكنز و هى ما رواها البزنطى لأنّ فيها قال عليه السّلام (ما يجب الزكاة فى مثله ففيه الخمس) جوابا عن سؤال احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى (عما يجب فيه الخمس من الكنز) بدعوى دلالتها على وجوب الخمس فيما يجب فيه الزكاة من الكنز اعنى فى الدينار و الدرهم.

و فيه انّ المحتملات فى الرواية ثلاثة:

الاحتمال الاوّل: ان يكون النظر فى سؤال السائل عن جنس ما يتعلق به الخمس من الكنز فاجاب عليه السّلام بانّ ما يجب الخمس فيه من اجناس الكنز هو الجنس الّذي يجب فيه الزكاة و هو الذهب و الفضة فلا يجب فى غيرهما من افراد الكنز الخمس لأنّ المستفاد من الرواية تحديد ما يجب فيه الخمس من الكنز جنسا و على هذا الاحتمال يصح الاستدلال بالرواية على انحصار وجوب الخمس فى الكنز بالنقدين.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 49

الاحتمال الثاني: ان يكون

النظر فى سؤال السائل عن المالية بمعنى كون السؤال فى قوله عما يجب فيه الخمس من الكنز عن اعتبار بلوغ المقدار و مالية الكنز بمقدار معين فى وجوب الخمس مثل المعدن مثلا و عدم اعتباره فاجاب عليه السّلام أنّ ما يجب الزكاة فى مثله ففيه الخمس اعنى يجب الخمس فى الكنز إذا بلغ مقدار ماليته المقدار المعتبر فى زكاة الذهب و الفضة و هو عشرون دينارا فعلى هذا تكون الرواية دليلا على اعتبار النصاب فى خمس الكنز و هو عشرون دينارا و هو النصاب الأوّل فى الزكاة من حيث المالية.

الاحتمال الثالث: ان يكون السؤال عن كل من الجنس و المقدار المالية فكان سؤاله عن جنس ما يجب فيه الخمس من الكنز و عن مقدار المالية الّتي اذا بلغ الكنز هذا المقدار من المالية يجب فيه الخمس فتكون الرواية دليلا على كل من الامرين من كون وجوب الخمس فى الكنز فى خصوص النقدين و كون مورد وجوبه ما إذا بلغ النصاب و هو عشرون دينارا.

إذا عرفت المحتملات نقول لا يبعد كون الاحتمال الأوّل هو اقوى المحتملات لأنّ الظاهر من قوله عليه السّلام ما يجب الزكاة فى مثله ففيه الخمس انّ جنس الكنز الّذي يجب فيه الخمس هو الّذي يجب الزكاة فى مثله و الكنز الّذي فى مثله الزكاة ليس الّا النقدين لا الحلى و لا غير النقدين من الذهب و الفضة و لا غيرهما من الجواهر و النفائس الاخر فيكون السؤال و الجواب عن جنس ما يجب فيه الخمس من الكنز و لا يكون مورد السؤال عن المقدار و المالية بمعنى انّ المال الّذي فيه الخمس من الكنز مطلق المال أو قسم خاص منه حتى يكون

الجواب راجعا الى انّ المال الّذي فيه الخمس من الكنز هو المال البالغ لحدّ الّذي يجب فيه الزكاة و هو عشرون دينارا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 50

أمّا أولا فلأنّ الظاهر كون السؤال و الجواب راجعا الى جنس ما فيه الزكاة من الكنز و ثانيا المال الّذي يجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب هو خصوص النقدين فلا بد ان يكون المثل من حيث المالية أيضا هو خصوص النقدين لا مطلق المال المذخور و ان لم يكن من النقدين و الحاصل ان النظر فى الجواب و السؤال لو فرضنا ان يكون من حيث المالية فالنتيجة أيضا انحصار وجوب الخمس بالنقدين من الكنز او الالتزام بان النقدين من الكنز فيهما النصاب و غير النقدين منه ليس فيه النصاب لا يمكن القول به لأنّه بناء عن ان يكون السؤال عما يجب فيه الخمس فى الكنز من حيث المالية و مفاد الجواب هو أنّه ما يجب الزكاة فى مثله من حيث المالية يجب فيه الخمس فقوله (فى مثله) يدل على ان النظر فى المالية الى المثل و المثل الّذي فيه الزكاة هو خصوص النقدين فعلى هذا ان كان النظر فى الرواية الى المالية تكون النتيجة هو كون النصاب فى النقدين من الكنز فقط لأنّ المال الّذي فيه النصاب ممّا يعدّ كنزا هو النقدان فالمثل هو النقدان فقط لا غيرهما فلا بد أمّا من الالتزام بانحصار الكنز الواجب فيه الخمس بالنقدين و هو المطلوب و أمّا من الالتزام بالتفصيل بين النقدين من الكنز و بين غير النقدين منه فى اعتبار النصاب فى الأوّل و عدمه فى الثانى و هو ممّا لا يمكن الالتزام به.

لكن بعد اللتيا و

الّتي على فرض دلالة رواية البزنطى على وجوب الخمس فى النقدين لا مفهوم لها يدلّ على عدم وجوب الخمس فى غيرهما فمع الاطلاقات المقتضية لوجوب الخمس فى مطلق الكنز خصوصا مع عموم رواية زرارة كلما كان ركازا ففيه الخمس الاقوى وجوب الخمس فى مطلق المدفون فى الأرض من النقدين و غيرهما.

المسألة الثالثة: قال المؤلف رحمه اللّه و سواء كان فى بلاد الكفار الحربيين

أو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 51

غيرهم أو فى بلاد الاسلام فى الاراضى الموات أو الأرض الخربة الّتي لم يكن لها مالك أو فى ارض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكا للبائعين و سواء كان عليه اثر الاسلام أو لا ففى جميع هذه يكون ملكا لواجده و عليه الخمس و لو كان فى ارض مبتاعة مع احتمال كونه لاحد البائعين عرفه المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله و هكذا فان لم يعرفوه فهو للواجد و عليه الخمس و ان ادعاه المالك السابق فالسابق اعطاه بلا بينة و ان تنازع الملاك فيه يجرى عليه حكم التداعى و لو ادعاه المالك السابق إرثا و كان له شركاء نفوه دفعت إليه حصته و ملك الواجد الباقى و اعطى خمسه.

اعلم أنّه ينبغى ان يتكلم فى موضعين:

الموضع الاوّل: فى وجوب الخمس فى الكنز فى هذه الموارد و عدمه فنقول بوجوبه لاطلاق الاخبار.

الموضع الثاني: فى أنّه هل يصير الكنز ملكا للواجد فى كل هذه الموارد أم لا و بعبارة اخرى يكون الكنز للواجد و يجب عليه اخراج خمسه أو لا بل الاخبار متعرضة لوجوب الخمس و أمّا كون ما بقى منه غير خمسه من الواجد أو لا فلا تعرض لهذه الاخبار الواردة فى الكنز له بل لا بد من مطالبة دليل

آخر.

فنقول بعونه تعالى ان الكلام يقع فى هذه المسألة فى مواضع:

الموضع الاوّل: فيما يوجد الكنز فى بلاد الكفار حربيين كانوا أو غير حربيين أو فى بلاد الاسلام فى ارض مواتها أو فى الأرض الخربة الّتي لم يكن لها مالك أو فى ارض مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع علمه بعدم كونه ملكا لاحد البائعين فقد يقال فى كل هذه الموارد بانّ الكنز ملك لواجده لأنّه يشك فى حليته و الاصل يقتضي الحلية و هذا معنى انّ الاصل فى الاشياء الاباحة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 52

و قد يورد عليه بانّ الاصل المذكور خلاف التوقيع الشريف عن ابى الحسين محمد بن جعفر الاسدى قال كان فيما ورد على الشيخ ابى جعفر محمد بن عثمان العمرى قدس اللّه روحه فى جواب مسائلى الى صاحب الدار ارواحنا فداه و أمّا ما سألت عنه من امر من يستحلّ ما فى يده من اموالنا و يتصرّف فيه تصرّفه فى ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصماؤه فقد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم المستحلّ من عترتى ما حرّم اللّه ملعون على لسانى و لسان كل نبى مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا و كانت لعنة اللّه عليه بقوله تعالى الا لعنة اللّه على الظالمين الى ان قال و أمّا سالت عنه من امر الضياع الّتي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتسابا للاجر و تقربا إليكم فلا يحلّ لاحد ان يتصرف فى مال غيره بغير اذنه فكيف يحلّ ذلك فى مالنا أنّه من فعل شيئا من

ذلك لغير امرنا فقد استحلّ منا ما حرّم عليه و من اكل من مالنا شيئا فانّما يأكل فى بطنه نارا و سيصلى سعيرا «1».

الدال على عدم حلية التصرف فى مال الغير بغير اذنه فمع هذا التوقيع لا يجوز التصرف تمسكا بانّ الاصل إباحة التصرف.

و يجاب عنه بانّه بعد ما لا يجوز التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية فيقال بانّ عموم قوله «عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف» (لا يحلّ لاحد ان يتصرّف فى مال غيره بغير اذنه) مخصّص بما يدل على عدم احترام مال الكافر الحربى فما يوجد من الكنز يكون من الشبهة المصداقية و لا يصح التمسك بعموم ما ورد فى التوقيع الشريف من حرمة التصرف فى مال الغير بغير إذنه و بعد عدم جواز التمسك يكون مجرى اصالة الاباحة لأنّه لا يعلم انّ الكنز المذخور يكون ملكا لمن يكون ماله

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب الأنفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 53

محترما كالمسلم أو الذمى أو ليس منهما فيحلّ التصرف فيه و تملكه فيكون الماخوذ فى كل الصور المذكورة ملكا للواجد.

و قد يقال كما حكى عن الشيخ رحمه اللّه فى المبسوط و بعض آخر بانّه يجرى على الكنز الماخوذ حكم اللقطة إذا وجد فى دار الاسلام و نسب الى اكثر المتاخرين تارة و الى الاشهر اخرى و الى فتوى الاصحاب ثالثه.

امّا لأنّ وجدانه فى دار الاسلام و خصوصا فيما كان فيه اثر الاسلام أمارة على تملك المسلم له.

و فيه أنّه لا دليل على امارية كونه فى ارض الاسلام و لا كون اثر الاسلام فيه لأنّ كلا منهما لا يدلان على سبق يد المسلم عليه.

و أمّا لما رواه

محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه السّلام قال قضى على عليه السّلام فى رجل وجد ورقا فى خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها و الّا تمتّع بها. «1»

و فيه ان ظاهرها وجدان الورق على ظاهر الأرض الّذي هو موضوع اللقطة لا ان يكون مدفونا فى الأرض فاستخرجه حتى يكون مصداق موضوع الكنز و من هنا يظهر لك عدم دلالة روايتى محمد بن مسلم المذكورين فى الباب 5 من ابواب اللقطة لأنّ موضوعهما أيضا بحسب ظهورهما وجد ان الورق على وجه الأرض و هو موضوع اللقطة.

و ممّا قلنا من انّ اللقطة و الكنز مختلفتان موضوعا لأنّ موضوع الأوّل هو المال الملتقط عن وجه الأرض و موضوع الثانى هو المال الماخوذ من بطن الأرض المدفون فيها فلا وجه للتمسك بالاخبار الواردة فى اللقطة فى مسئلة الكنز الماخوذ

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 5 من كتاب اللقطة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 54

فافهم فتلخص ان الماخوذ من الكنز فى الصور الّتي ذكرناها فى الموضع الاوّل ملك للواجد و يجب عليه خمسه.

الموضع الثاني: قال المؤلف رحمه اللّه و لو كان الكنز الماخوذ فى ارض مبتاعة مع احتمال كونه لاحد البائعين عرفه المالك قبله فان لم يعرفه فالمالك قبله و هكذا فان لم يعرفه فهو للواجد و عليه الخمس.

أقول أمّا وجوب الخمس فمعلوم بالاخبار.

و أمّا كونه له فلما قلنا فى الموضع الأوّل من كونه مع الشك فى كونه من المسلم أو الكافر الحربى أو الذمى مجرى اصالة الاباحة.

و أمّا وجوب التعريف فلا دليل عليه لأنّه مع الشك فى كونه من المسلم تجرى اصالة الحلية نعم الأحوط ذلك.

الموضع الثالث: قال المؤلف رحمه اللّه و

ان ادعاه المالك السابق فالسابق اعطاه بلا بيّنة وجهه ان هذا مقتضى اليد السابقة عليه و كونه المدعى بلا معارض.

الموضع الرابع: قال المؤلف رحمه اللّه و ان تنازع الملاك فيه يجرى عليه حكم التداعى و وجهه واضح لأنّه من صغريات باب التداعى.

هذا فيما إذا كان كل مالك من الملّاك السابق ملك فى عرض ملك الاخر مثل أنّهم ورثوا هذا الملك من أبيهم و أمّا لو كان ملك كل واحد منهم فى طول الآخر مثل ما كان ملك احدهما فباع بالآخر فظاهر اطلاق كلام المؤلف رحمه اللّه كونه مثل صورة كونهما عرضيين و لكن الحق كون القول قول المتاخر و يكون السابق عليه مدعيا لكون يد المتاخر فعلية فيصير السابق مدّعيا.

الموضع الخامس: قال المؤلف رحمه اللّه و لو ادعاه المالك السابق إرثا و كان له

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 55

شركاء نفوه دفعت إليه حصته و ملك الواجد الباقى و اعطى خمسه.

أقول إذ هو بالنسبة الى ما ادعاه مدعى بلا معارض و أمّا الباقى محكوم بالحكم الكلى المذكور الثابت للكنز فهو لواجده.

المسألة الرابعة: و هل يشترط فى وجوب الخمس فى الكنز النصاب

و هو عشرون دينارا أو لا فى المسألة اقوال قول بعدم النصاب و قول بكون النصاب فيه و هو عشرون دينارا و قول بانّ فيه النصاب و هو دينار.

منشأ اعتبار النصاب و كونه عشرون دينارا رواية البزنطى المتقدمة ذكرها و نذكرها هنا أيضا.

روى احمد بن محمد بن ابى نصر عن ابى الحسن الرضا عليه السّلام قال سألته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب الزكاة فى مثله ففيه الخمس «1».

و ما رواه المفيد رحمه اللّه مرسلا فى المقنعة قال سئل الرضا عليه السّلام عن مقدار الكنز الّذي يجب

فيه الخمس فقال ما يجب فيه الزكاة من ذلك بعينه ففيه الخمس و ما لم يبلغ حدّ ما تجب فيه الزكاة فلا خمس فيه «2».

بدعوى دلالتهما على أنّه يجب الخمس فى الكنز إذا بلغ عشرين دينارا.

أقول أمّا الرواية الاولى فقد مضى الكلام فيها و فى محتملاتها فى طى المسألة الثانية من المسائل الّتي ذكرناها فى وجوب الخمس فى الكنز.

فان قلنا بانّ الظاهر من الرواية هو الاحتمال الأوّل بكون النظر فى السؤال و الجواب الى جنس ما فيه الخمس من الكنز فليس مفادها الا وجوب الخمس فيما فيه

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 5 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 56

الزكاة فى مثله و هو النقدان و لا تدلّ الرواية على اعتبار النصاب فيه اصلا.

و ان قلنا بانّ ظاهرها هو السؤال عن المقدار و مالية الكنز و أنّه إذا بلغ الكنز باىّ مقدار من المالية يجب الخمس فيه و يكون مفاد الجواب أنّه إذا بلغ بمقدار من المالية الّتي يجب فى مثله الزكاة يجب فيه الخمس و حيث ان مثله إذا بلغ عشرين دينارا يجب فيه الزكاة فكذلك إذا بلغ الكنز هذا المقدار يجب فيه الخمس تدلّ الرواية على ان بلوغ النصاب و هو عشرون دينارا معتبر فى وجوب الخمس.

لكن حيث انّ ظاهر الرواية لو لم يكن الاحتمال الأوّل فلا اقل من عدم ظهورها فى الاحتمال الثانى و تصير مجملا فلا يمكن الاستدلال بها على اعتبار النصاب فى الكنز.

و أمّا الرواية الثانية: و هى ما رواها فى المقنعة فهى ضعيفة السند لكونها مرسلة

مضافا الى أنّه من القريب كونها الرواية الاولى رواها البزنطى و ان كان بينهما الاختلاف من حيث المتن و ربما كان الاختلاف من باب فهم المفيد رحمه اللّه من رواية البزنطى ما نقله بالمعنى و مع قطع النظر عن السند فدلالتها على اعتبار النصاب فى الكنز ممّا لا يخفى على المراجع بالرواية.

و اما القول باعتبار النصاب فى الكنز و كونه دينارا فقد نقل عن أمالي الصدوق رحمه اللّه ناسبا له الى دين الامامية و لم اجد دليلا عليه.

ثمّ أنّه بعد عدم دلالة الرواية الاولى على اعتبار النصاب و ضعف سند الثانية فلا يبقى للقول باعتبار النصاب الّا دعوى الاجماع عن بعض الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم و لا يمكن الافتاء باعتبار النصاب كما انّ الافتاء بعدم اعتباره لاجل ما احتمل فى رواية البزنطى و مرسلة المفيد رحمه اللّه و دعوى الاجماع على اعتباره مشكل و لهذا نقول الأحوط الخمس على الواجد للكنز فيما لم يبلغ الخارج من الكنز عشرين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 57

دينارا بل و لو لم يبلغ دينارا واحدا فافهم.

***

[مسئلة 14: لو وجد الكنز فى ارض مستأجرة أو مستعارة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: لو وجد الكنز فى ارض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما و تعريف المالك أيضا فان نفياه كلاهما كان له و عليه الخمس و ان ادعاه احدهما اعطى بلا بنية و ان ادعاه كل منهما ففى تقديم قول المالك وجه لقوة يده و الا وجه الاختلاف بحسب المقامات فى قوة احدى اليدين.

(1)

أقول أمّا وجوب تعريفهما فمع احتماله كونه من غيرهما فلا يجب و يكون له إذا احتمل كونه من غير محترم المال و يجب عليه خمسه.

و ان ادعى احدهما كونه له يجب عليه رده به

لأنّه مدعى بلا معارض و هو اعنى الواجد يعلم أنّه ليس بملكه كما أنّه لو نفى كل واحد منهما ملكيته يكون للواجد و يجب عليه خمسه.

و ان ادعاه كل من المالك و المستاجر أو المالك و المستعير هل يجرى عليه حكم التداعى أو يقدم قول المالك أو يقال بانّه يلاحظ المقامات من حيث قوة احدى اليدين على الاخرى فيقدم قولها احتمالات.

وجه جريان حكم التداعى فيه كونه من صغرياته لأنّ كلا منهما يدعى كونه ملكه.

وجه تقديم قول المالك فى مقام التداعى و كون القول قوله.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 58

قوة يده لأنّ الملك له و يده يد الاصلية و يد المستاجر فرعية فهو ذو اليد فعلى المستأجر الاثبات و فيه أنّه لا فرق فى أمارية اليد بين كونها أصلية أو فرعية بل قد يقال بأنّه يقوى يد المستأجر لأنّ المالك لا يوجر دارا فيها كنز له.

و ان كان يمكن دفع ذلك بان المستاجر لا يدفن شيئا فى ملك الغير و على كل حال أقول لا قوة لاحدى اليدين على الاخرى.

وجه ملاحظة الموارد اذ ربما فى مورد يكون يد المالك اقوى و فى مورد آخر تكون يد المستاجر أو المستعير اقوى.

و الاقوى كون المقام من صغريات باب التداعى.

***

[مسئلة 15: لو علم الواجد انّه لمسلم موجود]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: لو علم الواجد انّه لمسلم موجود هو أو وارثه فى عصره مجهول ففى اجراء حكم الكنز أو حكم مجهول المالك عليه وجهان و لو علم أنّه كان ملكا لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه.

(1)

أقول أمّا فيما علم كون الكنز لمسلم موجود هو بنفسه أو وارثه فلا وجه لاجراء حكم الكنز عليه من كونه له و وجوب الخمس عليه لأنّ وجه

كونه له هو احتمال كون الكنز من غير محترم المال فقلنا بانّ الاصل حليته له و على هذا مع علمه بكونه لمسلم لا يكون محكوما بحكم الكنز و من هنا يقال أنّه لا فرق بين علمه بانّه من مسلم موجود و بين علمه بانّه من مسلم قديم لعدم كونه فى كل منهما محكوما بحكم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 59

الكنز فيجرى عليه حكم مجهول المالك.

***

[مسئلة 16: الكنوز المتعددة لكل واحد حكم نفسه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: الكنوز المتعددة لكل واحد حكم نفسه فى بلوغ النصاب و عدمه فلو لم يكن آحادها بحد النصاب و بلغت بالضم لم يجب فيها الخمس نعم المال الواحد المدفون فى مكان واحد فى ظروف متعددة يضم بعضه الى بعض فانه يعدّ كنزا واحدا و ان تعدد جنسها.

(1)

أقول كما تقدم فى المعدن انّ الظاهر تعلق الحكم بالافراد فان قلنا باعتبار النصاب فى الكنز فيعتبر بلوغ كل فرد بحدّ النصاب.

نعم لو كان فى ظروف متعددة فى مكان واحد اعتبر واحدا و لهذا لو بلغ مجموع الظروف بحد النصاب و لو كانوا اشياء مختلفة يجب الخمس حتى بناء على اعتبار النصاب فى وجوبه.

***

[مسئلة 17: فى الكنز الواحد لا يعتبر الاخراج دفعة بمقدار النصاب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: فى الكنز الواحد لا يعتبر الاخراج دفعة بمقدار النصاب فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس و ان لم يكن كل واحدة منها بقدره.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 60

(1)

أقول لأنّ الخمس متعلق بالكنز و على الفرض يكون الكنز واحدا و ان كان اخراجه بالدفعات فلو بلغ مجموع الدفعات بحد النصاب يجب خمسه و هذا النزاع متفرع على اعتبار النصاب و الّا فمع عدم اعتباره يجب الخمس كيفما كان.

***

[مسئلة 18: إذا اشترى دابة و وجد فى جوفها شيئا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 18: إذا اشترى دابة و وجد فى جوفها شيئا فحاله حال الكنز الّذي يجده فى الأرض المشتراة فى تعريف البائع و فى اخراج الخمس ان لم يعرفه و لا يعتبر فيه بلوغ النصاب و كذا لو وجد فى جوف السمكة المشتراة مع احتمال كونه لبائعها و كذا الحكم فى غير الدابة و السمكة من سائر الحيوانات.

(2)

أقول أمّا وجوب التعريف فلرواية عبد اللّه بن جعفر قال كتبت الى الرجل عليه السّلام عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للاضاحى فلما ذبحها وجد فى جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرة لمن يكون ذلك فوقع عليه السّلام عرّفها البائع فان لم يكن يعرفها فالشي ء لك رزقك اللّه «1» يستفاد من الرواية وجوب تعريفها البائع و أنّه لو لم يكن يعرفها البائع فهو له.

و أمّا وجوب الخمس فلا دليل عليه لعدم كونه الكنز فلا يعمّه حكمه و لا بلوغ النصاب و ان اعتبرنا النصاب فى الكنز لعدم كونه بحكم الكنز.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 9 من ابواب اللقطة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 61

و لو وجد فى جوف السمكة أو غيرها و غير

الدابة من الحيوانات شيئا فهل هو بحكم وجدانه فى الدابة أم لا.

يمكن ان يقال بكونه مثله بدعوى الغاء الخصوصية من الرواية المذكورة الواردة فيمن اشترى جزورا أو بقرة مضافا الى بعض الروايات الواردة فيمن وجد شيئا فى بطن السمكة راجع الباب 10 من ابواب اللقطة خصوصا رابعها فلا يبعد دلالتها على كونه له و هذه الروايات و ان كانت مطلقة من حيث وجوب التعريف ببائع السمكة لكن يمكن تقييدها بالرواية المتقدمة.

و كما انّ ما وجد فى جوف السمكة بحكم ما وجد فى الدابة من حيث كونه من المشترى بعد التعريف كذلك مثله فى عدم وجوب الخمس فافهم و كذا فى عدم اعتبار النصاب لعدم كونه بحكم الكنز حتى يجب فيه الخمس فضلا عن اعتبار النصاب.

***

[مسئلة 19: انّما يعتبر النصاب فى الكنز بعد اخراج مئونة الاخراج]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 19: انّما يعتبر النصاب فى الكنز بعد اخراج مئونة الاخراج.

(1)

أقول لا وجه له الّا ما ذكرناه عند التعرض لاعتبار النصاب بعد اخراج مئونة الاخراج فى المعدن و هو الاجماع المدعى عليه و حيث انا لم نفت باعتبار النصاب فى الكنز و لم نسلم كون الاجماع كاشفا عن قول المعصوم عليه السّلام نقول بانّ وجوب الخمس فى الكنز مطلقا و لو لم يبلغ النصاب قبل اخراج المئونة أى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 62

مئونة الاخراج.

***

[مسئلة 20: إذا اشترك جماعة فى كنز]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 20: إذا اشترك جماعة فى كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصابا و ان لم يكن حصة كل واحد بقدره.

(1)

أقول على فرض اعتبار النصاب فى الكنز فى وجوب الخمس فيه.

يقع الكلام فى أنّه إذا اشترك جماعة فى كنز فهل يعتبر فى وجوب الخمس عليهم بلوغ حصة كل منهم بحد النصاب بحيث لو لم تبلغ حصة كل واحد منهم النصاب لا يجب عليه شيئا و ان بلغ المجموع من الحصص بقدر النصاب او لا يعتبر ذلك فاذا بلغ المجموع النصاب يجب الخمس.

أقول قد مضى الكلام فيه فى خمس المعدن و أنّه بعد كون المخاطب بالامر بالخمس كل فرد فرد من المكلفين فالامر تعلق بالفرد فكل فرد إذا بلغ كنزه الّذي وجده بقدر النصاب يجب عليه و الّا فلا هذا على تقدير اعتبار النصاب فى وجوب الخمس و أمّا على ما قلنا من انّ الأحوط وجوب الخمس و لو لم يبلغ النصاب فالاحوط وجوب الخمس فى الفرع المذكور أيضا و الحمد للّه أولا و آخرا و الصّلاة و السّلام على رسوله و آله اللّهم اغفر لى و لوالدى و للمؤمنين و المؤمنات.

***

ذخيرة العقبى في

شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 63

الرابع ممّا يجب فيه الخمس

اشارة

قوله رحمه اللّه

الرابع: الغوص و هو اخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ و المرجان و غيرهما معدنيا كان أو نباتيا لا مثل السمك و نحوه من الحيوانات فيجب فيه الخمس بشرط ان يبلغ قيمته فصاعدا فلا خمس فيما ينقص من ذلك و لا فرق بين اتحاد النوع و عدمه فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس و لا بين الدفعة و الدفعات فيضم بعضها الى بعض كما انّ المدار على ما اخرج مطلقا و ان اشترك فيه جماعة لا يبلغ نصيب كل منهم النصاب و يعتبر بلوغ النصاب بعد اخراج المؤن كما مرّ فى المعدن و المخرج بالآلات من دون غوص فى حكمه على الأحوط و اما لو غاص و شدّه بآلة فاخرجه فلا اشكال فى وجوبه فيه نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فاخذه من غير غوص لم يجب فيه من هذه الجهة بل يدخل فى ارباح المكاسب فيعتبر فيه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 64

مئونة السنة و لا يعتبر فيه النصاب.

(1)

أقول أمّا وجوب الخمس فى الغوص فى الجملة فما لا اشكال فيه نصا و فتوى و قد ذكرنا بعض الروايات الدالة عليه فى طى المباحث السابقة نذكر بعضها هنا تيمّنا.

منها ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر عن محمد بن على بن ابى عبد اللّه عن ابى الحسن عليه السّلام قال سالته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ و الياقوت و الزبرجد و عن معادن الذهب و الفضة هل فيها زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس «1».

منها ما رواها عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه

عليه السّلام يقول فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «2».

منها ما رواها ابن ابى عمير عن غير واحد عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال الخمس على خمسة اشياء على الكنوز و المعادن و الغوص و الغنيمة و نسى ابن ابى عمير الخامس «3».

منها ما رواها الحلبى قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس الحديث «4».

و

الكلام يقع فى طى مواضع:
اشارة

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(4) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 65

الموضع الاوّل: هل الخمس فى الغوص مختص بما يخرج من البحر بالغوص

مثل اللؤلؤ و المرجان معدنيا كان أو نباتيّا أو يعمّه و ما يؤخذ من وجه الماء أو بآلات فيشمل السمك و نحوه من الحيوانات المتّخذة من البحر فعلى الاوّل لا يجب الخمس فى غير ما يخرج بالغوص من البحر بهذا العنوان بل ان وجب وجب من باب كونه من ارباح المكاسب بشروطها.

وجه الشمول لكل ما يخرج من البحر الرواية الاولى فان السؤال فيها (عما يخرج من البحر) و الثانية فإنّ فيها (فيما يخرج من المعادن و البحر الخ) و فى كل منهما اوجب الخمس على عنوان ما يخرج من البحر و اطلاقهما يشمل كلما يخرج منه و ان كان بعلاج و آلة غير الغوص أو كونه على وجه الماء.

وجه الاختصاص هو ايجاب الخمس فى هذا القسم على الغوص فى الرواية الثالثة و الرابعة و هو ينحصر بما يخرج من البحر بالغوص.

أقول قد يقال بانّ النسبة بين ما يدل على انّ موضوع الخمس ما يخرج من البحر و بين ما يدل على انّ موضوعه الغوص يكون العموم من وجه لعمومية الطائفة الاولى لما يخرج بالآلة و لما يكون على وجه البحر فلا يكون خروجه بالغوص و لما يخرج بالغوص و عمومية الطائفة الثانية لما يخرج من البحر بالغوص و لما يخرج من الانهار و الشطوط

بالغوص فمادة اجتماعهما هو الخارج من البحر بالغوص و مادة افتراقهما هو ما اخرج من البحر لا بالغوص فمقتضى الطائفة الاولى من الاخبار وجوب الخمس فيه لأنّه خرج من البحر و مقتضى الطائفة الثانية عدم الخمس لعدم خروجه بالغوص و كذا مادة افتراقهما تكون فيما يخرج شيئا من النهر أو الشط بالغوص فمقتضى الطائفة الثانية الدالة على وجوب الخمس فى الغوص وجوب الخمس و الحال انّ مقتضى الاولى عدمه لدوران الحكم فيها مداركون خروجه من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 66

البحر فلا يشمل ما يخرج من النهر و الشط.

و قد يقال بانّ الطائفة الاولى و هى ما يعرض الحكم بوجوب الخمس فيها بالبحر مطلقة لشمولها لما يخرج بالغوص و غيره و الطائفة الثانية مفيد لشمولها لخصوص الغوص لأنّ ظاهرها الحصر به فيقيد بها اطلاق الطائفة الاولى و تكون النتيجة وجوب الخمس بما يخرج من البحر بالغوص فقط.

و فيه انّ ما تعرّض فيها للغوص ليس الّا روايتان و الثانية منهما لا تفيد الحصر اصلا لأنّ فيها قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس و لا تفيد حصرا ابدا بل السائل سئل فيها عن الخمس فيهما فقال يجب الخمس فيهما و لذا لا تدلّ على حصر وجوب الخمس بغوص اللؤلؤ.

و أمّا الاولى منهما فربما يتوهّم انّ قوله عليه السّلام فيها (الخمس على خمسة اشياء) و عدّ منها الغوص تدلّ على انحصار الخمس بهذه الخمسة و لكن هذا لا يفيد الحصر و لهذا لو ورد رواية على وجوبه فى غيرها كما ورد لا يعارض مع هذه الرواية بل لو قال انّما يجب الخمس فى خمسة اشياء

فبظاهرها يفيد الحصر.

و يمكن ان يقال بتقييد الطائفة الدالة على وجوب الخمس بما يخرج من البحر بالطائفة الثانية الدالة على وجوب الخمس فى الغوص لأنّ المراد من الغوص هو المفهوم العرفى منه و هو ما يخرج من خصوص البحر بعمل الغوّاص و لا يشمل الغوص الانهار و الشطوط لعدم كون المتعارف الغوص فى الشطوط و الأنهار حتى يقال بانّ ما دلّ على الغوص اعم من جهة شموله للبحر و للانهار و الشطوط بل منحصر بالغوص فى البحر فعلى هذا تكون اخص فيقيد بها الطائفة الدالة على وجوب الخمس فى مطلق ما يخرج من البحر و ان كان بغير الغوص.

و لكن هذا الجمع يتمّ على القول بانحصار الغوص بالبحر و عدم تعارف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 67

الغوص فى الشطوط و الانهار الكبار لعدم وجود شي ء من الجواهر فيهما يخرج بالغوص عنهما.

و قد يقال بانّ الطائفة الاولى من الاخبار الواجب فيها الخمس بعنوان الغوص يكون من باب الغلبة بمعنى كون قيد الغوص غالبيّا حيث أنّه بعد ما يكون غالب ما يخرج من الاشياء كاللؤلؤ و غيره من البحر بسبب الغوص و بوسيلة الغوّاص و اخراجها من البحر بآلات اخرى أو بخروجها بنفسها يكون قليلا جعل موضوع الحكم فى هذه الطائفة من الاخبار الغوص و هذا لا ينافى مع وجوبه فى غير الغوص بما يخرج من البحر فلا يكون تعارض بين الطائفتين من الاخبار.

أقول و لو قلنا بذلك تكون النتيجة وجوب الخمس فى مطلق ما يجرى من البحر و ان لم يكن بالغوص.

و يمكن ان يقال فى مقام الجمع بانّ الطائفة من الاخبار الدالة على وجوب الخمس فى الغوص نص فى ذلك و

لا شبهة فيه.

و أمّا الطائفة الدالة على وجوبه فيما يخرج من البحر لا ظهور له فى العموم حتى يشمل المورد الّذي لا يكون الاخراج بسبب الغوص بل ظاهر رواية احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى من هذه الطائفة هو كون الاخراج بسبب الغوص لأنّ المتعارف فى اللؤلؤ و غيره من المذكورات فى الرواية اخراجه بالغوص لا بآلات اخرى أو وقوعه فى سطح الماء فلا يصح الاستدلال بها على وجوب الخمس على مطلق ما يخرج من البحر و تكون النتيجة وجوب الخمس فيما يخرج بالغوص و لا يبعد كون هذا الجمع أظهر من غيره من طرق الجمع حتى بناء على كون النسبة بين الطائفتين عموما من وجه من باب شمول الغوص لغير البحر من الانهار العظيمة و الشطوط و تكون النتيجة وجوب الخمس فى ما هو يخرج من البحر بخصوص

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 68

الغوص و وجوبه لو استخرج بالغوص من غير البحر من الانهار الكبيرة و الشطوط.

أقول ما ينبغى ان يقال فى المقام و ان لم ار من يقول به هو ما خطر ببالى عاجلا من ان النسبة بين الطائفتين من الاخبار الواردة فى الغوص و ما يخرج من البحر سواء كان العموم من وجه أو كان العموم المطلق لا يكون تعارض بينهما حتى تصل النوبة بالجمع باحدى الكيفيّات المتقدمة ذكرها.

لأنّ الدليلين ان كانا مثبتين فلا تعارض بينهما الّا إذا علم اجمالا بوجود الملاك فى احدهما فقط و بعبارة اخرى يعلم اجمالا بكذب احدهما و لهذا قالوا فى الدليلين المثبتين إذا كان احدهما مطلقا و الآخر مقيدا بانّه لا تعارض بينهما الّا إذا كشف وحدة الملاك بمعنى أنّه يعلم

بوجود ملاك واحد فقط أمّا هو قائم فى المطلق و أمّا فى المقيّد.

فلهذا نقول فى المقام يمكن ان يقال بانّه لا تعارض بين ما يدلّ على وجوب الخمس بما يخرج من البحر و بين ما يخرج بالغوص حتى تصل النوبة بالجمع العرفى ان امكن و الّا اعمال قواعد التعارض بين الخبرين حيث انّ التعارض بينهما فرع العلم بالتعارض بينهما و العلم بالتعارض بينهما يتوقف على وحدة الملاك القائمة إمّا فى خصوص المطلق بإطلاقه أو فى خصوص المقيد بتقييده مثل وحدة الملاك فى قوله اعتق رقبة و اعتق رقبة مؤمنة و هذه لا تثبت فى محل الكلام فلا مانع من وجود الملاك فى وجوب الخمس فيما يخرج من البحر بعنوانه و وجود ملاك آخر فى الغوص فلا يثبت تعارض بين الدليلين و تكون النتيجة وجوب الخمس فيما يخرج من البحر و ان لم يكن بالغوص و وجوب الخمس فيما يخرج بالغوص و ان كان فى غير البحر بناء على تعميم موضوع الغوص بغير البحر و يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 69

ثمّ أنّه لو علمنا بوحدة الملاك فما يأتى بالنظر كون الاقوى هو الجمع الاخير كما قلنا سواء قلنا بكون النسبة بين ما دلّ على وجوب الخمس بما يخرج من البحر سواء كان بالغوص أو غير الغوص و بين ما يدل على الوجوب فى خصوص ما يخرج بالغوص عموما من وجه بناء على شمول الغوص لغير البحر من الشطوط و الأنهار العظيمة أو كانت النسبة عموما مطلقا بناء على كون الغوص بخصوص الغوص من البحر و نقول فى مقام العمل بانّ وجوب الخمس فيما اخرج من البحر بالغوص

و الاحوط وجوبه فيما يخرج عنه بغير الغوص و أمّا وجوبه فيما يخرج بالغوص فى غير البحر فياتى حكمه إن شاء اللّه فى المسألة 22 فانتظر.

الموضع الثاني: هل المعتبر فى وجوب الخمس فى الغوص بلوغه حد النصاب

و هو دينار أو لا يعتبر ذلك فى وجوبه.

وجه الاعتبار الرواية الاولى من الروايات المتقدمة ذكرها و هى ما رواها محمد بن على بن ابى عبد اللّه و فيها قال ابو الحسن عليه السّلام إذا بلغ قيمته دينارا (ففيه الخمس) و مفهومه عدم الوجوب إذا لم يبلغ دينارا كما حكى افتاء المشهور به شهرة كادت تكون اجماعا.

أقول و لكن بملاحظة ضعف الخبر بمحمد بن على بن ابى عبد اللّه و ان قال سيدنا الاعظم بانّ رواية البزنطى عنه كاف فى توثيقه و لعل فتوى المشهور كان على طبق الرواية فلا يكون فهم المشهور حجة لا يمكن الإفتاء باعتبار النصاب.

نعم يوجب ذلك الاحتياط فنقول انّ الأحوط وجوب الخمس مطلقا و ان لم يبلغ النصاب اعنى الدينار.

الموضع الثالث: و هل يكون فرق فى اعتبار النصاب

بناء على اعتباره فى وجوب الخمس بين اتحاد نوع ما يخرجه و بين مختلف النوع فاذا كان الاختلاف فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 70

نوعه يجب بلوغ كل نوع بحدّ النصاب و الا لم يجب الخمس و ان بلغ مجموعه النصاب أو لا فرق فى ذلك.

و هكذا يكون فرق بين الدفعة و الدفعات او لا فعلى القول بالفرق بناء على اعتبار النصاب يجب الخمس إذا بلغ الخارج كل دفعة حد النصاب و الّا لم يجب الخمس و ان بلغ مجموع الدفعات بحد النصاب.

أقول لا تعرّض فى روايات الباب من هاتين الجهتين صريحا لكن يمكن أن يقال أنّ الخارج مع اختلاف نوعه أو مع اخراجه بالدفعات يصدق عليه أنّه الخارج من البحر أو الخارج بالغوص فيجب عليه الخمس إذا بلغ مجموع الخارج النصاب و ان كان مختلف النوع و بالدفعات.

الموضع الرابع: لو اشترك جماعة فى الاخراج

و لا يبلغ نصيب كل منهم النصاب و لكن يبلغ المجموع النصاب فهل يجب الخمس بناء على اعتبار النصاب أم لا الظاهر عدم وجوبه كما قلنا فى المعدن و الكنز أيضا لأنّ التكليف متعلق بالافراد لا بالمجموع.

الموضع الخامس: هل يجب الخمس بعد اخراج مئونة الاخراج

إذا بلغ النصاب على القول باعتبار النصاب أم لا؟

فدمّر الكلام فيه فى المعدن و الكنز و لا دليل عليه الّا ان يدعى الاجماع و كان ثابتا و الأحوط عدم اخراجه.

الموضع السادس: هل المخرج بالآلات فى حكم الغوص

فى وجوب الخمس أم لا منشأ كونه بحكمه هو تعميم الحكم لكل ما يخرج من البحر و ان لم يكن بالغوص و قد مرّ الكلام فيه فى الموضع الأوّل.

الموضع السابع: لو غاص الغواص و شده بآلة فاخرجه

فهل يجب فيه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 71

الخمس أم لا؟

منشأ توهم عدم الوجوب الجمود على ظاهر الدليل من كونه بالغوص و لكن لا مجال لتوهمه.

اما بناء على وجوب الخمس فى كل ما يخرج من البحر و ان لم يكن بالغوص فواضح لأنّه الخارج من البحر بالآلة.

و كذا بناء على انحصار الوجوب بالغوص لأنّ هذا حصل بالغوص فى الماء و لا ينفك الغوص من اعمال عمل لاخراجه بيده أو بظرف أو برسن أو غيرهما للاخراج و بعبارة اخرى يعدّ الخارج عرفا الخارج بالغوص فيجب فيه الخمس.

الموضع الثامن: لو القى لا بفعل الشخص على الساحل أو على وجه الماء

فاخذه من غير غوص فقال المؤلف رحمه اللّه لم يجب فيه الخمس من هذه الجهة بل يدخل فى ارباح المكاسب.

امّا لو خرج بنفسه على الساحل فلا وجه للقول بكونه بحكم الغوص الّا بتقبيح المناط أو إلغاء الخصوصية كما يأتى فى المسألة 27 فى حكم العنبر الخارج على الساحل بنفسه أو دعوى شمول الأخبار لكل ما يخرج من الماء و إن كان على وجه الماء فأخرجه الشخص عن وجه الماء فنقول بعونه تعالى بانّه يجب فيه الخمس أيضا على القول بوجوب الخمس فى مطلق ما يخرج من البحر لأنّه فى هذه الصورة يخرجه الشخص من وجه الماء فيكون مما يخرج من البحر و لا فرق بينهما و بين ما يخرج بآلة غير الغوص.

نعم بناء على القول بوجوبه فى الخارج بالغوص فقط بلا تعدى الى غيره فلا يجب الخمس فيه بل يدخل فى ارباح المكاسب فيعتبر فيه ما اعتبر فيها كما يجب الخمس على القول يكون مقتضى الجمع بين الاخبار هو كون الحكم فى الغوص لكن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 72

نتعدّى الى

مطلق الخارج بتقبيح المناط و لو لم يكن حاصلا بالغوص.

***

[مسئلة 21: المتناول من الغواص لا يجرى عليه حكم الغوص]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 21: المتناول من الغواص لا يجرى عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصا و أمّا إذا تناول منه و هو غائص أيضا فيجب عليه إذا لم ينو الغواص الحيازة و الا فهو له و وجب الخمس عليه.

(1)

أقول أمّا من لم يكن غائصا و تناول من الغواص شيئا فلا يجب عليه الخمس لعدم كونه غائصا.

و أمّا إذا كان غائصا فتناول من الغواص شيئا حال الغوص فان نوى الغوّاص حيازته فهو له و ان لم ينو حيازته فهو لمن تناوله و يجب عليه الخمس لأنّ اطلاق وجوب الخمس على الغوص يشمله.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 10، ص: 72

***

[مسئلة 22: إذا غاص من غير قصد للحيازة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 22: إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئا ففى وجوب الخمس عليه وجهان و الأحوط اخراجه.

(2)

أقول إذا اخذه بنية الملك حال الغوص فيجب عليه الخمس لشمول اطلاق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 73

الاخبار له حيث أنّه اخرجه بالغوص و لا يعتبر فى الوجوب كون الغوص بقصد الحيازة.

و وجه عدم الوجوب الشك فى اندراجه فى اطلاق الاخبار و الاقوى اندراجه.

***

[مسئلة 23: إذا اخرج بالغوص حيوانا و كان فى بطنه شي ء من الجواهر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 23: إذا اخرج بالغوص حيوانا و كان فى بطنه شي ء من الجواهر فان كان معتادا وجب فيه الخمس و ان كان من باب الاتفاق بان يكون بلع شيئا اتفاقا فالظاهر عدم وجوبه و ان كان احوط.

(1)

أقول ما ذكر المؤلف رحمه اللّه من الفرق بين الفرضين هو أنّه لو كان امرا معتادا مثل ساير ما يخرج من البحر يشمله اطلاق الاخبار المذكورة.

و أمّا لو لم يكن ذلك متعارفا فالاطلاق منصرف عنه و لا يبعد ذلك.

***

[مسئلة 24: الانهار العظيمة حكمها حكم البحر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 24: الانهار العظيمة كدجلة و النيل و الفرات حكمها حكم البحر بالنسبة الى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكون الجوهر فيها كالبحر.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 74

(1)

أقول قد مضى سابقا الاخبار الواردة فى الغوص و انّ لسان طائفة منها وجوب الخمس فيما يخرج من البحر و لسان طائفة منها وجوب الخمس فى الغوص و قد عرفت فى الموضع الأوّل من المواضع المتقدمة فى المسألة بيان معارضة كل من الطائفتين مع الاخرى و عدم تعارضهما و كيفية الجمع بينهما.

فما نقول هنا هو أنّه لو قلنا بالاخذ بإطلاق الطائفة الدالة على وجوب الخمس بما يخرج من البحر و عدم شمول الطائفة الدالة على وجوب الخمس فى الغوص لغير البحر من الشطوط و الانهار إمّا بدعوى عدم تكون الجواهر فيهما و إمّا لعدم تعارف الغوص فيهما لأنّ هذه المهنة و هى الغوص مهنة فى البحار و لا يكون متعارفا فى الشطوط و الانهار العظيمة فلا وجه للقول بوجوب الخمس بما يخرج من الشطوط و الانهار العظيمة بعد فرض تكوّن الجواهر فيها الا بدعوى الغاء خصوصية البحر أو الغاء خصوصية كون الغوص فى البحر

و هو مشكل.

و أمّا لو قلنا بتقييد الاخبار الدالة على وجوب الخمس فيما يخرج من البحر بالاخبار الدالة على وجوبه بالغوص و قلنا بتكوّن الجواهر فى الشطوط و الانهار العظيمة فالقول بوجوب الخمس فيما يخرج من غير البحر بالغوص مبنى على شمول الغوص له.

فينبغى ان يتكلم فى أنّه هل يشمل الغوص للغوص فيهما كما يشمل الغوص فى البحر أم لا.

وجه الشمول اطلاق الغوص فانه كما يشمل الغوص فى البحر يشمل الغوص فيهما أيضا وجه عدم الشمول ان الغوص عبارة عن مهنة خاصة و هى ليست الا فى البحر و الرواية المتعرضة له ناظرة الى هذه المهنة فلا يشمل للغوص فى غير البحر و هذا وجه قوى و لهذا نقول الاقوى عدم وجوب الخمس و ان كان الأحوط

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 75

استحبابا اداء الخمس فيما يخرج من الشطوط و الانهار العظيمة بالغوص بل فيما يخرج منهما بآلة غير الغوص لوجود احتمال الغاء خصوصية البحر.

***

[مسئلة 25: إذا غرق شي ء فى البحر و اعرض مالكه عنه فاخرجه الغواص]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 25: إذا غرق شي ء فى البحر و اعرض مالكه عنه فاخرجه الغواص ملكه و لا يلحقه حكم الغوص على الاقوى و ان كان من مثل اللؤلؤ و المرجان لكن الأحوط اجراء حكمه عليه.

(1)

أقول لعدم شمول ما مضى من الاخبار المربوطة بالغوص له حيث انّ الظاهر منها هو ما تكوّن فيه و يخرج من البحر بالغوص لا كل ما فى البحر و ان القى فيه من الخارج فعلى هذا هو له و لا خمس فيه كما يدل عليه بعض الاخبار.

الاولى: ما رواها السكونى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام فى حديث عن امير المؤمنين عليه السّلام قال و إذا غرقت السفينة و ما فيها

فاصابه الناس فما قذف به البحر على ساحله فهو لاهله و هم احق به و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو لهم «1».

الثانية: ما رواها الشعيرى قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن سفينة انكسرت فى البحر فاخرج بعضها بالغوص و اخرج البحر بعض ما غرق فيها فقال أمّا ما اخرجه البحر فهو لاهله اللّه اخرجه و أمّا ما اخرج بالغوص فهو لهم و هم احق به «2».

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 11 من ابواب اللقطة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 76

و المتيقن منها صورة اعراض المالك بل صريح الاولى منهما لقوله عليه السّلام (و تركه صاحبه فهو لهم).

***

[مسئلة 26: إذا فرض معدن تحت الماء]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 26: إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء بحيث لا يخرج منه الّا بالغوص فلا اشكال فى تعلق الخمس به لكنه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص وجهان و الاظهر الثانى.

(1)

أقول أمّا وجوب الخمس فيه فممّا لا اشكال فيه لأنّه يعلم تفصيلا بوجوب الخمس فيه لأنّه أمّا من المعدن أو من الغوص و يجب الخمس فى كل منهما.

انّما الاشكال فى أنّه على القول بوجوب الخمس فى المعدن و الغوص اذا بلغا حد النصاب هل هو بحكم المعدن حتّى يجب الخمس إذا بلغ الخارج بالغوص عشرين دينارا أو هو بحكم الغوص حتى يجب الخمس إذا بلغ دينارا منشأ الاشكال شمول اطلاق كل من دليلى المعدن و الغوص له.

لكن لا يبعد كونه بحكم الغوص لأنّ المذكور فى الاولى من الروايات الواردة فى الغوص و هى رواية محمد بن على بن ابى عبد اللّه عن

ابى الحسن عليه السّلام (الياقوت و الزبرجد) و هما من المعادن يخرج من الماء و مع هذا وجب فيها الخمس بعد بلوغ قيمة الخارج دينارا الا ان يشكل فى ذلك بضعف سند الرواية و قد قدّمنا الكلام فيه و بناء على هذا الاشكال حيث يكون التعارض بين ما يدل على وجوب الخمس فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 77

المعدن فيما بلغ النصاب عشرين دينارا و بين ما دل على وجوب الخمس فى الغوص عموما من وجه لأنّ الأوّل يشمل ما كان حاصلا بالغوص و غير الغوص و الثانى يدل على وجوب الخمس سواء كان ما يؤخذ بالغوص معدنا أو غير معدن فان قلنا بكون احد الدليلين فى مادة الاجتماع و هى صورة كون الخارج بالغوص معدنا اظهر من الآخر يؤخذ به و لا يبعد كون شمول دليل الغوص اظهر فى مادة الاجتماع فيؤخذ به و لازمه اعتبار الخمس فيما يؤخذ من المعادن بالغوص و ان لم يكن احد الدليلين أظهر من الآخر فى مادة الاجتماع فأيضا يجب الخمس فى مادة الاجتماع لأنّه بعد تعارض الدليلين فى مادة الاجتماع فلا بد من وجوب الخمس لأنّ وجوبه مسلم و لم يجد على الفرض دليلا على تقييد الوجوب ببلوغه النصاب و لهذا نقول وجوب الخمس فيما يخرج بالغوص و لو لم يكن دينارا.

***

[مسئلة 27: العنبر إذا اخرج بالغوص]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 27: العنبر إذا اخرج بالغوص جرى عليه حكمه و ان اخذ على وجه الماء أو الساحل ففى لحوق حكمه له وجهان و الأحوط اللحوق و احوط منه اخراج خمسه و ان لم يبلغ النصاب أيضا.

(1)

أقول ان

الكلام يقع فى مقامين:
المقام الأوّل: فى وجوب الخمس فيه و عدمه

المقام الثانى فى أنّه بعد فرض وجوب الخمس هل يعتبر فيه نصاب أم لا؟ أمّا الكلام فى المقام الاوّل فنقول العنبر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 78

طيب معروف يدل على وجوب الخمس فيه بالخصوص رواية الحلبى قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس «1» و ظاهر الرواية مقابلة العنبر مع الغوص و ربما يوجب ذلك عدم كونه محكوما بحكم الغوص و لعلّه يأتى الكلام فيه فى المقام الثانى و بمقتضى هذه الرواية لا فرق فى أخذه بالغوص أو من وجه الماء أو من الساحل و امّا لو قلنا بكونه بحكم الغوص فنقول للمسألة صور:

الاولى: ما إذا خرج العنبر بالغوص فلا اشكال فى اجراء حكم الغوص عليه لشمول اطلاق ما دل على الخمس فى الغوص له.

الصورة الثانية: ما إذا اخذ على وجه الماء فلا وجه للتمسك بوجوب الخمس فيها بما ما ورد فى الغوص لعدم كون اخراجه بالغوص و كذا لو قيدنا ما ورد من الخمس فى مطلق ما يخرج من البحر بالغوص فلا يصح الاستدلال به على وجوب الخمس.

نعم يصح الاستدلال بوجوب الخمس فى هذه الصورة كما قلنا بما رواها الحلبى قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس الحديث «2».

و يمكن ان يستدل على الخمس فى هذه الصورة بالروايات الواردة فيما ورد فى الغوص بإلغاء خصوصية

الاخراج بالغوص و لكنه مشكل.

الصورة الثالثة: ما إذا اخذ عن ساحل البحر فهل هو بحكم الغوص أم لا وجه الاشكال عدم كون اخذه لا بالغوص و لا باخراجه عن البحر فما نقول فى هذه الصورة.

اعلم انّ المؤلف رحمه اللّه جعل الصورة الثانية و الثالثة بوزان واحد و الحال ان

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 79

الصورة الثالثة اشكل من حيث عدم اخراج العنبر من البحر بل اخذه من الساحل و لكن لا يمكن الاستدلال على وجوب الخمس فيها بما دل على وجوب الخمس بما اخرجه الشخص من البحر.

و لكن كما قلنا لك قبل بيان هذه الصور انّ اطلاق رواية الحلبى يشمل هذه الصورة أيضا لأنّ ترك الاستفصال عن العنبر يدل على تعميم الحكم لها.

المقام الثاني: فى اعتبار النصاب فى العنبر و عدمه

لا وجه للقول باعتبار النصاب فى العنبر الا ما دل على اعتباره فيما يخرج من البحر و هو الرواية الاولى من الروايات الاربعة المتقدمة اعنى رواية محمد بن على بن ابى عبد اللّه بدعوى شمول اطلاقها العنبر فالكلام بعد الفراغ عن المورد الّذي يجب فيه الخمس فى العنبر.

يقع هنا فى اعتبار النصاب فيه و عدمه اعلم انّ الاحتمالات بل الاقوال فيه ثلاثة قول باعتبار النصاب فيه مطلقا سواء اخذ بالغوص أو بغيره فيقال كما قلنا ليس المدرك له الّا الرواية المتقدمة.

أقول (و قد عرفت ما يقال فى ضعف سندها و ما يقال فى جوابه و باعتبار ضعف السند قلنا بانّ الأحوط وجوب الخمس و لو لم يبلغ الغوص دينارا) و فى العنبر

نقول بذلك فيما عدّ من افراد ما يخرج من البحر الواجب فيه الخمس و قد مضى الكلام فى ذلك فى طى المسألة الاولى من المسائل المتقدمة و فى طى بعض المسائل الاخرى من هذه المسائل.

و ان الواجب الخمس فى مطلق ما يخرج من البحر أو خصوص ما يخرج بالغوص.

إن قلت ان العنبر منصوص بنفسه فى رواية الحلبى المتقدمة و اوجب فيه الخمس بلا اعتبار النصاب فيه لاطلاقها من هذا الحيث.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 80

قلت لا تنافى بين رواية الحلبى الساكتة عن اعتبار النصاب فى العنبر و اللؤلؤ و بين رواية محمد المعتبرة للنصاب فى وجوب الخمس فى كلما يخرج من البحر من اللؤلؤ و غيره لأنّ رواية الحلبى ليست الّا فى مقام بيان وجوب الخمس فى العنبر و اللؤلؤ فى الجملة لانّ سؤال السائل بحسب الظاهر يكون عن اصل كون شي ء واجبا فيه زكاة أو خمسا فاجاب عليه السّلام عليه الخمس و لا منافاة بينها و بين رواية محمد بن على الدالة على وجوب الخمس إذا بلغ دينارا فعلى هذا الكلام فى اعتبار النصاب فى العنبر و عدمه هو الكلام فى اعتباره فى مطلق الغوص و عدمه.

و قول بعدم اعتبار النصاب فى وجوب الخمس فى العنبر مطلقا تمسكا برواية الحلبى المتقدمة ذكرها لأنّ فيها قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن العنبر و غوص اللؤلؤ فقال عليه الخمس الحديث «1» فجعل العنبر فى قبال الغوص و بحياله له فلا يكون العنبر من افراد الغوص فلا يتبع حكمه من حيث النصاب.

و قول بالتفصيل بين ما إذا اخذ بالغوص فحكمه حكم الغوص من حيث اعتبار النصاب فى وجوب الخمس و بين

ما إذا اخذ لا بالغوص فلا يعتبر فى وجوب الخمس فيه النصاب و وجهه شمول اطلاق الغوص له فى الأوّل و عدم شموله للفرض الثانى.

أقول ما يأتى بالنظر هو انّ النسبة بين ما دل على وجوب الخمس فى الغوص أو فيما يخرج من البحر و بين ما دل على وجوبه فى العنبر عموما من وجه لأنّ الأوّل يشمل العنبر و غير العنبر و الثانى يشمل العنبر الخارج بالغوص و الحاصل بغير الغوص و يقع التعارض بينهما فيما حصل العنبر بالغوص لأنّ مقتضى الاوّل وجوب الخمس إذا بلغ النصاب و مقتضى الثانى وجوب الخمس و لو لم يبلغ النصاب و

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 81

حيث انّا امضينا فى مبحث التعادل و الترجيح انّ التعارض بين الخبرين ان كان فيما تكون النسبة بينهما العموم من وجه فان كان شمول احدهما فى مادة الاجتماع اظهر من الآخر يؤخذ بالاظهر منهما نقول بانّ شمول دليل المثبت للخمس فى العنبر فى مادة الاجتماع اظهر من شمول الخبر الدال على اعتبار النصاب فى مطلق الغوص.

و ان ابيت عن ذلك و قلت بعدم اظهرية احدهما على الآخر يقع التعارض بينهما فلا يمكن القول باعتبار النصاب فى العنبر لعدم الدليل عليه و أمّا وجوب الخمس فيه فمسلّم فتكون النتيجة هو القول الثانى و هو عدم اعتبار النصاب فى وجوب الخمس فى العنبر فافهم.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 82

الخامس ممّا يجب فيه الخمس

اشارة

قوله رحمه اللّه

الخامس: المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميز مع الجهل بصاحبه و بمقداره فيحل باخراج خمسه و مصرفه مصرف سائر اقسام

الخمس على الأقوى و امّا إن علم المقدار و لم يعلم المالك تصدق به عنه و الأحوط ان يكون باذن المجتهد الجامع للشرائط و لو انعكس بان علم المالك و جهل المقدار تراضيا بالصلح و نحوه و ان لم يرض المالك بالصلح ففى جواز الاكتفاء بالاقل أو وجوب اعطاء الاكثر وجهان الأحوط الثانى و الاقوى الأوّل إذا كان المال فى يده و ان علم المالك و المقدار وجب دفعة إليه.

(1)

أقول نذكر قبل الورود فى المسألة و الجهات المبحوثة فى كلام المؤلف رحمه اللّه

الروايات المربوطة بالمقام.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 83

الاولى: ما رواها عمّار بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «1».

الثانية: ما رواها الحسن بن زياد عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال ان رجلا اتى امير المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين انّى اصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه فقال له اخرج الخمس من ذلك المال فان اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس و اجتنب ما كان صاحبه يعلم «2».

الثالثة: ما رواها السكونى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال اتى رجل امير المؤمنين عليه السّلام فقال انى كسبت مالا اغمضت فى مطالبه حلالا و حراما و قد اردت التوبة و لا ادرى الحلال منه و الحرام و قد اختلط على فقال امير المؤمنين عليه السّلام تصدق بخمس مالك فان اللّه قد رضى من الاشياء بالخمس و ساير المال لك حلال «3».

الرابعة: ما رواها محمد بن على بن الحسين (مرسلا) قال جاء رجل الى امير

المؤمنين عليه السّلام فقال يا امير المؤمنين اصبت مالا اغمضت فيه أ فلي توبة قال ايتينى خمسه فاتاه بخمسه فقال هو لك انّ الرجل إذا تاب تاب ماله معه «4».

الخامسة: ما رواها عمّار عن ابي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سئل عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل قال لا الّا ان لا يقدر على شي ء يأكل و لا يشرب و لا يقدر على حيلة فان فعل فصار فى يده شي ء فليبعث بخمسه الى اهل البيت «5».

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 10 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب المذكور من الوسائل.

(4) الرواية 3 من الباب المذكور من الوسائل.

(5) الرواية 2 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 84

السادسة: ما رواها الحلبى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام فى الرجل من اصحابنا يكون فى لوائهم و يكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسا و يطيب له «1».

إذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى ان الرواية الاولى لا تدلّ الّا على وجوب الخمس فى الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و اطلاقها فى حد ذاتها مع قطع النظر عن سائر الاخبار يقتضي وجوبه سواء جهل بمقداره أو لا و سواء كان متميّزا أم لا.

كما انّ مفاد الرواية الخامسة لا تدلّ الّا على وجوب الخمس فيما دخل فى عمل السلطان و لا تعرض فيها حتى بابتلائه بالحرام فضلا عن بعض الخصوصيات المتفرعة عليه مثل جهله بصاحبه أو جهله بمقداره أو كان متميزا أم لا و يحتمل كون ايجابه الخمس لنفس دخوله فى هذا العمل

و على كل حال كونه فى مقام البيان من الجهات المتعرضة فى كلام المؤلف رحمه اللّه غير معلوم حتى يؤخذ بإطلاقه ان لم يكن معلوم العدم و على فرض ورودها فى محل الكلام لا يستفاد منها ازيد ممّا يستفاد من روايتى الثانية و الثالثة.

و كذا الرواية السادسة لا ربط لها بالمقام لأنّ ايجاب الخمس فيها يكون من جهة اصابته الغنيمة.

و أمّا الرواية الرابعة فهى مرسلة ارسلها الصدوق رحمه اللّه و هى مع ضعف سندها بارسالها يحتمل قويّا كونها احدى روايتى الثانية و الثالثة رواها مرسلا و ان اختلفت معهما متنا فى الجملة.

فلا يبقى فى البين الّا روايتى الثانية و الثالثة من الروايات الخمسة المذكورة و

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 85

هما تنقلان قضية عن امير المؤمنين عليه السّلام و هل هما روايتان بحيث بيّنها ابو عبد اللّه عليه السّلام مرة و رواها الحسن بن زياد و مرة اخرى فرواها السكونى أو هما رواية واحدة رواها الحسن و السكونى و على فرض كون نقل القصة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام مرتين لكن الظاهر كون القضية الّتي وقعت لامير المؤمنين عليه السّلام من سؤاله الشخص قصة واحدة فاتعاب النفس فى كون الروايتين المرويتين عن ابي عبد اللّه عليه السّلام رواية واحدة أو روايتين لا يفيد فائدة.

إذا عرفت ذلك

يقع الكلام فى مقامات:
المقام الاوّل: ظاهر العنوان فى وجوب الخمس فى الحلال المختلط بالحرام

و فى صيرورة ما بقيه حلالا باخراج الخمس هو صورة عدم تميز الحلال من الحرام مع الجهل بصاحبه و مع الجهل بمقداره.

اما اشتراط عدم تمييز الحلال من الحرام فيستفاد من كل من الرواية الثانية و الثالثة بل يمكن ان يقال بدلالة

الرواية الاولى عليه لأنّ التعبير بقوله عليه السّلام (و الحلال المختلط بالحرام) يدل عليه اذ الاختلاط لا يحصل عرفا الا بعدم تميز احدهما عن الآخر.

و أمّا اعتبار الجهل بالصاحب الواقعى فيدل عليه الرواية الاولى و الثانية و الرواية الثالثة لو فرض له اطلاق يشمل ما كان صاحبه معلوما لا بدّ من تقييدها بالرواية الثانية ان كانتا روايتين لأنّ فى الاولى قال عليه السّلام (إذا لم يعرف صاحبه) و فى الثانية قال عليه السّلام (و اجتنب ما كان صاحبه يعلم) و ان كانتا رواية واحدة فالمتيقن ممّا صدر هو صورة الجهالة بالمالك لا غيرها و هى ما صرّح به فى الرواية الثانية مضافا الى ان صاحب المال ان كان معلوما تفصيلا أو اجمالا فى عدة محصورة بحيث كانت الشبهة محصورة فله حكم آخر يأتى الكلام فيه فى المسألة 30 إنشاء اللّه و لا يقال فيه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 86

بالاكتفاء بالخمس فكيف يمكن ان يقال بان المعصوم عليه السّلام قال بأنّ اللّه تعالى قد رضى من الأشياء بالخمس) بحيث يشمل حتى صورة العلم التفصيلى فالمتيقن هو صورة الجهل بالصاحب و لا ينافى مع العلم الاجمالى بكون مالكه بعض الناس إذا كانت الشبهة غير محصورة.

و أمّا إذا كان الجهل بمقدار الحرام المختلط بالحرام يقع الكلام فى كفاية الخمس و حلية بقية المال و عدمه فقد يقال بعدم شمول الاخبار هذه الصورة بل لا بدّ من ان يتصدق فنذكر بعض الاخبار المدعى دلالتها على ذلك فى مفروض الكلام.

الاولى: ما رواها على بن ابى حمزة قال كان لى صديق من كتاب بنى امية فقال لى استاذن لى على ابي عبد اللّه عليه السّلام فاستأذنت

له عليه فاذن له فلمّا ان دخل سلّم و جلس ثمّ قال جعلت فداك انى كنت فى ديوان هؤلاء القوم فاصبت من دنياهم مالا كثيرا و أغمضت فى مطالبه فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام لو لا ان بنى امية وجدوا لهم من يكتب و يحبى لهم الفي ء و يقاتل عنهم و يشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا و لو تركهم الناس و ما فى ايديهم ما وجدوا شيئا الّا ما وقع فى ايديهم قال فقال الفتى جعلت فداك فهل لى مخرج منه قال إن قلت لك تفعل قال افعل قال له فاخرج من جميع ما كسبت (اكتسبت) فى ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ماله و من لم تعرف تصدقت به و انا اضمن لك على اللّه عزّ و جل الجنّة فاطرق الفتى طويلا ثمّ قال له لقد فعلت جعلت فداك قال ابن ابى حمزة فرجع الفتى معنا الى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض الّا خرج منه حتى ثيابه الّتي كانت على بدنه قال فقسمت له قسمة و اشترينا له ثيابا و بعثنا إليه بنفقة قال فما اتى عليه الّا اشهر قلائل حتى مرض فكنا نعوده قال فدخلت يوما و هو فى السوق قال ففتح عينيه ثمّ قال لى يا على وفى لى و اللّه صاحبك قال ثمّ مات فتولينا أمره فخرجت حتى دخلت على ابي عبد اللّه عليه السّلام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 87

فلمّا نظر إليّ قال لى يا على و فينا و اللّه لصاحبك قال فقلت صدقت جعلت فداك و اللّه هكذا قال و اللّه لى عند موته «1».

وجه الاستدلال امره عليه السّلام باخراج جميع ما

كسب فى ديوانهم من عرف صاحب الاموال ردّ عليه و من لم تعرف تصدق عنه فامر بالصدقة مع جهالة ذى الحق و مورد الرواية ما لا يعلم المقدار و الّا لامره باداء ذلك المقدار لا جميع ما اكتسبه.

الثانية: ما رواها يونس بن عبد الرحمن قال سئل ابو الحسن الرضا عليه السّلام و انا حاضر الى ان قال فقال رفيق كان لنا بمكة فرحل منها الى منزله و رحلنا الى منازلنا فلمّا ان صرنا فى الطريق اصبنا بعض متاعه معنا فأي شي ء نصنع به قال تحملونه حتى تحملوه الى الكوفة قال لسنا نعرفه و لا نعرف بلده و لا نعرف كيف نصنع قال إذا كان كذا فبعه و تصدق بثمنه قال له على من جعلت فداك قال على اهل الولاية «2».

أقول و يمكن القول بعدم تعارض بين الاخبار الواردة فى الحرام المختلط بالحرام بوجوب الخمس و حلية باقى المال و بين هذين الخبرين الواردين فى وجوب التصدق فى المال المجهول صاحبه.

بانّ ظاهر الخبر الأوّل من هذين الخبرين و هو رواية على بن ابى حمزة صورة العلم بالمقدار و لهذا بعد ما امر عليه السّلام برد مال من يعرف صاحبه إليه و التصدق عمّ لا يعرف صاحبه لم يقل السائل و لو لم اعرف المقدار ما اصنع فى مقام الاداء هذا بالنسبة الى الخبر الأوّل من الخبرين.

و أمّا الثانى منهما و هو رواية يونس فهو نص فى علم السائل بمقدار المال لأنّه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 47 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 7 من ابواب اللقطة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 88

يعلم بالمتاع الّذي بقى

عنده فموردهما ليس صورة الجهل بمقدار الحرام فلا تعارض بينهما و بين اخبار الباب لأنّه لو فرض وجود اطلاق لها يشمل صورة العلم بمقدار الحرام لا بدّ من تقييدها بهذين الخبرين فتكون النتيجة وجوب الخمس و حلية بقية المال مع الجهل بصاحب المال و عدم التميز بين الحلال و الحرام مع الجهل بمقدار الحرام و وجوب التصدق بالمال مع الجهل بصاحبه و معلومية المقدار فافهم.

المقام الثاني: الكلام فى مصرف هذا القسم

فهل يكون مصرف خمس الحلال المختلط بالحرام هو مصرف ساير اقسام الخمس فيجب صرفه فى مصرف سائر اقسام الخمس أو لا بل المراد من الخمس هو معناه اللغوى الّذي يعبر عنه بالفارسية (پنج يك) و يكون مصرفه مصرف الصدقة و هو الفقراء.

منشأ كون مصرفه مصرف سائر اقسام الخمس هو التعبير ب (الخمس) فى روايات الواردة فى الباب فيقال ان المراد من الخمس الّذي وجبه الشارع بمقتضى الروايات هو الخمس المصطلح فيكون مصرفه مصرف سائر الاقسام الواجبة فيها الخمس خصوصا الرواية الاولى منها حيث عدّ منها المال الحلال المختلط بالحرام فى عداد المعادن و البحر و الغنيمة الواجب فيها الخمس المصطلح فمقتضى وحده السياق كون المراد من الخمس فى كل من المذكورات واحدا و حيث ان الخمس فى المعدن و اخواته هو الخمس المصطلح فكذلك فى الحلال المختلط بالحرام.

و منشأ كون مصرفه الفقراء و كون المراد من الخمس اعطاء خمس المال بعنوان الصدقة هو الامر فى الرواية الثالثة من الروايات بالمذكورة بالتصدق و حيث قال عليه السّلام (تصدق بخمس مالك) فيستفاد منها كون المراد من الخمس هو معناه اللغوى اى يجب الصدقة عليك باعطاء خمس مالك بالفقراء.

و يمكن الاشكال فى الوجه المتمسّك به لكون المراد من الخمس معناه اللغوى

ذخيرة العقبى

في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 89

بانّه بعد ما قلنا من انّ المحتمل بل المظنون كون الرواية الثانية و الثالثة و الرابعة رواية واحدة فلا نعلم من انّ الصادر عنه عليه السّلام اى منها فمع عدم ذكر الامر بالتصدق فى اثنتين من الروايات الثلاثة فلا نعلم بصدور هذه الجملة (تصدق) عنه عليه السّلام فلا يبقى دليل على كون المراد الخمس بمعناه اللغوى فيصير القول الأوّل و هو كون المراد الخمس المصطلح اقوى الاحتمالين.

اعلم انّ لسيدنا الاعظم آية اللّه البروجردي رحمه اللّه عند بحثه فى الخمس بيانين فى توجيه الاحتمال الثانى اعنى كون المراد من الخمس معناه اللغوى و بعبارة اخرى وجوب التصدق بخمس المال فى الحلال المختلط بالحرام.

امّا حاصل البيان الأوّل هو انّ المرتكز عرفا عدم جواز التصرف فى مال الغير بغير اذنه و لهذا يوجبون على من وقع مال الغير تحت يده عدوانا مثل ما كان غاصبا أو غير عدوان مثل ما وقع تحت يده يوجدانه رد المال الى صاحبه و هذا اصل عقلائى أمضاه الشارع و لهذا قال اللّه تعالى لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ و عنه عليه السلام لا يحل مال امرئ مسلم الّا عن طيب نفسه أو على اليد ما اخذت حتى تؤديه فاذا يجب شرعا على من كان مال الغير تحت يده رده الى مالكه فان عرف مالكه يرده إليه بشخصه و ان عرف المال و لم يعرف مالكه أو لا يظفر به كان المال مجهول المالك و يجب التصدق به عن قبل مالكه فالمرتكز فى ذهن المتشرعة وجوب التصدق بمال الغير عن قبل المالك إذا عرف المال و لا يتمكن من ايصاله إليه و ايقاعه تحت يده لأنّ

يتصرف فيه بما شاء و فى هذه الصورة اعنى صورة عدم التمكن من ايصال المال بشخص المالك فما يصل بمالك هو ثواب التصدق بماله.

فممّا قلنا ظهر لك ان التصدق بمال المجهول مالكه هو امر مرتكز عند المتشرعة فنقول بانّه مع علم الشخص بمقدار المال الغير الّذي وقع تحت يده لا اشكال فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 90

وجوب التصدق به بخصوصه.

و أمّا فى صورة الجهل بمقدار المال أيضا مثل جهله بصاحبه يبقى الاشكال فى المقدار الّذي يجب التصدق به بعد العلم بوجوب اصل التصدق.

فاذا سئل احد بعد هذا الارتكاز بانّه ما هو تكليفه فى المال الحلال المختلط بالحرام الّذي وقع تحت يده يحمل سؤاله عن المقدار الّذي يجب ان يتصدق به بعد الفراغ عن اصل وجوب التصدق فيحمل الجواب فى قوله عليه السّلام اخرج الخمس من ذلك المال فانّ اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس الخ على انّ المقدار الّذي يجب ان يتصدق به من ذلك المال هو خمس المال و ممّا مر يعرف انّ عدم ذكر التصدق فى روايات الباب غير ذكره فى الرواية الثانية كان لأجل كون اصل وجوب التصدق مرتكزا عند السائل و مع هذا ذكره فى الرواية الثانية فالمراد هو الخمس بمعناه اللغوى لا الخمس المصطلح.

أقول أمّا ما افاده من ان لزوم رد المال بصاحبه اصل عقلائى كلام متين كما ان امضاء الشارع لطريقة العقلاء معلوم.

و أمّا وجوب التصدق به إذا لم يعرف صاحبه كى يصل ثوابه به فهو ليس مرتكز العقلاء بما هم عقلاء نعم هو حكم شرعى فى مورده و مرتكز المتشرعة و العقلاء بما هم متشرعة يستفاد من الاخبار المذكورة فى محله

و قدر المتيقن منها هو صورة جهل المالك مع العلم بالمقدار.

و على فرض اطلاق لها يشمل صورة الجهل بالمقدار الّذي هو محل كلامنا لا بدّ من تقييد اطلاقها بروايات الباب كما قدمنا بيانه فى المقام الأوّل فعلى هذا ليس مرتكز المتشرعة التصدق حتى فى صورة الجهل بالمقدار و كان الشك فى المقدار الّذي يجب التصدق به حتى يقال بعد كون مرتكز المتشرعة وجوب التصدق حتى فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 91

صوره الجهل بالمقدار الّذي يجب التصدق به و سئل عن ذلك فجواب الامام عليه السّلام يرجع الى التصدق بخمس المال بل المسلم من المرتكز عند المتشرعة بعد الجمع بين ما يدل على وجوب الصدقة فى مجهول المالك و بين هذه الاخبار الواردة فى الحلال المختلط بالحرام هو وجوب الخمس فى صورة الجهل بالمقدار و الصاحب و عدم التميز.

و أما مصرف الخمس فالروايات ساكتة عنه نعم فى إحدى الروايات و هى الثالثة من الروايات المتقدمة ذكرها الامر بالتصدق بالخمس و قد عرفت انّه لا يمكن التعويل عليها لعدم معلومية كونها غير الرواية الثانية الّتي ليس فيها ذكر من التصدق فعلى هذا يشكل القول بانّ مصرفه مصرف الصدقة لعدم تمامية ما أفاده رحمه اللّه بنظرى القاصر.

و أمّا بيان ثانيه نوّر اللّه مضجعه حاصله أن يقال بأن مرجع التصدق عن قبل المالك الواقعى على من بيده مال الغير هو ردّ المال أولا الى المالك ثمّ التصدق بعده عنه فيقع ثواب هذا التصدق له و جعل هذا الحكم من قبل الشارع كان لأجل أنّه و إن لم يتمكن من بيده مال الغير من إيصال المال الى مالكه لكونه مجهولا لكن لا يجوز بسبب جهله

به عزله عن المالكية فالشارع حفظا لحق المالك امر بالتصدق عن قبله حتى يصل ثوابه به فاذا تصدق المال عن قبل مالكه فان صادف ما تصدق به عين ماله كما و كيفا فهو و إن لم يصادفها فتارة يكون ما تصدق لم يكن بقدر المال المالك المجهول بل اكثر فيقع بينهما معاوضة قهرية و تارة يكون أقل من مال المالك ففى هذه الصورة يحصل أمران المعاوضة القهرية بين المالين اعنى مال المالك و المال الشخص الّذي بيده مال المالك و العفو عن الشخص الّذي بيده المال عن الزيادة لأنّ ما تصدق من ماله كان واقعا أقل من مال المالك المجهول.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 92

و لكن لا مبادلة بين المالكين لعدم احتياج الصدقة الى نقل المال من مالك الى مالك اخر غير المالك المجهول و من وقع ماله تحت يده بل المبادلة بينهما قهرا لأنّه بالتصدق من ماله يملك مال المالك المجهول فاذا كان الخمس المذكور فى الروايات هو الصدقة لا يتوقف حلية بقية المال الى مبادلة المالكين بل المحتاج إليه يكون مبادلة المالين.

و أمّا ان كان المراد من الخمس هو الخمس المصطلح يحتاج الى مبادلة المالكين مضافا الى مبادلة المالين فى جميع الصور لأنّه لو وقع النقل عن المالك دون من بيده المال فيكون تصدّقا كما عرفت من أنّه يعتبران من بيده المال يرده الى مالكه ثمّ يتصدق به عنه و بعد كونه تصدقا لا يجوز صرفه فى بنى هاشم و هذا معنى كون الخمس هو الخمس بالمعنى اللغوى لا الخمس المصطلح.

و أمّا لو وقع النقل بعنوان الخمس المعهود و المصطلح فهو خمس متعلق بالمال الحلال المختلط بالحرام و معناه

تعلق الخمس بمن فى يده الحلال المختلط بالحرام فيجب عليه اخراج خمسه مثل وجوبه بمستخرج المعدن و الكنز و لازم ذلك هو انتقال المال من المالك الأوّل الواقعى الى من بيده المال المختلط حتى يصح خروجه من كيسه بعنوان الخمس و يصح صرفه فى مصرف الخمس المصطلح و يلزم ذلك تبادل المالكين أيضا لأنّه كما عرفت لا بد من انتقال المال من المالك الواقعى الى من بيده المال المختلط ثمّ صرف خمسه بعنوان الخمس.

فتخلص على القول بكون الخمس بعنوان الصدقة يلزم تبادل المالين فقط فى خصوص صورة عدم كون ما تصدق من المال عين مال المالك الواقعى و لا يلزم تبادل المالكين بخلاف القول بكون المراد من الخمس الخمس المصطلح فانّ فى جميع الصور اعنى صورة كون الخمس الّذي يخرجه عن المال المخلوط بالحرام عين مال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 93

المالك و صورة كونه شيئا مباينا لمال المالك مساويا معه قيمة أو اكثر و صورة كونه مباينا لمال المالك و انقص منه مالية تبادل المالكين مضافا الى تبادل المالين.

ثمّ بعد ذلك نقول بانّ غاية ما يستفاد من قوله عليه السّلام فى الرواية الثانية (فانّ اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس) أو فى الثالثة (فانّ اللّه قد رضى من الاشياء بالخمس) هو مبادلة المالين اعنى مبادلة مال المالك الواقعى بمال من بيده المال فى صورة عدم كون ما تصدق عنه عين مال المالك بل مباين له لا مبادلة المالكين فتكون النتيجة كون مصرف الخمس فى المقام هو الفقراء لوجوب التصدق بخمس المال.

و فيه انّ ذلك مجرد الاعتبار و الفرض فى توجيه الحكم الشارع فى مقام الثبوت و مجرد ذلك

لا يكفى لأن يقال بانّ الحكم اثباتا يدور مدار ذلك بحيث يكون موضوع الحكم اثباتا هو الصدقة لا الخمس المصطلح.

فعلى هذا نقول بانّه و ان ذكر فى الرواية الثالثة (تصدق بخمس مالك الخ) لكن بعد ما لا يعلم كون هذه الرواية غير الرواية الثانية كما بيّنا و احتمله سيدنا الاعظم رحمه اللّه و ليس فى الثانية الامر بالتصدق بل الامر بالخمس فقط فلا يحصل الوثوق بصدور رواية دالة على كون مصرف هذا الخمس مصرف الصدقة مضافا الى ما قيل من اطلاق الصدقة على الخمس فى كثير من الاخبار.

فبعد ذلك نقول بانّه و ان كان لا يبعد ان يكون مقتضى وحدة السياق فى الرواية الاولى من الروايات المتقدمة الدالة على وجوب الخمس فى اشياء و منها الحلال المختلط بالحرام و الحال انّ الخمس الواجب فى هذه الاشياء غير الحلال المختلط بالحرام الّذي صار مورد الاشكال من حيث مصرفه هو الخمس المصطلح هو كون الخمس الواجب فى الحلال المختلط بالحرام أيضا هو الخمس المصطلح.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 94

لكن مع ذلك الأحوط اعطاء هذا الخمس بالفقراء من السادة باذن المجتهد بقصد ما فى ذمته واقعا من الخمس أو الصدقة فان بهذا يحصل فراغ الذمة لحفظ جميع ما يحتمل بذلك لأنّه ان كان الواجب عليه الخمس المصطلح واقعا فقد اعطاه لقصده اداء ما فى ذمته و ان كان الواجب عليه الصدقة واقعا فقد ادّاه لأنّه الفقير و ان اعتبر فى الصدقة اذن المجتهد فقد استاذن منه.

إن قلت ان كان المراد من الخمس الصدقة واقعا فلم يؤده باعطائه بالسادات لعدم جواز اعطائهم الصدقة فلا يتحقق الاحتياط بما قلت فى المقام.

قلت ان شمول اطلاق ما دل

على حرمة الصدقة على السادة للمورد غير معلوم لانصرافه عنه.

المقام الثالث: و ان علم المقدار و لم يعلم المالك تصدق عنه

و الأحوط ان يكون باذن المجتهد الجامع للشرائط أمّا وجوب التصدق لما عرفت فى المقام الاوّل من كون ذلك مقتضى الجمع بين الاخبار كما عرفت.

و أمّا اعتبار اذن المجتهد فى الصدقة و عدمه فنقول بعونه تعالى.

منشأ اعتبار اذن الحاكم اقتضاء عموم ولاية الحاكم لمن لا ولى له و رواية داود بن ابى يزيد عن ابى يزيد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال رجل انى قد اصبت مالا و انى قد خفت فيه على نفسى و لو اصبت صاحبه دفعته إليه و تخلّصت منه قال فقال له ابو عبد اللّه عليه السّلام و اللّه ان لو اصبته كنت تدفعه إليه قال اى و اللّه قال فانا و اللّه ماله صاحب غيرى قال فاستحلفه ان يدفعه الى من يأمره قال فحلف فقال فاذهب فاقسمه فى اخوانك و لك الا من ممّا خفت منه قال قسّمته بين اخوانى «1».

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب الصدقة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 95

و مقتضى الجمع بين بعض الاخبار الآمرة بالتصدق فيما نحن فيه مثل ما فى رواية يونس المتقدمة فى المقام الأوّل من المقامات المتعرضة فى المسألة و بين ما فى هذه الرواية من قوله عليه السّلام (و اللّه ماله صاحب غيرى) هو عدم ولاية لغيره على هذا المال و لهذا امر بالتصدق به.

منشأ عدم اعتبار اذن الحاكم هو الامر بالتصدق فى بعض الروايات فى المال المجهول صاحبه المعلوم مقداره بدون اشتراط كون الصدقة باذن الحاكم.

و اجيب عنه بانّ الامر بالتصدق اذن من قبل الإمام الحاكم عليه السّلام فان هذه الروايات

لو لم تدلّ على اعتبار اذن الحاكم لا تدلّ على عدم اعتبار اذنه.

أقول و لكن حيث لا يبعد كون ظاهر هذه الروايات هو الفتوى لا الاجازة فظاهرها وجوب الصدقة بدون اعتبار اذن الحاكم فاذا نقول بانّ الأحوط اذن المجتهد الجامع للشرائط.

المقام الرابع: لو انعكس الامر بانّ علم المالك و جهل المقدار

فان تراضيا بالصلح فهو لصحة الصلح المذكور.

و هل يحلّ المال بمجرد تراضيهما بالصلح و نحوه أو لا بدّ مع ذلك من ان يؤدّى من كان المال بيده الخمس الظاهر عدم الوجوب لعدم شمول الاخبار المتقدمة صورة العلم بالمالك بل التصريح بوجوب الاجتناب عن المال فيما صاحبه يعلم فى بعض اخباره.

و ان لم يرض المالك بالصلح فهل يجوز الاكتفاء بالاقل المتيقن أو يجب اعطاء الاكثر أو يجب تعيين المقدار بالقرعة أو يجب المصالحة مع المالك فإن أبى المالك عن الصلح يعطيه خمسه كما حكى عن التذكرة أو اخراج ما يغلب على ظنه أو يجب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 96

التنصيف فى المقدار الزائد أو يجب الرجوع الى الحاكم فى حسم الدعوى و يعمل بمقتضى حكمه بالاقل أو الاكثر.

وجه الاكتفاء بالاقل مقتضى اليد على المال فانّها أمارة الملكية ما لم يعلم عدمها و المقدار المعلوم عدم ملكيته هو الاقل و أمّا الاكثر فمحكوم بملكيته بمقتضى يده عليه و هذا يتم فيما كان المال تحت يده كما هو مفروض الكلام.

وجه وجوب اعطاء الاكثر اصالة عدم تملكه مقدار المشكوك و لا مجال للتمسك باليد فى المقدار المشكوك لكونها أمارة لغيره لا لنفسه و عدم جريانها مطلقا على فرض أماريتها لنفسه مثل ما لا يكون المال تحت يد.

وجه القرعة هو أنّ القرعة لكل امر مشكل.

وجه المصالحة مع المالك فى المقدار المشكوك لو رضى المالك به

فمعلوم امّا اعطائه ما يغلب على ظنه فلا بد من دعوى اعتبار الظن و أمّا إعطاء خمسه بدعوى انّ قوله عليه السّلام فى بعض الروايات الواردة فى الباب المتقدمة ذكرها (فانّ اللّه قد رضى من الاشياء بالخمس) يدل على ذلك.

وجه تنصيف المقدار المشكوك هو دعوى الغاء الخصوصية فيما ورد فى الودعى و هى ما رواها السكونى عن الصادق عليه السّلام عن ابيه فى رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها قال يعطى صاحب الدينارين دينارا و يقسم الاخر بينهما نصفين «1» فيقال لا خصوصية للوديعة بل تشمل الرواية غير الوديعة أيضا.

وجه الرجوع الى الحاكم هو أنّه المرجع فى صورة النزاع و التخاصم.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب كتاب الصلح من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 97

أقول أمّا القرعة فيشكل فيها بانّه لا بد فى الاخذ بها من جابر مضافا الى أنّه لو كانت اليد حجة فى المورد ينتفى موضوع القرعة.

امّا احتمال الاخير أمّا فيما رضى المالك فهو خارج عن محل الكلام و قد عرفت أنّه لا يبقى اشكال فى جواز التصرف فى المال مع رضاية المالك.

و أمّا الاخذ بما يغلب على ظن من بيده مال الغير المشكوك مقداره فلا وجه له لعدم حجية الظن.

و أمّا الاكتفاء بالخمس فيما لم يحصل التراضي و لا يغلب ظنه الى جانب تمسكا بالرواية ففيه ان مورد الروايات بقرينة النص فى بعضها بان الخمس فيما يكون الجهل بمالك المال هو صورة الجهل بالمالك فلا يشمل ما كان صاحبه يعلم.

و أمّا الارجاع الى الحاكم فلا وجه له اذ ربما لا يكون نزاع بل الشخص يكون فى مقام اداء وظيفته بنفسه مضافا الى

أنّه لا بد من الفقيه من فهم تكليف الحاكم فى مقام المخاصمة.

فتبقى احتمالات ثلاثة الأوّل الاكتفاء بالاقل الثانى الاحتياط باعطاء الاكثر الثالث التنصيف فنقول بعونه تعالى.

اما القول بكفاية اعطاء الاقل فيشكل القول به لأنّ اليد ليست حجة بالنسبة الى نفس الشخص بل هى حجة و أمارة لغيره.

و أمّا القول بالاكثر فهو ان كان موافقا للاحتياط بالنسبة الى من كان مال الغير عنده لأنّه مع اعطاء الاكثر يقطع ببراءة ذمته لكن لا وجه لالزامه به و اصالة عدم تملكه للمشكوك لا يثبت كون المشكوك ملك الغير حتى يجب رده به الا ان يقال بانّه بعد العلم الاجمالى بكون الحرام فى ماله فامّا ان تجرى البراءة بالنسبة الى الزائد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 98

المشكوك فيجب اداء الاقل المعلوم و لا يجب اداء الاكثر المشكوك و ان لم نقل باجراء البراءة فى الدوران بين الاقل و الاكثر لعدم اجراء البراءة فى الاموال و الفروج و الدماء و أنّه لا يحلّ مال الا من حيث ما احلّه اللّه فيجب العلم بالحلية و لا يكفى مجرد الشك فى الحرمة لجواز التصرف فى الاموال فيكون المورد مورد قاعدة الاشتغال.

و أمّا القول بالتنصيف فى المقدار المشكوك فلا يبعد صحته لأنّ ما تطمئن به النفس هو كون الملاك فى الامر بالتنصيف فى الودعى هو اشتباه المال بين الشخصين فكذلك فيما نحن فيه.

و ان ابيت عن ذلك نقول بانّ الأحوط هو اعطاء الاكثر المشكوك.

المقام الخامس: و ان علم المالك و المقدار وجب دفع المال إليه

كما ان المحكى عدم الخلاف فيه و وجهه واضح لأنّ المال ماله فيجب رده إليه و الاخبار الواردة بوجوب الخمس فى المال المختلط بالحرام لا يشمل المورد كما عرفت لأنّ موردها الجهل بالمالك و المقدار

و عدم التميز.

***

[مسئلة 28: لا فرق فى وجوب اخراج الخمس بين بالاشاعة و غيرها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 28: لا فرق فى وجوب اخراج الخمس و حلية المال بعده بين ان يكون الاختلاط بالاشاعة أو بغيرها كما اذا اشتبه الحرام بين افراد من جنسه أو من غير جنسه.

(1)

أقول لشمول نصوص الباب لكل من صورتى الاختلاط كما بيّنا فى مطاوى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 99

كلماتنا.

***

[مسئلة 29: لا فرق فى كفاية اخراج الخمس بين ان يعلم زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 29: لا فرق فى كفاية اخراج الخمس فى حلية البقية فى صورة الجهل بالمقدار و المالك بين ان يعلم اجمالا زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس و بين صورة عدم العلم و لو اجمالا ففى صورة العلم الاجمالى بزيادته عن الخمس أيضا يكفى اخراج الخمس فانّه مطهّر للمال تعبّدا و ان كان الاحوط مع اخراج الخمس المصالحة مع الحاكم الشرعى أيضا بما يرتفع به اليقين بالاشتغال أو اجراء حكم مجهول المالك عليه و كذا فى صورة العلم الاجمالى بكونه انقص من الخمس و احوط من ذلك المصالحة معه بعد اخراج الخمس بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة.

(1)

أقول للمسألة صور:

الصورة الاولى: ما إذا كانت زياده مقدار الحرام على الخمس و نقيصته عن الخمس مشكوكا

بحيث لا يعلم زياده مقدار الحرام على الخمس و لو اجمالا و كذا لا يعلم نقيصة مقدار الحرام عن الخمس و لو اجمالا فلا اشكال فى وجوب الخمس و حليه بقية المال به لشمول الاخبار لهذه الصورة مسلّما.

الصورة الثانية: ما إذا علم اجمالا زياده مقدار الحرام المخلوط بالحلال عن الخمس اجمالا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 100

فهل يجب الخمس فى هذه الصورة و يحلّ به ما بقى من المال او لا.

اختار المؤلف رحمه اللّه وجوب الخمس و حليه بقية المال حتى فى المقدار الزائد المعلوم اجمالا و وجهه ظاهرا شمول اطلاق اخبار الباب له و خصوصا العلة المذكورة فى بعضها (فانّ اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس).

وجه عدم الاكتفاء بالخمس فى حلية بقية المال فى هذه الصورة لزوم القول بحلية ما علم من ضرورة الدين خلافه و هو حرمة التصرف فى مال الغير بغير اذنه و هو المحكى عن الجواهر.

و أمّا التعليل المذكور فى بعض الاخبار (بقوله له انّ اللّه تعالى قد رضى الخ) لكفاية الخمس عن الزائد الواقعى فى المال لو ثبت وجوده لا يكفى للقول بكفاية الخمس فى مفروض الكلام لأنّ المراد كفايته عن الزائد الواقعى الّذي لا يعلم به لا الزائد المعلوم كما حكى عن الشيخ رحمه اللّه مع ما فى التعليل من الاشكال من حيث عدم كون قوله عليه السلام (فانّ اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس) علة.

مضافا الى ان قوله عليه السّلام فى الرواية الثانية (انى اصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه).

و قوله فى الثالثة (و لا ادرى الحلال منه و الحرام) من الروايات الواردة فى الحلال المخلوط بالحرام هو عدم العرفان أو عدم درايته بقول مطلق لا ما يعلم اجمالا زيادته عن الخمس

و لو اجمالا فعلى هذا لا يبعد اخراج الخمس مع الازيد من مقدار الخمس فى المقدار الّذي يعلم زيادته و فى المقدار المشكوك فيما يعلم اجمالا الزيادة و لكن يدور الامر بين الاقل و الاكثر فقد ظهر حكمه فى المقام الرابع و ان كان الفرق بين المقام الرابع و ما نحن فيه من حيث معلومية المالك فى المفروض فى المقام الرابع و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 101

جهالته فيما نحن فيه.

ثمّ أنّه على القول بذلك لا يجوز اعطاء الخمس بالسادة و ان قلنا بجواز اعطائهم فى الخمس المختلط بالحرام لأنّه ليس المورد مورد ادلة الخمس فى مال الحرام المخلوط بالحرام بل يدخل فى عنوان المجهول مالكه فلا بد من صرفه فى الفقراء و الأحوط الاستيذان من الفقيه الجامع للشرائط.

الصورة الثالثة: ما إذا علم اجمالا بنقيصة الحرام المخلوط بالحلال عن مقدار الخمس

فهل يجب الخمس و يكتفى بالخمس فى حلية البقية أو لا يجب الخمس و لا تحتاج حلية البقية الى اداء الخمس بل يكفتى بالمقدار المعلوم الانقص من الخمس.

قد يقال بوجوب الخمس و حلية بقية المال به بدعوى شمول اطلاق النصوص الواردة فى الحلال المخلوط بالحرام المذكورة فى صدر البحث له.

أقول و لكن يمكن الاشكال فى شمول النصوص لهذه الصورة.

أوّلا لما عرفت فى الصورة الثانية من ان ظاهر الخبرين الأوّل و الثانى من الاخبار الواردة فى الباب هو عدم عرفانه المطلق بالحرام فلا يشمل ما إذا كان عارفا به و لو اجمالا.

و ثانيا إنّ لسان الاخبار الواردة فى الباب لسان الامتنان و التخفيف و وجوب اداء الخمس من المال مع علمه اجمالا بكون مقدار الحرام انقص من الخمس يكون خلاف التخفيف فلا يشمله الروايات فيكون بحكم المجهول المالك و قد عرفت الكلام فى

المقدار المشكوك فى المقام الرابع من المقامات المتقدمة حكمه و فى المقدار المعلوم يجب رده و على كل حال ما يجب ردّه الأحوط ردّه الى الفقير باذن الحاكم الشرعى بغير السادة على الأحوط و الأحوط اعطاء الخمس بالنحو الواجب فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 102

الحلال المختلط الحرام.

***

[مسئلة 30: إذا علم قدر المال و لم يعلم صاحبه بعينه]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 30: إذا علم قدر المال و لم يعلم صاحبه بعينه لكن علم فى عدد محصور ففى وجوب التخلص من الجميع و لو بارضائهم باى وجه كان أو وجوب اجراء حكم مجهول المالك عليه أو استخراج المالك بالقرعة أو توزيع ذلك المقدار عليهم بالسوية وجوه اقواها الاخير.

و كذا إذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه فى عدد محصور فانه بعد الاخذ بالاقل كما هو الاقوى أو الاكثر كما هو يجرى فيه الوجوه المذكورة.

(1)

أقول فى المسألة مسئلتان:

المسألة الاولى: ما إذا كان الشخص عالما بقدر المال الّذي عنده من غيره

و لم يعلم صاحبه بعينه لكن يعلم كونه بين عدد محصور مثلا يعلم ان عشرين دينارا من الغير عنده و هو مثلا من زيدا و عمرا و بكر و لم يعلم بانّ من اى منهم بعينه ففيها احتمالات على ما ذكره المؤلف رحمه اللّه.

و انا أقول بان لها صور:

الاولى: انّ جميع العدة المحصورين يدّعون المال ففى هذه الصورة لا بد من اعمال قواعد باب الدعوى و التنازع حيث انّ كلهم مدعى.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 103

الثانية: و لها صورتان الاولى انّ واحدا منهم يدّعى المال مع نفى الباقين كون المال له و هذا أيضا من صغريات باب التنازع.

الثانية انّ واحدا منهم يدّعى المال و لا يكون للباقين ادعاء فيه بل يدّعون عدم علمهم به فيعطى المال بالمدّعى لأنّه مدّعى بلا معارض.

الثالثة: ان العدة المحصورين لا يدّعون المال بل يدّعون عدم العلم فهذه الصورة من الصور الثلاثة ينبغى ان يكون مورد المحتملات الّتي ذكرها المؤلف رحمه اللّه و لعل نظره الشريف فى المسألة يكون الى خصوص هذه الصورة فنقول بعونه تعالى بان فيها احتمالات:

الاحتمال الاوّل: وجوب التخلص من جميع هذه العدة و لو

بارضائهم باى وجه كان لأنّ مقتضى العلم الاجمالى وجوب الاحتياط فى الاطراف لأنّ الاشتغال اليقينى يقتضي البراءة اليقينية فمع الضمان المعلوم (فعلى اليد ما اخذت حتى تؤدى «1»).

و يشكل بان ذلك ضرر منفى بدليل نفى الضرر.

الاحتمال الثاني: وجوب اجراء حكم مجهول المالك عليه لأنّ مقتضى عموم الامر بالصدقة بما لا يعلم صاحبه شموله للمورد.

و فيه ان مورده عدم امكان العلم بإيصال المال الى مالكه كلا و بعضا و هنا يمكن بالاحتياط باعطاء ما يساوى المال بكل من المحصورين على حدة.

الاحتمال الثالث: وجوب دفع المال على الدافع الى احد من المحصورين مع تخيير الدافع فى تعيين ايهم شاء.

اما وجوب الدفع الى احدهم فلحرمة المخالفة القطعية فلو ترك الدفع بكل

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب 1 من كتاب الوديعة مستدرك الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 104

منهم يحصل العلم بالمخالفة للتكليف المعلوم فى البين و أمّا لو دفع الى واحد منهم فقد نجى من المخالفة القطيعة و أمّا تخيير الدافع فى دفعه الى ايهم شاء فلعدم الترجيح فى الاطراف.

و فيه أنّه لا يكفى فى حصول البراءة القطيعة بعد الاشتغال القطعى و مجرد عدم المخالفة القطيعة لا يكفى بل لا بد من الموافقة القطيعة و هى لا تحصل باعطاء المال بواحد منهم.

الاحتمال الرابع: استخراج المالك بالقرعة لأنّ القرعة فى كل امر مشتبه.

و فيه أوّلا كما قيل انّ العمل بالقرعة متوقف على عمل الاصحاب بها فى مورده و هو منتف فى المقام.

و ثانيا يتوقف العمل بها على عدم جريان القواعد الجارية فى حق الجاهل حتى قاعدة الاشتغال و هو منتف هنا.

الاحتمال الخامس: توزيع ذلك المقدار من المال عليهم بالسوية.

امّا لما ورد فى الودعى من الامر بالتنصيف

و قدمنا ذكره فى بعض المقامات المتعرضة فى اصل البحث عن وجوب الخمس فى الحلال المخلوط بالحرام نذكره هنا تيمنا.

روى السكونى عن الصادق عليه السّلام عن ابيه فى رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها قال يعطى صاحب الدينارين دينارا و يقسّم الآخر بينهما نصفين «1» فيعتدى عن مورد الرواية الى المورد بإلغاء الخصوصية بانّ يقال انّ ما هو الملاك فى الحكم بالتنصيف هو جهالة المالك بين الشخصين

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 12 من كتاب الصلح من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 105

المحصورين و فى المورد تكون الجهالة بين الافراد المحصورين فيقسّم المال بينهم بالتساوى.

و أمّا لأنّه بعد اشتغاله يقينا و مع عدم وجوب أداء ذلك المقدار من المال بكل واحد منهم فيدور أمره بين ان يعطى تمام المال بواحد منهم فهو كما يوجب الموافقة الاحتمالية يوجب المخالفة الاحتمالية و عدم القطع بالموافقة و بين تقسيم بينهم بالسوية فيوجب للمخالفة القطيعة لعدم وصول تمام المال بصاحبه لكن يوجب للموافقة القطعية فى البعض الآخر من التكليف لوصول بعض المال بصاحبه و لا ترجيح فى نظر العقل لكيفية الإطاعة بالنحو الاوّل على الاطاعة بالنحو الثانى فله أن يمتثل فى مقام الامتثال به.

الاحتمال السادس: التفصيل بين ما كان من بيده مال الغير محسنا مثل من كان امينا أو اخذ المال عارية أو غيرها فيقال بالتقسيم بالسوية بين المحصورين لأنّ الرواية المذكورة تشمله لعدم خصوصية لمورد الودعى مسلّما.

و بين ما لا يكون محسنا مثل ما إذا كان غاصبا فيقال بوجوب اداء المال بكل من المحصورين بمثل كل المال فان كان عنده دينار غصبا و صار صاحبه بين ثلاثة نفر يجب ان

يعطى بكل منهم دينارا لأنّ الغاصب يؤخذ بأشق الاحوال.

و ان قيل بانّ معنى الاخذ بالاشق يكون فى كيفية الاخذ لا للاخذ منه زائدا على ما غصبه.

فنقول يكفى قاعدة الاشتغال و لا مجال لأنّ يقال بان اداء الزائد ضرر عليه لانّا نقول بانّه اقدم على الضرر بغصبه مال الغير فلا مجال للتمسك بقاعدة الضرر.

و القول بالتقسيم بالسوية تمسكا برواية متقدمة فى الودعى بإلغاء الخصوصية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 106

لا وجه له لأنّ الفرق بين الودعى و بين الغاصب واضح.

و ما يأتى بالنظر عاجلا كون الترجيح مع الاحتمال الاخير و هو الاحتمال السادس.

المسألة الثانية: إذا لم يعلم قدر المال و علم صاحبه فى عدد محصور

فقال المؤلف رحمه اللّه بانّه بعد الاخذ بالاقل كما هو الاقوى أو الاكثر كما هو الأحوط يجرى فيه الوجوه المذكورة (يعنى الوجوه الّتي ذكرها فى المسألة الاولى).

أقول أمّا على ما اخترنا فى المسألة الاولى من المسألتين من التفصيل و هو الاحتمال السادس نقول به فى هذه المسألة أيضا بالتفصيل المذكور فى المقدار الاقل و فى الاكثر الّذي ذكرنا مختارنا فى المقام الرابع من المقامات المتقدمة فان قلنا بوجوب الاقل فيما جهل المقدار مثلا نقول بوجوب اداء الاقل بكل من المحصورين فيما كان يده يدا عدوانيا و التقسيم بالسوية فيما لا تكون يده يدا عدوانيا.

و لو قلنا بوجوب الاكثر فهكذا بالنسبة الى الاكثر يعامل مثل ما يعمل فى الاقل المعلوم و لو قلنا بالتنصيف فى المقدار الزائد المشكوك كما قلنا بعدم بعده فأيضا نقول بالتفصيل الّذي قلنا فى مقام ادائه بالمحصورين فانّه لا بدّ على هذا من تقسيم النصف المشكوك بينهم بالسوية ان كانت يده غير عدوانىّ و اداء تمام النصف بكل واحد منهم ان كانت يده عادية.

***

[مسئلة 31: إذا كان حق الغير فى ذمته لا فى عين ماله]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 31: إذا كان حق الغير فى ذمته لا فى عين ماله فلا محل للخمس و حينئذ فان علم جنسه و مقداره و لم يعلم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 107

صاحبه اصلا أو علم فى عدد غير محصور تصدق به عنه باذن الحاكم أو يدفعه إليه و ان كان فى عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة و الاقوى هنا أيضا الاخير و ان علم جنسه و لم يعلم مقداره بان تردّد بين الاقل و الاكثر اخذ بالاقل المتيقن و دفعه الى مالكه ان كان معلوما بعينه و ان كان معلوما فى عدد محصور فحكمه

كما ذكر و ان كان معلوما فى غير المحصور أو لم يكن علم اجمالى أيضا تصدق به عن المالك باذن الحاكم أو يدفعه إليه و ان لم يعلم جنسه و كان قيميا فحكمه كصورة العلم بالجنس إذ يرجع إلى القيمة و يتردد فيها بين الاقل و الاكثر و ان كان مثليا ففى وجوب الاحتياط و عدمه وجهان.

(1)

أقول فى هذه المسألة مسائل:

المسألة الاولى: إذا كان حق الغير فى ذمة الشخص لا فى عين ماله

و علم جنسه و مقداره ففيه كلام من حيث كونه محل الخمس و عدمه فنقول أنّه ليس مورد الخمس الواجب فى الحلال المخلوط بالحرام لأنّ مورده بمقتضى النصوص الواردة فيه هو المال الخارجى المخلوط حلاله بحرامه لا ما يكون فى ذمة الشخص من الاموال.

و كلام آخر فيه من حيث حكمه فله صور على ما ذكره المؤلف رحمه اللّه.

الصورة الاولى: على ما افاده ما إذا علم جنسه و مقداره و لم يعلم صاحبه اصلا.

أقول و نظره فى هذه الصورة على ما يقتضي ظاهر العنوان و على ما يظهر من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 108

جعل صورة علمه فى عدد محصور و صورة علمه بكونه فى عدد غير محصور هو عدم علمه بصاحبه و لو اجمالا و هذا ينافى مع ما قال رحمه اللّه فى صدر المسألة من قوله (إذا كان حق الغير فى ذمته) لأنّ من يرى كون حق الغير فى ذمته يعلم بصاحبه و هو الغير و لو فى الجملة فليس هذا القسم قسيما لقسمين آخرين.

مضافا الى أنّه لو لم يعلم بحق الغير اصلا حتى بالعلم الاجمالى فلا يجب عليه شي ء لكونه شاكا فى تعلق حق الغير به راسا.

الصورة الثانية: ما إذا علم بحق الغير فى ذمته و يعلم جنسه

و مقداره و كان هذا الغير مشتبها فى عدد غير محصور تصدّق به عنه لكونه مورد الاخبار الواردة بالتصدق فى مجهول المالك و الأحوط كونه باذن الحاكم كما قدمنا سابقا أو يدفع الى الحاكم كى يعطى الفقراء بعنوان الصدقة عن مالكه الواقعى.

الصورة الثالثة: ما إذا علم بحق الغير فى ذمته و علم جنسه و مقداره و هذا الغير مشتبها فى عدد محصور فياتى فيها الوجوه الستة المذكورة فى المسألة 30 السابقة ذكرها و مختارنا الاحتمال السادس كما قدمنا.

المسألة الثانية: إذا كان حق الغير فى ذمة الشخص و علم جنسه

و لم يعلم مقداره بان تردد بين الاقل و الاكثر فحكمه من حيث عدم كونه محل الخمس المتعلق بالحلال المخلوط بالحرام مثل المسألة الاولى و أمّا من حيث حكمه فنقول بعونه تعالى إن شاء اللّه.

فتارة يكون صاحبه معلوما تفصيلا فيجب عليه رد الاقل المتيقن به لا الاكثر.

امّا وجوب الاقل فلعلمه باشتغال ذمته و أمّا عدم وجوب الاكثر فلاجل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 109

اصالة البراءة عن الزائد.

و تارة لا يكون صاحبه معلوما فقد فرض المؤلف رحمه اللّه له صورا ثلاثة.

الصورة الاولى: ما لا يعلم صاحبه و لو اجمالا فكما قلنا فى المسألة الاولى هذه الصورة خلف الفرض لأنّ الفرض علمه بكون حق الغير فى ذمته و يعلم جنسه لكن لا يعلم مقداره فلا يتم كلامه لعلمه على الفرض بحق الغير اجمالا فكيف بفرض عدم علمه بصاحب المال اصلا.

الصورة الثانية: ما إذا كان صاحبه معلوما فى عدد محصور فياتى فيها الوجوه المذكورة الستة الّتي بيّنا لك فى المسألة 30 و ما اخترنا فيها و هو الاحتمال السادس نختاره فى المقام.

الصورة الثالثة: ما إذا كان صاحبه معلوما فى عدد غير محصور تصدق عن المالك و

الأحوط كونه باذن الحاكم أو يرده إليه فيعطى الحاكم بالفقراء بقصد الصدقة عن مالكه الواقعى و هل يجب التصدق بالاكثر المشكوك أو يكفى التصدق بالاقل فالكلام فيه قد مضى فى المسألة 30 من الاحتمالات الستة و لذا الاقوى الاحتمال الاخير منها.

المسألة الثالثة: إذا كان حق الغير فى ذمة الشخص و لم يعلم جنسه

فتارة يقع الكلام فى وجوب الخمس الواجب فى الحلال المختلط بالحرام فيه فلا يجب فيه كما قلنا فى المسألة الاولى و الثانية لأنّ مورد نصوصه المال الخارجى المخلوط حلاله بحرامه و المورد ليس كذلك لفرض كون الحرام فى ذمته.

و تارة يقع الكلام فى حكمه فنقول قد فرض المؤلف رحمه اللّه لها صورتان:

الصورة الاولى: ما إذا كان حق الغير فى ذمته و لم يعلم جنسه و كان قيميا و

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 110

يتردد أمره بين الاقل و الاكثر مثل ما إذا يعلم اجمالا بانّه اتلف امّا فرسه او بقره فيتردد بين الاقل و الاكثر ففى المثال يكون قيمة الفرس مائة دينار و قيمة البقر انقص مثلا خمسون دينارا فلا اشكال فى وجوب اداء قيمة المال لوجوب القيمة فى القيميات بعد تلفها.

انّما الكلام فى أنّه يكتفى فى القيمة بالاقل ففى المثال لا يجب الا اداء خمسين دينارا أو لا يكتفى الا بالاكثر فيجب فى المثال اداء مائة دينار اختار المؤلف رحمه اللّه وجوب اداء الاقل و الظاهر كون منشأه البراءة عن الاكثر.

و قد يقال بالتفصيل بين ما كان منشأ الضمان الاتلاف مثلا فى المثال لا يدرى أنّه اتلف فرس الشخص أو بقرة منه و كانت قيمة احدهما الاقل من الآخر ففى هذه الصورة لا يجب الّا اداء الاقل و بين ما كان سبب الضمان اليد مثلا فى العقود الواردة على

القيميات مثل المقبوض بعقد الفاسد الّذي تلف عنده فلا يدرى ان ما قبضه بالعقد الفاسد الّذي تلف كان هو الفرس أو كان هو البقر ففى هذه الصورة يجب اداء الاكثر لدوران الامر بين المتباينين و الواجب فيه الاحتياط باتيان الاكثر.

لأنّ فى الضمان الحاصل بالاتلاف ما اوجب عليه بمجرد الاتلاف هو القيمة و القيمة امرها دائر بين الاقل و الاكثر فبالنسبة الى الاقل يكون الاشتغال يقينيا و بالنسبة الى الاكثر مشكوكا فتجرى البراءة.

و أمّا فى الضمان الحاصل بسبب العقد فانّ ما وقع على عهدة الشخص و يضمنه أولا هو العين غاية الامر إذا تلفت يجب أداء قيمتها إذا كانت العين قيميا فهو يعلم اجمالا باشتغال ذمته باحد من الامرين المتباينين امّا البقر و امّا الفرس مثلا فان كان التالف بقرا تحصل براءة الذمة اليقينية باداء الاقل و ان كان فرسا لا تحصل براءة الذمة الّا بالاكثر و قد عرفت فى الاصول بان الشك فى المكلف به ان كان دائرا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 111

بين المتباينين يجب الاحتياط و لا مجال للبراءة و هذا كلام تمام فالاقوى فى هذه الصورة التفصيل بنحو ما عرفت.

الصورة الثانية: ما إذا لم يعلم جنسه و كان مثليا قال المؤلف رحمه اللّه ففى وجوب الاحتياط و عدمه وجهان.

أقول وجه وجوب اداء الاقل فقط ليس الا دعوى البراءة عن الاكثر المشكوك.

و وجه وجوب الاكثر و بعبارة اخرى الاحتياط هو أنّه بعد ما كان ما يعلم باشتغال ذمته بالمثلى مثلا يعلم اجمالا باشتغال ذمته بمنّ من ارز و لا يدرى ارز المعروف (بصدرى) أو المعروف (بگرده) فان كان الأوّل فقيمته عشرة توامين و ان كان الثانى فقيمته خمسة توامين

فاشتغل ذمته بواحد منهما الواجب عليه مع تلفه مثله فلا يدرى انّ الواجب عليه اداء منّ من الارز المعروف (بصدرى) أو المعروف (بگرده) فيكون من الدوران بين المتباينين فيجب عليه الاحتياط باداء الاكثر سواء كان سبب الضمان اليد أو كان سببه الاتلاف لأنّ فى صورة الاتلاف ما يتعلق على العهدة هو المثل و المثل حيث يكون مرددا بين الشيئين احدهما اعلى قيمة من الاخر فيكون أمره دائرا بين المتباينين فيجب الاحتياط باداء الاكثر.

***

[مسئلة 32: الامر فى اخراج هذا الخمس الى المالك]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 32: الامر فى اخراج هذا الخمس الى المالك كما فى سائر اقسام الخمس فيجوز له الاخراج و التعيين من غير توقف على اذن الحاكم كما يجوز دفعه من مال آخر و ان كان الحق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 112

فى العين.

(1)

أقول يأتى الكلام فى مطلق الخمس إن شاء اللّه تعالى ففى نصفه يجب ايصاله الى المجتهد الجامع للشرائط فى عصر الغيبة فانه سهم الامام عليه السّلام و فى نصفه الآخر يعطى بالسادات و هل يجب اذن الفقيه أم لا كلام يأتى إن شاء اللّه و على كل حال هذا القسم من الخمس مثل سائر الاقسام من هذه الجهة لعدم فرق بين الادلة من حيث هذه الجهة.

***

[مسئلة 33: لو تبيّن المالك بعد اخراج الخمس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 33: لو تبيّن المالك بعد اخراج الخمس فالاقوى ضمانه كما هو كذلك فى التصدق عن المالك فى مجهول المالك فعليه غرامته له حتى فى النصف الّذي دفعه الى الحاكم بعنوان انّه للامام عليه السّلام.

(2)

أقول أمّا وجه الضمان فيما تبين المالك بعد اخراج الخمس فلان مقتضى اليد و الاتلاف هو الضمان و الامر باخراج الخمس لا يدلّ على رفع الضمان بل يقتضي رفع الإثم بالتصرف.

و يؤيد ذلك ما ورد فى ضمان المتصدق باللقطة لو لم يرض صاحبها باجر الصدقة.

و فيه أنّه لو التزمنا بان ما يدل على وجوب الخمس فى الحلال المختلط بالحرام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 113

لا يقتضي نفى الضمان يكون اللازم الالتزام بالضمان حتى قبل تبين المالك و لم يتوقف على ظهوره و تبينه و هذا خلاف ظاهر النصوص لأنّ نظر السائل كما فى بعض نصوصه الى براءة الذمة لا مجرد جواز التصرف.

مضافا الى

ان ما فى بعض روايات الباب (فان اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس) و خصوصا فى رواية اخرى منها (بناء على كونها غير الرواية السابقة الّتي فيها الجملة المتقدمة و قد بينا الكلام فيه عند البحث عن الروايات) حيث قال فيها (فان اللّه قد رضى من الاشياء بالخمس و ساير المال لك حلال) فانها نص فى انّ ما اداه من الخمس اداء لحق المالك فلهذا يصير المال له حلال بعد اداء الخمس.

إن قلت ان الخمس كاف فى الخروج عن عهدة الحرام فى المال و أمّا حلية البقية مشروطة بعدم ظهور صاحبه.

قلت هذا خلاف اطلاق ما فى الخبرين المذكورين من انّ اللّه تعالى قد رضى بالخمس و بعبارة اخرى ليس الحكم بحلية البقية و رضاء اللّه تعالى بالخمس حكما ظاهريا يرتفع بكشف الخلاف بل هو حكم واقعى ثانوى مخالف مع الحكم الواقعى الاولى و هو وجوب ايصال المال بصاحبه و بعد كونه حكما ثانويا لا يتفاوت الحال بين ظهور صاحبه و عدمه.

هذا بالنسبة الى ما نحن فيه و هو كشف صاحب المال و ظهوره بعد اداء الخمس و لا يبعد عدم ضمانه و ان كان احوط.

و أمّا بالنسبة الى التصدق فلو اعطى ما يجب تصدّقه عن المالك الواقعى ثمّ بعد ذلك ظهر صاحب المال فهل يجب غرامته له و ان تصدّق عنه أم لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 114

اعلم ان الكلام تارة يقع فى اللقطة فيجب غرامتها للمالك و ان تصدق عنه لو لم يرض بها صاحبه لدلالة بعض الروايات عليه مثل ما رواها على بن جعفر عن اخيه عليه السلام قال و سالته عن الرجل يصيب اللقطة فيعرّفها سنة

ثمّ يتصدق بها فياتى صاحبها ما حال الّذي تصدق بها و لن الاجر هل عليه ان يردّ على صاحبها أو قيمتها قال هو ضامن لها و الاجر له الّا ان يرضى صاحبها فيدعها و الاجر له «1».

و تارة يقع الكلام فى مجهول المالك غير اللقطة فنقول بعونه تعالى بعد ما لا اشكال فى وجوب الصدقة فى مجهول المالك بمقتضى النص فلا يبقى وجه لضمان من بيده المال المجهول مالكه لأنّ يده امّا لم تكن يد مضمونة مثل ما كان المال عنده بالوديعة ثمّ جهل مالكه و أمّا تكون مضمونة.

امّا فى الصورة الاولى فلان سبب الزمان ان كانت اليد فهى منتقية فى المقام لأنّ يده ليست يدا عادية.

و ان كان سببه الاستيفاء فأيضا ليس المقام مورده لأنّه على الفرض لم يستوف المال بل تصدّق عنه و ان كان سببه الاتلاف فهو و ان تلفه بالتصدق لكن كان ذلك بامر الشارع لامره بالتصدق مضافا الى أنّه بعد عود ثواب الصدقة الى المالك و كان بامر الشارع فلا يعدّ اتلافا.

و أمّا ان كانت يده على مجهول المالك يدا مضمونة مثل ما اخذ عن مالكه المجهول فعلا عدوانا فيقال بانّ الظاهر من النصوص الآمرة بالتصدق فى مجهول المالك كون ذلك تكليفه من حيث وقوع يده عليه و وجوب ردّه فمعنى الامر بالتصدق كون التصدق ردّ المال و رفع الضمان الحاصل باليد فلا معنى معه

______________________________

(1) الرواية 13 من الباب 2 من كتاب اللقطة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 115

لبقاء الضمان.

اللّهم الّا ان يقال بانّه بعد ورود النص فى اللقطة بالضمان لو تبين صاحبها و لم يرض بالتصدّق فنقول فى الحرام المختلط الحلال و كذا

فى مجهول المالك بالضمان لو تبين مالك المال بعد اداء الخمس أو بعد الصدقة بتنقيح المناط فيما لم يكن يده على المال يدا عادية و بالأولوية القطعية فيما يكون يده يدا عادية.

أقول و لاجل هذا الاحتمال نقول بانّ الأحوط هو الضمان فى مورد الحرام المخلوط بالحرام اذا أدّى خمسه و فى المجهول المالك أنّه لو تصدق عن صاحبه ثمّ تبين صاحب المال و لم يرض بالخمس و لا بالصدقة.

***

[مسئلة 34: لو علم بعد اخراج الخمس انّ الحرام ازيد من الخمس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 34: لو علم بعد اخراج الخمس انّ الحرام ازيد من الخمس أو اقل لا يسترد الزائد على مقدار الحرام فى الصورة الثانية و هل يجب عليه التصدق بما زاد على الخمس فى الصورة الاولى او لا وجهان احوطهما الأوّل و اقواهما الثانى.

(1)

أقول قد بينا فى المسألة 29 انّ النصوص الواردة فى وجوب الخمس فى الحلال المخلوط بالحرام لا تشمل صورة العلم بالزيادة و لو اجمالا بل و لا صورة العلم بالنقيصة و لو اجمالا فبناء عليه نقول بعونه تعالى.

انّ كلا من الفرضين فى المسألة خارج عن موضوع الخمس فى الحلال المخلوط بالحرام لعدم شمول ادلته لما يعلم بزيادة الحرام عن مقدار الخمس و لما يعلم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 116

بنقيصة الحرام عن مقدار الخمس.

و بعد خروج الفرضين عن موضوع النصوص الواردة فى الحلال المختلط بالحرام يجب الأداء بعنوان المجهول المالك فان كان يعلم انّ ما اداه من الخمس انقص من الحرام يجب التصدّق بالمقدار الزائد المعلوم و إن كان يعلم أنّ ما أداه من الخمس أكثر من المبلغ الحرام فالزائد ان كان موجودا عند الفقير يجوز له استرداده و ان اتلفه الفقير فلا ضمان عليه لأنّ المالك فوّته

بنفسه.

***

[مسئلة 35: لو كان الحرام المجهول مالكه معيّنا فخلطه بالحلال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 35: لو كان الحرام المجهول مالكه معيّنا فخلطه بالحلال ليحلله بالتخميس خوفا من احتمال زيادته عن الخمس فهل يجزيه اخراج الخمس أو يبقى على حكم مجهول المالك وجهان و الاقوى الثانى لأنّه كمعلوم المالك حيث ان مالكه الفقراء قبل التخليط.

(1)

أقول إذا كان المال المجهول مالكه معيّنا مثلا يعلم ان الحنطة الموضوعة فى الكيس المعين يكون من شخص مجهول و لم يعلم مقداره (لأنّه لو علم مقداره فيجب التصدق به عن مالكه و لا يجزى الخمس و لو اختلطه بغيره) فاخطلته بغيره خوفا من احتمال زيادته على الخمس مثلا اختلط فى المثال الحنطة فى الكيس بغيرها من الحنطة.

فهنا كلام من حيث كون فعله هذا حراما بالحرمة التكليفية أو لا فنقول.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 117

و لا اشكال فى حرمته لعدم جواز التصرف فيه بل كان الواجب عليه ان يتصدق عن مالكه الواقعى و لم يتعرض المؤلف رحمه اللّه لهذا الحيث.

و كلام آخر تعرّض له المؤلف رحمه اللّه من أنّه بعد اختلاط العين الشخصية المملوكة للغير المجهول هل يجزى اخراج الخمس لحلية بقية المال أو يبقى على حكم مجهول المالك الّذي كان قبل الاختلاط وجهان.

وجه اجزاء الخمس اطلاق النصوص الواردة فى الخمس فى المختلط بالحرام لأنّ هذا المال على الفرض مال حلال اختلط بالحرام لا يتميز حلاله من حرامه و مجهول من حيث المقدار و من حيث المالك.

وجه القول بعدم اجزاء الخمس و بقائه على حكم مجهول المالك انصراف ادلة الخمس فى المخلوط حرامه بحلاله عن المورد لأنّ المنصرف منها هو ما اختلط الحرام بالحلال لدواع آخر او قهرا لا لأنّ يصير بسبب الاختلاط مورد ادلة خمس المخلوط حرامه

بحلاله.

مضافا الى ما ذكر فى المتن من انّ المورد كمعلوم المالك حيث انّ مالكه الفقراء قبل التخليط و ما علم مالكه خارج عن مورد أدلّة الخمس فى الحرام المخلوط بالحلال.

لكن يمكن ان يقال.

امّا الوجه الأوّل ففيه أنّه لا وجه لدعوى الانصراف اذا الاختلاط غالبا يحصل من الشخص عمدا بدواع مختلفة و صيرورته مورد الخمس من الدواعى فلا وجه للانصراف.

و أمّا الوجه الثانى ففيه انّ المال المجهول مالكه لا يكون ملك الفقراء قبل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 118

التخليط بل ملكه الفقير باعطائه به فعلى هذا لا يبعد كون الاقوى الوجه الأوّل و هو اجزاء الخمس و حلية بقية المال به.

***

[مسئلة 36: لو كان الحلال الّذي فى المختلط ممّا تعلق به الخمس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 36: لو كان الحلال الّذي فى المختلط ممّا تعلق به الخمس وجب عليه بعد التخميس للتحليل خمس اخر للمال الحلال الّذي فيه.

(1)

أقول لا وجه للقول بعدم وجوب خمس آخر غير الخمس الواجب للحرام المخلوط بالحلال الّا ما فى بعض روايات الباب من (ان اللّه تعالى قد رضى من ذلك المال بالخمس الخ) فيدّعى أنّه تعالى رضى بالخمس للحرام المخلوط بالحلال بالخمس الواحد له و لما يتعلق به من الخمس بفوائده المكتسبة.

و فيه انّ مناسبة الحكم و الموضوع يقتضي لكون رضاية اللّه تعالى بالخمس لما اصابه من الحرام الواقع فى ماله لا لامر آخر و هو كون ماله المخلوط بالحرام من فوائده المكتسبة الّتي فيها الخمس.

و بعبارة اخرى اطلاق كل من دليلى الخمس فى الحرام المخلوط بالحلال و الخمس فى الفوائد المكتسبة يقتضي وجوب الخمس و لكل منهما خمس على حدة ثمّ أنّه بعد فرض وجوب الخمسين فى مفروض الكلام.

هل يجب على المكلف أولا اداء الخمس للحرام المخلوط بالحرام

ثمّ الخمس فيما بقى من المال للفوائد المكتسبة كما هو ظاهر كلام المؤلف رحمه اللّه مثلا كان ما عنده مقدار خمس توامين و يعلم بحرام فيه جاهل بصاحبه و بمقدار و بجنسه يجب أو لا اداء مقدار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 119

تومان واحد بعنوان خمس الحرام المخلوط بالحلال ثمّ يبقى اربع توامين فيؤدى بعنوان خمس الفائدة ثمان ريالات اعنى تومانا الّا ريالين.

أو يكفى ان يعطى فى المثال أولا ثمان ريالات لأنّ الحلال الّذي فى خمسة توامين لم يكن على الفرض الا أربعة توامين لأنّ كل المال يبلغ خمسة توامين و مقدار تومان منه على الفرض حرام اختلط بالحلال ثمّ بعد اداء ثمانية ريالات للخمس المتعلق بالفائدة يبقى من خمسة توامين أربعة توامين و ريالين و يكون خمسه ثمان ريالات و ثلاثة ارباع من ريال تقريبا.

فعلى النحو الأوّل يصير خمس الحرام المخلوط بالحرام تومانا واحدا.

و على الفرض الثانى يصير انقص منه بريال و ربع ريال تقريبا.

فهل نقول بالاول كما هو ظاهر الترتيب فى كلام المؤلف رحمه اللّه.

او نقول بالثانى كما هو نظر بعض اعاظم العصر فى حاشيته على العروة فى هذا المقام.

ظاهر اخبار الواردة فى الباب هو الأوّل كما يظهر من قوله عليه السّلام (اخرج الخمس من ذلك المال الخ).

***

[مسئلة 37: لو كان الحرام المختلط فى الحلال من الخمس أو الزكاة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 37: لو كان الحرام المختلط فى الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف الخاص أو العام فهو كمعلوم المالك على الاقوى فلا يجزيه اخراج الخمس حينئذ.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 120

(1)

أقول الاقوى كما اختار المؤلف رحمه اللّه يكون المورد من المعلوم مالكه الّذي لا يعرف قدره و قد مضى حكمه فى طى المسألة 30

فلا يجزيه اخراج الخمس.

***

[مسئلة 38: إذا تصرّف فى المال المختلط قبل اخراج الخمس بالاتلاف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 38: إذا تصرّف فى المال المختلط قبل اخراج الخمس بالاتلاف لم يسقط و إن صار الحرام فى ذمته فلا يجرى عليه حكم رد المظالم على الاقوى و حينئذ فان عرف قدر المال المختلط اشتغلت ذمته بمقدار خمسه و إن لم يعرفه ففى وجوب دفع ما يتيقن معه بالبراءة أو جواز الاقتصار على ما يرتفع به يقين الشغل وجهان الأحوط الأوّل و الاقوى الثانى.

(2)

أقول فى المسألة كلام من حيث عدم سقوط الخمس فى الحرام المختلط بالحرام اذا تصرف فيه بالاتلاف و عدم جريان حكم مجهول المالك عليه من وجوب رد المظالم بالصدقة لأنّه بعد وجود موضوعه ترتب عليه حكمه و الاتلاف بعده لا يؤثر فى رفع الحكم فيجب عليه الخمس لاجله.

و كلام آخر من حيث وظيفته بعد الاتلاف.

فان عرف قدر المال المختلط اشتغلت ذمته بمقدار خمسه.

و ان لم يعرف مقداره فالكلام فيه من حيث وجوب الاقل او الاكثر هو الكلام الّذي سبق فى المسألة فراجع.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 121

[مسئلة 39: إذا تصرّف فى المختلط قبل اخراج]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 39: إذا تصرّف فى المختلط قبل اخراج خمسه ضمنه كما إذا باعه مثلا فيجوز لولىّ الخمس الرجوع عليه كما يجوز له الرجوع على من انتقل إليه و يجوز للحاكم ان يمضى معاملته فياخذ مقدار الخمس من العوض إذا باعه بالمساوى قيمة أو بالزيادة و أمّا إذا باعه باقل من قيمته فإمضاؤه خلاف المصلحة نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس.

(1)

أقول إذا تصرّف فى المختلط قبل اخراج خمسه ضمنه.

بناء على عدم جواز التصرف فيه و إن ضمنه فى ذمته و سيأتي الكلام فيه فى المسألة 78.

و لا يجوز له الرجوع على من انتقل إليه لعدم كون أمره بيده.

و

يجوز للحاكم ان يمضى معاملته فياخذ مقدار الخمس من العوض اذا باعه بالمساوى قيمة أو بالزيادة.

و أمّا اذا باعه باقلّ من قيمته فلا يجوز للحاكم امضائه الّا إذا كان فيه المصلحة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 122

السادس ممّا يجب فيه الخمس

اشارة

قوله رحمه اللّه

السادس: الأرض الّتي اشتراها الذمى من المسلم سواء كانت ارض مزرع أو مسكن أو دكّان او خان او غيرها فيجب فيها الخمس و مصرفه مصرف غيره من الاقسام على الاصح و فى وجوبه فى المنتقلة إليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات اشكال فالاحوط اشتراط مقدار الخمس عليه فى عقد المعاوضة و ان كان القول بوجوبه فى مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوة و انّما يتعلق الخمس برقبة الأرض دون البناء و الاشجار و النخيل إذا كانت فيه و يتخيّر الذمى بين دفع الخمس من عينها أو قيمتها و مع عدم دفع قيمتها يتخير ولىّ الخمس بين اخذه و بين اجارته و ليس له قلع الغرس و البناء بل عليه إبقائهما بالاجرة و إن اراد الذمى دفع القيمة و كانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوم مشغولة بها مع الاجرة فيؤخذ منه خمسها و لا نصاب فى هذا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 123

القسم من الخمس و لا يعتبر فيه نية القربة حين الاخذ حتى من الحاكم بل و لا حين الدفع الى السادة.

(1)

أقول فى المسألة مسائل نتكلم فيها إن شاء اللّه و قبل التعرض لها ينبغى ذكر

مدرك وجوب الخمس فيما نحن فيه.

فنقول بعونه تعالى أمّا من حيث النص فيدلّ عليه ما رواه الشيخ رحمه اللّه باسناده عن سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن ابى أيوب ابراهيم بن عثمان عن ابى عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول ايّما ذمى اشترى؟

من مسلم ارضا فانّ عليه الخمس «1» و رواه الصدوق باسناده عن ابى عبيدة الحذاء (بنقل الوسائل) و ليس فى البين رواية

غير هذه الرواية.

الا ما رواها المفيد رحمه اللّه فى المقنعة عن الصادق عليه السّلام قال الذمى اذا اشترى من المسلم الأرض فعليه فيها الخمس «2» و الظاهر كونها ما رواها الشيخ رحمه اللّه و الصدوق رحمه اللّه مسند أو لا تكون رواية مستقلة.

و الكلام فى سند الرواية فهو كما ترى لا اشكال فيه لأنّه لا اقل من كون الرواية موثقة بتوثيق رواتها و هو كاف فى حجيتها لأنّ مقتضى ما قلنا فى خبر الواحد هو حجية خبر الثقة.

مع أنّه ادّعى انّ سندها فى اعلى درجات الصحة كما عن الجواهر فلا وجه لتضعيف سند الرواية.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 9 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 9 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 124

بحسن بن محبوب الواقع فى طريق الرواية مع جلالة قدره و عظم منزلته و مجرد انّ احمد بن محمد بن عيسى لا يروى عنه لا يضر بوثاقته مع انه كما حكاه الكشى تاب عن ذلك و روى عنه «1» فلا اشكال من حيث السند.

كما انّ توهم الاشكال فى وجوب الخمس فى هذا القسم.

اما لاجل ان هذه الرواية تعارض مع بعض الاخبار الّتي انحصر فيها الخمس بخمسة موارد و ليس هذا المورد منها.

ندفعه بانّ غاية الامر تعارض البدوى بينها و بين ما انحصر الخمس بالخمسة المعيّنة غير هذا المورد.

و يمكن الجمع بينهما بتخصص هذه الطائفة بهذه الرواية كما يقال فى نظائره مثل ما ورد فى بعض الاخبار المبينة لمفطرات الصوم من انحصارها بخمسة اشياء فيقيد بما ورد من مفطرات اخر.

و امّا لاجل انّها وردت تقية لكونها موافقة مع

مذهب المنسوب بالمالك و أبى حنيفة و غيرهما من دفع الذمى عن اشتراء الأرض العشرية و أنّه إذا اشتراها ضوعف عليه العشر فيجب عليه الخمس و فيه أوّلا أن مجرد موافقة الرواية مذهب العامة لا يوجب ضعفها من حيث جهة الصدور و الّا فلا بد ان نلتزم بطرح كل الاخبار الواردة فى الاحكام المختلفة الّتي يفتى بها العامة؟

نعم لو كانت رواية معارضة لها و لا يمكن الجمع الدلالى بينهما و تصل النوبة بالترجيح كانت مخالفة العامة من المرجحات كما بينا فى التعادل و الترجيح.

و ثانيا لا يكون مالك بن انس فى زمان أمام الباقر عليه السّلام صاحب فتوى لأنّه

______________________________

(1) هذا حاصل ما أفاده سيدنا الاعظم رحمه اللّه فى المقام بالتفصيل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 125

على ما ضبط كان ارتحاله عليه السّلام الى الجنة الاعلى فى سنة 114 بنقل الارشاد أو مائة و ست عشرة أو مائة و سبع عشرة و مالك على ما ضبط من عمره كان حين موته ابن خمس و ثمانين سنة و قد مات فى سنة تسع و سبعين و مائة فهو عند وفات الباقر صلوات الله و سلامه عليه بناء على كون سنة رحلته مائة و اربع عشر سنة كان ابن ثمانية و عشرين سنة و هو لا يكون فقيه العامة حين رحلة الإمام الباقر عليه السّلام لأنّه عليه السّلام ارتحل بسم الهشام و هو من بنى امية و مالك صار فقيه المدينة من قبل بنى عباس نعم هو فى زمان الصادق عليه السلام صار صاحب الفتوى بقدرتهم فى قبال أهل بيت الوحى فلا يكون فتوى منه بالخمس حتى يقال انّ الرواية صدرت تقية عن الباقر

عليه السّلام.

و أمّا ابو حنيفة و غيره فكان متأخرا عن زمان الباقر عليه السّلام و لا يكون فى زمانه كى يتقى منه.

و امّا لاجل أنّه ليس ذكر عن وجوب الخمس فيما نحن فيه فى كلمات الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم قبل شيخ الطائفة رضوان اللّه تعالى عليه و هو مختلف نظره بحسب ما يرى فى كتبه من حيث وجوب الخمس المصطلح فيه أو من حيث الزكاة و قد بين هنا مطالب سيدنا الاعظم رحمه اللّه فى دفع هذا الاشكال.

و انا أقول لو لم يصل تعرّض للمسألة فى كلام الفقهاء قبل الشيخ رحمه اللّه إلينا أو كان كلام الشيخ رحمه اللّه و فتاويه مختلفة فى كتبه و لكن لا يوجب كل ذلك اشكالا فى الحكم بعد وجود النص المعتبر على الحكم فاذا لا اشكال فى اصل الحكم اعنى وجوب الخمس على الأرض الّتي اشتراها الذمى فى الجملة و ينبغى عطف عنان الكلام الى جهات اخر فنقول بعونه تعالى.

المسألة الاولى: بعد ما لا اشكال فى وجوب الخمس فى الأرض الّتي اشتراها الذمى عن المسلم

فيما لا يكون فيها زرع و لا شجر و لا مسكن من بيت

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 126

و دكان و خان و غيرها.

يقع الكلام فى ان الحكم مختص بهذه الصورة أو يعم ما إذا كانت الأرض ارض مزروع أو مسكن أو غيرهما أو تشمل الأرض ارض البياض و ارض المزروع و لا تشمل غيرهما أو تشمل كلّها و على فرض الشمول يجب الخمس الأرض فقط لا الزراعة و لا المسكن و لا غيرهما الواقعة فى الأرض أو على الأرض أو يجب خمس الأرض و ما فيها من الزرع و البناء و غيرهما فالكلام يقع فى الموردين:

المورد الاوّل: يقع الكلام فى انّ الحكم بوجوب

الخمس فى الأرض الّتي اشتراها الذمى من المسلم هل هو مختص بخصوص الأرض البياض الّتي ليس فيها زرع و لا؟ شجر و لا بناء أو يعم الحكم لمطلق الأرض و إن كان فيها زرع أو بناء.

أقول الاقوى تعميم الحكم لكل ارض من ارض بياض و مزرع و مسكن و غيرها لأنّ قوله عليه السّلام فى الرواية ايّما ذمى اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس) يشمل لكل هذه الموارد لأنّ مفادها انّ الذمى إذا اشترى من المسلم يكون عليه الخمس و تنكير الأرض يقتضي التعميم.

و توهّم انّ الأرض تكون الأرض البياض أو خصوص ارض المزرع فى قبال ارض المسكن أو الدكان أو الخان لأنّ الأرض إذا كانت مشغولة بالبناء لا يقال ان البيع و الشراء وقع على الأرض بل يقال باع الدكان مثلا أو اشترى البيت مثلا.

لا وجه له لأنّ النظر فى المعاملة و إن كان بالبناء أو الزرع أو الشجر فى صورة المعاملة على ارض المزرع و المسكن أو غيرهما و لا يكون النظر الى نفس الأرض فقط.

لكن حيث يكون النظر الى الأرض أيضا و لهذا يزيد تارة فى القيمة باعتبار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 127

زيادة قيمة الأرض و تنقص القيمة تارة باعتبار نقص قيمتها فيصدق عرفا اشترى ارضا لعدم اختصاص الأرض فى الرواية بكونها ارض بياض أو ارض مزروع فتشمل الأرض فى الرواية لكل ارض سواء كانت بياض أو غير بياض من أرض مزرع و مسكن.

نعم ربّما يتفق أن لا يكون النظر الى الأرض رأسا بحيث لا يبذل بإزائها المال فهو خارج عن مورد الكلام لعدم كون الأرض مورد الشراء.

المورد الثاني: بعد شمول الأرض فى الرواية لكل ارض

يقع الكلام فى انّ الخمس الواجب على الذمى فيما اشترى ارضا من مسلم هل يجب بالنسبة الى الأرض فقط حتى فيما كان فيها زرع أو شجرا و بناء أو يجب فى ارضه و زرعه و بنائه.

فعلى الأوّل يقال بانّه كما لو اشترى ارض بياض يجب عليه خمس هذه الأرض.

كذلك إذا اشترى أرضا مع الزرع أو مع البناء يجب عليه خمس خصوص ارضه لا شجرها أو زرعها أو بنائها.

و على الثانى يجب خمس الأرض و ما فيه أو عليه من الزرع أو الشجر أو البناء.

الظاهر هو الأوّل لأنّ ظاهر الرواية هو وجوب الخمس على الأرض الّتي اشتراها الذمى من المسلم و الزرع و الشجر و البناء خارج عن الأرض.

المسألة الثانية: يقع الكلام فى مصرف هذا القسم

من اقسام ما يجب فيه الخمس.

قد يقال بان مصرفة الفقراء من باب كون الخمس فى المقام هو ما قاله بعض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 128

العامة من عدم جواز اشتراء الذمى الأرض من المسلم فان فعل ذلك يجب اخذ الزكاة منه و يحمل على هذا ما ورد فى رواية ابى عبيدة الحذاء المتقدمة ذكرها.

و فيه.

أوّلا ظاهر التعبير فى الرواية المذكورة بقوله عليه السّلام عليه الخمس) هو الخمس المصطلح لا ما يؤخذ بعنوان الزكاة أو الخراج.

و ثانيا ان العامة الذين يقولون بالزكاة فى الأرض الّتي اشتراه الذمى من المسلم هو اخذ العشر أو العشرين من نماء الأرض و الحال انّ ظاهر الرواية هو وجوب الخمس فى نفس الأرض لا فى نمائها فلا ينطبق على قول العامة كى يتوهم تارة انّ الرواية صدرت تقية كما اشير إليها فى أوّل البحث و اخرى انّ المراد من الخمس فيها هو الزكاة فالاقوى انّ المراد من الخمس هو

الخمس المصطلح و مصرفه مصرف ساير اقسام الخمس.

المسألة الثالثة: هل الحكم بوجوب الخمس فى هذا القسم مختص بما إذا انتقل ارض المسلم بالذمى بالشراء

فلا يشمل غير الشراء من المعاوضات مثل الصلح أو يشمل غير الشراء من الانتقالات المعاوضية أو يشمل مطلق الانتقالات حتى الانتقالات المجانية.

و بعبارة اخرى يشمل كل انتقال يكون للذمى دخل فى انتقال الأرض إليه و لو كانت هبة مجانية.

وجه الاختصاص هو الجمود على ظاهر الرواية لأنّ فيها قال عليه السّلام ايّما ذمى اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس) فغير الاشتراء من المعاملات خارج عن مورد الرواية و لا وجه للتعميم بتنقيح المناط و الغاء الخصوصية لاحتمال دخل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 129

خصوصية الاشتراء.

وجه التعميم هو انّ وجوب الخمس فى اشترائه ليس لخصوصية فيه فيعم كلما كان له دخل فى انتقاله الى الذمى من الانتقالات بل تطمئن النفس بان ملاك الخمس هو انتقال ارض المسلم بالذمى فلا فرق بين كون انتقاله بالشراء أو بانتقالات اخر خصوصا فيما كان الانتقال بغير معاوضة مثل الهبة المجانية ممّا يكون القول بالخمس فيه بالاولوية.

أقول و القول بالتعميم بمجرد احتمال كون الحكم من باب دخالة الذمى فى انتقال الأرض إليه مشكل و إن كان المظنون ذلك لكن لا يبلغ بحد العلم أو الاطمينان و بعد عدم القول بوجوب الخمس على الذمى فى غير الشراء هل يصحّ الاشتراط كما قال المؤلف رحمه اللّه فالاحوط اشتراطه عليه الخمس فى ضمن العقد أو لا يصح ذلك وجه عدم الصحة أن شرط أداء الخمس على الّذي شرط مخالف للكتاب و السنه لعدم وجوب الخمس فى هذه الصورة على الذمى.

المسألة الرابعة: هل يتخير الذمى بين دفع الخمس من عين الأرض أو قيمتها أو لا

الحق تخييره لما يأتى إن شاء اللّه من تخيير من عليه الخمس بين دفعه من العين أو القيمة الّا ان يقال بانّ ظاهر النصوص الواردة فى المسألة تعلق الخمس بالعين

فلا يكون للذمى أداء القيمة الّا برضا ولى الخمس.

و مع عدم دفع قيمتها هل يكون لولى الخمس التخيير بين اخذ لها و بين اجارتها أو لا.

أقول بعد فرض كون خمس الأرض متعلق بأرباب الخمس.

فللولى ان يأخذ حقه من رقبة الأرض و ان يأخذ اجرة سهم المولى عليهم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 130

و ان كان الذمى مخيرا بين دفع العين أو القيمة.

لانّه مع عدم اداء سهم ارباب الخمس و لو بالقيمة فلولى الخمس اخذ سهمهم من رقبة الأرض أو ان يأخذ الاجرة.

و ليس لولى الخمس الزام الذمى بدفع قيمة الخمس لأنّ الزامه بذلك خلاف قاعدة سلطنة الذمى على نفسه و ماله.

ثمّ أنّه ليس لولى الخمس قلع الغرس و البناء بل عليه ابقائهما بالاجرة لأنّ قلع الغرس و البناء ضرر على الذمى المشترى.

إن قلت ان مقتضى دليل السلطنة على الأرض جواز القلع.

قلت دليل نفى الضرر حاكم عليه فلا يجوز القلع بل عليه ابقاء الغرس و البناء بالاجرة.

ثمّ ان اراد الذمى القيمة بناء على تخييره بين دفع خمس العين و بين دفع قيمته و كانت الأرض مشغولة بها مع الاجرة فيؤخذ منه خمسها لأنّ قيمة الأرض بهذا الاعتبار اعنى كونها مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء و اعتبار اجرتها متفاوت مع هذه الأرض غير مشغولة باحد هذه الاشياء و على الفرض يجب الخمس على الأرض مشغولة لا فازعة.

المسألة الخامسة: لا نصاب فى هذا القسم من الخمس

بل يجب خمس الأرض بلغت ما بلغت لاطلاق الرواية المتقدمة الّتي كانت دليلا على وجوب الخمس فى الأرض الّتي اشتراها الذمى من المسلم.

المسألة السادسة: هل يعتبر فيه نيته القربة أم لا.

اعلم ان النظر ان كان الى قصد قربة المالك و هو الذمى فلا لانّه ليس صالحا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 131

لأنّ يتقرب به الى اللّه لأنّ اللّه يتقبل من المتقين و لعدم امكان قصد التقرّب منه لانّه باعتقاده الفاسد لا يرى تقرّبا إليه تعالى.

و ان كان النظر الى قصد تقرب الحاكم الآخذ منه نيابة فلا يعتبر له لأنّه ليس نائبا عن المالك فى ذلك بل هو الآخذ و ليس هو نائب عنه فى الاداء فلا يجب عليه قصد التقرب.

لا حين اخذ الخمس عن الذمى لأنّه الآخذ و لا يجب على الاخذ قصد التقرب.

و لا حين دفع هذا الخمس الى السادة.

لأنّه ليس نائبا عنه فى الاداء.

أوّلا بل الواجب عليه اخذ هذا المال و اعطائه بمحله.

و ثانيا على فرض كونه نائبا عنه لا يعتبر على المنوب عنه قصد التقرب لعدم صلوحه لذلك لكونه ذميا فلا تجب على نائبه و عدم امكان قصد التقرب من المنوب عنه لانّه بحسب اعتقاده لا يرى اعطاء الخمس تقرّبا الى اللّه تعالى فلا يجب على نائبه.

***

[مسئلة 40: لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 40: لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت تبعا للآثار ثبت فيها الحكم لانّها للمسلمين فاذا اشتراها الذمى وجب عليه الخمس و إن قلنا بعدم دخول الأرض فى المبيع و ان المبيع هو الآثار و يثبت فى الأرض حق الاختصاص للمشترى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 132

و أمّا اذا قلنا بدخولها فيه فواضح كما أنّه كذلك إذا باعها منه اهل الخمس بعد اخذ خمسها فانّهم مالكون لرقبتها و يجوز لهم بيعها.

(1)

أقول فيما كانت الأرض من المفتوحة عنوة و بيعت بالذمى تبعا للآثار فللمسألة صورتان:

الصورة

الاولى: ما اذا قلنا بدخول الارض فى المبيع تبعا للآثار بناء على انّ ملك الآثار يستتبع ملك رقبتها قد يقال بانّه لا ينبغى الاشكال فى وجوب الخمس لشمول اطلاق النص له حيث أنّه بتبع الآثار كان المسلم مالكا للارض فباعها فالشراء وقع على الارض أيضا و ان لم يملكها الذي لكونها ملكا لخصوص المسلمين نعم لو قلنا بأن مورد النص صورة شراء الارض البياض فقط لاختصاص النص به فلا يجب الخمس.

و لكن قد عرفت فى المسألة الاولى عدم اختصاص النص بخصوص هذه الصورة.

و لكن ربما يشكل فى وجوب الخمس فى هذه الصورة من باب أنّه مع عدم فرض قابلية الأرض المفتوحة عنوة لصيرورته ملكا للذمى فكيف يصح شرائه لأنّ معنى شرائه صيرورته ملكا له فلا يقع الشراء الاعلى الآثار و فيها لا يجب هذا القسم من الخمس.

هذا ما يأتى بنظرى القاصر من الاشكال و لم أر من تعرّض له.

و لهذا فى شراء العمودين و عتقهما بمجرّد بيعهما بولدهما إذا كانا مملوكين نقول بعد ورود الدليل الدليل الخاص فيه بتوجيه ذكر فى محلة.

الصورة الثانية: ما إذا بيعت بالذمى تبعا للآثار و قلنا بعدم دخول الأرض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 133

فى ملك المشترى و إن الّذي يدخل فى ملكه هو الآثار غاية الامر له حق اختصاص بالارض فلا وجه لوجوب الخمس لعدم صدق الشراء حقيقة للارض حتى يشمله النص الوارد فى المسألة.

ثمّ أنّه لو باع الأرض المفتوحة عنوة اهل الخمس بعد اخذ خمسها فلا اشكال فى جواز بيعها لهم لانّهم مالكون لرقبتها لكونهم من المسلمين الذين الأرض تكون ملكهم فبناء عليه لو باعها باحد من المسلمين فلا اشكال فيه و لو باعها

بالذمى فالكلام فيه هو عين الكلام المذكور فى الصورتين المتقدمتين.

***

[مسئلة 41: لا فرق ثبوت الخمس فى الأرض المشتراة بين ان تبقى على ملكية الذمى]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 41: لا فرق ثبوت الخمس فى الأرض المشتراة بين ان تبقى على ملكية الذمى بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء الى مسلم آخر كما لو باعها منه بعد الشراء أو مات أو انتقلت الى وارثه المسلم أو ردها الى البائع بإقالة أو غيرها فلا يسقط الخمس بذلك بل الظاهر ثبوته أيضا لو كان للبائع خيار ففسح بخياره.

(1)

أقول أمّا فى الموارد الثلاثة اعنى ما لو باعها الذمى بعد الشراء أو مات و انتقلت الى ورثته المسلم أو ردها الى البائع بإقالة أو غيرها بناء على كون الإقالة فسخا من حينها لا من أوّل الامر فالظاهر وجوب الخمس لتحقق الشراء الّذي مورد النص الوارد فى المسألة.

و ما قيل من انّ الظاهر من النص هو الشراء المستقر فان كان الامر كذلك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 134

فبمجرد حصول النقل و الانتقال يكون الشراء مستقرا و لا تبقى حالة منتظرة بعده.

و أمّا فى صورة كون البيع بيعا خياريا من ناحية اشتراط خيار الفسخ للبائع ففسخه.

فتارة نقول بكون الفسخ حلّا من حين العقد و بعبارة اخرى يكون الفسخ كاشفا عن عدم وقوع العاملة من راس.

فيمكن ان يقال بعدم وجوب الخمس لعدم شراء واقعا فلا يشمله النص.

و تارة نقول فى الخيار بكون الخيار حلّا من حين الفسخ و بعبارة اخرى نقول فيه بالنقل لا بالكشف و معناه وقوع الشراء.

فلا يبقى فى البين وجه لعدم وجوب الخمس الّا دعوى انصرف الشراء فى النص الى البيع و الشراء اللازم لا المتزلزل.

و فيه أنّه لا وجه للانصراف لأنّ (اشترى) فى قوله عليه السّلام ايّما ذمى اشترى

من مسلم أرضا فان عليه الخمس) مطلق يشمل اللازم و المتزلزل.

***

[مسئلة 42: إذا اشترى الذمى الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 42: إذا اشترى الذمى الأرض من المسلم و شرط عليه عدم الخمس لم يصح و كذا لو اشترط كون الخمس على البائع نعم لو شرط على البائع المسلم ان يعطى مقداره عنه فالظاهر جوازه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 135

(1)

أقول فى المسألة مسائل:

الاولى: ما إذا اشترط الذمى عدم الخمس أو اشترط المسلم على الذمى عدم الخمس فى الأرض الّتي اشترى الذمى عن المسلم لأنّ الشرط مخالف للسنة.

الثانية: ما إذا شرط الذمى كون الخمس على البائع المسلم فأيضا لا يجوز هذا الشرط لكونه خلاف السنة حيث ان المجعول من اللّه بحسب السنة كون الخمس على عهدة الذمى فجعل الخمس على عهدة البائع المسلم خلاف السنة.

الثالثة: ان يشترط الذمى المشترى على البائع المسلم ان يعطى مقدار الخمس عن قبل الذمى فيجوز هذا الشرط لأنّ هذا من قبيل شرط الفعل.

***

[مسئلة 43: إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 43: إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو من مسلم اخر ثمّ اشتراها ثانيا وجب عليه خمسان خمس الاصل للشراء أولا و خمس أربعة اخماس للشراء ثانيا.

(2)

أقول اما وجوب الخمس على الذمى للشراء الأوّل فمعلوم لوجوب الخمس اعنى خمس الارض الّتي اشتراها من المسلم.

و أمّا لو باع الذمى الأرض ببائع المسلم الأوّل أو بغيره ثمّ اشترى الأرض منه ثانيا.

فاما ان يكون مورد الشراء الثانى ما بقى من الأرض بعد الخمس مثل ان ارى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 136

الذمى خمس الشراء الأوّل من الأرض باهل الخمس فلم يبق فى ملكه الا أربعة اخماس البقية فباعها بالغير ثمّ اشترى هذه البقية فلا يجب عليه الا خمس البقية اعنى أربعة اخماس.

و أمّا ان يكون مورد الشراء

فى المرة الثانية تمام الأرض الّتي اشتراها فى المرة الاولى و هو يفرض فيما ادّى الذمى للشراء الأوّل قيمة الخمس أو ادى من عين الأرض الخمس اى خمس الأرض باهله لكن اشترى منهم ثانيا ثمّ باع كل الأرض ببائع الأوّل أو بغيره ثمّ اشترى كل الأرض هذا الذمى مجددا.

يجب عليه فيما ادى خمس الشراء الأوّل بقيمة الأرض لا من عينها بسبب الشراء الثانى خمس جميع الأرض لأنّه شراء مستقل غير الشراء الأوّل.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 10، ص: 136

و يجب فيما ادى خمس الشراء الأوّل من العين ثمّ اشترى من ارباب الخمس حصتهم اى خمس العين خمس هذا الخمس كما يأتى؟ فى المسألة 49 فراجع ثمّ بعد ما باعه بالآخر تمام الأرض و اشترى ثانيا خمس تمام الأرض؟ لأنّ فى هذه الصورة وقع شراءان بعد شراء الأوّل احدهما لشراء خمس الأرض الّتي اعطى بأرباب الخمس ثانيهما لشراء تمام الأرض الّتي باعها ثمّ اشتراها ثانيا غاية الامر فى الأوّل يجب خمس خمس الأرض و فى الثانى يجب خمس تمام الأرض فتأمل كى تعرف ما فى الكلام المؤلف رحمه اللّه من افتائه بوجوب خمس أربعة اخماس للشراء الثانى.

***

[مسئلة 44: إذا اشترى الأرض من المسلم ثمّ اسلم بعد الشراء]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 44: إذا اشترى الأرض من المسلم ثمّ اسلم بعد الشراء لم يسقط عنه الخمس نعم لو كانت المعاملة ممّا يتوقف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 137

الملك فيه على القبض فاسلم بعد العقد و قبل القبض سقط عنه لعدم تماميته ملكه فى حال الكفر.

(1)

أقول لا يعتبر القبض فى حصول الملكية فى بيع الأرض

ففرض المؤلف رحمه اللّه مجرد فرض و بعد الإغماض عن هذا الاشكال.

أقول بناء على ان الاسلام يجب ما قبله مقتضاه عدم الزام الكافر على الفروع كما قالوا فى الزكاة ففى المورد يقال بعدم وجوب الخمس كما يقال فى ساير موارد وجوب الخمس.

نعم لو لم نقل به فى المورد يجب الخمس على الذمى فى الأرض الّتي اشتراها من المسلم قبل اسلامه لشمول النص له هذا فيما تحقق الشراء قبل الاسلام.

و أمّا لو وقع العقد قبل الاسلام فاسلم قبل قبض الأرض فيما يتوقف الملك على القبض يقال بعدم وجوب الخمس لعدم تحقق الشراء لعدم تماميته ملكه و لو نقل باقتضاء (حديث الجبّ) للمورد.

***

[مسئلة 45: لو تملك ذمى من مثله بعقد مشروط بالقبض]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 45: لو تملك ذمى من مثله بعقد مشروط بالقبض فاسلم الناقل قبل القبض ففى ثبوت الخمس وجهان اقواهما الثبوت.

(2)

أقول أمّا شراء الأرض فلا يعتبر فيه القبض كما قلنا فى المسألة السابقة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 138

لكن لو فرض ذلك نقول بان المذكور فى النص الوارد فى المسألة كلمة (اشترى) فظاهره وقوع الشراء و حصول الملكية فما لم يحصل القبض لم تحصل الملكية فلم يقع الشراء الا بعد اسلام البائع فيجب الخمس على المشترى الذمى لحصول الشراء على هذا بين المسلم البائع و الذمى المشترى.

الا ان يقال بكون القبض كاشفا عن وقوع الشراء من الأوّل اى من حين العقد فحصل الشراء على هذا بين الذميين لا بين المسلم و الذمى فلا يجب على الّتي الخمس.

***

[مسئلة 46: الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع على الذمى ان يبيعها بعد الشراء من مسلم]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 46: الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البائع على الذمى ان يبيعها بعد الشراء من مسلم.

(1)

أقول اعلم ان هنا.

كلام فى صحة هذا الشرط و عدمه المذكور فى محله.

و كلام آخر فى ان هذا الشرط يوجب عدم وجوب الخمس على الذمى أو لا فنقول لا وجه للقول بعدم وجوب الخمس الا دعوى انصراف النص عن المورد من باب ان العقد بسبب جعل هذا الشرط يصير جائزا لأنّ البائع له خيار تخلف الشرط و قد امضينا فى طى المسألة 41 ان الاقوى شمول النص للبيع الخيارى.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 139

[مسئلة 47: إذا اشترى المسلم من الذمى أرضا ثمّ فسخ]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 47: إذا اشترى المسلم من الذمى أرضا ثمّ فسخ بإقالة أو بخيار ففى ثبوت الخمس وجه لكن الاوجه خلافه حيث ان الفسخ ليس معاوضة.

(1)

أقول لم ار وجها لثبوت الخمس الا ان يدعى ان مفاد النص بتنقيح المناط هو ان الذمى إذا صار مالك ارض بسبب حاصل بينه و بين المسلم يجب عليه الخمس و هذا مم لا يمكن القول به فالحق عدم وجوب الخمس لأنّ الاقالة و الفسح حل و اعدام للمعاوضة.

***

[مسئلة 48: من بحكم المسلم بحكم المسلم]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 48: من بحكم المسلم بحكم المسلم.

(2)

أقول و من بحكم الذمى لوجود ما هو الدليل فى الطرفين بناء على شمول دليل تنزيل صبيان المسلمين و مجانينهم بحكم المسلمين و كذا صبيان الكفار و مجانينهم بحكم الكفار.

***

[مسئلة 49: إذا بيع خمس الأرض الّتي اشتراها الذمى]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 49: إذا بيع خمس الأرض الّتي اشتراها الذمى عليه وجب عليه خمس ذلك الخمس الّتي اشتراه و هكذا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 140

(1) أقول بناء على القول باعتبار الخمس بنحو الاشاعة أو الكلى فى المعين فيصح لأرباب الخمس بيع سهمهم و يجب عليه خمسه و يشكل بناء على كون اعتباره اعتبار الحق على الملك نعم لو أعطى الذمى بسهم عوضا عن الخمس من الأرض ثمّ اشترى منهم هذه الأرض يجب الخمس على الذمى لشمول النص للمورد.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 141

السابع ممّا يجب فيه الخمس ما يفضل من مئونة سنته

اشارة

قوله رحمه اللّه

السابع: ما يفضل من مئونة سنته و مئونة عياله من ارباح التجارات و من سائر التكسبات من الصناعات و الزراعات و الاجارات حتى الخياطة و الكتابة و التجارة و الصيد و حيازة المباحات و اجرة العبادات الاستيجارية من الحج و الصوم و الصلاة و الزيارات و تعليم الاطفال و غير ذلك من الاعمال الّتي لها اجرة بل الأحوط ثبوته فى مطلق الفائدة و إن لم تحصل بالاكتساب كالهبة و الهدية و الجائزة و المال الموصى به و نحوها بل لا يخلو عن قوة نعم لا خمس فى الميراث الا فى الّذي ملكه من حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه كما إذا كان له رحم بعيد فى بلد آخر لم يكن عالما به فمات و كان هو الوارث له و كذا لا يترك فى حاصل الوقف الخاص بل و كذا فى النذور و الأحوط استحبابا ثبوته فى عوض الخلع و المهر و مطلق الميراث حتى المحتسب منه و نحو ذلك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 142

(1) أقول ينبغى قبل

الورود فى بيان حكم المسألة من ذكر

بعض الاخبار الوارد فى المسألة

كى ينفعنا لفهم حكم المسألة إن شاء اللّه فنقول.

الرواية الاولى: ما رواها على بن مهزيار عن محمد بن الحسن الاشعرى قال كتب بعض اصحابنا الى ابى جعفر الثانى عليه السّلام اخبرنى عن الخمس اعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل و كثير من جميع الضروب و على الصنّاع و كيف ذلك فكتب بخطه الخمس بعد المئونة «1» و فى جوابه عليه السّلام الخمس بعد المئونة احتمالان:

الاحتمال الاول: ان يكون كلامه تفريع وجوب الخمس فى ما سأله، فيستفاد عموم المتعلق بمعنى ان كل المذكورات فى السؤال فيه الخمس بعد المئونة.

الاحتمال الثانى: ان يكون النظر الى خصوص مقدار المتعلق، و هو الخمس بعد المئونة و لا نظر له الى بيان عموم المتعلق، و لكن الاقرب الاحتمال الاوّل، لانّ الظاهر كونه فى مقام بيان جواب السؤال.

الرواية الثانية: ما رواها على بن مهزيار عن على بن محمد بن شجاع النيشابورى انّه سال أبا لحسن الثالث عليه السّلام عن رجل اصاب من ضيعته مائة كرّ من الحنطة ما يزكى فاخذ منه العشر عشرة اكرار و ذهب منه بسبب عمارة الضيعة ثلاثون كرا و بقى فى يده ستون كراما الّذي يجب لك من ذلك و هل يجب لاصحابه من ذلك شي ء فوقع لى منه الخمس ممّا يفضل من مئونته «2».

الرواية الثالثة: ما رواها على بن مهزيار قال قال لى ابو على بن راشد قلت له امرتنى بالقيام بامرك و اخذ حقك فاعملت مواليك بذلك فقال لى بعضهم و اى شي ء حقه فلم ادر ما اجيبه فقال يجب عليهم الخمس فقلت ففى اى شي ء فقال فى امتعتهم

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 8 من ابواب

ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 143

و صنايعهم قلت و التاجر عليه و الصانع بيده فقال إذا امكنهم بعد مئونتهم «1» و الرواية مضمرة.

الرواية الرابعة: ما رواها على بن مهزيار قال كتب إليه ابراهيم بن محمد الهمدانى اقرانى على كتاب ابيك فيما اوجبه على اصحاب الضياع أنّه اوجب عليهم نصف السدس بعد المئونة و انه ليس على من يقم ضيعته بمئونته نصف السدس و لا غير ذلك فاختلف من قبلنا فى ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المئونة مئونة الضيعة و خراجها لا مئونة الرجل و عياله فكتب و قرأه على بن مهزيار عليه الخمس بعد مئونته و مئونة عياله و بعد خراج السلطان «2» قال فى الوسائل وجه ايجاب نصف السدس اباحته الباقى للشيعة لانحصار الحق فيه كما يأتى).

أقول و روى الرواية فى الكافى مسندا هكذا انقله عن الوافى.

سهل عن ابراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت الى ابى الحسن عليه السّلام أقرأنى على بن مهزيار كتاب ابيك عليه السّلام الى آخر الرواية باختلاف يسير فراجع.

الرواية الخامسة: ما رواها سماعة قال سألت أبا لحسن عليه السّلام عن الخمس فقال فى كل ما افاد الناس من قليل أو كثير «3» و كلمة (افاد) و إن كان معناه الاعطاء فى غير المقام لكن الظاهر كونها الاستفادة فى المورد يعنى يستفيده الشخص من قليل أو كثير و ليس المراد ما يحصل من الفائدة للشخص حتى يقال إنّ الهبة مثلا فائدة حصلت للشخص و أن أبيت عن ظهورها فى الاحتمال الاوّل فلا أقل من عدم معلومية ظهورها

فى الاحتمال الثانى و هذا يكفى لعدم إمكان الاستدلال بالرواية لشمولها لغير ما يحصل بالاكتساب.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 144

الرواية السادسة: ما رواها عبد اللّه بن سنان قال قال ابو عبد الله عليه السّلام على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممّا اصاب لفاطمة عليها السّلام و لمن يلى امرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا و حرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخلط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق الا من احللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة أنّه ليس من شي ء عند اللّه يوم القيمة اعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما ابيحوا «1».

الرواية السابعة: ما رواها الريان بن الصلت قال كتبت الى ابى محمد عليه السّلام ما الّذي يجب على يا مولاى فى غلة رحى أرض فى قطيعة لى و فى ثمن سمك و بردى و قصب ابيعه من اجمة هذه القطيعة فكتب يجب عليك فيه الخمس إن شاء اللّه تعالى «2».

الرواية الثامنة: ما رواها حكيم مؤذن بنى عيسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ قال هى و اللّه الافادة يوما بيوم الّا أنّ أبى شيعتنا جعل من ذلك فى حل ليزكوا «3» و هذه الرواية مضافا الى ضعف سندها ظاهرها هو الاستفادات

الحاصلة بالتكسب لانّ الافادة يوما بيوم لا يكون إلا فى التجارات و الزراعات و الصناعات و الاكتسابات فلا تشمل الفائدة الحاصلة بغير الاكتساب.

الرواية التاسعة: ما رواها أبو بصير عن أبى عبد اللّه عليه السّلام قال كتبت إليه فى الرّجل يهدى إليه مولاه و المنقطع إليه هدية تبلغ ألفى درهم أو أقل أو اكثر هل عليه فيها الخمس فكتب عليه السّلام الخمس فى ذلك و عن الرجل يكون فى داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال إنما يبيع منه الشي ء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل ..

(2) الرواية 9 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 8 من الباب 4 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 145

فكتب أمّا ما أكل فلا و أمّا البيع فنعم هو كسائر الضياع «1» و هذه الرواية ضعيفة السند بأحمد بن هلال.

الرواية العاشرة: ما رواها ابن أبى نصر قال كتبت الى أبى جعفر عليه السّلام الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة فكتب بعد المئونة «2» و الظاهر عدم الإشكال فى سندها بل حجة على المبنى المختار فى حجيّة الخبر الواحد.

هذا كله جملة من الاخبار المربوطة بالمقام و بعض روايات اخر نتلوا عليك إن شاء اللّه بمناسبة التعرض لبعض الفروع.

إذا تاملت فى الاحبار نقول بانّه لا اشكال فى وجوب الخمس فيما يفضل من مئونة السنة فى الجملة على ما يستفاد من اخبار الباب بل القرآن الكريم على ما فسّر قوله تعالى و اعلموا انّما غنمتم من شي ء الخ بان الغنيمة

تشمل المورد.

و أمّا بحسب الفتوى فوجوب الخمس فى هذا القسم مشهور عند الاصحاب بل ادعى الاجماع عليه و لم يذكر الخلاف الا عن ابن ابى عقيل و ابن جنيد و لا يقدح خلافهما على ما ذكر فبعد ذلك نرجع إن شاء اللّه الى الجهات المذكورة فى المتن فنقول بعونه تعالى

الكلام فى مسائل:
المسألة الاولى: يجب الخمس فيما يفضل من مئونة سنته و مئونة عياله
اشارة

فالكلام فيها فى المقامين:

المقام الاول: فى وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونة الشخص و مئونة عياله.

المقام الثاني: وجوبه فيما يفضل عن مئونة السنة.

اما الكلام فى المقام الأوّل و هو وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونة الشخص

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 146

و مئونة عياله فنقول.

اما استثناء مئونة نفسه بمعنى وجوبه بعد اخراج مئونته فيدلّ عليه الرواية الثانية و الثالثة و الرابعة و التاسعة و كذا كل ما يدل على كون الخمس بعد المئونة بناء على حمل المئونة على مئونة الشخص.

و أمّا مئونة عياله بمعنى وجوبه فيما يفضل عن مئونة عيال الشخص كما يجب فيما يفضل عن مئونة الشخص فلا تصريح فى الروايات بالخصوص عنها الا فى الرواية الرابعة و التاسعة أمّا الرابعة ليست من المعصوم حتى تصير حجة.

نعم يمكن ان يقال ان على بن مهزيار لم يفت بذلك الا من باب اطلاعه برأى المعصوم عليه السّلام.

أقول و إن كان على بن مهزيار مورد الوثوق و لكن لا يمكن بمجرد افتائه بشي ء ان فتواه قول الإمام عليه السّلام و الا فلا بد ان يقال بذلك فيما افتى به من الفقهاء العظام الّذي فى اعلى درجه الوثاقة بشي ء من الاشياء.

و يبقى فى البين الرواية التاسعة من الروايات المتقدمة للتصريح فيها بأن ما أكله العيال لا خمس فيه و هى كافية لنا فى استثناء المئونة المصروفة فى عياله.

ثمّ بعد ذلك فقول بعونه تعالى بانّ المذكور فى عدة من الروايات المذكورة استثناء المئونة و هو يكفى لثبوت الحكم فى مئونة العيال لأنّ مئونة العيال مئونة الشخص فان من يجب على الشخص نفقته

كالعيال و الاولاد و غيرهما فما يصرف الشخص فى مصارفهم يعدّ من مئونته فمجرد استثناء مئونة الشخص كاف لاستثناء مئونة العيال.

و أمّا الكلام فى المقام الثانى و هو كون المستثنى مئونة الشخص و عياله عن الخمس

المتعلق بما يفضل عن مئونة السنة فنقول ان المراد من المئونة مؤنة السنة فيجب الخمس فيما يفضل عن مئونة سنة نفس الشخص و عياله.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 147

امّا أو لا فلانّ ما ورد فى الخمس فى الضيعة اعتبر فيه مئونة السنة كما ينادى الرواية الثانية: من الروايات المتقدمة بناء على كون المرجع فى ضمير قوله عليه السّلام الخمس ممّا يفضل من مئونته) كان صاحب الضيعة أعنى ما يفضل عن مئونة صاحب الضيعة يجب فيه الخمس كما هو ظاهر الرواية.

لا ان يكون مرجع الضمير فى قوله عليه السّلام (مئونته) مئونة الضيعة لانّه على هذا الاحتمال لا ربط للرواية باستثناء مئونة الشخص و مصارفه الشخصية بل يكون النظر الى المخارج الّتي صرفها فى الضيعة.

وجه كون الظاهر بل الصريح هو احتمال الأوّل و هو كون مرجع ضمير (مئونته) هو صاحب الضيعة ان مورد سؤال السائل ما حصل للشخص من الضيعة بعد المصارف المتحمّلة فى عمارة الضيعة فلا معنى بعد اخراج مخارج الضيعة و بقاء مقدار زائد عن مخارجها له من ضيعته من ان يكتب الإمام عليه السّلام الخمس ممّا يفضل من مئونته) فلا اشكال فى كون المراد مئونة صاحب الضيعة.

فاذا نقول بانّه بعد ما تحصل الفوائد المكتسبة من الضياع فى طول السنة مرة فما استثناه من المئونة فى الرواية قهرا هو مئونة سنة صاحب الضيعة و بعد كون الملحوظ فى هذه الرواية من المئونة مئونة سنة الشخص فهكذا نقول فى ساير الاكتسابات و الاستفادات لعدم خصوصية للضيعة فى هذا الحيث يقينا.

و أمّا

ثانيا فلما رواها الشيخ رحمه اللّه باسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد و عبد الله بن محمد جميعا عن على بن مهزيار قال كتب إليه ابو جعفر عليه السّلام و قرأت انا كتابه إليه فى طريق مكة قال ان الّذي اوجبت فى سنتى هذه و هذه سنة عشرين و مائتين فقط لمعنى عن المعانى اكره تفسير المعنى كله خوفا من الانتشار و سافسّر لك بعضه ان شاء اللّه انّ موالى اسال اللّه صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعملت ذلك فأحببت ان اطهّرهم و ازكيهم بما فعلت من امر الخمس فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 148

عامى هذا قال اللّه تعالى خُذْ مِنْ أَمْوٰالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهٰا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلٰاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللّٰهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبٰادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ وَ أَنَّ اللّٰهَ هُوَ التَّوّٰابُ الرَّحِيمُ و قل اعملوا فسيرى اللّه عملكم و رسوله و المؤمنون و ستردون الى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون و لم اوجب عليهم ذلك فى كل عام و لا اوجب عليهم الا الزكاة الّتي فرضها اللّه عليهم و انّما اوجبت عليهم الخمس فى سنتى هذه فى الذهب و الفضّة الّتي قد حال عليهما الحول و لم أوجب ذلك عليهم فى متاع و لا آنية و لا دوابّ و لا خدم و لا ربح ربحه فى تجارة و لا ضيعة الا فى ضيعة سافسر لك امرها تخفيفا منى عن موالى و منا منى عليهم لما يغتال السلطان من اموالهم و لما ينوبهم فى ذاتهم فاما الغنائم

و الفوائد فهى واجبة عليهم فى كل عام قال اللّه تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّٰهِ وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا يَوْمَ الْفُرْقٰانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعٰانِ وَ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ و الغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهى الغنيمة يغنمها المرء و الفائدة يفيدها و الجائزة من الانسان لإنسان الّتي لها خطر و الميراث الّذي لا يحتسب من غير اب و لا ابن و مثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله و مثل مال يأخذ و لا يعرف له صاحب و ما صار الى موالى من اموال الخرمية الفسقة فقد علمت ان اموالا عظاما صارت الى قوم من موالى فمن كان عنده شي ء من ذلك فليوصله الى وكيلى و من كان نائيا بعيد الشقة فليتعمد لايصاله و لو بعد حين فان نية المؤمن خير من عمله فامّا الّذي أوجب من الضياع و الغلات فى كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمئونته و من كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف سدس و لا غير ذلك «1».

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 149

قال فى الوسائل (أقول تقدم الوجه فى ايجاب نصف السدس و به تزول باقى الاشكالات فى هذا الحديث) و ذكر الوجه فى ذيل الحديث 4 و هو أقول وجه ايجابه نصف السدس إباحة الباقى للشيعة لانحصار الحق به كما يأتى.

و يستفاد كون المراد مئونة السنة من موضعين من الرواية.

و أمّا ثالثا لو ابيت عن دلالة

الوجهين الاولين على كون المراد مئونة السنة يقال بان المراد مئونة السنة بدعوى الاطلاق المقامى فانه بعد ما نرى من تعرض بعض الاخبار لكون الخمس بعد المئونة و فرض عدم دلالة دليل على ان المراد مئونة اليوم أو السنة فالاطلاق المقامى يقتضي حمل المئونة على مئونة السنة لأنّ إرادة غير السنة محتاجة الى القرينة بخلاف إرادة السنة فاذا قيل يخرج مئونة الشخص او لا يقدر على مئونته أو عنده مئونته بلا ذكر قرينة على مراده من المئونة يحمل على مئونة السنة لأنّه بعد كون الاختلاف فى المئونة بحسب الأزمان و الاوقات من حيث الحر و البرد و غير ذلك يعتبر العرف مئونة السنة و لهذا يحمل عليها عند الاطلاق و هذا هو المراد من الاطلاق المقامى.

أقول و إن كان هذا قريب بالنظر لكن بحيث تطمئن الشخص به محل اشكال و لا حاجة إليه بعد ما قلنا من قولنا أولا و ثانيا.

المسألة الثانية: لا ينبغى الاشكال فى وجوب هذا القسم من الخمس فى ارباح التجارات

و ساير التكسبات من الصناعات و الزراعات و الاجارات حتى الخياطة و الكتابة و التجارة و الصيد و حيازة المباحات و اجرة العبادات الاستيجارية من الحج و الصوم و الصلاة و الزيارات و تعليم الاطفال و غير ذلك من الاعمال الّتي لها اجرة لشمول الاخبار المذكورة لبعضها بالخصوص لكونه مذكورا فى بعض الروايات و كذا بالإطلاق.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 150

و لبعضها بالإطلاق و بإلغاء الخصوصية عن بعض ما ذكر فى الاخبار لعدم خصوصية للمذكورات.

و لأنّ كل هذه المذكورات يعد اكتسابا و يعدّ استفادة.

المسألة الثالثة: قال المؤلف رحمه اللّه بل الأحوط تبوته فى مطلق الفائدة

و إن لم تحصل بالاكتساب كالهبة و الهدية و الجائزة و المال الموصى به و نحوها بل لا يخلو عن قوة فى غير الارث.

أقول ما وقع فى الروايات فى هذا القسم ممّا يجب فيه الخمس هو وجوب الخمس فى الاكتسابات و التجارات و الافادة و الاستفادة و فى الضياع و الزراعات و فى الصناعات.

فنقول انّ طريق وصول المال الى الشخص على ما يرى خارجا.

امّا يحصل بإزاء بذل عين أو منفعة للشخص كالبيع و الاجارة و غيرهما و هذا يعد الاكتساب عرفا.

و قد يحصل بايجاد هيئة فى عين من الاعيان تكون مرغوبة عند الناس فيبذل بإزائها المال بالشخص و هو عبارة عن الصناعات.

و قد يحصل بإزاء ازدياد و توليد و هو عبارة عن الزراعة.

و قد يحصل المال للشخص لا بإزاء شي ء من الانحاء المذكورة بل يحصل له مجانا و بلا عوض و من هذا النسخ العطايا و انواع الصدقات مع فرض توقفها على قبول الشخص.

و قد يحصل للشخص مجانا و لا يتوقف حتى على قبوله كالمواريث.

و لا اشكال فى كون الاكتسابات و التجارات و الصناعات و الزراعات داخل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 151

فى هذا القسم فى وجوب الخمس فيه لأنّ الخمس واجب بتصريح الروايات فى هذه الاشياء.

و أمّا مطلق الفائدة و إن لم تحصل بالاكتساب كالهبة و الهدية و الجائزة و المال الموصى به و نحوها فيقع الكلام فى وجوب الخمس فيها.

فتقول تارة يقع الكلام فى خصوص الهبة.

و تارة يقع الكلام فى مطلق الفائدة فنقول.

اما الكلام فى وجوب الخمس فى الهبة فاختلف القول فى وجوب الخمس فيها و عدمه عند فقهائنا رضوان الله تعالى عليهم فهم بين قائل بوجوب الخمس فيها و بين القائل بعدمه و لاجل اختلاف الفتوى و لما ورد فى بعض الروايات المستدلة بها بوجوب الخمس فيها نختص الهبة بالبحث.

ما يمكن ان يكون وجها لوجوب الخمس فيها.

امّا بعض الاخبار المطلقة.

و امّا بعض الاخبار الواردة فى خصوص الهبة.

الاول: كونها فائدة و قد دلت بعض الاخبار المتقدمة على وجوب الخمس فى الفائدة.

إن قلت انّ المذكور فى بعض اخبار الباب (جميع ما يستفيد) أو (افاد الناس من قليل أو كثير) أو (و اللّه الإفادة يوما بيوم).

و المستفاد منه هو الفائدة الحاصلة بطلبها لا الفائدة الحاصلة قهرا لا بالطلب كالهبة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 152

قلت ان قوله عليه السلام «فى كل ما افاد الناس من قليل أو كثير» بعد سؤال السائل عن الخمس يدل على ان كلما افاد يجب فيه الخمس) سواء حصل ما افاده بالطلب أو من غير الطلب.

و خصوصا لما فى رواية على بن مهزيار المذكورة فى المسألة الاولى فانّ فيها قال عليه السّلام (فالغنائم و الفوائد يرحمك اللّه فهى الغنيمة.

و الفائدة تشمل كلما حصلت بالطلب أو بغير الطلب و رواية أحمد بن

محمّد بن عيسى بن يزيد قال كتبت جعلت لك الفداء تعلّمنى ما الفائدة و ما حدّها رأيك أبقاك اللّه أن تمنّ عليّ ببيان ذلك لا أكون مقيما على حرام لا صلاة لى و لا صوم فكتب الفائدة ممّا يفيد أليك فى تجارة من ربحها و حرث بعد الغرام أ جايزة «1» أقول هذه الرواية ضعيفة السند لكونها مضمرة و لما قال سيدنا الأعظم رحمه اللّه من أن أحمد بن محمد بن عيسى لم يرو عن يزيد غير هذه الرواية و لأنّ يزيد لم يتميز بشي ء من خواصه أقول و الإنصاف أن بعض الروايات ضعيفة السند مثل رواية يزيد و بعضها يشكل دلالتها على وجوب الخمس فى مطلق الفائدة و لو لم تحصل بالطلب و الاكتساب فلا يكفى الوجه الأوّل للقول بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة و لا فى خصوص الهبة.

الثاني: ما يقال بوجوب الخمس فى الهبة بالاولوية لأنّه إذا وجب الخمس فيما حصل بالطلب بكسب او زراعة أو صناعة و بعبارة اخرى يبذل مال أو صرف وقت فيجب فيما حصلت الفائدة بدون الطلب بالاولوية.

أقول لا وجه لدعوى الاولوية و الّا لا بد ان يقال فى مطلق الميراث و لو لم

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 153

يكن من حيث لا يحتسب و الحال أنّه لا يقولون بوجوب الخمس فيه.

الثالث: بعض الاخبار الواردة فى خصوص الهبة.

منها ما رواها ابو بصير المتقدمة ذكرها فى صدر المبحث فى طى الروايات و هى الرواية التاسعة روى ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كتبت إليه فى الرجل يهدى إليه مولاه و

المنقطع إليه هدية تبلغ الفى درهم أو اقل أو اكثر هل عليه فيها الخمس فكتب عليه السّلام الخمس فى ذلك الخ «1».

أقول قد بينا لك سابقا فى طى ذكر الاخبار المربوطة بالخمس فى ارباح المكاسب بان الرواية ضعيفة السند باحمد بن هلال.

و استشكل سيدنا الاعظم آية الله العظمى البروجردي قدس سره على الرواية بانّها تدلّ على حصر الخمس فى الهدية لقوله عليه السّلام (الخمس فى ذلك) و لم يعمل بذلك احد فتوهن الرواية.

أقول و لكن لا ظهور لهذه الجملة فى الحصر بل ظاهرها اخباره عليه السّلام بوجوب الخمس فيها فى جواب السائل عن وجوب الخمس فيها و عدمه.

الثانية: ما رواها على بن الحسين بن عبد ربه قال سرح الرضا عليه السّلام بصلة الى ابى فكتب إليه أبى هل عليّ فيما سرحت الى خمس فكتب إليه لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس «2».

وجه الاستدلال اما مفهوم قوله عليه السّلام (لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس) و هو وجوب الخمس فيما سرح من غير صاحب الخمس الى شخص.

و فيه أنّه لم نقل بحجية غير مفهوم الشرط و بعض الاقسام الآخر من المفاهيم

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 11 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 154

كما مضى فى الاصول و ليس هذا ممّا له المفهوم.

و امّا ان ما يمكن ان يكون وجها واقعا لعدم الخمس فى الصلة امران.

امّا كونها صلة.

و امّا كونها من صاحب الخمس فالتعليل لعدم الخمس بكونه من صاحب الخمس يشهد بعدم كونها صلة موجبا لعدم الخمس و الّا

كان المناسب التعليل به لأنّ التعليل بالامر الذاتى و هو كونها صلة انسب من التعليل بالامر العرضى و هو كونها ممّا سرح به صاحب الخمس.

و ما قاله سيدنا الاعظم رحمه اللّه من أنّه بعد وجود كل من العلتين يصح التعليل بكل منهما.

ليس بتمام لأنّ التعليل بالامر العرضى مع وجود التعليل بالامر الذاتى خلاف الظاهر فنكشف من التعليل بالامر العرضى و هو تسريح الصلة من صاحب الخمس عدم كون الامر الذاتى و هو كونها صلة موجبا لعدم وجوب الخمس فيها فتدل الرواية على وجوب الخمس فى الهبة.

فتلخص أنّه لا مجال للاشكال فى دلالة الخبرين على وجوب الخمس فى الهبة لظهورهما فيه لكن اشكل فى رواية على بن الحسين عبد ربه بأن سهل بن زياد يروى عن محمد بن عيس و هو يروى عن على بن الحسين عبد ربه بتضعيف سهل بن زياد و عدم توثيق منه الّا عن الشيخ رحمه اللّه فى موضع من رجاله و هو ضعفه فى الفهرست و الاستبصار و محمد بن عيسى مشترك بين من يوثق و من لا يوثق و على بن الحسين لم ينص الاصحاب على توثيقه و انّما روى الكشى كونه وكيلا قبل على بن راشد و لعل هذا لا يكفى فى توثيق الرجل فهى ضعيفة السند مثل الرواية الاولى و هى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 155

رواية أبى بصير مضافا.

الى ما قيل بضعف الروايتين لاعراض الاصحاب عنهما لعدم قول من المشهور بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة و منها الهبة فيوهن الخبرين بذلك و لا يكون لهما مقتضى الحجية.

و يمكن الجواب عن دعوى الاعراض بانّ مجرد عدم العمل بالرواية لا يعد اعراضا لامكان اشكال فى

نظر المشهور فى دلالتهما.

الرابع ان يقال بانّه لو ابيت عن دلالة بعض الاخبار الدالة على وجوب الخمس فى الفائدة على وجوب الخمس فى الفائدة الغير الحاصلة بالطلب و الاكتساب مثل الهبة و اخواتها.

نقول بانّ الاكتساب يصدق فى الهبة أيضا لأنّه بعد كون حصولها فى الخارج محتاجا الى الواهب و الموهوب و الموهوب له فيحتاج فى تحققها الى قبول الموهوب له فبقبول الموهوب له الهبة يصدق أنّه اكتسب و طلب الفائدة و استفادها فيكفى دليلا على وجوب الخمس فى الهبة ما دل على وجوب الخمس فى مطلق الاكتسابات و الاستفادات و الانصاف انّ إثبات كون هذا من الاكتسابات و طلب الفائدة من الروايات مشكل بل الظاهر عدمه.

ثمّ بعد اللتيا و الّتي نقول لو سلّمنا ان ما استفدنا من ظاهر بعض النصوص و بعض الوجوه الاخر و إن كان هو وجوب الخمس فى الهبة.

لكن حيث إن الوجوه الاربعة غير الثالث منها غير تمام و وجه الثالث و هو الروايتان قد عرفت ضعف سندهما مضافا الى انّ المحكى عن المشهور وجوبه فى خصوص الاكتسابات و التجارات و الصناعات أو الضياع مع انحصار كلمات

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 156

بعضهم فى بعضها و عدم قولهم فى مطلق الفائدة و عدّ هذا إعراضا عن الروايتين و ان استشكلنا فى ذلك نقول بانّ الأحوط استحبابا الخمس فى الهبة و مثل الهبة فى الحكم الجائزة من حيث دلالة الادلة غير الدليل الثالث المصرح فيها الهبة إلّا ان يقال بانّ الجائزة من اقسام الهبة و قد صرّح فى رواية يزيد المتقدمة بوجوب الخمس فيها لكن الرواية كما قلنا ضعيفة السند و كذا رواية على بن مهزيار صرّح بوجوب الخمس

فى الجائزة لكن قيدها بكونها خطيرة فلو قلنا بتمامية الادلة الاربعة المذكورة المستدلة بها لوجوب الخمس تكفى دليلا على وجوبه فى الجائزة مطلقا خطيرة كانت أولا لظهور الجميع كونها فى الحقيقة من أفراد الهبة و أما لو لم نقل بذلك فلا يبعد وجوب الخمس فى الجائزة الخطيرة لدلالة رواية على بن مهزيار عليه بل فى الهبة إذا كانت خطيرة و لو لم تكن أعطاها بعنوان الجائزة للعلم بعدم خصوصية للجائزة فتلخص أنّه لا يبعد وجوبه فى الهبة فى حدّ ذاتها لكن التفصيل بين الجائزة الخطيرة و غيرها حتى يسرى منها الى الهبة فهو ممّا لم يقل به الاصحاب و لم يحك القول بوجوب الخمس فى مطلق الهبة و الجائزة عن المشهور الخدشة فى الأدلة المذكورة نقول بان الأحوط وجوبا الخمس فى الجائزة الخطيرة لرواية على بن مهزيار و فى الهبة الخطيرة بناء على إلحاقها بالجايزة لأنّها قسم من الهبة و من باب العلم بعدم خصوصية للجائزة و أمّا فى غيره هذه الصورة فنقول.

أمّا الكلام فى وجوب الخمس فى مطلق الفائدة غير الهبة و الجائزة و عدمه فنقول بعونه تعالى.

يمكن ان يستدل على وجوبه فيه بالوجه الاوّل و الثانى و الرابع.

و كذا الثالث بناء على ان نقول بان الروايتين و إن كانتا فى خصوص الهبة لكن نعلم بعدم خصوصية فيها فبالغاء الخصوصية نحكم بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 157

و المختار هو الخمس فيه احتياطا استحبابيا بعين ما قلنا فى الهبة هذا كلّه فى مطلق الفائدة غير الارث و أمّا الارث فياتى الكلام فيه ان شاء اللّه فى المسألة الرابعة.

المسألة الرابعة: هل يجب الخمس فى الميراث مطلقا أو لا يجب مطلقا

أو التفصيل بين ما ملكه من حيث يحتسب

فلا يجب فيه الخمس و بين ما ملكه من حيث لا يحسب فيجب فيه الخمس كما إذا كان له رحم بعيد فى بلد آخر و لم يكن عالما به فمات فيرثه.

وجه وجوب الخمس فيه مطلقا كونه فائدة أو بما دلّ على وجوبه فى الهبة بتنقيح المناط فهو كالهبة.

وجه عدم الوجوب الخمس فيه مطلقا عدم كونه مثل الهبة لعدم اعتبار القبول فيه فلا يصدق عليه التكسب او الاستفادة.

و عدم مجال لتنقيح المناط لعدم كشف المناط القطعى.

وجه التفصيل بين ما لا يحتسب من الارث و بين غيره فيجب الخمس فى الاوّل و لا يجب فى الثانى دلالة رواية على بن مهزيار المتقدمة ذكرها فى المسألة الاولى ففيها قال عليه السّلام (و الميراث الّذي لا يحتسب من غير اب و لا ابن الخ.

اقول اعلم انّ غاية ما يدل عليه رواية على بن مهزيار هو وجوب الخمس فى الميراث الّذي لا يحتسب و لا مفهوم لها حتى تكون الرواية دليلا على التفصيل المذكور.

فاذا يدور وجوب الخمس فى مطلق الميراث و عدمه مدار وجوب الخمس فى مطلق الفائدة و عدمه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 158

فنقول ان استفادة وجوب الخمس فى مطلق الفائدة على ما عرفت فى المسألة الثالثة من الاخبار المطلقة مشكل.

و كذا دعوى الألوية لعدم كون عدم الاكتساب اولى بالخمس ممّا حصل بالاكتساب.

و كذا من بعض الاخبار الواردة فى الهبة لأنّ العمل فى موردها و هو الهبة مشكل من باب ضعف سند الروايتين المتمسكة بهما و عدم تمامية ساير الادلة المتمسكة بها على وجوب الخمس و من باب مخالفة المشهور و لو قلنا فى الهبة فالتعدى منها بغيرها من باب دعوى الغاء الخصوصية مشكل خصوصا

فى مثل الميراث الّذي ليس مثل الهبة من حيث اعتبار القبول فى الهبة بخلاف الميراث فيمكن دخل هذه فى وجوب الخمس فى الهبة- كما أنّه على فرض تمامية الوجه الرابع.

من الوجوه المستدلة بها على وجوب الخمس فى الهبة و هو انّ الهبة باعتبار دخل قبول الموهوب له فى تحققه يصح ان يقال ان الموهوب له بقبوله طلب الفائدة فيشملها الاخبار لا يأتى فى الميراث.

وجه عدم تاتى هذا الوجه فى الميراث هو عدم دخل قبول الوارث فى صيرورة الارث ملكا للوارث فلا يصدق عليه الاكتساب و الاستفادة فلهذا لا يجب الخمس فى الميراث الّذي يحتسب و نعم قاله العلامة الهمدانى فى كتاب خمسه من أنّه بعد عدم ظهور الروايات و لا فتوى المشهور بين الفقهاء قدس اللّه اسرارهم فى وجوب الخمس فى الإرث نقول بانّه مع كون الإرث ممّا تعم به البلوى اذا لاكثر لو لم نقل كل الناس يرثون من مواريثهم فان كان فيه الخمس ينبغى أن يجد مورد السؤال و الجواب عن المعصومين عليهم السّلام و من عدم ذكره فى مورد من الاخبار فنكشف عدم وجوب الخمس فى المحتسب من الارث و أمّا فى الميراث الّذي

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 159

لا يحتسب فقد عرفت أنّه لا دليل على وجوب الخمس فيه الّا رواية على بن مهزيار المتقدمة ذكرها فكما قال المؤلف رحمه اللّه لا مانع من القول بعدم ترك الاحتياط بالخمس فيه.

المسألة الخامسة: و هل يجب الخمس فى حاصل وقف الخاص و كذا فى النذور و فى عوض الخلع و المهر أم لا.
اما الكلام فى حاصل وقف الخاص.

و يتصور له قسمان:

القسم الاول: ان يكون ملك الوقف بمجرد جعل الواقف بلا حاجة الى قبول الموقوف عليه مثل ما اوقف الشخص ملكا على ان يكون نمائه لأولاده فيكون حاصل الوقف فائدة للموقوف عليهم بلا قبول فيكون

مثل الميراث.

القسم الثاني: ان يكون ملك الوقف للموقوف عليه لا بمجرد جعل الواقف كما لو اوقفه على ان يعطى المتولى مثلا نمائه به فيصير حاصل الوقف ملكا للموقوف عليه بعد قبوله فيكون مثل الهبة من حيث احتياج ملكيته بالقبول فغاية ما يقال ان الاحوط استحبابا الخمس فيه.

إن قلت ان كان حاصل الوقف خطيرا يكون مثل الجائزة الخطيرة لعدم خصوصية للجائزة فبعد دلالة رواية على بن مهزيار على وجوب الخمس فى الجائزة الخطيرة نقول به فى حاصل الوقف الخطير.

قلت انّ مع ما عرفت من الاشكال فى الجائزة الخطيرة لعدم القول بالتفصيل بينها و غيرها و ما قلنا فيها من جهة النص لا يمكن التعدّى الى حاصل ألوف إذا كان خطيرا فغاية ما يمكن ان نقول بانّ الأحوط استحبابا الخمس فى هذه الصورة من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 160

الوقف الخاص بل و كذا فى الصورة الاولى مثل الإرث.

فبعد ذلك نقول لا فرق بين القسمين إذا قلنا بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة حتى فيما لا يحتاج حصولها الى القبول.

أو قلنا بوجوب الخمس فى الفائدة الحاصلة بلا صرف مال و لا بذل نفس و لا صرف وقت بالاولوية بدعوى أنّه بعد وجوبه فيما يحتاج حصول الفائدة الى بذل المال أو الوقت أو غيرهما كالتجارات و الصناعات و غيرهما ففى ما لا يحتاج الى هذه الامور يجب الخمس بالاولوية.

أو قلنا بإلغاء الخصوصية فيما دل على وجوب الخمس فى الهبة فيشمل دليل وجوبه فى الهبة للمورد.

و لكن قد عرفت فى المسألة السابقة الاشكال فيها فلا يبقى بعد ذلك دليل على وجوب الخمس فى القسم الاوّل.

نعم يمكن ان يكون الوجه الرابع من الوجوه المذكورة لوجوب الخمس فى

الهبة وجها لوجوبه فى خصوص القسم الثانى و هو ما اوقف الشخص ملكا على ان يعطى نمائه باولاده مثلا فيقال كما قلنا فى بيان هذا الوجه بان قبول الموقوف عليه يكون طلبا للفائدة فيصدق عليه الاستفادة و قد دل بعض الاخبار المتقدمة على وجوب الخمس فيما يستفيد الشخص.

و أمّا الكلام فى النذور

و وجوب الخمس فيه و عدمه فهو يتصور على نحوين:

النحو الاوّل: ان يكون من قبيل نذر النتيجة مثل ان ينذر بان يكون المال الفلا فى للفلانى فهو مثل الميراث فيكون من حيث الدليل على وجوب الخمس فيه مثل القسم الأوّل من الوقف الخاص فالكلام الكلام.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 161

نعم هنا اشكال آخر من حيث صحة نذر النتيجة و للبحث عنه محل آخر.

النحو الثاني: ان يكون نذر الفعل بان ينذر بان يعطى الفلانى مالا فهو متوقف على قبوله و يكون مثل القسم الثانى من اصل الوقف الخاص دليلا و حكما فالكلام الكلام.

و أمّا الكلام فى عوض الخلع و المهر و وجوب الخمس فيه و عدمه.

فالمؤلف رحمه اللّه مع قوله بان وجوب الخمس فى مطلق الفائدة لا يخلو عن قوة و انه لا يترك الاحتياط بوجوب الخمس فى حاصل الوقف الخاص بل و كذا فى النذور لم قال فى عوض الخلع و المهر بأنّ الأحوط استحبابا الخمس فيهما.

وجه الايراد أنّه ان كان الواجب فى مطلق الفائدة فالمهر و عوض الخلع يكون فائدة فلم قال فيهما بان الأحوط استحبابا الخمس.

إن قلت انّ المهر عوض البضع قلت فهو لا يكفى لدفع الاشكال و لا يقبل ان يكون وجها لعدم وجوب الخمس فى المهر لأنّ مجرد ذلك لا يكفى لعدم وجوب الخمس فيه و الّا فكان اللازم عدم وجوب الخمس فى الاجرة لانّها عوض العمل.

فالعمدة فى عدم وجوب الخمس فيهما عدم دليل واضح على وجوب الخمس فى مطلق الفائدة.

***

[مسئلة 50: إذا علم ان مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب اخراجه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 50: إذا علم ان مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب اخراجه سواء كانت العين الّتي تعلق بها الخمس موجودة فيها او كان الموجود عوضها بل لو علم باشتغال ذمته بالخمس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 162

وجب اخراجه من تركته مثل سائر الديون.

(1)

أقول أمّا وجه وجوب اخراج الخمس الّذي لم يؤده المورث لعدم سقوط وجوب الخمس بموت الشخص لأنّه لو شككنا فيه يستصحب وجوبه فعلى هذا لا فرق بين بقاء عين ما تعلق به الخمس و عدمه و كذا بينهما و بين علم الوارث باشتغال ذمة المورث بالخمس.

***

[مسئلة 51: لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 51: لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة أو الصدقة المندوبة و إن زاد عن مئونة السنة نعم لو نمت فى ملكه ففى نمائها يجب كسائر النماءات.

(2)

أقول إن قلنا بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة لا بد من القول بوجوب الخمس فى الامور المذكورة.

و ان لم نقل بذلك كما عرفت الاشكال فيه.

فان قلنا بانّ كلما يحتاج ملكيته الى القبول نظير الهبة يكون تكسبا و استفادة فقد دلّ الدليل على وجوب الخمس فى مطلق الاستفادة.

فتارة يقال بانّ ما ملكه بالخمس أو الزكاة ملك للسادة و الفقراء بلا حاجة الى قبولهم مثل الميراث فأيضا لا يجب الخمس لعدم صدق التكسب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 163

و الاستفادة عليه.

و تارة يقال بان ما ملكه بالخمس او الزكاة ليس ملكا للسادة أو الفقراء.

امّا لاجل انّ كونه ملكا لهما مبنى على تعلق الخمس أو الزكاة بالعين من قبيل الاشاعة و أمّا بناء على كونهما من قبيل تعلق الحق بالعين فلا يفرض ملكية لارباب الخمس و الزكاة على ما تعلق به

الخمس بل يملكان ما يؤدى بهما بقبولهما.

و امّا بانّه و إن التزمنا بملكيتهما لهما و لكن صاحب الخمس و الفقير يملكان الخمس و الزكاة بالقبض فيكون مثل الهبة و الهدية فبعد احتياجهما بقبضهما فيكون مثل الفوائد الحاصلة بالاختيار و الطلب فيصدق عليهما الاستفادة.

لكن العمدة ما اشرنا إليه سابقا من انّ صدق التكسب و الاستفادة بمجرد قبول الشخص و عدم حصول الملكية الّا بقبوله مشكل.

و أمّا الصدقة المندوبة فلا اشكال فى احتياج ملكيتها الى القبول فان قلنا بان مجرد توقفها على القبول يصدق على قبولها أنّه استفاد و إن ما اخذه استفادة يجب فيه الخمس و الّا فلا و قد عرفت الاشكال فى صدق الاستفادة بمجرد ذلك.

و قد يستدل على عدم وجوب الخمس فى ما ملك بالخمس برواية على بن الحسين بن عبد ربه المتقدمة ذكرها فى طى المسألة الثالثة من المسائل المتعرضة فى اصل المسألة و هى هذه روى سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن على بن الحسين بن عبد ربه قال سرح الرضا عليه السّلام بصلة الى ابى فكتب إليه ابى هل على فيما سرحت الى خمس فكتب إليه لا خمس عليك فيما سرّح به صاحب الخمس «1».

وجه الاستدلال دعوى دلالتها على انّ ما سرّح به صاحب الخمس لا خمس

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 11 من ابواب ما يجب فيه من الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 164

فيه فما يصل الى السادة أو الى غيرهم من نصف الخمس الّذي للامام عليه السّلام يصل من صاحب الخمس اعنى ممن أمره بيده.

و قد اورد على الاستدلال بالرواية بانّ الرواية تدلّ على انّ ما سرّح صاحب الخمس على الغير

لا يجب فيه الخمس مثل مورد الرواية الّذي سرّح الرضا عليه السّلام صلة الى الغير و لو لم يكن ما سرّح إليه خمسا فلا ربط لها بما نحن فيه و هو وجوب الخمس فيما اخذ مستحق الخمس و صاحبه من الناس.

و لكن يمكن دفع هذا الامر بالنسبة الى النصف الّذي للامام عليه السّلام من الخمس بان الرواية تدلّ على ان ما سرّح صاحب الخمس و من أمره إليه و هو الرضا عليه السّلام لا يجب فيه الخمس و عمومه يشمل كلما سرّح منه الى الغير كان ما سرّح الخمس أو غير الخمس فمن يأخذ فى حال الغيبة سهم الإمام عليه السّلام من الّذي أمره إليه و هو المجتهد فقد اخذ من صاحب الخمس و مقتضى الرواية عدم وجوب الخمس فيما وصل إليه من قبل ولى امر الخمس و هو المجتهد فى حال الغيبة أ.

نعم يشكل بالنسبة الى سهم السادات الذين هم صاحب الخمس و من يؤدى سهمهم يؤدى الى نفس صاحب الخمس.

الّا ان يقال بانّه بناء على كون سهم السادة ملكا للامام عليه السّلام و يدفع إليهم المجتهد من قبله عليه السّلام و نيابة عنه فهو مثل سهم الإمام عليه السّلام.

و لكن لو دفع هذا الاشكال لا يمكن التمسك بهذه الرواية للاشكال فيها بضعف السند كما اشرنا إليه عند الاستدلال بها على وجوب الخمس فى الهبة.

و قد يقال فى وجه عدم وجوب الخمس فى الزكاة تنزيه ارباب الخمس عن اخذ الزكاة و لو بعنوان الخمس لكون الزكاة من اوساخ الناس و قد نزاهم اللّه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 165

سبحانه عنها.

و كذلك يقال فى الصدقة المندوبة بناء على عدم جواز اعطائها

بالسادة.

و فيه أنّه لو كان ذلك يلزم ان لا يجوز اعطاء ما اخذ الفقير من الزكاة بالسادة بعنوان الاحسان و الهدية و هذا مما لا دليل على الالتزام به.

فالمناط فى وجوب الخمس فى الامور المذكورة و عدمها ما قلنا.

و أمّا النماء الحاصل منها فى ملكه فحكمه حكم سائر النماءات و يجب فيها الخمس بالتفصيل الّذي يأتى إن شاء اللّه فى المسألة 53.

***

[مسئلة 52: إذا اشترى شيئا ثمّ علم ان البائع لم يؤد خمسه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 52: إذا اشترى شيئا ثمّ علم ان البائع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة الى مقدار الخمس فضوليا فان أمضاه الحاكم رجع عليه بالثمن و يرجع هو على البائع إذا اداه و إن لم يمض فله ان يأخذ مقدار الخمس من المبيع و كذا إذا انتقل إليه بغير البيع من المعاوضات و إن انتقل إليه بلا عوض يبقى مقدار خمسه على ملك اهله.

(1)

أقول البحث فى هذه المسألة بعد الفراغ عن القول بتعلق الخمس بالعين سواء كان بنحو الاشاعة أو الكلى فى المعين أو على نحو حق الرهانة أو حق الجناية فان البيع و غيره من أسباب النقل كالصلح و الهبة يتوقف على كون الملك طلقا غير متعلق لحق غيره و الّا فيكون المعاملة الواقعة عليه فضولية يتوقف صحتها على امضاء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 166

الحاكم الّذي هو ولىّ الخمس و يأتى الكلام فى ذلك فى المسألة 75.

و بعد فرض عدم كون البائع ممن لا يعتقد وجوب الخمس كالكافر و نحوه فان كان منهم فانهم عليهم السّلام اباحوا لشيعتهم فلا يتصور هذه المسألة فيما اشترى من الكافر و نحوه كما يأتى إنشاء اللّه فى طى المسألة 19 من المسائل الراجحة الى قسمته الخمس و مستحقه.

إذا عرفت

ذلك نقول بعونه تعالى بانّه إذا اشترى شيئا ثمّ علم انّ البائع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة الى مقدار الخمس فضوليا.

فتارة يمضيه الحاكم.

فان كان الثمن كليا يرجع الحاكم على المشترى و المشترى يرجع الى البائع ان ادّى الثمن به.

و ان كان الثمن شخصيا فيرجع الى من عنده الثمن سواء كان البائع أو المشترى أو غيرهما و من التفصيل الّذي قلنا يظهر لك ما فى كلام المؤلف رحمه اللّه من حكمه مطلقا بالرجوع الى المشترى فى اخذ الثمن و إن اداه الى البائع يرجع المشترى الى البائع.

و تارة لم يمضه الحاكم فله ان يأخذ مقدار الخمس من المبيع.

لكون مقدار الخمس باقيا على ملك ارباب الخمس بناء على القول بان نحوة تعلق الخمس بالعين على نحو الاشاعة أو الكلى فى العين.

أو متعلقا لحق ارباب الخمس بناء على كون نحو تعلق الخمس بالعين نحو حق الرهانة و نظائره هذا كله فيما انتقل ما تعلق به الخمس الى الشخص بالبيع.

و مثل انتقاله إليه بالبيع انتقاله إليه بغير البيع من المعاوضات.

و ان انتقل إليه بلا عوض يبقى مقدار خمسه على ملك اهله لأنّ هذا المقدار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 167

ملكهم أو متعلق حقهم بالنحو الّذي يتعلق حق الرهانة و نظائره بالعين.

***

[مسئلة 53: إذا كان عنده من الاعيان الّتي لم يتعلق بها الخمس]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 53: إذا كان عنده من الاعيان الّتي لم يتعلق بها الخمس أو تعلّق بها لكنه اداه فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس فى ذلك النماء و أمّا لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة لعدم صدق التكسب و لا صدق حصول الفائدة نعم لو باعها لم يبعد وجوب خمس تلك الزيادة

من الثمن هذا إذا لم تكن تلك العين من مال التجارة و راس مالها كما إذا كان المقصود من شرائها او ابقائها فى ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو اجرتها أو نحو ذلك من منافعها و أمّا إذا كان المقصود الاتجار بها فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا امكن بيعها و اخذ قيمتها.

(1)

أقول فى المسألة مسائل:

المسألة الاولى: إذا كان عنده من الاعيان الّتي لم يتعلق بها الخمس

أو تعلق بها لكنه اداه فنمت و زادت زيادة متصلة أو منفصلة فهل يجب الخمس فى ذلك النماء مطلقا أو لا يجب مطلقا أو وجوبه فى المنفصلة و عدم وجوبه فى المتصلة.

أقول فيما لم تكن تلك الاعيان من مال التجارة كما هو المفروض فى هذه الصورة لجعل المؤلف رحمه اللّه هذه الصورة مقابل الصورة الّتي كانت العين من مال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 168

التجارة فالقول بوجوب الخمس فى نمائها متصلة كانت أو منفصلة مبنى على القول بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة و إن لم تكن حاصلة بالطلب و الاكتساب ..

و أمّا لو لم نقل بوجوبه فى مطلق الفائدة كما قوّيناه فلا يجب الخمس فى مفروض هذه المسألة.

المسألة الثانية: إذا كان عنده بعض الاعيان الّذي تعلق به الخمس

فاداه أو لم يتعلق به الخمس و زادت و ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية فلا يجب عليه خمس ذلك الارتفاع.

امّا بناء على القول بعدم وجوب الخمس فى مطلق الفائدة فلا يجب الخمس حتّى بناء على صدق الفائدة عليه.

و أمّا بناء على وجوبه فى مطلق الفائدة فلا يجب الخمس فيه لعدم صدق التكسب بل الاستفادة على الزيادة السوقية.

المسألة الثالثة: لو باع العين الّتي لا يجب الخمس فيها

أو اداه مع نمائها أو فى حال حصول زيادة سوقية فيها فهل يجب خمس تلك الزيادة الحاصلة بسبب نماء العين أو بسبب زيادة سوقية او لا يجب الخمس فيها.

امّا بناء على عدم القول بوجوب الخمس فى مطلق الفائدة و دوران وجوب الخمس مدار الاكتساب و الاستفادة.

فان كان نظره فى البيع الاكتساب و الاستفادة كما هو الغالب يجب الخمس لصدق الاكتساب و الاستفادة.

و أمّا لو لم يكن نظره فى البيع الى الكسب و طلب الفائدة بل كان لبعض الدواعى مثلا يريد الهجرة من بلد فيبيع داره باغلى من القيمة الّتي اشتراها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 169

فالقول بوجوب الخمس فى الزيادة مشكل.

المسألة الرابعة: هذا كله فيما لم يكن المقصود من العين الاتجار بها

كما إذا كان المقصود من شرائها أو ابقائها الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو اجرتها أو نحو ذلك من منافعها و أمّا إذا كان المقصود الا تجاربها فهل يجب خمس ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة أم لا.

أقول الظاهر وجوب الخمس فى ارتفاع قيمتها لصدق حصول الفائدة بالاكتساب و طلب الفائدة.

نعم كما افاد المؤلف رحمه اللّه يجب الخمس فيما امكن بيعها و اخذ قيمتها بعد تمام السنة و الّا لا تعدّ فائدة.

***

[مسئلة 54: إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 54: إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية و لم بيعها غفلة أو طلبا للزيادة ثمّ رجعت قيمتها الى رأس مالها أو اقل قبل تمام السنة لم يضمن خمس تلك الزيادة لعدم تحققها فى الخارج نعم لو لم بيعها عمدا بعد تمام السنة و استقرار وجوب الخمس ضمنه.

(1)

أقول للمسألة صورتان:

الصورة الاولى: ما إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية و لم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 170

بيعها غفلة أو طلبا للزيادة ثمّ رجعت قيمتها الى راس مالها أو اقل قبل تمام السنة لم يضمن خمس تلك الزيادة.

و علّل عدم وجوب الخمس اعنى خمس تلك الزيادة فى المتن بعدم تحققها فى الخارج أى عدم تحقق الزيادة أو عدم تحقق الفائدة.

و التعليل عليل لصدق الزيادة و صدق الفائدة بمجرد حصول زيادة القيمة السوقية بعد كون المقصود من ابقاء العين الا تجاربها على ما اعترف المؤلف بذلك فى المسألة السابقة.

بل التعليل بانّ عدم البيع غفلة أو طلبا للزيادة لا يعدّ تفريطا لسهم ارباب الخمس حتى يوجب الضمان و مع الشك فى الضمان مقتضى اصالة البراءة عدم الضمان كما فى كلمات بعض اعاظم الشراع على العروة تعليل متين. «1»

لأنّه لو

كان الخمس واجبا بمجرد حصول الربح فقد تحقق موجب الضمان و تاخيره و عدم ادائه لعدم بيع العين غفلة أو طلبا للزيادة لا يرتفع الضمان.

و لو لم يكن واجبا الّا بعد مضى السنة فليس الربح من الربح الواجب فيه الخمس سواء فرّط فيه أو لا فالعلة فى عدم وجوب الخمس هو عدم حصول سبب الضمان و هو التفريط.

الصورة الثانية: الصورة بحالها و لكن لم بيع العين الحاصلة فيها الزيادة من حيث القيمة السوقية عمدا بعد تمام السنة و استقرار وجوب الخمس ففى هذه الصورة يضمن الخمس لاستقرار حق السادة و ترك البيع عمدا تفريط منه فيوجب الضمان.

***

______________________________

(1) المستمسك، ج 9، ص 529.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 171

[مسئلة 55: إذا عمّر بستانا و غرس اشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 55: إذا عمّر بستانا و غرس اشجارا و نخيلا للانتفاع بثمرها و تمرها لم يجب الخمس فى نمو تلك الاشجار و النخيل و أمّا إذا كان من قصده الاكتساب باصل البستان فالظاهر وجوب الخمس فى زيادة قيمته و فى نموّ اشجاره و نخيله.

(1)

أقول أمّا عدم وجوب الخمس فى الصورة الاولى فلعدم صدق التكسب و الاسترباح به.

لكن اختيار المؤلف رحمه اللّه عدم وجوب الخمس فى النماء هنا مخالف مع قوله بوجوب الخمس فى مطلق النماء فى المسألة 53 حتى فيما لا يكون المقصود من ابقاء العين الا تجاربها.

و أمّا فى الصورة الثانية فلانّ المقصود من عمران البستان هو التكسب باصل البستان فيجب الخمس فى زيادة قيمته و نموّ اشجاره و نخيله.

***

[مسئلة 56: إذا كان له انواع من الاكتساب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 56: إذا كان له انواع من الاكتساب و الاستفادة كان يكون له راس مال يتجر به و خان يوجره و ارض يزرعها و عمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو النجارة أو نحو ذلك يلاحظ فى آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع فيجب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 172

عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مئونته.

(1)

أقول الظاهر من عنوان المسألة هو كون سنة واحدة لأنواع اكتساباته إمّا من باب أنّه يلاحظ الاكتسابات و إن كانت مختلفة سنة واحدة أو أن لها سنة واحدة و لو بتخيل الشخص فليس النظر الى انّ المئونة يصرف من بعضها أو يوزع على كل للاكتسابات و انه بعد صرف مئونته يبقى له الفائدة من مجموع اكتساباته فعلى هذا بعد ما عرفت ذلك.

أقول للمسألة صورتان:

الصورة الاولى: ما إذا حصل الربح فى بعض انواع اكتسابات الشخص و الخسران فى بعضها

الآخر فمعنى ملاحظة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع فى اخر السنة و اداء خمس حاصل ما استفاده من المجموع من حيث المجموع.

هو انه يجير الخسارة الحاصلة فى راس المال فى بعض انواع الاكتسابات بالفائدة الحاصلة فى بعضها الآخر مثلا له زراعة راس ماله فيها يكون عشرين دينارا و قد حصل من زراعته فائدة تبلغ عشرين دينارا فى راس ماله الموضوع فى الزراعة و له تجارة راس مالها عشرون دينارا و قد خسر فيها عشرة دنانير فلو لوحظ فى آخر السنة المجموع من حيث المجموع من الفائدة فليست الا عشرة دنانير لأنّه يجبر عشرة دنانير المفقودة من رأس المال من تجارته بالفائدة الحاصلة من زراعته و الحال أنّه لو لم تجبر الخسارة الحاصلة فى التجارة بالفائدة الحاصلة من الزراعة تكون فائدته فى آخر السنة عشرين دينارا.

فيقع الكلام فى أنّه هل تجبر الخسارة الحاصلة فى وسط السنة فى تجارة بالفائدة الحاصلة من تجارة اخرى أم لا و يأتى الكلام فى هذه الصورة فى المسألة 74

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 173

ان شاء للّه.

الصورة الثانية: ما إذا كان له انواع من الاكتسابات و حصل له الربح فى كل هذه الاكتسابات بحيث تحصل فى آخر السنة من كل هذه التجارات فوائد له بعد مئونته ففى هذه الصورة لا اشكال فى وجوب الخمس فى الفوائد الحاصلة له.

لكن ان كان نظر المؤلف رحمه اللّه بهذه الصورة فقط أو هى و الصورة السابقة فلا ينبغى جعل البحث فيها لأنّه على الفرص حصلت الفائدة لكل من اكتساباته و يجب الخمس فيها سواء لوحظ كل فائدة مستقلة أو المجموع من حيث المجموع من الفوائد معا.

***

[مسئلة 57: يشترط فى وجوب خمس الربح او الفائدة استقراره]

قوله رحمه اللّه

مسئلة

57: يشترط فى وجوب خمس الربح او الفائدة استقراره فلو اشترى شيئا فيه ربح و كان للبائع الخيار لا يجب خمسه الا بعد لزوم البيع و مضى زمن خيار البائع.

(1)

أقول ما قاله المؤلف رحمه اللّه فى المقام و هو عدم وجوب الخمس الّا بعد لزوم البيع هو صحيح فى الجملة لأنّه مع عدم لزوم البيع لا يستقر عليه الخمس.

لكن هنا امر آخر و هو انّه بعد لزوم البيع فان كان لزومه فى راس سنة خمسه أو فى اثناء السنة الّتي حصل البيع و الشراء فيها فيكون الربح من فوائد هذه السنة.

و أمّا ان كان البيع و الشراء فى سنة و لزوم البيع فى السنة اللاحقة فهل يكون الربح من فوائد السنة الماضية لانكشاف كون الربح من السنة الماضية بلزوم البيع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 174

لا من السنة اللاحقة أو يكون من السنه اللاحقة لأنّ اللزوم حصل فى السنة اللاحقة و تظهر الثمرة لأنّه ان كان الربح من السنة الماضية يجب اداء خمسه فعلا و الحال انّه ان كان من الفوائد السنة اللاحقة لا يجب خمس ربحه الّا بعد مضى هذه السنة اللاحقة بعد استثناء المئونة.

و الظاهر الثانى لأنّ البيع بعد مضى الخيار أو اسقاطه يصير لازما.

***

[مسئلة 58: لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 58: لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله البائع فاقاله لم يسقط الخمس الّا إذا كان من شانه ان يقبله كما فى غالب موارد بيع شرط الخيار اذا ردّ مثل الثمن.

(1)

أقول الكلام فى المسألة ينبغى ان يقع فى موردين:

المورد الاوّل: فى انّ ما يشترى الشخص و فيه الربح بيع الخيار فصار البيع لازما يجب الخمس فيه لاستقرار

الفائدة الحاصلة بالتكسب و لا يوجب الاقالة بعد اللزوم سقوط الخمس و هذا ممّا لا اشكال فيه فى الجملة.

المورد الثاني: إذا كان من شان المعاملة الاقالة كما يدعى أنّه الغالب فى موارد البيع بشرط الخيار اذا رد مثل الثمن فهل يسقط الخمس بالاقالة أم لا فالكلام فى هذا المورد بعد مفروغية وجوب الخمس بلزوم البيع يكون فى ان الاقالة بعد اللزوم توجب سقوط الخمس أم لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 175

اعلم ان مورد الكلام.

تارة يكون فيما حصلت الاقالة بعد مضى السنة و لزوم البيع كان قبل مضى السنة فلا ينبغى الاشكال فى انّ الاقالة لا توجب سقوط الخمس لوجوب اداء خمس الفوائد فى راس السنة بعد المئونة و إن عدّت الاقالة من المئونة فتعد من المؤن السنة اللاحقة لا من السابقة فلا تستثنى من الفوائد الحاصلة فى السنة السابقة حتى يقال بسقوط الخمس.

و تارة حصل لزوم البيع ثمّ الإقالة فى سنة واحدة اعنى فى سنة الربح فهل الاقالة الحاصلة بعد لزوم البيع توجب سقوط الخمس مطلقا أو لا توجب مطلقا أو توجب فيما كان من شان المشترى اقالة البيع أو توجب فيما يكون من شان البائع اقالة البيع.

أقول الظاهر أنّه إذا كان من شان المشترى اقالة البيع و لم يكن اسرافا كما يعتبر ذلك فى كل مئونة من المؤن تعد من المئونة و هذا يختلف بحسب اختلاف البائع أيضا.

فتارة تعد اقالة بيع بملاحظة بايع اسرافا مع عدم كونه اسرافا بالنسبة الى بائع آخر و بعد احتسابها من المئونة يسقط الخمس لأنّ الخمس بعد المئونة.

***

[مسئلة 59: الأحوط اخراج خمس راس المال إذا كان من ارباح مكاسبه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 59: الأحوط اخراج خمس راس المال إذا كان من ارباح مكاسبه فاذا لم يكن

له مال من اوّل الامر فاكتسب أو استفاد مقدارا و اراد ان يجعله راس المال للتتجارة و يتجر به

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 176

يجب اخراج خمسه على الأحوط ثمّ الاتجار به.

(1)

أقول بعد ما عرفت من ان المستفاد من الآية الشريفة بضميمة النصوص الواردة وجوب الخمس فيما يستفيده الانسان من الاكتسابات و الصناعات و الزراعات بعد استثناء المئونة فوجوب الخمس فى ما يجعله راس المال للتجارة من الاكتسابات و الاستفادات الحاصلة له و عدمه يدور مدار عدم كون راس المال من المئونة فيجب خمسه او كونه من المئونة فلا يجب خمسه.

و المراجع فى كلام الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم يرى ان من يقول بتخميسه يكون وجهه عدم عدّه من المئونة كما انّ منشأ القول بعدم وجوب تخميسه يكون لاجل عده من المئونة و كذا من يفصل بين صورة احتياجه برأس المال بحسب شانه و بين صورة عدم احتياجه به فاختار عدم وجوب الخمس فى الاوّل و وجوبه فى الثانى يكون من باب عدّه الأوّل من المئونة و الثانى عدم عده من المئونة.

و لو لم تعدّ من المئونة لا وجه لعدم وجوب الخمس فيه.

فمن يقول ربما يكون راس المال بنفسه محتاجا إليه و لو مع حصول مئونته من غيره فقد خلط عليه امر المئونة لأنّ المئونة على ما يأتى ان شاء اللّه مطلق ما يتوقف عليها عيش الشخص و عائلته بها من جميع الجوانب و لو لحفظ شانه و محله و رتبته.

فعلى هذا يدور حكم وجوب خمس راس المال و عدمه مدار عدم عده من المئونة و عده من المئونة.

و إذا بلغ الامر الى هنا نقول بانّه يجب تخميس الفائدة الحاصلة له من

الاكتسابات و اذا اراد ان يجعلها راس المال للتجارة الّا إذا كانت محتاجا إليها بحسب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 177

شانه الى بقاء هذا المال و صيرورته راس المال لكسب من الاكتسابات.

ففى غير صورة احتياجه إليه بحيث لا يعدّ من المئونة فالاقوى وجوب الخمس نعم ينبغى الاحتياط باداء الخمس حتى فى الصورة السابقة.

***

[مسئلة 60: مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مئونتها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 60: مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مئونتها حال الشروع فى الاكتساب فيمن شغله التكسب و أمّا من لم يكن مكتسبا و حصل له فائدة اتفاقا فمن حين حصول الفائدة.

(1)

أقول اختلف نظر فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم فى مبدأ السنة الّتي يكون الخمس بعد خروج مئونتها على اقوال.

قول بكون مبدئها حال الشروع فى الاكتساب فيمن شغله التكسب بلا فرق بين انواع الاكتسابات من التجارة و الصناعة و الزراعة.

و قول بكون مبدئها حصول الربح فى كل من الاكتسابات.

و قول بالتفصيل بين التجارة و الصناعة و نحوهما فمبدؤها حال الشروع فى الكسب و بين الزراعة فمبدؤها حصول الربح.

و هذه الاقوال على ما يرى من كلماتهم فى الاكتسابات.

و أمّا من لم يكن مكتسبا و حصل له فائدة اتفاقا فمبدأ سنته حين حصول الفائدة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 178

فالظاهر انّ الاختلاف فى القسم الأوّل و هو الاكتسابات و الّا ففى القسم الثانى و هو من لم يكن مكتسبا فقد ادّعى الاجماع على كون مبدأ سنته حصول الفائدة.

فلنعطف عنان الكلام الى القسم الأوّل.

فنقول بعونه تعالى انّ الاقوى بالنظر هو التفصيل و هو القول الثالث على ما يظهر من بعض الروايات الواردة فى الباب مثل رواية محمد بن الحسن الاشعرى و على بن محمد بن شجاع

و رواية مفصلة اخرى عن على بن مهزيار.

هذا بالنسبة الى من يكون شغلة الاكتساب.

و أمّا من لا يكون شغله الاكتساب بل حصل له فائدة اتفاقا فمبدأ سنته حين حصول الفائدة كما يدعى الاجماع عليه عن بعض.

و انّ نسبة هذه الفائدة متساوية بالنسبة الى الازمنة السابقة عليها فلا وجه لعد بعض الازمنة السالفة جزء عامه فقهرا يكون مبدأ سنته مبدأ حصول الفائدة.

و يمكن ان يقال بانّ هذا هو الاطلاق المقامى فانه بعد ما كان المراد من المئونة مئونة السنة و لا بد من فرض مبدأ لهذه السنة و لم يذكر فى الاخبار و الادلة مبدأ لها و يرى انّ الفائدة متى حصلت يكون مبدئها مبدأ حصولها بنظر العرف فلو كان لسنتها مبدأ آخر كان للشارع البيان فمن عدم بيانه مع فرض كونه محل البيان ان كان نظر الشرع على غير ما يتفاهم كان عليه البيان فمن عدم بيانه نكشف كون المبدأ هذا اعنى حصول الفائدة و هذا معنى الاطلاق المقامى.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 179

[مسئلة 61: المراد بالمئونة مضافا الى ما يصرف فى تحصيل الربح]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 61: المراد بالمئونة مضافا الى ما يصرف فى تحصيل الربح ما يحتاج إليه لنفسه و عياله فى معاشه بحسب شانه اللائق بحاله فى العادة من الماكل و الملبس و المسكن و ما يحتاج إليه لصدقاته و زياراته و هداياه و جوائزه و اضيافه و الحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة أو اداء دين أو ارش جناية أو غرامة ما اتلفه عمدا أو خطأ و كذا ما يحتاج إليه من دابة أو جارية أو عبد أو اسباب أو ظرف أو فرش أو كتب بل ما يحتاج إليه لتزويج اولاده أو ختانهم و نحو ذلك مثل ما

يحتاج إليه فى المرض و فى موت اولاده أو عياله الى غير ذلك ممّا يحتاج إليه فى معاشه و لو زاد على ما يليق بحاله ممّا يعدّ سفها و سرفا بالنسبة إليه لا يحسب منها.

(1)

أقول المئونة المبحوثة عنها فى باب الخمس على قسمين:

قسم منها ما يصرفه الشخص فى تحصيل الربح فى المكاسب و التجارات و الزراعات و غيرها و هى على ضربين.

ضرب منها ما يصرفها فى الربح و يتلف فى سبيله.

و ضرب منها ما يصرفها فى سبيل تحصيل الربح و يبقى عينه مثل الآلات المتوقفة عليها الكسب.

فالضرب الاوّل: من مئونة الكسب فتحسب الفائدة بعد استثناء هذا الضرب كما يأتى الكلام فيه بعد ذلك ان شاء اللّه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 180

و الضرب الاخر: منه يعدّ جزء من راس المال هذا بالنسبة الى مئونة المصروفة فى تحصيل الربح و حكمها حكم رأس المال و قد مر الكلام فيه فى المسألة 59.

و قسم من المئونة ما يصرفها الشخص فيما يحتاج إليها لنفسه و لعياله و قد ذكر المؤلف رحمه اللّه موارد منها و وقع النقض و الابرام فى بعضها.

فنقول بعونه تعالى لم نر فى الاخبار المتعرضة للمئونة بيانا فى المراد من المئونة و بعد عدم تعرض من ناحية الشارع لمفهومها لا بد من الارجاع فى مفهومها الى العرف كسائر الموارد الّتي نرجع فى تشخيص الموضوع بالعرف بالإطلاق المقامى.

فيكون المراد من المئونة ما تكون مئونة بنظر العرف و على هذا ما يأتى بالنظر هو انّ المذكورات فى المتن من المئونة بشرط كون هذه الاشياء من حيث الكمية و الكيفية لائقا بحاله و موافقا لشأنه فلا يعد من المئونة ازيد من ذلك خصوصا ما يعد

سفها و سرفا بالنسبة الى الشخص.

***

[مسئلة 62: فى كون راس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المئونة اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 62: فى كون راس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المئونة اشكال فالاحوط كما مرّ اخراج خمسه أوّلا و كذا فى الآلات المحتاج إليها فى كسبه مثل آلات النجارة للنجار و آلات النساجة للنسّاج و آلات الزراعة للزارع و هكذا فالاحوط اخراج خمسها أيضا أوّلا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 181

(1)

أقول مر الكلام فى وجوب خمس راس المال فى المسألة 59.

و مرّ فى المسألة 61 كون هذا الضرب من المئونة المصروفة فى راس المال الباقية عينها المتوقفة عليها حصول الربح يكون بحكم راس المال فراجع.

***

[مسئلة 63: لا فرق فى المئونة بين ما يصرف عينه فتتلف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 63: لا فرق فى المئونة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل الماكول و المشروب و نحوهما و بين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف و الفروش و نحوها فاذا احتاج إليها فى سنة الربح يجوز شرائها من ربحها و إن بقيت للسنين الآتية أيضا.

(2)

أقول لا اشكال فى انّ ما يحتاج إليه الشخص فى بقاء عيشه و عيش عائلته من الماكول و الملبوس و المسكن و غيرها يحتاج تحصيلها الى صرف المال و لهذا يقال بهذه الامور مئونة الشخص و مصارفه و هذه الامور المحتاجة إليها بعضها تتلف و لا يبقى نفسه مثل الماكول و المشروب.

و بعضها يبقى و يرتفع به حاجة الشخص بابقائه مثل المسكن و الملبوس و الظروف و غير ذلك.

فيقع الكلام فى أنّه بعد.

ما لا اشكال فى عدّ ما تتلف فى اثناء سنة الفائدة من المئونة المستثناة فى الخمس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 182

فهل يعدّ من المئونة المستثناة من وجوب الخمس فى حاصل الفوائد القسم الثانى و هو ما يحتاج إليه الشخص بابقائه

عنده و عدم تلفه فى اثناء السنة مثل الكتب العلمية للطلبة أو اللباس أو المسكن او غيرها او لا يعدّ من المئونة.

الحق شمول اطلاق المئونة الواردة فى الروايات لهذا القسم من المئونة أيضا.

و اعلم انّ الكلام فى المقام فى عدّ هذا القسم من المئونة و جواز شرائه من الربح الحاصل فى اثناء السنة.

و كلام آخر فى أنّه اذا تممت السنة و مضى الحول فهل يجب تخميس هذا القسم من المئونة الموجودة أم لا يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه فى المسألة 67.

***

[مسئلة 64: يجوز اخراج المئونة من الربح]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 64: يجوز اخراج المئونة من الربح و إن كان عنده مال لا خمس فيه بان لم يتعلّق به أو تعلّق و اخرجه فلا يجب اخراجها من ذلك بتمامها و لا التوزيع و إن كان الأحوط التوزيع و الاحوط منه اخراجها بتمامها من المال الّذي لا خمس فيه و لو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده كان من المئونة لا يجوز احتساب قيمتها من المئونة و اخذ مقدارها بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها اصلا.

(1)

أقول أمّا جواز اخراج المئونة من الربح و إن كان عنده مال لا خمس فيه فلاطلاق النصوص الدالة على انّ الخمس بعد المئونة لأنّ اطلاقها يشمل صورة عدم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 183

وجود مال آخر يخرج منه المئونة و كذا صورة وجود مال آخر يمكن اخراج المئونة منه فلا يجب التوزيع و لا صرف تمام المئونة من هذا المال و عدم صرفها من الربح.

و أمّا إذا كان عنده عبد أو جارية أو دار او نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده

كان من المئونة بمعنى أنّه لو لم يكن واجدا لهذه الامور كان من شأنه ان يصرف من الربح مبلغا لشراء هذه الاشياء أو بعضها فهل يجوز احتساب قيمة هذه الاشياء من المئونة و اخذها من الربح أو لا مثلا يكون له دار يسكنها و لو لم تكن له الدار كان اللازم اشتراء دار من الربح لأنّ الدار من جملة مئونته بحسب حاله و شانه فهل يجوز له ان يأخذ قيمة الدار الّتي واجد لها من الربح الحاصل بعنوان المئونة أو لا يجوز ذلك له.

الاقوى عدم الجواز لأنّه بوضعه الفعلى لا يحتاج الى الدار حتى يكون من جملة مئونته اشتراء الدار أو احتساب قيمته فيكون نظير من لا يحتاج الى الدار فلا يخرج من الربح بعنوان المئونة قيمة الدار.

***

[مسئلة 65: المناط فى المئونة ما يصرف فعلا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 65: المناط فى المئونة ما يصرف فعلا لا مقدارها فلو قتّر على نفسه لم يحسب له كما أنّه لو تبرّع بها متبرع لا يستثنى له مقدارها على الأحوط بل لا يخلو عن قوة.

(1)

أقول لأنّ هذا هو المستفاد من بعض النصوص المتعرضة لاستثناء المئونة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 184

[مسئلة 66: إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 66: إذا استقرض من ابتداء سنته لمئونته أو صرف بعض راس المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح.

(1)

أقول ما قاله من جواز وضع مقدار من الربح فى قبال ما استفرضه من ابتداء السنة قبل حصول الربح مبنى على ما اختاره فى المسألة 60 من كون مبدأ السنة مطلقا زمان الشروع فى الكسب سواء كان اكتسابه من تجارة أو صناعة او زراعة.

و أمّا على ما اخترناه من التفصيل فى مبدأ السنة بالنسبة الى الاكتسابات.

و قلنا بانّ مبدئها فى مثل التجارة و الصناعة الّتي اقتضائها بحسب الطبع حصول الفائدة بالشروع فى الكسب يوما فيوم هو زمان الشروع فى الكسب.

و مبدئها فى مثل الزراعة هو حصول الربح و الفائدة فلا بدّ ان نقول بانّه كل ما يستقرض الشخص فى اثناء سنته للمئونة يجوز وضع مقدارها من الربح.

ففى القسم الأوّل بعد شروع فى الكسب إذا استقرض شيئا للمئونة يجوز وضعها من الربح الحاصل فى هذه السنة الّتي مبدئها الشروع فى الكسب و لو لم يربح بعد فى هذه السنة و أمّا لو استقرض لمئونته قبل حصول الربح فيما يكون مبدأ سنته حصول الربح مثل الزراعة فلا يمكن وضعها عن الربح الحاصل فى السنة الّتي مبدئها حصول الربح لأنّ ما استقرضه فى الفرض لمئونته لا يكون مئونة سنته.

بل إذا

استقرض لمئونته بعد حصول الربح فيما يكون مبدأ سنته حصول الربح مثل الزراعة يجوز وضع ما استقرضه من ربح هذه السنة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 185

[مسئلة 67: لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 67: لو زاد ما اشتراه و ادّخره للمئونة من مثل الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها مما يصرف عينه فيها يجب اخراج خمسه عند تمام الحول و أمّا ما كان مبناه على بقاء عينه و الانتفاع به مثل الفرش و الاوانى و الالبسة و العبد و الفرس و الكتب و نحوها فالاقوى عدم الخمس فيها.

نعم لو فرض الاستغناء عنها فالاحوط اخراج الخمس منها و كذا فى حلى النسوان اذا جاز وقت لبسهن لها.

(1)

أقول فى المسألة مسئلتان:

المسألة الاولى: لو زاد ما اشتراه و ادخره للمئونة

من مثل الحنطة و الشعير و الفحم و نحوها ممّا يصرف عينه فى المئونة يجب اخراج خمسه عند تمام الحول لانها لم تصر مئونة حتى يستثنى من الربح بل المئونة المستثناة هو ما صرف إذا كان ممّا يكون البناء على صرف عينه و اتلافه للمئونة.

المسألة الثانية: إذا كان ما اشتراه بعنوان المئونة ممّا كان مبناه على بقاء عينه

و الانتفاع به مثل الفرش و الاوانى و الكتب و الالبسة فبقى عند تمام الحول فهل يجب اخراج خمسه أو لا.

أقول تارة يكون هذا الشي ء الباقى غير المحتاج إليه فى السنة اللاحقة مثل الكتاب الّذي يشترى طالب العلم عند كونه فى المرحلة الاولية من العلم ثمّ بلغ بالمرتبة العالية و لا يحتاج الى هذا الكتاب أو فى حلى النسوان إذا جاز وقت لبسهن.

و تارة يحتاج الى هذا الشي ء فى السنة اللاحقة أو السنين اللاحقة مثل الفرش.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 186

يستدل على عدم وجوب الخمس بالاستصحاب لأنّه مع الفرض لا يجب خمسه قبل تمام الحول لكونه مئونة فنشك فى وجوب خمسه و عدمه فيستصحب عدمه.

و اورد عليه بان المورد من مصاديق التمسك باستصحاب المخصص أو عموم العام و لا بد فى المورد من اجراء حكم العام و هو وجوب الخمس فى كل الفوائد و لا مجال لاستصحاب حكم المخصص و هو عدم وجوب الخمس فى المئونة لأنّ الخارج حال من احوال الفرد لا نفس الفرد لأنّ الأفراد هى كل شي ء من الاشياء الّتي صارت فائدة غاية الامر ما خرج عن تحت عموم العام هو حالة من حالات بعض الافراد و هى الحالة الّتي كانت مئونة فاذا تبدل هذه الحالة بحالة اخرى و هى حالة عدم كونها مئونة فحكم الاطلاق الأحوالى الشامل لكل فرد يشمله فالمرجع عند

الشك عموم العام و بعبارة اخرى ليس الخارج بالتخصيص نفس الفرد حتى يكون المحكّم فى زمان الشك استصحاب حكم المخصص و عدم مرجعية العام من باب أنّه إذا خرج الفرد بالتخصيص فليس المحكم عموم العام فى زمان الثانى اعنى زمان الشك لأنّه فرد واحد و قد خرج بالتخصيص.

بل الخارج عن تحت عموم العام هو حالة من حالات الفرد لا نفس الفرد فمع خروج هذه الحالة لا يمكن التمسك لشمول العام لهذه الحالة من الفرد بالإطلاق الاحوالى و هى حالة كونه مئونة و لذا فى حال عدم كونه مئونة فالاطلاق الاحوالى يشمله و يكون الفرد فى هذه الحالة اعنى حالة عدم كونه مئونة باق تحت عموم العام و اطلاقه الاحوالى.

فعلى هذا يقال بمقتضى وجوب الخمس فى كل فائدة بوجوب الخمس فى هذا الشي ء الباقى فى راس تمام الحول.

أقول و يمكن ان يقال فى دفع هذا الا يراد بانّه و إن كان المبنى صحيحا و هو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 187

انّ لسان التخصيص.

ان كان خروج الفرد عن العام فلو شك بعد ذلك فى بقاء حكم المخصص أو عموم العام فليس المرجع عموم العام بل المرجع استصحاب حكم المخصص لعدم دخول ما صار خارجا عن العام تحت عموم العام حتى لو لم يجر فرضا استصحاب المخصص لا مجال للتمسك بعموم العام.

و ان كان لسانه لسان خروج حال من احوال الفرد لا نفس الفرد لا نفس الفرد بحيث يكون نفس الفرد داخلا تحت عموم العام و محكوما به و ما تصرّف فيه لاجل التخصيص هو فى الاطلاق الاحوالى المستتبع لعموم العام فلو شك فى زمان الثانى فى بقاء حكم الخاص أو كونه محكوما بحلم

العام يتمسك بالإطلاق الاحوالى المستتبع لعموم الفرد فهو محكوم بحكم العام و لا مجال لاستصحاب حكم المخصص حتى لو لم يمكن التمسك فرضا بعموم العام فلا مجال للتمسك باستصحاب حكم المخصص لتبدّل الموضوع لأنّ هذه الحالة غير الحالة السابقة.

فما قلنا هو مبنى المسألة فاذا عرفت ذلك نقول.

بانّه لا بد من ان نرى انّ لسان تخصيص المئونة عن عموم العام.

هل هو من قبيل القسم الأوّل حتى يكون المرجع فى زمان الشك هو عموم العام.

أو أنّه من قبيل القسم الثانى حتى يكون المرجع استصحاب حكم المخصّص.

فتقول بعونه تعالى انّ الظاهر من النصوص المتعرضة لاستثناء المئونة كون الخروج خروج الفرد بمعنى انّ العام وجوب الخمس فى كل ما يستفيده الانسان و له فردان فرد يبقى عنده و يدّخره و فرد يصرفه فى مئونته و مقتضى التخصيص المتصل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 188

اخراج المئونة عن عموم العام و بعد اخراج هذا الفرد إذا شك فى زمان الثانى فى ان الخارج باق يحكمه السابق و هو عدم الوجوب أم لا فالمرجع استصحاب عدم الوجوب و لا يكون عموم وجوب الخمس فى الارباح محكّما فى هذا الفرد لأنّه بعد فرض خروجه بالتخصيص عن عموم العام لا يمكن الرجوع الى العام فى تشخيص حكمه و الخارج لا يصير داخلا و لهذا لو فرض عدم امكان استصحاب حكم الخاص لا يمكن الرجوع الى العام لاثبات حكمه له.

فتكون النتيجة عدم وجوب الخمس فيما يبقى فى تمام السنة من المؤن الّتي كان النبأ على ابقائها لقضاء حوائجه حتى فيما لا يصير المحتاج إليها فى السنة اللاحقة أو السنين اللاحقة فضلا عما كان المحتاج إليها فى السنة أو السنين اللاحقة.

و على

هذا عرفت عدم الفرق بين صورة الاحتياج بما بقى فيما بعد و بين صورة عدم الحاجة فى عدم وجوب الخمس فى كليهما و مع ذلك الاحتياط فى كلتا الصورتين خصوصا صورة عدم الاحتياج به بعد ذلك يكون حسنا.

***

[مسئلة 68: إذا مات المكتسب فى اثناء الحول]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 68: إذا مات المكتسب فى اثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المئونة فى باقيه فلا يوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة.

(1)

أقول لانتفاء موضوع المئونة بموته فالمرجع عموم وجوب الخمس.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 189

[مسئلة 69: إذا لم يحصل له ربح فى تلك السنة و حصل فى السنة اللاحقة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 69: إذا لم يحصل له ربح فى تلك السنة و حصل فى السنة اللاحقة لا يخرج مئونتها من ربح السنة اللاحقة.

(1)

أقول لأنّ المئونة المستثناة مئونة السنة فيستثنى من ربح كل سنة مئونة هذه السنة لا غيرها.

***

[مسئلة 70: مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 70: مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة فاذا استطاع فى اثناء حول حصول الربح و تمكن من المسير بان صادف سير الرفقة فى ذلك العام احتسب مخارجه من ربحه و أمّا إذا لم يتمكن حتى انقضى العام وجب عليه خمس ذلك الربح فان بقيت الاستطاعة الى السنة الآتية وجب و الّا فلا و لو تمكّن و عصى حتى انقضى الحول فكذلك على الأحوط و لو حصلت الاستطاعة من ارباح سنين متعدد وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة و أمّا المقدار المتمم لها فى تلك السنة فلا يجب خمسه إذا تمكن من المسير و إذا لم يتمكن فكما سبق يجب اخراج خمسه.

(2)

أقول أمّا إذا استطاع فى اثناء الحول فلو تمكّن من المسير الى الحج احتسب مخارجه من.

ربح هذا الحول لعدّ مخارج الحج من المئونة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 190

و أمّا لو لم يتمكن من السير حتى انقضى العام يجب خمس ذلك الربح لعدم صرفه فى المئونة و الميزان فى المئونة المستثناة صرفها.

فان بقيت الاستطاعة الى السنة الآتية تجب عليه الحج و الّا فلا لأنّه على الفرض و إن حصلت الاستطاعة فى اثناء السنة السابقة و لكن لم يحصل شرطها و هو تمكن المسير الى الحج و فى السنة اللاحقة لم يكن على الفرض مستطيعا.

و ان تمكّن من المسير فى اثناء الحول الحاصل فيه الاستطاعة و لم يذهب عصيانا فلا

يحتسب مخارج الحج من المئونة لعدم صرف مخارج الحج فلم يصرف فى المئونة و المئونة المستثناة ما يصرفها لا مقدارها و لو لم يصرف اصلا و لهذا قال المؤلف رحمه اللّه و نحن اخترنا فى المسألة 65 بانّه لو قتّر على نفسه لم يحسب من المئونة و العجب من المؤلف رحمه اللّه فانّه مع قوله فى المسألة 65 بأنّ المناط فى المئونة ما يصرفها فعلا لا مقدارها فلو قتّر على نفسه لم يحسب له كيف قال هنا (و لو تمكّن و عصى حتى انقضى الحول فكذلك على الاحوط) بانّ الأحوط وجوب خمس المقدار الملحوظ لمخارج الحج بل المناسب ان يقول كما قلنا بانّه لا يحتسب من المئونة.

و لو حصلت الاستطاعة من ارباح سنين متعددة وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة و أمّا المقدار المتمم لها فى تلك السنة فلا يجب خمسه اذا تمكن من المسير و يحج أمّا وجوب خمس ارباح سنين ماضية لعدم احتسابه من المئونة.

و أمّا المتمم فى تلك السنة الّتي حج فيها من الربح فلا يجب خمسه لعدّة من المئونة.

و لو لم يتمكن من السير أو تمكن و لم يسر و لم يحج فلا يحتسب مقدار مصارف الحج من المئونة لعدم صرفه فى المئونة و كذا مقدار المتمّم.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 191

[مسئلة 71: اداء الدين من المئونة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 71: اداء الدين من المئونة إذا كان فى عام حصول الربح أو كان سابقا و لكن لم يتمكن من ادائه الى عام حصول الربح و إذا لم يؤد دينه حتى انقضى العام فالاحوط اخراج الخمس او لا و اداء الدين ممّا بقى و كذا الكلام فى النذر و الكفارات.

(1)

أقول اعلم انّ كلام

المؤلف رحمه اللّه ظاهر فى انّ الدين.

ان كان من عام حصول الربح فأداؤه من المئونة.

و ان كان سابقا من عام حصول الربح و لم يتمكّن من ادائه الى عام حصول الربح فهو من المئونة أيضا.

و ان لم يؤد دينه حتى انقضى العام فالاحوط اخراج الخمس أولا و اداء الدين ممّا بقى من الربح.

و الظاهر انّ مورد نظره فى الصورة الثالثة الّتي قال بانّ الأحوط اخراج الخمس أولا ثمّ اداء الدين من بقية الربح هو صورة كون الدين من العام السابق و متمكن من ادائه و لم يؤده و يريد ادائه فى العام الآخر من الربح الحاصل له فى هذا العام لأنّه جعل هذه الصورة مقابل الصورتين الاولتين.

و على كل حال أقول بانّ الدين.

تارة يكون لمئونة نفسه أو عياله مثل ان يقرض مبلغا لأنّ يشترى لنفسه دارا أو لباسا أو مأكولا أو مشروبا يحتاج إليه فما يأتى بالنظر هو عدّ هذا الدين من المئونة سواء كان من عام حصول الربح أو من قبله لأنّ اداء هذا القسم من مئونته عرفا.

و هل هذا القسم من الدين يعدّ من المئونة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 192

إذا كان سببه احتياجه إليه بحسب شانه اللائق و صرفه فيه أو يشمل حتى ما كان استد أنّه لصرفه فيما يعدّ سرفا و سفها و خارجا عن شانه اللائق به.

يحتمل شمولها له أيضا لأنّه و إن كان استدانته على خلاف شانه و لكن الحال محتاج إليه لأنّ ذمته مشغول به فيعد من المئونة.

لكن لقائل ان يقول أنّه اذا لم يكن مصرف الدين مصرفا يعد مئونة فكيف يعد دينه من المئونة فالاحوط بل الاقوى فى هذه الصورة اخراج الخمس أولا ثمّ

اداء دينه من الربح.

و تارة لا يكون الدين لمئونة نفسه أو عياله بل استدان.

امّا لتكثير راس المال.

و أمّا لما لا يحتاج إليه فى مئونته مثل ان استدان مبلغا و اشترى ضيعة لمجرد صيرورته صاحب الضيعة لا للاكتساب.

فهل يجب خمس الربح أولا ثمّ اداء الدين ممّا بقى من الربح او يعدّ هذا القسم من المئونة أقول أمّا ما استدانه لازدياد رأس المال فلا يحتسب من الربح بل الملحوظ عند تمام الحول ما يحسب الربح فى راس المال هو غير مقدار الدين سواء ادائه أو لم يؤده مثلا لو كان راس ماله عشرة توامين و استدان خمسة توامين لتكثير رأس المال فحصل له الربح فى رأس السنة و تمام الحول عشرة توامين فيوضع خمسة توامين و هى ما استدانه و لا يجب فيه الخمس بل يجب الخمس فى خمسة توامين الآخر.

و أمّا ما استدانه لا لتكثير راس المال و لا لمئونة نفسه أو عياله بل استدانه لاشتراء شي ء ليس المقصود من اشترائه التجارة و الاكتساب بل مجرد تحصيل مال مثلا اشترى ضيعة فالحقّ و الاقوى عدم استثناء المقدار الربح الحاصل فى اثناء السنة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 193

بعنوان المئونة بل كلما اشتراه من هذا الربح و صرفه من الربح فيه يصير من الربح الحاصل فى السنة فيجب تخميسه عند تمام الحول فاشتراه بعينه يصير فائدة و ربح هذه السنة و لو كانت قيمته اكثر من المبلغ الّذي اشتراه من الربح فى وسط السنة.

و أمّا النذر و الكفارات فهما من المئونة فلا يجب خمس ما صرفه فيهما من الربح لأنّ المئونة تشمل امثال النذر و الكفارات لانها ممّا هو المحتاج إليه فى تعيش

الشخص عرفا.

***

[مسئلة 72: متى حصل الربح و كان زائدا على مئونة السنة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 72: متى حصل الربح و كان زائدا على مئونة السنة تعلّق به الخمس و إن جاز له التأخير فى الاداء الى آخر السنة فليس تمام الحول شرطا فى وجوبه و انّما هو ارفاق بالمالك لاحتمال تجدّد مئونة اخرى زائدا على ما ظنه فلو اسرف أو اتلف ماله فى اثناء الحول لم يسقط الخمس و كذا لو وهبه أو اشترى بغبن حيلة فى اثنائه.

(1)

أقول

الكلام فى المسألة يقع فى موارد:
المورد الاوّل: فى أنّه متى حصل الربح و كان زائدا على مئونة السنة

تعلق به الخمس و إن جاز له التأخير فى الاداء الى آخر السنة فعلى هذا لا يكون تمام الحول شرطا فى وجوب الخمس و هو المشهور.

نعم فى محكى السرائر انّ تعلق الوجوب بعد تمام السنة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 194

أقول اعلم انّ الاختلاف يرجع الى انّ.

اخراج المئونة شرط للوجوب فيكون اثره عدم وجوب الخمس قبل تمام الحول و اخراج المئونة.

أو أنّه شرط للواجب فالوجوب يكون فعليا بمجرد حصول الربح و إن كان زمان ادائه تمام الحول و اخراج المئونة.

فان وقع الكلام فيما يقتضيه القاعدة فالنزاع مبنى على كون القيد فى الواجب المشروط قيدا للهيئة فيكون المختار هو القول الأوّل و إن كان القيد قيدا للمادة اعنى الواجب فيكون المختار قول المشهور و هو القول الثانى.

و أمّا فى ما نحن فيه فاستدل على القول الأوّل و هو كون اخراج المئونة شرطا للوجوب بوجهين:

الوجه الأوّل: انّ الظاهر من النص و الفتوى هو كون الخمس بعد المئونة و الظاهر من البعدية كون الوجوب بعد مئونة السنة و هو يتوقف على مضى السنة.

الوجه الثانى: انّ المراد من المئونة على ما عرفت مئونة السنة و لا يعلم كمية مئونة السنة و كيفيتها الا بعد مضى السنة اذ ربما يتولد له

اولاد أو تزويج لنفسه أو لبعض اولاده أو مرض أو خراب داره أو تصادف سفر و غير ذلك و لا يوجب من اللّه تعالى شيئا الّا فيما فضل عن كل ذلك فمقتضى استثناء المئونة هو وجوب ما فضل عنها و هو لا يعلم الّا بعد مضى السنة و انقضاء الحول.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 10، ص: 194

و يرد على الوجه الأوّل انّ المحتمل من قوله عليه السّلام الخمس بعد المئونة ان كانت البعدية الزمانية بان يكون المراد وجوب الخمس بعد مضى زمان المئونة و هو السنة فيكون مجال لأن يقال بان الخمس ليس متعلقا للوجوب فى ربح الحاصل فى اثناء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 195

السنة الّا بعد مضى المئونة و هو بعد تمام الحول.

و أمّا ان كان المراد من البعدية هو التحديد اعنى تحديد الوجوب بغير المئونة و بعبارة اخرى ما هو متعلق الوجوب هو الربح الّذي لا يصرف فى المئونة فالوجوب يكون فعليا بمجرد حصول الربح بحيث يجب فعلا فيما زاد من المئونة الخمس.

و الظاهر هو الثانى.

و ما فى بعض العبائر فى تأييد الاحتمال الثانى.

بانّه و يبعّد الاحتمال الأوّل أنّه لو كان وجوب الخمس بعد مضى زمان المئونة و بعد مضى زمان المئونة و هو مضى الحول بحيث لا وجوب قبله كان اللازم تخميس جميع المال حتى المساوى لما صرفه فى المئونة لأنّه على هذا يجب الخمس على جميع الربح لكن بعد مضى زمان المئونة.

فيه بان الظاهر من الاخبار الدالة بان الخمس بعد المئونة هو الخمس فيما بقى

بعد المئونة فلا يجب الخمس فى المساوى لما صرفه فى المئونة.

و يرد على الوجه الثانى.

أوّلا بانّه لا يضر بالقول بوجوب الخمس بمجرد حصول الربح ما قلت من عدم العلم بالمئونة و كيفيتها و كميتها فلا يمكن الوجوب قبل المئونة بل يلزم تاخر الوجوب عن زمان صرف المئونة.

لأنّه يجوز ثبوت الحكم واقعا فى المقدار الزائد على المئونة فعلا و لو لم يعلم الشخص بمقداره.

و ثانيا لا يطرد هذا الوجه فيما يعلم الشخص بكيفية المئونة و كميتها.

و ما يمكن ان يستدل به على القول المشهور و هو القول الثانى اعنى وجوب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 196

الخمس بمجرد حصول الربح و إن كان جاز له التأخير الى تمام السنة فيكون الوجوب فعليا و الواجب استقباليا.

هو وجهان:

الوجه الاوّل: اطلاق الآية الشريفة و بعض النصوص الواردة فى الخمس فان ظاهرهما وجوب الخمس بمجرد حصول الغنيمة او الفائدة.

الوجه الثاني: بعض النصوص المتعرضة لاستثناء المئونة.

مثل الرواية العاشرة من الروايات الّتي ذكرناها فى صدر المسألة و هى ما رواها احمد بن محمد عن ابن ابى نصر قال كتبت الى ابى جعفر عليه السّلام الخمس اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة فكتب بعد المئونة) لأنّ من الواضح انّ السائل يعلم وجوب الخمس و انه يجب بمجرد حصول الربح و لكن لا يعلم زمان اخراجه فكتب عليه السّلام (بعد المئونة) اعنى يكون الاخراج و (بعبارة اخرى) زمان الواجب بعد صرف المئونة فيما بقى له بعد المئونة.

اللّهم إلّا أن يقال انّ هذا مبنى على كون المراد من قوله عليه السّلام بعد المئونة هو البعدية الزمانيّة فان كان هذا فلازمه كون زمان الوجوب حين انقضاء السنة و لم تقل به لما قلنا

من أنّ الظاهر منه هو التنويع و بعد كون ظاهره التنويع لا يصحّ الاستدلال به على كون زمان الوجوب زمان حصول الربح و لكن أقول بانّ ظاهر هذه الرواية هو كون زمان الاخراج بعد المئونة و لا يمكن حمله على التنويع لأنّ الإخراج يعنى زمان وجوب الرّد و أداء الواجب فلا يمكن حمله على التنويع لانّ كلما بقى بعد المئونة و يجب إخراج خمسه ليس الا شي ء واحد و هو الفاضل عن المئونة فلا بدّ ان يكون ظاهر البعدية فى خصوص هذه الرواية البعدية الزمانية.

و ذيل الرواية المفصلة الّتي ذكرناها فى المسألة الاولى الّتي بيناها فى طى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 197

البحث عن الخمس فى ارباح المكاسب.

و هى رواية على بن مهزيار عن ابى جعفر عليه السّلام (فاما الّذي أوجب من الضياع و الغلات فى كل عام فهو نصف السدس ممن كانت ضيعته تقوم بمئونته و من كانت ضيعته لا تقوم بمئونته فليس عليه نصف السدس و لا غير ذلك) «1» لأنّ ظاهر الكلام هو تنويع الربح بين ما يصرف فى المئونة فلا يجب فيه الخمس و بين ما لا يصرف فيها فيجب فيه الخمس و بعبارة اخرى يجب على الحاصل من الضيعة الخمس إذا كانت الضيعة تقوم بمئونته و الّا فلا و ليس الظاهر منها بعدية وجوب الخمس عن الزائد عن المئونة بعد مضى زمان المئونة.

إن قلت ظاهر رواية على بن محمد بن شجاع النيشابورى هو وجوب الخمس بعد مضى زمان المئونة لأنّ فيها وقّع عليه السّلام (الخمس ممّا يفضل من مئونته) و هذه الجملة تدلّ على ان الوجوب يتعلق بما يفضل من المئونة و ما يفضل ليس الا

ما بقى للشخص من الربح بعد مضى مئونته.

قلت أوّلا كما قلنا ليست الرواية حجة لعدم توثيق على بن محمد بن شجاع النيشابورى.

و ثانيا ظاهر هذه الرواية هو التنويع بمعنى انّ الربح قسم منه يصرف فى المئونة و قسم منه لا يصرف فى المئونة بل يصير فاضلا عن المئونة فالخمس يجب فى النوع الثانى.

و لا تتوهم بانّ قوله عليه السّلام (ممّا يفضل من مئونته) يدل على انّ الوجوب متعلق بما يفضل و لا يتحقق ما يفضل الّا بعد ما يصرف فى المئونة الى انقضاء الحول فما يبقى هو ما يفضل و الوجوب متعلق به فلا يكون موضوع للوجوب قبله لعدم وجود شي ء

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 198

يقال له أنّه يفضل من مئونته.

وجه عدم التوهم هو انّ ما يفضل محقّق فى عالم الثبوت و فى علم اللّه تعالى يكون قابلا لأنّ يصير مورد الوجوب دائما و فى صورة العلم بما يصرف فى المئونة كمية و كيفية عند المكلف لأنّه ربّما يعلم مقدار الزائد على المئونة حتى قبل صرف مقدار من الربح فى المئونة.

و ان ابيت عن ظهور الروايتين المتقدمتين فى كون وجوب الخمس حين حصول الربح و إن جاز التأخير الى آخر السنة فى ادائه.

نقول بانّه يكفى فى وجوب الخمس بمجرد حصول الربح اطلاق الآية الشريفة و بعض الروايات الواردة فى وجوب الخمس.

المورد الثاني: فى بيان الثمرة بين القولين

و هو أنه على القول بوجوب الخمس بمجرد حصول الربح و إن كان جاز تاخير ادائه الى آخر السنة لكن لو اسرف أو اتلف الربح الحاصل أو بعضه فى اثناء السنة لم يسقط الخمس بالنسبة الى

ما أسرف أو أتلف.

و أمّا على القول بعدم وجوب الخمس الى آخر السنة و يجب آخر السنة لا يجب خمس ما اسرف او اتلف و إن فعل حراما لاسرافه أو اتلافه لعدم وجوبه قبل ذلك.

و كذا لو وهبه أو اشترى بغبن حيلة.

فقال المؤلف رحمه اللّه يجب خمسه على القول الأوّل و لا يجب على الثانى.

لكن فى صورة الهبة يجب خمسه فى خصوص ما لا يكون لائقا بحاله بحيث يعد سرفا و سفها و الا فلا يجب خمسه حتى على القول الأوّل لعدها من المئونة كما عرفت فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 199

المسألة 61.

المورد الثالث: بعد فرض تعلق الوجوب بمجرد حصول الربح

بمعنى وجوب الخمس بمجرد حصوله و لا يكون تمام الحول شرطا فى وجوب الخمس و لكن يجوز له التأخير الى آخر السنة ارفاقا على المالك لاحتمال تجدد مئونة اخرى زائدا على ما ظنه.

يقع الكلام فى وجه جواز تاخير الخمس الى تمام الحول فنقول.

أوّلا بعد ما عرفت فى وجه تعلق الوجوب بمجرد حصول الربح من انّ ظاهر قوله عليه السّلام الخمس بعد المئونة هو التنويع فنوع من الربح لا يجب فيه الخمس و هو ما يصرف فى المئونة و نوع منه يجب فيه الخمس و هو ما يبقى من الربح الى انقضاء الحول فحيث أنّه لا يعلم الشخص انّ اىّ مقدار من الربح يصرف فى المئونة و اىّ مقدار منه يبقى عند انقضاء الحول يجوز له التأخير الى ان يعلم ما يشتغل ذمته به.

و ثانيا يدل على جواز التأخير رواية ابن ابى نصر المتقدمة ذكرها عند الاستدلال على تعلق الوجوب بحصول الربح لأنّ فيها سئل السائل الخمس اخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة فكتب بعد المئونة) لأنّ مفادها

جواز اخراجه بعد المئونة و هو انقضاء الحول.

و لكن هذا مبنى على كون المراد البعدية الزمانية و هو خلاف ما قلنا من انّ الظاهر من كون الخمس بعد المئونة هو التنويع و لهذا قلنا بانّ الخمس يجب بحصول الربح و بعد كون ظاهرها التنويع فلا يصحّ الاستدلال بالرواية على جواز التأخير الى انقضاء الحول و قد أجبنا عن هذا الاشكال عند الكلام للاستدلال بالرواية لكون انقضاء السنة زمان الاخراج و الوجوب كان قبل ذلك و هو زمان حصول الربح

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 200

فتدل الرواية على كون زمان الاخراج حين انقضاء السنة.

***

[مسئلة 73: لو تلف بعض امواله ممّا ليس من مال التجارة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 73: لو تلف بعض امواله ممّا ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح و إن كان فى عامه اذ ليس محسوبا من المئونة.

(1)

أقول ما يمكن ان يقال فى وجه جبره بالربح الحاصل فى عامه.

امّا ما اشار إليه المؤلف رحمه اللّه من توهم عدّه من المئونة فكما قال رحمه اللّه لا يعدّ ما تلف أو سرق أو نحو ذلك ممّا ليس من مال التجارة من المئونة.

نعم ربما يحتاج الى مثل ما تلف أو سرق لمئونته مثلا سرق لباسه و هو يحتاج فى الحال فى اثناء الحول الى اللباس فما يصرف فى لباسه الّذي يلبسه يعدّ من مئونة هذه السنة لكن ليس هذا جبر ما تلف بالربح الحاصل فى عامه.

و أمّا انّ المقدار الربح الحاصل فى قبال ما تلف أو سرق لا يعدّ فائدة عرفا.

و فيه انّ هذا مجرد الادعاء بل العرف يعدّ ما حصل له من الربح فائدة تلف عنه شي ء أو اشياء اخر او لا.

***

[مسئلة 74: لو كان له راس مال و فرقه فى انواع من التجارة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 74: لو كان له راس مال و فرقه فى انواع من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 201

التجارة فتلف راس المال أو بعضه من نوع منها فالاحوط عدم جبره بربح تجارة اخرى بل و كذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح اخرى لكن الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا فى الخسارة نعم لو كان له تجارة و زراعة مثلا فخسر فى تجارته أو تلف راس ماله فيها فعدم الجبر لا يخلو عن قوّة خصوصا فى صورة التلف و كذا العكس و أمّا التجارة الواحدة فلو تلف بعض راس المال فيها و ربح الباقى فالاقوى الجبر و كذا

فى الخسران و الربح فى عام واحد فى وقتين سواء تقدم الربح أو الخسران فانّه يجبر الخسران بالربح.

(1)

أقول راس المال و هو ما يعبّر عنه بالفارسية (سرمايه) قد يبقى للشخص الى آخر السنة.

و قد يفنى بتمامه أو ببعضه و فنائه.

قد يكون بالتلف مثل ما سرق بعض راس المال أو تمامه.

و قد يكون بالخسران فيه.

و فى كل من الصورتين يقع الكلام فى انّه هل يجبر ما تلف أو خسر من راس المال بربح آخر أو لا.

فنقول انّ فى المسألة صورتان:

الصورة الاولى: فيما لو تلف راس المال بتمامه أو ببعضه فهل يجير بربح آخر او لا و فيها مسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 202

المسألة الاولى: فيما لو تلف بعض راس المال فى تجارة فى سنة

فهل يجبر بربح آخر حاصل في هذه التجارة فى طول هذه السنة أم لا مثلا يكون تجارته لبيع و شراء للصوف فخسر فى بيع و شراء و ذهب مثلا خمس راس ماله فى هذه التجارة ثمّ بعد ذلك ربح فى بيع و شراء فهل يجير الخسران الحاصل فى المعاملة الاولى بربح حاصل فى المعاملة الثانية مع فرض كون تجارته تجارة واحدة أم لا.

المسألة الثانية: الصورة بحالها

و لكن الكلام فى أنّه هل يجبر ما تلف فى تجارة بربح تجارة اخرى أو لا مثلا خسر فى تجارة الصوف و له تجارة اخرى فى الحنطة فهل يجبر التلف الحاصل فى تجارة الصوف بذهاب راس ماله فيها بتمامه أو ببعضه فى هذه السنة بالربح الحاصل له فى تجارة الحنطة فى هذه السنة او لا.

المسألة الثالثة: الصورة بحالها

لكن الكلام فى أنّه لو كان له راس مال فى تجارة مثلا تجارة الصوف فتلف رأس ماله فيها فى سنته فهل يجبر بالربح الحاصل فى هذه السنة من الزراعة أو تلف راس ماله فى الزراعة هل يجبر بالربح الحاصل من تجارته أو لا.

أقول اشكال فى الصورة الاولى يكون مشترك الورود مع الصورة الثانية و هو أنّه مع ذهاب بعض راس المال أو كله لا تصدق الفائدة بما حصل من الربح فى معاملة اخرى أو تجارة اخرى أو زراعة اخرى يأتى الكلام فيه ان شاء اللّه فى الصورة الثانية.

و اشكال اخر فى خصوص ما إذا تلف بعض راس المال أو كله من معاملة أو تجارة هل يجبر ما تلف بالربح الحاصل فى معاملة اخرى أو تجارة اخرى أو زراعة و بعبارة اخرى بالربح الحاصل فى نفس التجارة او الزراعة أو نوعها أو حتى من غير نوعها أو لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 203

و هذا الاشكال هو انّ المعاملات فى الغالب مبنية على الخسران و من شئوناتها فالفائدة تلاحظ عند العرف بعد جبر الخسارة الواردة و لا يقال لمن خسر فى تجارة بمجرد ربحه فى تجارة اخرى و لو لم يجبر خسارته الحاصلة بانّه استفاد فى تجارته و حصل له الفائدة.

و لكن المعاملات ليست فى الغالب مبنية على

التلف و من شئوناتها و لهذا لو تلف بعض راس ماله فى تجارة و ربح فى تجارة اخرى يقال عرفا أنّه استفاد فى تجارته و لو تلف بعض راس ماله لعدم كون التلف مثل الخسران من شئونات التجارة.

و لكن يمكن دفع هذا الاشكال.

أولا بان التلف مثل الخسران من شئونات التجارة و ما يترتب عليها اذ كما ربّما يخسر الشخص فى تجارته ربما يتلف راس المال فى الطرق فى البحر أو البر بالسرقة و بغيرها.

و ثانيا لو فرض عدم كون التلف من شئون التجارة و لكن من يكون مشتغلا فى التجارة سواء كان مشتغلا بتجارة واحدة أو تجارة متعدّدة بل او تجارة و زراعة فتلف بعض راس ماله فى بعض معاملاته أو تجاراته و حصل الربح فى معاملة اخرى أو تجارة اخرى أو زراعة و كان مثلا ما يربح بقدر ما تلف عنه فلا يقال استفاد و حصل له الفائدة فى تجاراته بل يلاحظ العرف المجموع من حيث المجموع من تلفاته فى راس ماله و خساراته و فوائده فان حصل له الربح اكثر ممّا كان بيده من راس المال فيقال عرفا بحصول الفائدة فى اكتساباته و الّا فلا.

نعم الاحتياط بعدم الجبر مع ذلك يكون حسنا.

الصورة الثانية: لو خسر فى تجارة هل يجير بربح تجارة اخرى او لا اعلم انّ

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 204

لهذه الصورة صور نذكرها فى مسائل:

المسألة الاولى: لو كان للشخص تجارة فخسر فى معاملة فهل يجبر خسارتها بربح معاملة اخرى من هذه السنة او لا.

المسألة الثانية: لو كان له انواع من التجارات فخسر فى بعضها و ربح فى بعضها الاخر فهل تجبر خسارة الحاصلة فى بعضها بالربح الحاصل

فى هذه السنة من بعضها الآخر او لا.

المسألة الثالثة: لو كان له تجارة و زراعة فخسر فى تجارته و ربح فى زراعته أو بالعكس فهل تجبر الخسارة الحاصلة فى هذه السنة فى احداهما بالربح الحاصل فى هذه السنة من الاخرى او لا.

أقول اعلم انّ وجه اختيار عدم الجبر مطلقا فى جميع هذه الصور أو فى بعضها أو التوقف و الاحتياط.

أو القول بجبر الخسارة الحاصلة فى معاملة أو تجارة بغيرها مطلقا هو صدق الفائدة على الربح الحاصل فى السنة من معاملة أو تجارة أو زراعة و إن خسر فى غيرها و عدم صدق الفائدة.

فمن يقول بعدم مطلقا الجبر أو فى بعض الصور يقول بصدق الفائدة الحاصلة من الاكتساب على الربح الحاصل و إن خسر فى غير هذه المعاملة أو التجارة أو الزراعة.

و من يقول بجبر الخسران بالربح الحاصل فى اثناء السنة من تجارة يدعى عدم صدق الفائدة عرفا فى التجارة مع فرض خسرانه فى غير هذه التجارة بل يلاحظ فى صدق الفائدة الحاصلة من الاكتساب المجموع من حيث المجموع من التجارات

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 205

و المعاملات فاذا مضى الحول و مضى مئونته و بقى راس ماله و حصل له الربح يجب اخراج الخمس و الّا فلا.

و ما يأتى بالنظر هو الاحتمال الثانى فى جميع الصور الثلاثة و إن كان الامر فى الصورة الاولى اظهر من حيث صدق العرفى من الثانية و كذا الثانية من الثالثة.

و مع هذا لا يخفى انّ الاحتياط بعدم الجبر حسن مطلقا حتى فى المسألة الاولى.

و فيما قلنا من جبر الخسارة و كذا التلف فى راس المال من تجارة فى سنة بالربح الحاصل من تجارة أو زراعة

اخرى من هذه السنة لا فرق فى كون الخسارة فى تجارة و الربح فى اخرى فى وقت واحد من السنة أو فى وقتين من هذه السنة لعدم صدق الفائدة فى الاكتساب فى المقدار المقابل للخسارة الحاصلة فى تجارة فى هذه السنة.

***

[مسئلة 75: الخمس بجميع اقسامه متعلق بالعين]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 75: الخمس بجميع اقسامه متعلق بالعين و يتخير المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا أو جنسا و لا يجوز له التصرف فى العين قبل اداء الخمس و إن ضمنه فى ذمته و لو اتلفه بعد استقراره ضمنه و لو اتجر به قبل اخراج الخمس كانت المعاملة فضولية بالنسبة الى مقدار الخمس فان أمضاه الحاكم الشرعى اخذ العوض و الّا رجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة و بقيمته ان كانت تالفة و يتخير فى اخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الّذي اخذها و اتلفها هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح و أمّا إذا كانت فى الذمة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 206

و دفها عوضا فهى صحيحة و لكن لم تبرأ ذمته بمقدار الخمس و يرجع الحاكم به ان كانت العين موجودة و بقيمته ان كانت تالفة مخيرا حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضا.

(1)

أقول الكلام فى المسألة يقع فى طى مسائل:

المسألة الاولى: هل الخمس بجميع اقسامه السبعة يتعلق بالعين او لا.

امّا بحسب الفتوى فلا يرى مخالف فى كلمات الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم.

و أمّا بحسب الدليل.

ففى غنيمة دار الحرب الّتي هى مورد المتيقن من الايد الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ الخ فظاهرها تعلقه بالعين كما انّه بناء شمول الغنيمة لغير غنيمة دار الحرب من الاقسام المذكورة فيها الخمس يكون كذلك لانّ كلّها غنيمة كما ينادى بذلك استشهاد المعصوم عليه السّلام بالآية الشريفة فى بعض الاقسام مثل الكنز.

كما فى الرواية 3 من الباب 5 و مثل ما ورد فى ارباح المكاسب كما فى الرواية 5 من الباب 8

من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل فتشمل الآية لكل ما يعدّ غنيمة و فائدة حاصلة من احد هذه الاقسام كما هو مقتضى اطلاق الآية الشريفة فكل هذه الاقسام تشملها الآية بإطلاقها و بعد شمولها له فلا بد من القول بتعلق الخمس فى كل الاقسام بالعين لظهور الآية الشريفة فى ذلك.

و مع قطع النظر عن الآية الشريفة فالنصوص الواردة فى وجوب الخمس فى الاقسام السبعة المذكورة و إن كان بعضها ساكتة عن هذا الحيث.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 207

لكن بعضها الآخر يدل على ما هو ظاهره على تعلق الخمس بالعين و لم اجد فى الاخبار ما يدل على خلافه راجع الاخبار المربوطة بالمقام.

المسألة الثانية: هل يتخير المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر

نقدا أو جنسا أو لا يستدل على التخيير بوجوه.

الوجه الأوّل: بعض الروايات:

اولها: ما رواها الحرث بن حصيرة الازدى قال وجد رجل ركازا على عهد امير المؤمنين عليه السّلام فاتباعه ابى منه بثلاثمائة درهم و مائة شاة متبع فلامته امى و قالت اخذت هذه بثلاثمائة شاة اولادها مائة و انفسها مائة و ما فى بطونها مائة قال فندم ابى فانطلق ليستقيله فابى عليه الرجل فقال خذ منى عشر شياة خذ منى عشرين شاة فاعياه فاخذ ابى الركاز و اخرج منه قيمة الف شاة فاتاه الآخر فقال خذ غنمك و اتني ما شئت فابى فعالجه فاعياه فقال لاضرنّ بك فاستعدى امير المؤمنين عليه السّلام على ابى فلمّا قصّ ابى على امير المؤمنين عليه السّلام أمره قال لصاحب الركاز ادّ خمس ما اخذت فان الخمس عليك فانك انت الّذي وجدت الركاز و ليس على الآخر شي ء لأنّه انّما اخذ ثمن غنمه «1».

وجه الاستدلال امر الامام عليه السّلام باداء خمس ما

اخذ واجد الركاز و هو قيمة الركاز و ثمنه فلو لم يتخير واجد الركاز و مالكه بين دفع خمس العين أو دفع قيمته لما امر عليه السلام باداء خمس قيمة الركاز عليه.

و هذه الرواية كما ترى وردت فى الركاز فان كان المراد منه ما يرادف الكنز فغاية ما تدلّ عليه هو جواز بيع العين المتعلق به الخمس و دفع خمسه من قيمتها فلا يمكن التمسك بها على التخيير بين دفع خمس العين أو دفع قيمتها فى جميع انواع ما

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 6 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 208

يجب فيه الخمس الا بدعوى الغاء الخصوصية.

و لا مجال للإشكال فى هذه الرواية بانّ غاية ما تدلّ عليه هو جواز بيع العين المتعلق به الخمس فى اثناء السنة و أمّا بعد تمام الحول و السنة و هو الّذي محل الكلام فلا تدلّ الرواية لا على جواز بيعه و لا على تخييره بين دفع الخمس عن العين أو قيمتها.

لأنّ المئونة المتعلقة بالكنز هى مئونة الاخراج و أمّا مئونة السنة فلا دليل على استثنائها.

و يحتمل ان يكون الامر من امير المؤمنين عليه السّلام باداء خمس ما اخذ قيمة عن الركاز هو امضائه عليه السّلام المعاملة الواقعة فضوليا لأنّه ولى الخمس.

فلا يدل على جواز ذلك و تخيير صاحب المال مطلقا بين اداء خمس العين أو قيمته و الا لو كان فى مقام بيان الفتوى كان المناسب ان يامر بالتخيير بين اداء خمس العين أو قيمته لا وجوب ادائه من القيمة كما هو ظاهر الرواية.

و يدفع هذا لاحتمال أن الظاهر كون الأمر بأداء القيمة على واجد الركاز بيان

الحكم و الفتوى لا للإمضاء و اجازة أخذ الخمس من القيمة و أما ما ذكر من أنّه إن كان عليه السّلام فى مقام بيان الفتوى كان المناسب ان يتخير المالك بين خمس العين و القيمة لا ان يتعيّن من القيمة.

ففيه أنّ أمره عليه السّلام باداء الخمس من القيمة تكون لأجل بيع العين و وجود القيمة و حيث إن القيمة أحد فردى التخير امر بأداء الخمس من القيمة.

و على فرض استفادة التخيير فالتعدّى من المورد الى سائر انواع الواجب فيه الخمس مشكل مضافا الى انّ محمد بن يعقوب يروي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبى عبد اللّه عن أبيه عمن حدثه عن عمرو بن أبى المقدم عمن حدثه عن الحرث

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 209

بن حصيرة الازدى و لا ندرى من حدث أبيه من هو فالسند ضعيف.

ثانيها: الرواية السابقة ذكرها و هى ما رواها الريان بن الصلت قال كتبت الى ابى محمد عليه السّلام ما الّذي يجب عليّ يا مولاى فى غلة رحى أرض فى قطيعة لى و فى ثمن سمك و بردى و قصب ابيعه من اجمة هذه القطيعة فكتب يجب عليك فيه الخمس ان شاء اللّه تعالى «1».

وجه الاستدلال انّ من جملة اسئلته السؤال عن ثمن سمك و بردى و قصب باعه فكتب يجب عليك فيه الخمس فالمستفاد من الرواية هو تخيير المالك بين اداء الخمس عن العين أو عن قيمته و لو لم يكتف خمس القيمة لما يجوز اداء الخمس من ثمن السمك و ما باعه.

و استشكل على الرواية بعدم ربطها بما نحن فيه لأنّ ما اجاز بيعه و اداء الخمس عن القيمة هو فى اثناء

السنة و هذا لا ينافى مع عدم جواز الخمس عن قيمة العين المتعلق بها الخمس فى آخر السنة و بعد استقرار وجوب الخمس فلا تدلّ الرواية على التخيير بين اداء خمس العين أو قيمتها فى آخر الحول.

ثالثها: ما رواها ابو بصير عن ابى عبد اللّه عليه السّلام.

و فيها قال و عن الرجل يكون فى داره البستان فيه الفاكهة يأكله العيال انّما يبيع منه الشي ء بمائة درهم أو خمسين درهما هل عليه الخمس فكتب أمّا ما اكل فلا و أمّا البيع فنعم هو كسائر الضياع «2».

نقلنا الرواية بتمامها فى صدر عنوان السابع ممّا يجب فيه الخمس.

وجه الاستدلال بها مبين من الرواية الثانية.

______________________________

(1) الرواية 9 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 10 من الباب 8 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 210

و الاشكال فيها هو الاشكال الّذي اورد على الثانية.

الوجه الثاني: ما حكى عن العلامة رحمه اللّه فى باب الحاق زكاة الانعام بزكاة النقدين فى جواز دفع القيمة بما لو تمّ يقال به فى الخمس أيضا و هو انّ المقصود من تشريع الزكاة دفع الخلة و رفع الحاجة حيث انّ الزكاة شرعت جبرا للفقراء و معونة لهم و ربما كانت القيمة انفع فى بعض الاحيان لهم.

فكذلك يقال فى الخمس بانّ المقصود من تشريعه رفع حوائج ارباب الخمس فى قبال ما شرّع لغيرهم من الفقراء من الصدقات و قد يحصل رفع حاجتهم بقيمة ما تعلّق به الخمس بل تكون القيمة انفع بحالهم فيتخير المالك بين دفع خمس العين أو القيمة.

ففيه أمّا أوّلا فما فى بعض النصوص المستفاد منه كون تشريع الزكاة

لاجل رفع حوائج الفقراء يكون حكمة لا علة.

و ثانيا التعدى من مورد الزكاة الى الخمس لا وجه له.

و ثالثا على فرض كون ذلك علة جارية فى الخمس فليس لازمه تخيير المالك بين دفع الخمس من العين أو القيمة لأنّ ذلك يحصل بكون الامر راجعا الى ارباب الخمس الذين تعلق خمس العين بهم فان كان صلاحهم فى القيمة فهم باختيارهم يأخذون القيمة عن المالك و لا يلزم ان يكون الاختيار بيد المالك.

الوجه الثالث: دعوى السيرة على تخيير المالك بين دفع الخمس من العين و بين دفع القيمة.

و فيه انّ السيرة المستمرة من زماننا الى زمان المعصوم حجة و تحقق هذه السيرة غير معلوم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 211

فلا يبقى وجه للقول بالتخيير.

نعم كما يرى نسب القول بالتخيير الى مذهب الاصحاب من المحقق الخوانساري رحمه اللّه و لا يذكر مخالف له و هذا المقدار لا يكفى للافتاء بالتخيير على ما يخطر ببالى فتأمل.

ثمّ أنّه على فرض تخيير المالك بين دفع الخمس من العين و القيمة من مال آخر هل يكون التخيير منحصرا بما يكون ما يدفع قيمة نقدا مثلا يعطى الخمس من الدرهم أو الدينار.

او يكفى و لو كانت القيمة جنسا مثلا تكون العين المتعلق به الخمس فرشا فيعطى المالك قيمة الخمس من الحنطة أو لا يكتفى به.

وجه الاختصاص هو كون المتقن من الوجوه المذكورة كون القيمة الواقعة احدى فردى التخيير ما كانت القيمة نقدا.

و ان كان لاحتمال عدم الاختصاص بما كانت القيمة نقدا وجه لعدم كون الخصوصية النقدية دخيلا فى الحكم فتأمّل.

المسألة الثالثة: هل يجوز للمالك التصرف فى العين قبل اداء الخمس او لا

يجوز ذلك و إن ضمن الخمس فى ذمّته.

أقول بعد ما عرفت من انّ الخمس بجميع اقسامه متعلق بالعين فلا يجوز

للمالك التصرف فى العين قبل اداء الخمس لكون العين متعلقا بأرباب الخمس أيضا.

و هل يجوز له التصرف فى العين لو ضمن الخمس فى ذمّته أو لا الحق عدم الجواز لعدم دليل يقتضي انتقال الخمس من العين الى ذمة المالك بمجرد ضمانه.

المسألة الرابعة: لو اتلف العين كلّها أو بعضها بعد استقرار الخمس

ضمن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 212

الخمس لأنّ من اتلف مال الغير فهو له ضامن.

المسألة الخامسة: لو اتّجر المالك بالعين قبل اخراج الخمس

فله صورتان:

الصورة الاولى: ما إذا اتّجر بالعين و كانت المعاملة بعين الربح و بعبارة اخرى تكون المعاملة شخصية لا كلية فعلى هذا تكون المعاملة بالنسبة الى مقدار الخمس فضوليا لكون هذا المقدار من الغير فالمعاملة بالنسبة إليه فضولية.

فقال المؤلف رحمه اللّه فان امضى المعاملة الحاكم الشرعى يأخذ العوض.

أقول و ما افاد رحمه اللّه من انّ الحاكم يأخذ العوض ان امضى المعاملة.

صحيح ان قلنا بكون ما يستحقه ارباب الخمس نفس العين فياخذ الحاكم العوض بنسبة الخمس.

و أمّا لو كان الخمس حقا فى العين فإمضاء الحاكم لا يوجب ملك العوض و لا ثبوت حق فى العين لأنّ العين فى هذه الصورة ملك للمالك.

نعم يمكن ان يصالح حقه بمقدار من العين.

و وجه قول المؤلف رحمه اللّه بان الحاكم يأخذ العوض بنسبة الخمس ان امضى المعاملة يكون لما اختاره من كون شركة ارباب الخمس مع المالك على وجه الكلى فى المعين كما يأتى منه إن شاء اللّه فى المسألة 76.

هذا إذا كان الحاكم امضى المعاملة.

و أمّا لو لم يمضها يرجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة لأنّ خمس العين لارباب الخمس على القول بالشركة و متعلق لحقهم على القول الآخر.

و قال المؤلف رحمه اللّه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 213

و يرجع بقيمة العين ان كانت العين تالفة.

أقول هذا إذا لم تكن العين مثليا أو فقد المثل و الّا فيرجع الى مثل العين ان كانت مثليا و بقيمتها ان كانت قيميا أو لا يوجد مثلها.

و يتخير فى مقام اخذ القيمة أو الرجوع الى المثل بين الرجوع الى المالك

أو على الطرف المقابل الّذي اخذها و اتلفها بمقتضى قاعدة اليد.

أقول بل لو تلف العين فى يد احدهما له ان يأخذ القيمة أو المثل فيما كان الضمان لمثل العين التالفة من كل واحد منهما لكون الضمان بسبب اليد و لا فرق فى ضمانه باليد بين الاتلاف و التلف.

الصورة الثانية: ما إذا اتجر بالعين المتعلق بها الخمس و كانت المعاملة فى الذمة بمعنى كون المعاملة كليا مثلا باع منات معينة من الحنطة و فى مقام الاداء ادّى من الحنطة المتعلقة للخمس ففى هذه الصورة تكون المعاملة صحيحة لكن لم تبرأ ذمته بالمشترى بمقدار الخمس لأنّ ما اداه من الخمس كان للغير أو متعلقا لحقه.

و فى هذه الصورة يرجع الحاكم بالعين ان كانت موجودة و بمثلها أو قيمتها ان كانت تالفة مخيّرا حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضا.

***

[مسئلة 76: يجوز له ان يتصرف فى بعض الربح]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 76: يجوز له ان يتصرف فى بعض الربح ما دام مقدار الخمس.

منه باقيا فى يده مع قصد اخراجه من البقية اذ شركة ارباب الخمس مع المالك انّما هى على وجه الكلى فى المعين كما انّ الامر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 214

فى الزكاة أيضا كذلك و قد مرّ فى بابها.

(1)

أقول من جملة المباحث المبحوثة فى الخمس هى فى نحوة شركة ارباب الخمس فى العين المتعلق به الخمس و أنّها.

هل تكون على سبيل الاشاعة الّتي تكون الشركة فى كل جزء جزء من العين بين المالك و ارباب الخمس.

و اثر كون الشركة على نحو الاشاعة هو انّه لا يجوز للمالك التصرف فى جزء من اجزاء العين بغير اذن ارباب الخمس.

أو على سبيل الكلى فى المعين بمعنى انّ حقّ ارباب الخمس من العين المتعلق

به الخمس الكلى القابل للانطباق على كل واحد من الاخماس الخمسة فى العين.

و اثره جواز تصرّف المالك فى بعض العين ما دام مقدار الخمس منه باقيا مع كون قصده اخراج الخمس من الباقى.

او على نحو تعلق الحق بالعين كحق الرهانة مثلا الّذي يكون اثره عدم جواز النقل و الانتقال بدون اذن المرتهن لأنّ لازم هذا الحق حصول علقة بسبب عقد الرهن بين المرتهن و العين المرهونة لكون العين المرهونة مخرجا لدين المرتهن فلا يجوز النقل و انتقال العين بدون اذنه.

أو يكون على نحو تعلق بعض الحقوق الاخر الّذي يكون له اثر أو آثار خاص بالعين مثل حق الجناية.

أو يكون تعلق الخمس بالذمة محضا و لا تعلق له اصلا بعين الربح و اثره صحة بيع العين من المالك لكونه على هذا ملك طلقه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 215

أقول بنحو الاختصار بانّ ما يأتى بالنظر عاجلا هو كون تعلق الخمس بنحو الشركة اشاعة بمعنى كون خمس كل جزء جزء من العين من ارباب الخمس مثل كون كل جزء جزء من المالك بقدر سهمه.

كما هو مقتضى ظاهر الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ الخ.

فانّ المستفاد من الآية الشريفة و اللّه اعلم هو كون خمس ما غنمتم للّه و للرسول و لذى القربى الخ.

فان قوله (للّه) يدلّ على اختصاص خمس الشي ء الحاصل بالغنيمة للّه و للرسول و لذى القربى (الخ).

و أمّا الاخبار فلم اجد فيما بايدينا منها ما يستظهر منه كون تعلق الخمس بغير نحو الشركة.

بل الاخبار بعضها و ان فرض أنّه قابل للحمل على كون الخمس حقّا متعلّقا بالعين كذلك قابل للحمل على الشركة

و بعضها و إن لم يكن ظاهرا فى كون التعلق بنحو الشركة لكن ليس ظاهرا فى غيرها من المحتملات فيشكل بعض الروايات الّتي جعل الموضوع أى العين المتعلقة للخمس طرفا للخمس مثل ما رواها عمار بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول (فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس) و غير هذه الرواية فهذه الرواية و امثالها قابلة الحمل لكون التعلق بنحو الشركة أو على نحو الكلى فى المعين أو على نحو تعلق الحق بالعين فلم اجد ما يكون ظاهره كون التعلق بغير الشركة على نحو الاشاعة بين الروايات حتّى يعارض ظاهر الآية الشريفة فاذا نقول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 216

الأقوى كون التعلق بنحو الشركة و إن الخمس كسر مشاع من العين فلا يجوز للمالك التصرف فى عين الربح فى جزء من أجزائها بدون إذن أرباب الخمس بعد انقضاء السنة و امّا فى ابتداء السنة أو فى اثناء السنة فيأتى حكمه فى المسألة الآتية ان شاء اللّه تعالى.

***

[مسئلة 77: إذا حصل الربح فى ابتداء السنة أو فى اثنائها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 77: إذا حصل الربح فى ابتداء السنة أو فى اثنائها فلا مانع من التصرف فيه بالاتّجار و إن حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الأوّل منه لارباب الخمس بخلاف ما إذا اتجر بعد تمام الحول فانه ان حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لاربابه مضافا الى اصل الخمس فيخرجهما أولا ثمّ يخرج خمس بقيته ان زادت على مئونة السنة.

(1)

أقول إذا حصل للتاجر الربح فى ابتداء السنة أو فى اثنائها مثلا ربح ستّمائة دينار فصرف مائة منها فى مئونته و

بقى خمسمائة دينار و خمس خمسمائة يكون مائة دينار فتارة يعزل مائة دينار و يؤدى بأرباب الخمس بناء على جواز التعجيل و ان جاز التأخير الى آخر الحول.

و تارة يتّجر معه اعنى مع الربح الّذي تعلق به الخمس لوجوبه بحصول الربح على ما عرفت سابقا فى المسألة 72.

فهنا كلام فى جواز الاتّجار بهذا الربح الّذي صار مورد وجوب الخمس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 217

و كلام آخر فى أنّه بعد جواز الاتجار لو حصل ربح.

هل يكون ما ربح من الربح الأوّل لارباب الخمس فى حصتهم أو لا.

مثلا فى المثال المتقدم بعد ما كان الربح بعد المئونة المصروفة خمسمائة دينار و على الفرض وجب الخمس فيه و هو مائة دينار فلو اتجر مع هذا اى مع خمسمائة دينار فربح خمسمائة دينار اخرى.

فهل يكون خمس الربح الحاصل من خمسمائة لارباب الخمس اضافة على الخمس فيكون لارباب الخمس مائتين و ثمانين دينارا مائة خمس الربح و مائة للربح الحاصل من الربح الأوّل و ثمانين دينارا لما بقى من حاصل الربح لأنّه بقى للمالك من الربح الثانى بعد وضع ربح ارباب الخمس أربعمائة دينار و خمسه يكون ثمانين دينارا أولا.

بل الواجب عليه ليس الّا مائتين دينار مائة للربح الأوّل و مائة للربح الثانى لأنّ مجموعهما كان الف دينار و خمسها يكون مائتين دينارا و لا يشترك ارباب الخمس فى الربح الأوّل قولان اختار المؤلف رحمه اللّه القول الثانى.

اعلم ان هذا النزاع يجرى على القول بكون ارباب الخمس شريكا فى عين الربح الحاصل من المكاسب و غيرها ممّا يتعلق به الخمس و امّا ان كان الخمس حقّا فى العين فلا يكون مقدار الخمس ملكا لارباب الخمس حتى

يكون شريكا فى عين الربح.

أقول أمّا الكلام فى جواز الاتّجار بالربح الحاصل قبل انقضاء الحول سواء كان ابتدائه او فى اثنائه فهو من المسلمات.

و يدل عليه بعض الروايات المستدلة بها على جواز اداء قيمة عين الربح

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 218

نقدا أو جنسا و لا يتعين ادائه من نفس العين عند انقضاء السنة مثل رواية الريان بن الصلت.

و أمّا الكلام فى أنّه بعد الاتجار بالربح الحاصل.

هل يكون الربح الحاصل من اتجار الربح فى اثناء السنة كله للمالك و إن كان يجب عليه خمس مجموع الارباح الحاصلة له بعد المئونة عند انقضاء السنة و الحول.

أو يكون خمس الربح الحاصل من الربح لارباب الخمس مثلا بناء على القول بكون نحو تعلق الخمس بعين الربح بنحو الشركة يكون صاحب الخمس شريكا فى الربح الحاصل من الربح بقدر حصته.

أقول الظاهر كون الربح المبحوث فى المقام للمالك و لا يكون لارباب الخمس شي ء حتى بقدر حصتهم من الربح لأنّ المستفاد من مجموع ما يدل على انّ الخمس فى ارباح المكاسب و إن ادائه بعد المئونة اعنى مئونة السنة و إن خسران تجارة أو تلفه على ما قلنا فى المسألة 74 يجبر بربح تجارة اخرى فى عرض طول السنة بالربح الحاصل و عدم جوازه بعد انقضاء السنة على القول بالشركة فى نحو تعلق الخمس يكشف من مجموع ذلك انّ المجموع من الربح فى السنة يلاحظ مع راس المال فان زاد عند انقضاء السنة عن راس المال و حصل ربح يجب خمسه و لا يلاحظ كل ربح ربح مستقلا حتى يقال ان كل ربح حصل فخمسه حيث يكون لارباب الخمس يكون ربحه لهم أيضا بل يلاحظ مجموع

الربح فى آخر السنة بعد ما صرف منه فى المئونة يخرج الخمس من فاضل المئونة الزائدة عن راس المال.

و هذا بخلاف ما إذا اتجر بالربح بعد تمام الحول فانه إذا حصل ربح من الربح الفاضل من المئونة فى آخر السنة كان ما يقابل الخمس من الربح لارباب الخمس مضافا الى اصل الخمس بالتفصيل المتقدم فى المسألة 75 لأنّه بانقضاء السنة استقر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 219

الخمس و صار خمس الربح على القول بالشركة و هو قول المختار ملكا لارباب الخمس.

***

[مسئلة 78: ليس للمالك ان ينقل الخمس الى ذمته ثمّ التصرف فيه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 78: ليس للمالك ان ينقل الخمس الى ذمته ثمّ التصرف فيه كما اشرنا إليه نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم و حينئذ فيجوز له التصرف فيه و لا حصة له من الربح اذا اتجر و لو فرض تجدد مؤن له فى اثناء الحول على وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.

(1)

أقول اما عدم جواز نقل الخمس الى الذمة فلعدم دليل عليه كما قلنا سابقا مع كونه متعلقا بالعين.

و لا يجوز التصرف فيه كما اشرنا بناء على الشركة.

و أمّا جواز التصرف بالمصالحة مع الحاكم فمع كونه مصلحة نقول به و مع المصلحة بجوز التصرف فيه.

و لا حصة لارباب الخمس اذا اتجر به بعد المصالحة.

و لو فرض تجدّد مؤن له فى اثناء الحول على وجه لا يقوم به الربح انكشف فساد الصلح لعدم العوض للصلح فى هذه الصورة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 220

[مسئلة 79: يجوز له تعجيل اخراج خمس الربح]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 79: يجوز له تعجيل اخراج خمس الربح اذا حصل فى اثناء السنة و لا يجب التأخير الى آخرها فانّ التأخير من باب الارفاق كما مر و حينئذ فلو اخرجه بعد تقدير المئونة بما يظنه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها كشف ذلك عن عدم صحته خمسا فله الرجوع به على المستحق مع بقاء عينه لا مع تلفها فى يده الا إذا كان عالما بالحال فانّ الظاهر ضمانه حينئذ.

(1)

أقول فى المسألة مسئلتان:

المسألة الاولى: يجوز للشخص تعجيل اخراج خمس الربح

إذا حصل فى اثناء السنة و لا يجب التأخير الى آخرها فانّ التأخير من باب الارفاق كما مر فى المسألة 72.

المسألة الثانية: بعد فرض جواز تعجيل اخراج خمس الربح الحاصل فى اثناء السنة

لو اخرج الخمس بعد تقدير المئونة بما يظنّه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها يكشف ذلك عن عدم صحة ما اداه بعنوان الخمس خمسا.

فتارة يكون عين ما اعطاه بالمستحق خمسا باق عند المستحق فله الرجوع إليها لأنّه على الفرض لم يكن الخمس فى عهدته قد يقال بعدم جواز الرجوع الى المستحق حتى مع بقاء العين عنده بانّ جواز الرجوع مبنى على كون الظنّ و التخمين فى أول ظهور الربح بالمئونة مأخوذا على نحو الطريقية و بعد ظهور كشف الخلاف بعدم وجوب المقدار المظنون واجبا عليه لكون مئونته أكثر ممّا ظنّ عند حصول الربح يكشف عن عدم طريقية الطريق فيجوز له الرجوع بما أعطاه بالمستحق مع بقاء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 221

عينه و امّا ان كان الظن و التخمين له الموضوعية بمعنى موضوعية الظنّ بوجوب مقدار المظنون فلا يجوز له أخذ ما أعطاه بالمستحق و لو كان عينه باق.

و فيه أنّه لا وجه لكون الظنّ بالمئونة مأخوذا موضوعا بل الظاهر من الأخبار المصرحة باستثناء المئونة هو اختصاص وجوب الخمس بما يزيد عن المئونة واقعا و على الفرض بعد كشف كون المئونة أكثر ممّا ظنّه أولا لا يكون ما أعطاه من فاصل المئونة واقعا فيجوز له أخذه مع بقاء عينه.

و تارة تلف عين ما اعطاه خمسا عند المستحق.

فان لم يكن المستحق عالما بالحال اعنى بانّه لا يكون الخمس واجبا على المعطى فلا يضمن العين التالفة فى يده لعدم كون يده على العين يدا عادية و صار

مغرور أو المغرور يرجع الى من عزّ.

و أمّا ان كان المستحق عالما بالحال بان يعلم حين اخذ ما اخذ أنّه لا يجب عليه الخمس لعلمه بحاله و إنّ مئونته اكثر ممّا ظنه بحيث لا يكون مديونا بهذا المقدار من الخمس و مع علمه بالحال اخذه فهل يكون ضامنا بعد كشف عدم كون المعطى مديونا بالخمس او لا يكون ضامنا.

لا يبعد الضمان لأنّ اليد الغير المضمونة كل يد استولت على المال بسبب شرعى و فى المورد ليس كذلك.

***

[مسئلة 80: اذا اشترى بالخمس قبل اخراج الخمس جارية]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 80: اذا اشترى بالخمس قبل اخراج الخمس جارية لا يجوز له وطؤها كما أنّه لو اشترى به ثوبا لا يجوز

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 222

الصلاة فيه و لو اشترى به ماء للغسل أو الوضوء لم يصح و هكذا نعم لو بقى منه بمقدار الخمس فى يده و كان قاصدا لإخراجه منه جاز و صح كما مر نظيره.

(1)

أقول لا بد و إن يكون فرض الكلام فيما انقضت السنة التجارة فى كل ما يستقر الخمس فيه بانقضاء الحول و السنة و الّا فان كان فى اثناء الحول فلا اشكال فى التصرف فى الربح الحاصل بالتجارة أو بصرفها فى المئونة.

و بعد ذلك نقول بانّه.

تارة تكون المعاملة كليا بان يشترى الجارية أو الماء أو غيرهما بثمن كلى ثمّ فى مقام الوفاء يؤدى الثمن من العين المتعلقة للخمس فحيث أنّه صحت المعاملة و إن كان مديونا بمقدار ما ادى من الخمس بالبايع يصحّ تصرفاته فى البيع من الجارية و الماء غيرهما.

و تارة تكون المعاملة شخصيا بان يجعل الثمن العين الشخصية المتعلقة للخمس فتكون المعاملة بالنسبة الى مقدار الخمس فضوليا و لا يجوز التصرف فى البيع فقد

ظهر ممّا بينا ان كلامه رحمه اللّه ليس تماما بإطلاقه بل لا بد من التفصيل بين كون المعاملة كليا فتصح التصرفات فى البيع و بين كونها شخصيا فلا تصح التصرفات فى المبيع الّا ان يقال ان نظره رحمه اللّه الى القسم الثانى لأنّ قوله إذا اشترى بالخمس جارية ظاهر فى كون الثمن شخصيا.

كما ان ما افاده رحمه اللّه فى آخر المسألة من قوله (نعم لو بقى منه بمقدار الخمس فى يده و كان قاصدا لاخراجه منه جاز و صح).

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 223

مبنى على ما اختاره فى المسألة 76 من كون شركة ارباب الخمس مع مالك انّما هو على وجه الكلى فى المعين و أمّا على ما اخترنا من كونه على نحو الاشاعة فلا يجوز و لا يصح.

***

[مسئلة 81: قد مرّ انّ مصارف الحج الواجب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 81: قد مرّ انّ مصارف الحج الواجب إذا استطاع فى عام الربح و تمكن من المسير من مئونة تلك السنة و كذا مصارف الحج المندوب و الزيارات و الظاهر انّ المدار على وقت إنشاء السفر فان كان انشائه فى عام الربح فمصارفه من مئونته ذهابا و ايابا و إن تمّ الحول فى اثناء السفر فلا يجب اخراج خمس ما صرفه فى العام الآخر فى الاياب أو مع المقصد و بعض الذهاب.

(1)

أقول الاقوى التفصيل فانّ من يسافر سفرا للحج أو الزيارة و ينقضى حوله فى اثناء سفره.

تارة يصرف مصارفا للسفر قبل انقضاء الحول مثلا يشترى دابة للسفر ذهابا و ايابا او يخرج اجرة السيارة أو الطيارة بحسب المعمول للذهاب و الاياب قبل انقضاء السنة و الحول و إن كان بعض ذلك للاياب الّذي هو بعد انقضاء الحول فلا اشكال ظاهرا

فى عده من مئونة السنة الّتي ينشأ السفر فيها عرفا لأنّ البناء على ذلك فيعدّ من مئونة سنته.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 224

و تارة لا يكون كذلك مثل مخارج كل يوم يوم فى سفره أو اجرة البيت و غير ذلك.

فهل يعدّ هذه المصارف من مئونة سنة انشأ فيها السفر و إن كانت هذه المصارف تصرف بعضها بعد انقضاء سنته اعنى فى السنة اللاحقة أولا.

بل يعدّ كلما يصرف بعد انقضاء سنة انشا فيها السفر من مئونة السنة اللاحقة.

استشكل بعض الأعاظم المحشّين رحمه اللّه فى عد القسم الثانى من مئونة السنة الّتي إنشاء فيها السفر.

أقول و لا يبعد عدّه من مئونتها عرفا لأنّ من يسافر بحسب المتعارف يتهيأ وسائل السفر و مخارجه قبل الشروع فى السفر و يعدّ كل هذه المصارف من مئونة السنة الواقعة فيها السفر و قد إنشاء فيها السفر و لكن الأحوط عدم الالحاق.

***

[مسئلة 82: لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 82: لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه اخراج خمسها أولا و لا يجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد اخراج مئونة سنته.

(1)

أقول منشأ توهم وجوب خمس آخر من باب ربح الكسب على من جعل الغوص أو المعدن مكسبا هو اطلاق النصوص الواردة فى ارباح المكاسب فيقال ان من عمل فى المعدن و اخرج شيئا و إن ادّى خمسه لكن بعد مضى سنته يجب عليه خمس ربح كسبه لأنّه من المكاسب.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 225

و ما يمكن ان يقال جوابا عنه وجوه:

الوجه الاوّل: انّ كل شي ء من الاشياء السبعة المتعلقة للخمس بمقتضى النصوص جعل فى قبال شي ء آخر فما يجب فيه الخمس مثلا يكون المعدن

محكوما باحكام خاصة أو الغوص فهو أيضا محكوما باحكام خاصة أو ارباح المكاسب فهى أيضا محكوما باحكام خاصة فكل واحد منها فى قبال الآخر فلا يمكن ان يكون كل واحد منها مصداقا من مصاديق الآخر و محكوما بحكمه.

و فيه أنّه لا يستفاد من النصوص الّا وجوب الخمس فى هذه الاشياء ففى شي ء يخرج من المعدن خمس باعتبار كونه معدنا و فى الكنز خمس باعتبار كونه كنزا و هكذا كما يقتضي ذلك مناسبة الحكم و الموضوع و هذا لا ينافى تعلق الخمس بهذا الشي ء باعتبار آخر و هو كونه غنيمة و استفادة حاصلة من الاكتساب لشمول الاكتساب كل كسب و من جملته كون الغوص أو المعدن مكسبه فلا تعارض بينهما و لا بين الدليل الدال على كون كل من الاشياء المجعولة فيها الخمس.

الوجه الثاني: ان يقال انّ الخمس الواجب فى الغوص أو المعدن يكون خمس الفوائد المكتسبة لا شي ء آخر و ان اختصا بالذكر و لهما بعض الاحكام الخاصة من اعتبار النصاب مثلا أو عدم استثناء مئونة السنة فيهما فيكون الخمس الواجب فيها هو الخمس الواجب فى ارباح المكاسب فليس فيهما خمس آخر حتى يقع الكلام فى وجوب خمس ارباح المكاسب فيهما و عدمه بل الواجب خمس واحد و هو خمس ارباح المكاسب فلا يبقى موضع لهذا البحث راسا.

و فيه أولا انّ المعدن و الغوص ان كان كل واحد منهما مكسبا فلا يكون ظاهر الاخبار المتعرضة للغوص و لوجوب الخمس فيه كون الخمس لاجل كونه مكسبا و لهذا لا يرى تعرض من هذا الحيث فى الاخبار الدالة على الخمس فيه و لا فى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 226

ارباح المكاسب ذكر منه.

بل

الظاهر كون نفس المعدن ممّا يجب فيه الخمس و لو لم يكن مكسبا و لهذا لو اتفق مرة واحدة اخراج شي ء بالغوص أو المعدن يجب الخمس عليه و مناسبة الحكم و الموضوع كما قلنا يقضى ذلك.

و ثانيا لو فرض حصوله بغير الاكتساب فلا بد ان نقول بعدم الخمس مثل ما ارتمس فى الماء لتحصيل شي ء من البحر فاتفق وضع يده بلؤلؤ مثلا فاخرجه من البحر فلا بد ان تقول بعدم وجوب الخمس فيه لعدم حصوله بالاكتساب و الحال انّه لم تقل بذلك.

الوجه الثالث: بعض الروايات المطلقة منها ما رواها الحسن بن شعبة فى تحف العقول عن الرضا عليه السّلام فى كتابه الى المامون قال و الخمس من جميع المال مرة واحدة «1».

و فيه أوّلا انّ الرواية ضعيفة السند لكونها مرسلة.

و ثانيا الظاهر من الرواية هو ان الخمس فى كل ما يتعلق به مرة واحدة مثلا لو كان حاصل الربح فلا يجب الخمس فيه الّا مرة واحدة لا انّه لو وجب لسبب لا يجب بسبب آخر.

و أمّا روى على ما فى المستمسك (انه لا يتنافى صدقة) فعلى فرض وجود رواية بهذا المضمون أو قريب منه و كان مقتضى الحجية موجودا فيها فشمولها للخمس غير معلوم بل معلوم العدم لعدم كون الخمس من الصدقات.

أقول و ما يأتى بالنظر عدم وجوب خمس بعنوان ارباح المكاسب على

______________________________

(1) الرواية 13 من الباب 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 227

ما خرج من المعدن أو بالغوص غير خمس واحد مضى الكلام فيها و فيما يتعلق بهما من الاحكام عند تعرض وجوب الخمس فيهما.

بان الظاهر بل الصريح من الروايات الواردة فى

ارباح المكاسب هو ان المراد منها هو المكاسب المتعارضة من التجارات و الصناعات و الزراعات الّتي يتعارف التكسب بهما فيجب الخمس فى الفوائد الحاصلة منها و ليس النظر فيها الى الفوائد الحاصلة من المعدن أو الغوص أو الكنز فمن كان شغله استخراج المعدن أو يكون غواصا أو يكون حفارا يحفر الأرض بداعى استخراج الكنز بل كما يظهر من عنوانهم فى الشرع مستقلا و جعل بعض الاحكام الخاصة لها كونها فى قبال ساير الاكتسابات مع فرض كونها كسبا و حرفة فالخمس الواجب فيها بعنوان المعدن او الغوص أو الكنز يكون ظاهرا بملاك حصول الفائدة من هذا السبيل فلا يبقى مجال لأنّ يجب على عامله و لا على المستفيد منه خمسا آخرا بعنوان ارباح المكاسب و لعل نظر من يقول بانّه من الفوائد المكتسبة هو الى هذا.

و على كل حال لا فرق بين ان يجعل كسب المعدن أو الغوص من افراد ارباح المكاسب كما بينا فى الوجه الثانى أو كان كسبا فى قبال المكاسب المتعارضة المرادة فى ارباح المكاسب فى عدم وجوب خمس آخر فى المعدن و الغوص إذا كانا كسبا.

بل ما يأتى بالنظر هو كون الشاغل فى استخراج المعدن أو الغوص كون ذلك كسبه و إن اشتغل به مرة واحدة و يعد ما يخرجه بعد ما كان بداعى استخراج المعدن أو الغوص أنّه من كسبه و إن ما يحصل له من الفوائد المكتسبة و له بعض الاحكام الخاصة فلا وجه لوجوب خمس آخر عليه بعنوان الفوائد المكتسبة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 228

[مسئلة 83: المرأة الّتي تكتسب فى بيت زوجها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 83: المرأة الّتي تكتسب فى بيت زوجها و يتحمّل زوجها مئونتها يجب عليها خمس ما حصل لها من

غير اعتبار اخراج المئونة اذ هى على زوجها الا ان لا يتحمّل.

(1)

أقول بعد ما عرفت فى المسألة 65 انّ الميزان فى استثناء المئونة هو ما صرف فى المئونة لا مقدارها فلو قتر على نفسه أو تبرع متبرع بها أو اداها من وجبت عليه مثل الزوجة الّتي ينفقها زوجها يجب على المرأة خمس ما تكتسب بدون استثناء المئونة نعم لو لم يتمكن زوجها من الانفاق أو تمكّن و لا ينفقها عصيانا فاحتاجت المرأة الى صرف المئونة فلا يجب خمس ما اكتسبت الا بعد المئونة.

***

[مسئلة 84: الظاهر عدم اشتراط التكليف و الحرية]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 84: الظاهر عدم اشتراط التكليف و الحرية فى الكنز و الغوص و المعدن و الحلال المختلط بالحرام و الأرض الّتي يشتريها الذمى من المسلم فيتعلق بها الخمس و يجب على الولى و السيد اخراجه و فى تعلّقه بأرباح مكاسب الطفل اشكال و الأحوط اخراجه بعد بلوغه.

(2)

أقول اما عدم اشتراط التكليف فلم ار فيما وقفت قولا على اشتراطه فى الخمسة المذكورة قبل ارباح المكاسب و ما يمكن ان يستدل به على الخمسة غير الأرض الّتي اشتراها الذمى ما رواها عمّار بن مروان قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 229

فيما يخرج من المعادن و البحر و الغنيمة و الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعرف صاحبه و الكنوز الخمس «1» لأنّ الرواية تدلّ على انّ فيما يخرج من المعادن (الخ) الخمس سواء كان المخرج أو من بيده الحلال المختلط بالحرام مكلفا أو لا و هذا تقتضى اطلاق الرواية غاية الامر إذا كان المخرج صبيا يجب اداء الخمس على وليه.

و بالنسبة الى ارباح المكاسب ما رواها سماعة قال سألت أبا لحسن عليه

السّلام عن الخمس فقال فى كل ما افاد الناس من قليل أو كثير «2».

و أمّا فى الأرض الّتي اشتراها الذمى فقد يقال بعدم وجوبه على الصبى بان ظاهر بعض الروايات المتعرضة لوجوب الخمس فيها مثل قوله عليه السّلام فى رواية ابى عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ايّما ذمى اشترى من مسلم أرضا فان عليه الخمس «3» هو اعتبار التكليف لأنّ قوله عليه السّلام (عليه الخمس) يعنى على عهدته الخمس لا يناسب الا على من يكون مكلفا لعدم صحة الزام الصبى و جعل العهدة عليه.

لكن يمكن ان يقال فى جواب ذلك بان لفظة على يستعمل فى مطلق الاستقرار مثل قولك زيد على السطح.

أقول و إن تمّ هذا ليست نتيجته الا كون الرواية ذى احتمالين و هذا لا يكفى دليلا على عدم اشتراط التكليف.

الّا ان يدعى العلم بعدم الفرق بين ما يجب فيه الخمس من افراده من هذا الحيث فاذا لا يكون التكليف شرطا فى غيرها نقول فيها أيضا.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 8 من ابواب المذكورة من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 9 من ابواب المذكورة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 230

و أمّا الحريّة فان قلنا بانّ العبد لا يملك شيئا و إنّ العبد و ما يقع تحت يده فهو لمولاه فلا يجب عليه شي ء لأنّه لا يستفيد شيئا بل يجب على مولاه.

و ان قلنا بانّه يملكه فيجب عليه الخمس لاطلاق الادلة و الحمد له أولا و آخرا و الصلاة و السلام على رسوله و آله لا سيما امام العصر روحى فداه و اللعن

على اعدائهم و قد فرغت من بحث الخمس و تدريسه و كتابته الى هنا فى اليوم التاسع عشر من شهر رجب المرجب من شهور 1400 قمرى و انا اقل خدمة اهل العلم على الصافى الكلبايكاني ابن العلامة الشيخ محمد جواد اعلى اللّه مقامه.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 231

فصل: فى قسمة الخمس و مستحقّه

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 233

قوله رحمه اللّه

فصل فى قسمة الخمس و مستحقّه

[مسئلة 1: يقسم الخمس ستة اسهم]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: يقسم الخمس ستة اسهم على الاصحّ سهم للّه سبحانه و سهم للنبى صلّى اللّه عليه و آله و سلم و سهم للإمام عليه السّلام (و هذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان ارواحنا له الفداء و عجل اللّه تعالى فرجه و ثلاثة للايتام و المساكين و ابناء السبيل و يشترط فى الثلاثة الاخيرة الايمان و فى الايتام الفقر و فى ابناء السبيل الحاجة فى بلد التسليم و إن كان غنيا فى بلده و لا فرق بين ان يكون سفره فى طاعة أو معصية و لا يعتبر فى المستحقين العدالة و إن كان الاولى ملاحظة المرجحات و الاولى ان لا يعطى لمرتكبى الكبائر خصوصا مع التجاهر بل يقوى عدم الجواز إذا كان فى الدفع اعانة على الإثم و لا سيما إذا كان فى المنع الردع عنه و مستضعف كل فرقة ملحق بها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 234

(1)

أقول الكلام فى المسألة يقع فى موارد نذكرها لك بعونه تعالى إن شاء اللّه.

المورد الأوّل: يقسّم الخمس ستة اسهم

كما هو المنسوب الى المشهور أو الى معظم الاصحاب أو الى الاصحاب أو جميعهم أو للاجماع أو من دين الامامية و هى سهم للّه سبحانه و سهم للنبى صلّى اللّه عليه و آله و سلم و سهم للامام عليه السّلام و ثلاثة اسهم للايتام و المساكين و ابناء السبيل من اهل بيته صلّى اللّه عليه و آله و سلم بالتفصيل الّتي يأتى ان شاء اللّه تعالى.

و يدل عليه ظاهر الكتاب الكريم وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الخ «1».

و بعض الروايات منها ما رواها زكريا

بن مالك الجعفى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام انّه سئل عن قول اللّه تعالى و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل فقال أمّا خمس اللّه عزّ و جل فللرسول يضعه فى سبيل اللّه و أمّا خمس الرسول فلاقاربه و خمس ذوى القربى فهم اقربائه و حدها و اليتامى يتامى اهل بيته فجعل هذه الاربعة اسهم فيهم و أمّا المساكين و ابن السبيل فقد عرفت انا لا ناكل الصدقة و لا تحلّ لنا فهى للمساكين و ابناء السبيل «2».

و غيرها راجع الباب الأوّل من ابواب قسمة الخمس من الوسائل و غيرها من كتب الحديث.

و قيل يقسم الخمس خمسة اسهم بحذف سهم اللّه تعالى و ربما نسب هذا القول الى ابن الجنيد.

و ما يمكن ان يكون وجها لهذا القول وجهان:

______________________________

(1) سورة الأنفال، الآية 41.

(2) الرواية 1 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 235

الوجه الأوّل: انّ ذكر اللّه سبحانه كان تعظيما له و لبيان انّ جميع الامور ينتسب إليه و يامر به و ينهى عنه حتّى انّ رمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عدّ فى القرآن الكريم رميه تعالى حيث قال عزّ من قال و ما رميت اذ رميت و لكن اللّه رمى الخ لا ان جعل له سهما من الخمس فى قبال ساير الاسهم.

و فيه انّ هذا و إن كان محتملا لكن الظاهر من الآية الشريفة و بعض الاخبار منها الرواية المتقدمة هو كون سهم له تعالى فى قبال ساير الاسهم.

الوجه الثاني: ما رواها ربعى بن عبد

اللّه بن الجارود عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إذا اتاه المغنم اخذ صفوه و كان ذلك له ثمّ يقسم ما بقى خمسة اخماس و يأخذ خمسه ثمّ يقسم أربعة اخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ثمّ قسم الخمس الّذي اخذه خمسة اخماس يأخذ خمس اللّه لنفسه ثمّ يقسم الاربعة اخماس بين ذوى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل يعطى كل واحد منهم حقا و كذلك الإمام يأخذ كما يأخذ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم «1».

وجه الاستدلال قوله عليه السّلام (ثمّ يقسّم الخمس الّذي اخذه خمسة اقسام).

و فيه أولا كما فى الوسائل حكى عن الشيخ رحمه اللّه أنّه حمل الحديث على ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قنع بما دون حقّه ليتوفر على المستحقين.

و ثانيا حمل الحديث على التقية لأنّ التقسيم بخمسة اسهام مذهب العامة.

و ثالثا انّ الحديث ينقل فعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بتقسيمه الخمس خمسة اسهام فاخذ خمس اللّه عز و جل لنفسه و هذا لا يدل على ان الخمس حكمه تقسيمه خمسة اسهام بل فى مقام العمل يأخذ الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم سهم اللّه تعالى.

و لم يأخذ سهم نفسه و جعله فى ساير السهام و لعل ذلك كان لاجل اخذه

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 236

صفو المال و لهذا لم يأخذ سهمه و قسمه خمسة اسهم و هذا لا يدل على كون تشريع الخمس خمسة اسهام.

و رابعا على فرض التعارض بين هذه

الرواية و بعض الرواية الدالة على كون الخمس ستة اسهم لا بد من الاخذ بالطائفة الدالة على تقسيم الخمس ستة اسهم لأنّ الشهرة المرجحة سواء كانت الشهرة الفتوائية أو الروائية مع هذه الطائفة فافهم.

المورد الثاني: سهم اللّه تعالى و سهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم

و سهم الامام عليه السّلام يكون الآن لصاحب الزمان ارواحنا له الفداء و عجل اللّه تعالى فرجه الشريف.

و يدل عليه بعض الاخبار.

منها ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر عن الرضا عليه السّلام قال سئل عن قول اللّه تعالى و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى فقيل له فما كان للّه فلمن فقال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهو للامام الحديث «1».

و يدل عليه مرسلة ابن بكير «2» و مرسلة حماد «3» و غيرهما راجع الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

المورد الثالث: و ثلاثة اسهم للايتام و المساكين و ابناء السبيل

من اهل البيت كما هو مقتضى الظاهر الآية الشريفة و يدل عليه بعض الاخبار.

منها ما رواها ذكريا بن مالك الجعفى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام اخرجناها فى المورد الأوّل من الموارد الّتي ذكرناها فى هذه المسألة و غيرها من الروايات راجع الباب الأوّل من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

(3) الرواية 8 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 237

المورد الرابع: يشترط فى الثلاثة الاخيرة

الايتام و المساكين و ابناء السبيل الايمان.

أقول أمّا اشتراط الايمان فى الايتام الغير البالغين فيكفى ايمان اشرف ابويهم و يضر عدم ايمانه فكان المناسب جعل الشرط لاشرف ابويهم لا لنفسهم.

و على كل حال يستدل على اعتبار شرط الايمان فيهم بامور:

الاول: الاجماع.

و فيه انّ الاجماع الكاشف عن قول المعصوم عليه السّلام غير معلوم و لعل ايفاقهم على تقدير وقوعه كان لاحد الوجوه الاخر.

الثاني: قاعدة الاشتغال بدعوى أنّه بعد اشتغال الذمة بالخمس يشك فى حصول البراءة باعطائه بمن لم يكن مؤمنا من احدى الطوائف الثلاثة و عدمه فمقتضى وجوب البراءة اليقينية هو اعطائه بالمؤمنين منهم لأنّ مقتضى الاشتغال اليقينى البراءة اليقينية.

و فيه أنّه بعد كون الشك فى الاقل و الاكثر الارتباطى مجرى اصالة البراءة كما حقّقناه فى الاصول فلا تصل النوبة بقاعدة الاشتغال بل يكون مجرى البراءة و نتيجتها الاكتفاء باعطائه بغير المؤمن.

الثالث: كون جعل الخمس لهم عوضا عن الزكاة المجعولة لغير السادات فكما يعتبر فى مستحق الزكاة الايمان كذلك فى السادة.

و فيه انّ مجرد جعل الخمس لهم عوضا عن الزكاة المجعولة لغيرهم لا يدل على

اعتبار كل ما اعتبر فى الزكاة فى الخمس.

الرابع: دلالة بعض الروايات على كون جعل الخمس للسادة كرامة لهم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 238

مثل ما رواها حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح (يعنى موسى بن جعفر عليه السّلام) و فيها و انّما جعل اللّه هذا الخمس لهم خاصة دون مساكين الناس و ابناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها من اللّه لهم لقرابتهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و كرامة لهم عن اوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن ان يصيرهم فى موضع الذل و المسكنة الخ «1».

و فيه انّ الظاهر من الكرامة الّتي اعطاهم اللّه هى اختصاصهم بالخمس و عدم جعلهم كفقراء غيرهم و تنزيهم عن اوساخ الناس و انّما الكلام فى ان هذه الكرامة هل تختص بالمؤمنين منهم أو يشمل غير المؤمنين من السادة.

الّا ان يقال بان غير المؤمن لا تستحق الكرامة و الشرافة و الاختصاص فعلى هذا يستفاد من الرواية اعتبار الايمان و لا يبعد ذلك فاوجه الوجوه هو هذا الوجه.

المورد الخامس: هل يعتبر فى الايتام من السادة الفقر او لا

الظاهر اعتباره كما يظهر من بعض الروايات من كون جعل سهم لهم لرفع حاجتهم و استغنائهم عن الناس و تنزيها لهم عن الذل و المسكنة كما فى رواية حماد المتقدمة ذكر بعض.

فقراتها فى الوجه الرابع راجع الباب الأوّل من ابواب قسمة الخمس من الوسائل ج 6.

و مرفوعة احمد بن محمد «2».

و أمّا التمسك على اشتراط الفقر فى الايتام بقاعدة الاشتغال فغير تمام لأنّ المورد من صغريات الشك بين الاقل و الاكثر الارتباطى و الحق فيه البراءة.

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من

الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 239

و قد يقال كما حكى عن السرائر و المبسوط بعدم اعتبار الفقر فى الايتام و ما يمكن ان يكون وجهه.

امّا للتقابل بين الايتام و المساكين فى آية الخمس لقوله عزّ من قائل فى الآية (و اليتامى و المساكين) و هذا شاهد على انّ الايتام طائفة فى قبال المساكين فهم غير الفقراء.

و امّا لضعف سند رواية حماد لارسالها و رواية احمد بن محمد لكونها مرفوعة.

و يجاب عن الأوّل بان التقابل بين الايتام و بين المساكين ليس لاعتبار الفقر فى المساكين و عدم اعتباره فى الايتام بل لاجل البلوغ و عدم البلوغ و فقد الأب.

و عن الثانى بجبر ضعف السند فى الخيرين باستناد المشهور بهما.

أقول بعد ما لا يتم الدليل المتمسك به على اعتبار الفقر فى الايتام لضعف سند الخبرين و عدم معلومية جبر ضعف سندها باستناد المشهور بهما و الاشكال فى جبر ضعف السند بمجرد مطابقة عمل المشهور مع متن الحديث.

فلو لم نقل بعدم اشتراط الفقر الظاهر الآية لأنّ الظاهر كون التقابل فى الآية بين الايتام و المساكين من باب اعتبار الفقر فى الثانى و عدم اعتباره فى الأوّل و لم نقل بانّه مع الشك فى الاشتراط يكون مقتضى البراءة عدم الاشتراط.

فلا اقلّ من عدم وجه للافتاء بالاشتراط بل نقول بانّ الأحوط اشتراط الفقر فى اليتامى.

المورد السادس: يشترط فى ابن السبيل من السادة الحاجة فى بلد التسليم

و ان كان غنيّا فى بلده.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 240

امّا احتياجه فى بلد التسليم فواضح لأنّ مع عدم الحاجة لا يطلق عليه ابن السبيل لأنّ المتبادر منه هو المحتاج فى سفره لنفاد نفقته او موت

راحلته أو غير ذلك و لا ينافى احتياجه فى سفره مع غنائه فى بلده و ما ينبغى ان يتكلم فيه فى المقام امران:

الاوّل: هل يعتبر فى ابن السبيل العدالة او لا.

لا دليل على اعتبارها و مع الشك المرجع البراءة.

نعم ربما يستشكل اعطاء الخمس بابن السبيل المتجاهر بالفسق أو مرتكب الكبيرة و لو لم يتجاهر به أو بمن يصرفه فى معصية اللّه تعالى لعدم جواز اعانتهم خصوصا فيما يوجب منعه عنه ردعه عن المعصية و عدم رضى اللّه تعالى حتما بصرف الخمس فى معصيته فى صورة العلم بصرفه فى المعصية فلا يعطى بهم.

الثاني: هل يعتبر فى ابن السبيل ان يكون سفره فى طاعة كالحج و الزيارة و طلب العلم أو لا يجب كون سفره فى طاعة بل لا يجوز إذا كان سفره فى المعصية فلا يضر اعطائه بمن يكون فى السفر المباح فصار ابن السبيل.

أقول لا وجه للاعتبار كون سفره فى طاعة.

نعم يمكن ان يقال بعدم اعطائه بمن كان سفره فى المعصية و هو الأحوط.

المورد السابع: كما لا يعتبر العدالة فى ابن السبيل لا يعتبر ذلك فى غيره

من الاصناف لعدم الدليل نعم الاولى ملاحظة المرجحات و الاحوط عدم الاعطاء بمرتكبى الكبائر و خصوصا مع التجاهر بل يقوى عدم الجواز إذا كان فى الدفع اعانة على الاثم و خصوصيا فيما يوجب عدم الإعطاء به ردعه عن المعصية.

المورد الثامن: هل المستضعف من كل صنف من هذه الاصناف الثلاثة يلحق بها او لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 241

أقول ان كان المراد من المستضعف من لا يقدر على حفظ ماله كالسفيه فمع واجديته للشرائط لا بد من اعطائه بوليه كى يصرفه فى حوائجه على طبق المصلحة.

***

[مسئلة 2: لا يجب البسط على الاصناف]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: لا يجب البسط على الاصناف بل يجوز دفع تمامه الى احدهم و كذا لا يجب استيعاب افراد كل صنف بل يجوز الاقتصار على واحد و لو اراد البسط لا يجب التساوى بين الاصناف أو الافراد.

(1)

أقول فى المسألة مسئلتان:

الاولى: بعد ما كان مصرف ثلاثة اسهم من الخمس للايتام و المساكين و ابناء السبيل فهل يجب بسط هذه الاسهم الثلاثة على الاصناف الثلاثة أو يجوز دفعها الى احدها مثلا يعطى كل هذه الاسهم الثلاثة بخصوص الايتام او بخصوص المساكين أو بخصوص ابن السبيل.

الثانية: هل يجب التساوى بين افراد كل صنف من هذه الاصناف الثلاثة فى مقام الاعطاء مثلا لو كانت المساكين اكثر من واحد يجب التقسيم بينهم بالسوية او لا يجب ذلك بل يجوز الدفع ما عليه بواحد منهم فتقول بعونه تعالى.

أمّا الكلام فى المسألة الاولى فالمشهور عدم وجوب البسط على كل الاصناف الثلاثة

و لم يحك مخالف الا ما حكى عن الشيخ رحمه اللّه فى المبسوط و ابى الصلاح و صاحب الذخيرة و الكلام يقع تارة فيما هو وظيفة الإمام عليه السّلام فهو مع انّه يعلم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 242

بوظيفته و ليس لنا تعينها يظهر من رواية البزنطى الّتي نتلوها عليك.

أنّ الأمر إليه يضعه حيث يشاء و تارة يقع الكلام فى وظيفة الفقيه و المجتهد فى عصر الغيبة إذا كان هو المتصدى للإعطاء فان كان تصديه باعتبار وجوب دفع حق الاصناف الثلاثة به كى يقسّمه بينهم فالامر إليه بمقتضى ولايته و إن كان تصديه باعتبار الوكالة عن قبل الدافع فيجب دفعه بمقتضى وظيفة الموكل و تارة يقع الكلام فيما هو وظيفة الدافع فيما إذا كان هو المعطى خمسه بنفسه فلا بد من جعل مصب البحث هذه الصورة فنقول

بعونه تعالى يستدل للقول الاوّل بامور:

الاول: دعوى الاجماع أو الشهرة.

الثاني: دعوى السيرة المستمرة على عدم البسط على الاصناف الثلاثة.

الثالث: أنّه يلزم من وجوب البسط على الاصناف الثلاثة تعطيل سهم ابن السبيل لندوة وجوده.

الرابع: ما رواه احمد بن محمد بن ابى نصر (البزنطى) عن الرضا عليه السّلام قال سئل عن قول اللّه و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فانّ للّه خمسه و للرسول و لذى القربى فقيل له فما كان للّه فلمن هو فقال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهو للامام فقيل له أ فرأيت ان كان صنف من الاصناف اكثر و صنف اقل ما يصنع به قال ذاك الى الإمام أ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كيف يصنع أ ليس انّما كان يعطى على ما يرى كذلك الإمام «1».

وجه الاستدلال هو ان المستفاد من الرواية جواز فعل الإمام عليه السّلام كيف شاء فكذلك نفس معطى الخمس لعدم اختصاص حكم الجواز به عليه السّلام.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 243

ففى الحقيقة يكون الدليل تنقيح المناط القطعى.

و ما يمكن ان يستدل به على وجوب البسط هو ظاهر الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِهِِٰي خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ لانّ ظاهر كلمة (لام) هو الملكية فكل من اليتيم و المسكين و ابن السبيل مالك لثلث من كل الاسهم الثلاثة فلا بد من اعطاء كل سهم بمالكه فتكون النتيجة وجوب البسط بين

كل الاصناف الثلاثة.

و بعض الاخبار منها.

ما رواها احمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفع الحديث الى ان قال فالنصف له يعنى نصف الخمس للامام خاصة و النصف لليتامى و المساكين و ابناء السبيل من آل محمد الذين لا تحلّ لهم الصدقة و لا الزكاة عوّضهم اللّه مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شي ء فهو له و إن نقص عنهم و لم يكفهم اتمه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1».

و منها ما رواها حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام (فى حديث طويل) قال و له يعنى الإمام نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقى بين اهل بيته فسهم ليتاماهم و سهم لمساكينهم و سهم لابناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب و السنة ما يستغنون به فى سنتهم فان فضل عنهم شي ء فهو للوالى فان عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالى ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انما صار عليه ان يمونهم لأنّ له ما فضل عنهم «2».

وجه الاستدلال بالروايتين نصوصيتهما فى كون نصف الخمس للاصناف

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 244

الثلاثة بعنوان الملكية لافادة اللام الملكية كما ذكر بالنسبة الى الآية الشريفة.

أقول اما الكلام فيما استدل به على عدم وجوب البسط و هو ما ذهب إليه المشهور.

فاما الاجماع فلعلها يرجع الى السيرة لا الاجماع التعبدى الكاشف عن قول المعصوم بزعم المتاخرين او الكاشف عن وجود النص بزعم سيدنا الاعظم آية اللّه

البروجردي رحمه اللّه ..

و أمّا الشهرة فلا يبعد تحققها لعدم حكاية المخالف الّا عن الشيخ فى المبسوط و ابى الصلاح و صاحب الذخيرة و لا يضرّ خلافهم اما الشيخ رحمه اللّه فلأنّ بنائه فى المبسوط على بيان التفريعات و استفاده حكمها من النصوص و ليس كالنهاية أو بعض كتب القدماء رحمه اللّه من اقتصاره على فتاوى المتلقاة من المعصومين عليهم السّلام الكاشف من هذا الفتوى وجود نص فى المسألة فالشهرة حجة على قول سيدنا الاعظم رحمه اللّه.

و أمّا السيرة فقد يدعى السيرة لعدم وجوب البسط لعدم كون بناء من وجب عليه الخمس الفحص عن جميع الاصناف الثلاثة لايجابه الفحص عن جميع سادة اهل بلده بل بل عن ساير الامصار و البلاد و ليس البناء على ذلك فى عصر من الاعصار من زماننا الى زمان المعصومين عليهم السّلام إن قلت انّ السيرة من زماننا الى مبد الغيبة الكبرى لو تحققت لم تفد أيضا شيئا لعدم كشف راى المعصوم عليه السّلام منها و أمّا السيرة القطيعة الى زمان بعض المعصومين عليهم السّلام فغير معلوم بل معلوم العدم لانّ الغالب رد الشيعة خمسهم الى الإمام عليه السّلام و هو عليه السّلام يعمل كما يرى من المصلحة بمقتضى ولايته قلت بعد ما نرى عدم ذكر و اشارة فى الاخبار عن البسط على الطوائف الثلاثة اذ لو كان البناء على البسط مع كون اولاد الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم خصوصا فى زمان الصادق عليه السّلام كثيرا و كانوا مستحقين للخمس كان اللازم البسط عليهم و لو كان كذلك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 245

لا يخفى على الشيعة لزوم البسط مع كون السادة متفرقون

فى البلاد و البسط عليهم يحتاج الى الوسائط و هذا كاشف عن عدم وجود السيرة على وجوب البسط على الطوائف الثلاثة.

و أمّا الوجه الثالث فيمكن ان يورد عليه بان غايته عدم وجوب البسط على ابن السبيل بعد عدم وجوده و هذا لا يوجب عدم لزوم البسط مع وجوده و محل الكلام فعلا صورة وجود الاصناف.

و أمّا الوجه الرابع اعنى رواية البزنطى فهو خارج عن محل الكلام لأنّ مورده كون الامر فى القسمة الى الإمام عليه السّلام و لا اشكال فى أنّه مع فرض حضور عليه السّلام الامر إليه و محل الكلام تكليف الشخص إذا اراد اعطاء الخمس بنفسه.

مضافا الى أنّه يمكن ان يقال انّ المستفاد من الرواية وجوب البسط بين الاصناف بالسوية لأنّ السائل يسأل عما كان بعض الاصناف اقل من بعض الآخر فيستفاد منها انّ المركوز فى ذهن السائل وجوب البسط بالسوية بين الاصناف فاجاب عليه السّلام بما يستفاد منه كون الامر بيد الإمام عليه السّلام.

اضف على ذلك انّ المفروض فى الرواية صورة عدم تساوى الاصناف من حيث العدد و لا يستفاد منها حكم صورة تساويهم و وجوب البسط و عدمه فى هذه الصورة فالدليل على فرض دلالته أخص من المدعى و مع ذلك كله نقول بانّه يستفاد من الرواية انّ الامر فى التقسيم بيد الإمام عليه السلام و لكن لا يمكن ان يقال بانّ الامر كما بيده عليه السلام إذا كان هو يؤدى سهمهم يكون كذلك بيد نفس من يجب عليه الخمس لانّه كما يستفاد من بعض الروايات أنّه إذا كان سهم هذه الطواف الثلاثة ازيد فالزائد للامام عليه السّلام و إذا كان سهمهم اقل عن حاجتهم فعلى الإمام عليه السّلام تكميله فهذه

الخصوصية له عليه السّلام فلهذا يكون الامر بيده عليه السّلام.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 246

فما يكون قابلا للاستدلال به على عدم وجوب البسط من الوجوه المذكورة هو الوجه الثانى و هو السيرة لو لم يتم ما استدل به على وجوب البسط فلا بد من التكلم فيه فنقول بعونه تعالى.

امّا ما استدل به على وجوب البسط فهو امران:

الاول: ظاهر الآية الشريفة المذكورة الواردة فى الخمس بدعوى دلالتها على كون نصف الخمس ملكا لليتامى و المساكين و ابن السبيل.

فيقال فى جواب هذا الوجه أنّه لا ظهور للآية فى كون اللام فى كلمه للّه الى الاخر للملكية و لم يكن دالا على التقسيم بل ظاهرة فى كون الموارد الثلاثة مصرف الخمس.

و أمّا الامر الثانى اعنى الروايتين فلا يستفاد منهما ازيد ممّا يستفاد من الآية الشريفة فالجواب الجواب.

و بعد عدم تمامية الوجهين المتمسك بهما على وجوب بسط نصف الخمس على الاصناف الثلاثة فنقول الاقوى عدم وجوب البسط للسيرة المستمرة من زماننا الى زمان المعصوم عليه السّلام على عدم البسط ثمّ أنّه أغمضنا عمّا قلنا فى وجه عدم وجوب البسط أقول و إن لم ار من يقول به من الفقهاء فى هذه المسألة بانّ الأحوط بل الاقوى وجوب الاستيذان على من يجب عليه الخمس فى كيفية التقسيم بين الاصناف الثلاثة من البسط بينهم و عدمه من عصر الغيبة من الفقيه الجامع الشرائط فان امر بالبسط يعمل به و إن أجاز الاقتصار على بعض الاصناف الثلاثة و عدم البسط يعمل به لأنّ مقتضى رواية احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى المتقدمة ذكرها عن الرضا عليه السّلام قال سئل عن قول اللّه و اعلموا انّما غنمتم من

شي ء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى فقيل له فما كان للّه فلمن هو فقال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 247

و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهو للامام فقيل له أ فرأيت ان كان صنف من الاصناف اكثر و صنف اقل ما يصنع به قال ذاك الى الإمام أ رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كيف يصنع أ ليس انّما كان يعطى على ما يرى كذلك الإمام «1» لان المستفاد منها.

اما عدم وجوب البسط حتى إذا كان معطى الخمس نفس من عليه الخمس كما استدل بها من يقول بعدم وجوب البسط.

و امّا ان المعطى إذا كان الإمام عليه السّلام فهو بمقتضى منصبه مثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يعطى و يضعه حيث يشاء فمقتضى ذلك ان هذا للفقيه بمقتضى ولايته عن قبله روحى فداه فى عصر غيبته فان قلنا بالاحتمال الأوّل لا يجب البسط على الاصناف الثلاثة حتى فيما كان معطى الخمس نفس من عليه الخمس و إن قلنا باحتمال الثانى لا بد فى عصر الغيبة من الارجاع الى الفقيه فيعمل على طبق نظره من البسط و عدمه.

و حيث أنّه لا يبعد بكون الظاهر من الرواية الاحتمال الثانى و إن الامر بيد الإمام عليه السّلام كالنبى صلّى اللّه عليه و آله و سلم يكون الاقوى جواز الاقتصار على بعض الاصناف و عدم وجوب البسط بعد الاستيذان من الفقيه و اذنه بذلك.

و ان ابيت عن ظهورها فى ذلك فلا اشكال فى كونه احوط و لهذا قلت ان

الاحوط بل الاقوى الاستيذان من الفقيه فى البسط و عدمه و العمل بما اجازه.

ثمّ أنّه ان تمّ ما احتملنا يكون ذلك قولا ثالثا لأنّه لا نقول مطلقا بوجوب البسط بين الاصناف و لا نقول بعدم وجوبه فيما كان المعطى نفس من عليه الخمس بل يرجع الى الفقيه فياخذ بكل ما اذنه به الفقيه فان اقتصر فى اذنه بالبسط يجب البسط و إن أجاز الاقتصار على بعض الطوائف دون بعض اكتفى بما قال و لكن العمدة ما قلنا

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 248

فى جواب الاستدلال بالرواية من انّ المستفاد منها كون الامر بيد الإمام عليه السلام و لا يمكن التعدّى بغيره عليه السّلام لاحتمال خصوصية له عليه السّلام و هى ما بينّا فراجع و امّا نفس الفقيه ان كان هو المعطى من نفسه أو عن غيره فهو يعمل باجتهاده و ولايته.

المسألة الثانية: هل يجب استيعاب افراد كل صنف من الاصناف الثلاثة

أو يجوز الاقتصار على بعضهم مثلا فى سهم المساكين منهم.

يوزّع سهمهم بين كل افراد المساكين منهم أو يجوز الاقتصار ببعضهم و لو بواحد منهم.

سواء قلنا بوجوب البسط بين الاصناف الثلاثة أو لم نقل به.

أقول حكى ان المشهورة قائلون بعدم وجوب الاستيعاب بل يدعى عدم الخلاف فيه و لم يحك قائل يقول بوجوب الاستيعاب و على كل حال ما يمكن ان يستدل على طرفى المسألة ليس ازيد ممّا استدل به فى المسألة الاولى فالكلام فيها هو الكلام فيها و إن قيل بانّ الظاهر من اليتامى و المساكين حيث كانا جمعين المحلين باللاف و الام و هو يفيد العموم وجوب الاستيعاب لكل فرد من افراد الطوائف الثلاثة قلت انّه كما بينا

ليست الآية الا فى مقام المصرف لا التقسيم و التسهيم و ليس الجمع هنا يقيد العموم و لهذا جاء فى الآية الشريفة (ابن السبيل) مفرد و المفرد المحلى باللام لا يفيد العموم و هذا شاهد على انّ النظر كان فى بيان مجرد المصرف لا غير.

***

[مسئلة 3: مستحق الخمس من انتسب الى هاشم بالابوة]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: مستحق الخمس من انتسب الى هاشم بالابوة فان انتسب إليه بالام لم يحلّ له الخمس و تحلّ له الزكاة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 249

و لا فرق بين ان يكون علويا أو عقيليا أو عباسيا و ينبغى تقديم الاتمّ علقة بالنبى صلّى اللّه عليه و آله و سلم على غيره أو توفيره كالفاطميين.

(1)

أقول فى المسألة جهات من البحث:

الجهة الاولى: فى انّ مستحق الخمس من انتسب الى هاشم بالابوة فقط.

أو هو و من ينتسب إليه بالام أيضا.

المشهور الأوّل بل لم ينقل الخلاف الا عن السيد المرتضى رحمه اللّه و الى ابن حمزة.

نعم حكى عن الحدائق نسبة الخلاف الى غير واحد من الاعلام.

و قبل الورود فى بيان استدلال الطرفين و ما ينبغى ان يقال فى المقام.

ينبغى ذكر.

امر و هو انّ النزاع فى كون مستحق الخمس خصوص المنتسب الى هاشم بالابوة أو يعم هو و المنتسب إليه بالام ليس مبتنيا على مسئلة عدم كون ابناء البنات كابناء الابناء أو انهم ابناء للشخص كابناء ابنائه حتى تكون الملازمة بين المسألتين حتى يقال أنّه.

لو قلنا بانّ الابناء منحصرة بابناء الابناء فليست ابناء النبات أبناء فلا بد من ان يقال بكون مستحق الخمس خصوص المنتسب الى هاشم بالابوة. و إن قلنا بكون ابن البنت ابنا للشخص مثل كون ابن الابن ابنا له فكما يكون المنتسب الى هاشم بالابوة مستحقا للخمس كذلك يستحقه المنتسب إليه بالام بل ليست اللازمة بين المسألتين.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 250

بل كل من القائل باستحقاق خصوص المنتسب بالاب الى هاشم.

و القائل باستحقاق المنتسب إليه بالام يقول بان الابن و الولد كما يشمل كل ابن و ولد ينتسب الى الشخص بسبب الابن كذلك يقول بشموله لكل ابن

و ولد ينتسب الى الشخص بسبب البنت لصدقه على كل منهما عرفا و ما قاله شاعر (بنونا بنو أبنائنا و بناتنا بنوهن ابناء الرجال الاباعد) شعر و مجرد تخيّل و كل من طرفى الخلاف فى هذه المسألة متفقون فى تلك المسألة كما ترى ان كلا من الفقهاء منّا يقولون بشمول الابن لابن البنت حتى المشهور القائلون باختصاص مستحق الخمس بمن انتسب الى هاشم بالابوة فليست ملازمة بين المسألتين بل من يقول فى مسئلة الخمس بالاختصاص يقول به لدليل خاص على اختصاص هذا الحكم اى حكم مصرف الخمس بمن انتسب الى هاشم بالابوة.

إذا عرفت ذلك نقول بعونه تعالى.

ما يمكن ان يستدل به على استحقاق الخمس بمن انتسب الى هاشم بالام كما يستحق من انتسب إليه بالاب اطلاق بعض الاخبار الواردة فى المقام.

مثل بعض الاخبار المذكورة فيه (اليتامى يتامى الرسول و المساكين منهم و ابناء السبيل منهم «1».

و مثل قوله عليه السّلام نحن و اللّه عنا اللّه بذى القربى و الذين قرننا اللّه بنفسه و برسوله فقال فلله و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل فينا خاصة «2».

و مثل التعبير (و النصف لليتامى و المساكين و ابناء السبيل من آل محمد عليهما السّلام) «3».

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 1 من ابواب قسمته الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب المذكور من الوسائل.

(3) الرواية 9 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 251

و مثل قوله عليه السّلام (ثمّ يقسم الثلاثة السهام الباقية بين يتامى آل محمد عليهما السّلام و مساكينهم و ابناء سبيلهم «1» و غير ذلك.

اقول و لو كنا و هذه الاخبار و امثالها لقلنا بانّ

مستحق الخمس من انتسب الى هاشم و إن كان انتسابه إليه بسبب الام.

و لكن فى قبال ذلك بعض الوجوه يستدل بها على اختصاص استحقاق الخمس بخصوص المنتسب إليه بالاب.

الوجه الأوّل: شهرة هذا الحكم اعنى اختصاص الاستحقاق بالمنتسب إليه بالاب بين قدماء اصحابنا بحيث لم يثبت مخالف الّا السيد رحمه اللّه و ابن حمزة و الشهرة حجة لانّها فى الحقيقة هى الاجماع المذكور من الادلة على ما افاد سيدنا الاعظم ره لأنّ المشهور ربما وقفوا على نص لم يبلغ إلينا.

الوجه الثاني: أنّه فرق بين التعبير بالآل و اهل البيت و بين التعبير بالعلوى أو الهاشمى فالاول يشمل كل المنتسب بالام كما يشمل المنتسب بالاب فلهذا آل الرسول اهل بيت الرسول يشمل كل من المنتسب إليه بالاب و الام بخلاف الثانى فلا يشمل العلوى أو الهاشمى و لا يصدق الّا على كل يكون منتسبا الى على و هاشم بسبب الأب.

الوجه الثالث: ما رواها حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام قال الخمس من خمسة اشياء (الى ان قال) و من كانت أمه من بنى هاشم و ابوه من ساير قريش فان الصدقات تحلّ له و ليس له من الخمس شي ء الخ «2» و هذه الرواية نص فى كون مستحق الخمس خصوص من انتسب الى هاشم بسبب الأب

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب المذكور من الوسائل.

(2) الرواية 8 من الباب 1 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 252

و ليس لمن انتسب إليه بسبب الام من الخمس شي ء و هذه الرواية و إن كانت مرسلة الّا أنّه يجبر ضعفها بعمل الاصحاب بها.

اذا عرفت هذه الوجوه نشرع فى

النظر الى الوجوه الثلاثة.

فنقول أمّا الوجه الأوّل اعنى الشهرة فالظاهر تحققها لعدم ذكر مخالف الّا عن السيد المرتضى و ابن حمزة قدس سرهما فان قلنا بحجية الشهرة الفتوائى كما هو مختار سيدنا الاعظم رحمه اللّه و كان بزعمه الشريف الاجماع المعدود من ادلة الفقه هو الشهرة الفتوائى الحاصلة بين خصوص القدماء لا المتأخرين فهو و الّا لو لم نقل بحجيتها لا يمكن الاستدلال بها.

و أمّا الوجه الثانى ففيه.

كلام من حيث أنّه هل يوجد فى روايات الباب التعبير بكون المستحق للخمس هو الهاشمى أو العلوى أو بنى هاشم أو بنى على.

و كلام من حيث أنّه على فرض وجود امثال هذه التعبيرات هل يشمل من انتسب الى هاشم أو النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أو على عليه السّلام بسبب الام او لا.

فنقول ما نجد فى اخبار الباب ليس فيها التعبير بكون مستحق الخمس هو الهاشمى أو العلوى أو بنى هاشم أو بنى على بل الموجود فى باب حرمة الزكاة و الصدقة على السادة التعيير.

مثل قوله عليه السّلام رواية عيص بن القاسم عن أبى عبد اللّه عليه السّلام إنّ اناسا من بنى هاشم اتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فسألوه ان يستعملهم على صدقات المواشى و قالوا يكون لنا هذا السهم الّذي جعل اللّه تعالى للعالمين عليها فنحن اولى به قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم بابنى عبد المطلب انّ الصدقة لا تحل لى و لا لكم و لكنى قد وعدت

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 253

الشفاعة الى ان قال أ تروني مؤثرا عليكم غيركم «1».

و رواية محمد بن مسلم و ابى بصير

و زرارة «2».

و رواية ابن سنان يعنى عبد اللّه «3».

و رواية ابى خديجة سالم من مكرم الجمال «4» و غير ذلك فانها تدلّ على حرمة الصدقة او الزكاة على بنى بن عبد المطلب أو بنى هاشم و رواية زرارة نذكرها بعدا إن شاء اللّه «5».

ثمّ بعد دلالة امثال هذه الاخبار على حرمة الصدقة أو الزكاة على بنى هاشم و بعد الملازمة بين حرمة الصدقة أو الزكاة و بين استحقاق الخمس بمعنى ان من يستحق الخمس يحرم عليه الصدقة او الزكاة و بالعكس.

كما يستفاد ذلك.

من رواية زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث قال أنّه لو كان العدل ما احتاج هاشمى و لا مطلبى الى صدقة انّ اللّه جعل لهم فى كتابه ما كان فيه سعتهم ثمّ قال ان الرجل إذا لم يجد شيئا حلت له الميتة و الصدقة لا تحلّ لاحد منهم الّا ان لا يجد شيئا و يكون ممن يحل له الميتة «6».

و من رواية العياشى فى تفسيره عن عيسى بن عبد اللّه العلوى عن ابيه عن

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة و وقت التسليم و النية من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

(4) الرواية 5 من الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

(5) الرواية 1 من الباب 33 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

(6) الرواية 1 من الباب 33 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 254

جعفر بن محمد قال ان اللّه لا إله الا هو لما حرّم علينا الصدقة ابدل

لنا بها الخمس فالصدقة علينا حرام و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال «1».

ثمّ بعد ذلك نقول بعونه تعالى يقع الكلام فى ان امثال هذه الاطلاقات مثل بنى هاشم أو بنى عبد المطلب يشمل من انتسب إليهما بالام أو لا الحق الشمول كما ترى من تعارف نسبة امثالهما الى من انتسب الى عبد المطلب أو هاشم بسبب الام هذا بالنسبة الى بعض الروايات الواقعة فيه التعبير بلفظ بنى هاشم أو بنى عبد المطلب.

و أمّا ما وقع التعيير فيها بلفظ هاشمى كما فى رواية زرارة المتقدمة ذكرها.

فهل يدل على انحصار حكم الخمس بمن انتسب الى هاشم بسبب الأب فقط لأنّ المتعارف اطلاق امثاله مثل العلوى أو العدنانى أو القريشى على خصوص المنتسب إليها بسبب الأب لا الام.

أو يعم المنتسب إليه بالام كما يعم المنتسب إليه بالاب لا يبعد الاوّل.

و أمّا الوجه الثالث فلا اشكال فى انّ رواية حماد نص فى انحصار مستحق الخمس بمن انتسب الى هاشم بسبب الأب و عدم استحقاق الخمس من انتسب إليه بسبب الام.

لكن الاشكال فى سند الرواية لانّها مرسلة الّا ان يدعى كون عمل الاصحاب بها جابرة لضعف سندها.

الجهة الثانية: و لا فرق بين ان يكون المنتسب الى هاشم بالاب علويا

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 10، ص: 254

أو

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 255

عقيليا أو عباسيا.

أقول و ادعى الاجماع على عدم الفرق او عدم الخلاف كما فى بعض الكلمات.

و أمّا النص الوارد على التعميم فليس الّا ما ورد فى بعض الروايات على حرمة الصدقة على

بنى هاشم أو بنى عبد المطلب أو على ولد العباس و نظرائهم من بنى هاشم راجع الباب 29 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل بضميمة ما ورد من الملازمة بين حرمة الصدقة و بين استحقاق الخمس كما بينا و ذكرنا بعض الروايات فى الجهة الاولى المبحوثة فى هذه المسألة.

ثمّ أنّه بعد شمول الاستحقاق لهذه الطوائف الثلاثة.

فما دلّ على ان مستحق الخمس آل النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم أو اهل بيته أو غير ذلك ممّا يدل على كون المستحق آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم فقط لا يوجب كون الاستحقاق منحصرا بهم بل هم من افراده للدليل على شمول الحكم لغير العلويين من العقيليين و العباسيين.

الجهة الثالثة: قال المؤلف رحمه اللّه و ينبغى تقديم الاتم علقة بالنبى عليه السّلام

أو توفيره كالفاطميين.

و حكى عن الدروس ينبغى توفير الطالبين على غيرهم و ولد فاطمة عليها السّلام على الباقين.

و حكى عن كشف الغطاء ليس البعيد تقديم الرضوى ثمّ الموسوى ثمّ الحسينى و الحسنى و تقديم كل من كانت علاقته بالأئمة اكثر.

أقول لم اجد نصا عليه لكن لا يبعد كون الاقربية الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم و الائمة عليهما السّلام و من كان علاقته بالأئمة اكثر موجبا لفضيلة مرجحة له على غيره ممن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 256

هو ابعد منه.

***

[مسئلة 4: لا يصدّق من ادعى النسب الّا بالبينة أو الشياع]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: لا يصدّق من ادعى النسب الّا بالبينة أو الشياع المفيد للعلم و يكفى الشياع و الاشتهار فى بلده نعم يمكن الاحتيال فى الدفع الى مجهول الحال بعد معرفة عدالته بالتوكيل على الايصال الى مستحقّه على وجه يندرج فيه الآخذ لنفسه أيضا و لكن الاولى بل الأحوط عدم الاحتيال المذكور.

(1)

أقول لتوقف براءة الذمة المعلومة على ثبوت موضوع السيادة و ليس دعواه حجة نعم يثبت بالبينة و كذا بالشياع المفيد للعلم و كلما يوجب الاطمينان بالنسب و منه الاشتهار بالسيادة سواء كان فى بلده أو غير بلده مع حصول الاطمينان.

و أمّا الاحتيال بالنحو المذكور فقد يقال أنّه يكفى بناء على كفاية علم الوكيل فى ثبوت الموضوع و قد يستدل عليه ببعض الروايات.

أقول أمّا كفاية علم الوكيل فى ثبوت موضوع الحكم و هو كون الشخص منتسبا الى هاشم بسبب الأب فى براءة ذمة الموكل فغير معلوم بل معلوم العدم.

و لهذا لا يكتفى باخبار الوكيل على الاداء و إن كان عادلا الّا ان يحصل العلم أو الاطمينان للموكل عن قول الوكيل.

و أمّا الاخبار المتمسكة بها الدالة على

جواز اخذ الوكيل من الزكاة إذا كان موردها بشرط كون كلام الموكل مطلقا يشمل الوكيل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 257

فمع قطع النظر عن بعض الاخبار المتوهم معارضته لها لعدم كونه معارضا لها على ما راجعت به.

نقول بانّ هذه الاخبار تكون فى مقام جواز اخذ الوكيل و ناظر الى هذا الحيث لأنّ النظر فى السؤال و الجواب فى هذه الاخبار الى هذه الجهة راجع الباب 40 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

و ليست ناظرة الى براءة ذمة الموكل مع شكه فى كون الوكيل مورد الزكاة و موضوعها بمجرد فعل الوكيل و اخذه الزكاة فعلى هذا الاقوى عدم كفاية الاحتيال المذكور فى باب الخمس.

و ما بينا من عدم كون الاخبار ناظرة الى براءة ذمة الموكل و عدم جواز اكتفائه بفعل الوكيل هو ما خطر ببالى و لم ار من توجّه إليه غيرى

***

[مسئلة 5: فى جواز دفع الخمس الى من يجب عليه نفقته اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: فى جواز دفع الخمس الى من يجب عليه نفقته اشكال خصوصا فى الزوجة فالاحوط عدم دفع خمسه إليهم بمعنى الانفاق عليهم محتسبا ممّا عليه من الخمس أمّا دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة ممّا يحتاجون إليه ممّا لا يكون واجبا عليه كنفقة من يعولون و نحو ذلك فلا بأس به كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم و لو للانفاق مع فقره حتى الزوجة إذا لم يقدر على انفاقها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 258

(1)

أقول فى المسألة مسائل:

الاولى: فى جواز دفع الخمس الى من يجب نفقته عليه بالانفاق عليه محتسبا ممّا عليه من الخمس و عدمه.

فنقول بعونه تعالى ما يمكن ان يستدل على عدم الجواز وجوه.

الوجه الاوّل: كون المستحق لنصف الخمس الّذي محل كلامنا

فعلا هو.

اليتامى و قد عرفت اعتبار الفقر فى استحقاقهم

و المساكين و هو امّا فى عرض الفقير موضوعا او ادون حالا منه.

و ابن السبيل و لا بد فيه الحاجة فى بلد التسليم.

فمع فرض كونها واجبة النفقة للشخص و تمكنه من انفاقهم.

لا يعدّون فقراء مستحقين للخمس لأنّ الفقير من لم يتمكن على انفاق نفسه و من يعوله لا فعلا و لا قوة و مع تمكّن من يجب عليه نفقة الشخص على انفاقه لا يعد فقيرا فلا يجوز دفع الخمس إليه بالانفاق عليه محتسبا ممّا على المنفق من الخمس.

و خصوصا إذا كان المنفق عليه الزوجة لانّها تكون مالكة لنفقتها و لو لم ينفقها الزوج عليها يكون دينا عليه و لهذا قال المؤلف رحمه اللّه (خصوصا الزوجة) و اختصها بالذكر بخلاف غير الزوجة ممن يجب انفاقهم لأنّه و إن كان الواجب انفاقه لكن ليس دينا على المنفق لو ترك الانفاق.

هذا إذا قلنا بعدم صدق الفقير على من يجب نفقته على من يجب عليه الخمس و يتمكن من إنفاقه.

و أمّا لو لم نقل بذلك فأيضا نقول بان دفع الخمس بعنوان الانفاق محتسبا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 259

الخمس لا يعدّ اخراج الخمس لأنّه مع فرض وجوب انفاقه عليه فما يدفع إليه انفاقا عليه يعد من مصارف نفسه لا اخراج الخمس و دفعه الى غيره فلا يكتفى به و الحق هو الأوّل و عدم صدق الفقير على من يجب نفقته على الغير مع تمكن المنفق على الانفاق.

الوجه الثاني: التعليل الوارد فى الرواية لعدم جواز اعطاء الزكاة بمن يجب عليه نفقتهم.

و هى ما رواها عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال خمسة لا

يعطون من الزكاة شيئا الأب و الام و الولد و المملوك و المرأة و ذلك لانهم عياله لازمون له «1» بدعوى ان قوله عليه السّلام (و ذلك لانهم عياله لازمون له) علة فلا اختصاص لها بباب الزكاة لأنّ المستفاد منها كون علة عدم اعطائهم كونهم عياله و لازمون له فكذلك فى الخمس لأنّ المستفاد من العلة هو وجوب الاعطاء بالغير من يلازمه من عيالاته.

و لعل السر فيه هو ما ذكرنا فى طى الوجه الأوّل من ان ظاهر وجوب اخراج الخمس و كذا الزكاة هو الاخراج بدفعه بالغير لا من يعدّ من نفسه و ملازماته من العائلة.

الوجه الثالث: بعض النصوص و الفتاوى الدالة على بدلية الخمس من الزكاة الظاهر فى الاشتراك فى الاحكام الّا فى المستحق مثل ما رواها العياشى فى تفسيره عن عيسى بن عبد اللّه العلوى عن ابيه عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال ان اللّه لا إله الّا هو لمّا حرّم علينا الصدقة ابدل لنا بها الخمس فالصدقة علينا حرام

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 13 من ابواب المستحقين للزكاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 260

و الخمس لنا فريضة و الكرامة لنا حلال «1».

أقول لا يبعد تمامية الوجه الأوّل.

كما لا يبعد تمامية الوجه الثانى بناء على استفادة العلية منها.

و أمّا الوجه الثالث فدلالته على كون الخمس مثل الزكاة فى الاحكام مشكل بل الاقوى عدمه.

المسألة الثانية: دفع الخمس بواجب النفقة لغير النفقة الواجبة مثل دفعه الى الأب للانفاق على زوجته غير أم الباذل.

أو الى زوجته لانفاق ابيها الواجب عليها انفاقه فلا اشكال فيه مع اجتماع ساير الشروط المعتبرة فى مستحق خمس لعدم وجه للاشكال فيه.

المسألة الثالثة: و أمّا

دفع الخمس الغير على واجب النفقة للشخص مع فرض عدم تمكّنه على انفاقه فممّا لا اشكال فيه لكونه فى الفرض مستحق الخمس.

***

[مسئلة 6: لا يجوز دفع الزائد عن مئونة السنة لمستحق واحد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: لا يجوز دفع الزائد عن مئونة السنة لمستحق واحد و لو دفعة على الأحوط.

(1)

أقول و ما يمكن ان يكون وجها لعدم الجواز على ما فى كلماتهم امران:

الاوّل: عدم ثبوت اطلاق يقتضي جواز الاعطاء مطلقا حتى الزائد عن مئونة

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 29 من الابواب المذكورة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 261

سنة المستحق للخمس و فيه انّ ما ادعى من عدم اطلاق الاخبار الباب من هذا الحيث ليس فى محله بل الآية الشريفة و كذا بعض الاخبار المتعرّضة لمصرف الخمس يدل على ان نصف الخمس للاصناف الثلاثة بالمعنى الّذي ذكرناه فى طى المسألة 75 غاية الامر يشترط الفقر و غيره من الشرائط فلها الاطلاق من هذا الحيث لانّها فى مقام البيان من هذا الحيث خصوصا لو تامّلنا فى مطاوى بعض الاخبار الواردة فى الباب الظاهرة فى جعل حكمة الخمس استفادة السادة فلا مانع من الاعطاء بهم ازيد من مئونة السنة خصوصا دفعة واحدة.

الثاني: رواية حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام فى حديث طويل قال و له يعنى للامام نصف الخمس كملا و نصف الخمس الباقى بين اهل بيته فسهم ليتاماهم و سهم لمساكينهم و سهم لابناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب و السنة ما يستغنون به فى سنتهم فان فضل عنهم شي ء فهو للوالى فان عجز أو نقض عن استغنائهم كان على الوالى ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به و انّما صار عليه ان يمونهم لأنّ

له ما فضل عنهم «1».

قد يتوهم انّ دلالتها على عدم اعطاء الخمس من قبل الإمام بالمستحق ازيد من مئونة سنته و لا انقض من مئونة سنته واضحة.

و أمّا عدم جواز اعطاء من يجب عليه الخمس على المستحق ازيد من مئونة سنته فلا تدلّ عليه.

إن قلت بعد دلالتها على وجوب اعطائه بقدر سنتهم و عدم اعطاء الإمام ازيد من مئونة السنة فليس عدم اعطائه الّا من باب عدم جوازه فكما لا يجوز عليه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب قسمة الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 262

لا يجوز على نفس من يجب عليه الخمس لعدم فرق فى الحكم بينهما.

قلت يمكن اختصاص البذل بهذه الكيفية اعنى بقدر ما يستغنى المستحقون فى سنتهم من باب انّ ما يجب على الإمام عليه السّلام ان يمونهم بقدر سنتهم فقط و يأخذ ما فضل عنهم و لا يكون هذا الحكم لغيره فلا يمكن التعدى فى هذا الحكم من غيره عليه السّلام فلا تدلّ الرواية على المدعى اعنى على عدم جواز اعطاء المستحق ازيد من السنة فيما كان المعطى نفس من عليه الخمس.

و رواية احمد بن محمد عن بعض اصحابنا الى ان قال رفع الحديث قال فالنصف له يعنى نصف الخمس للامام خاصة و النصف لليتامى و المساكين و ابناء السبيل من آل محمد الذين لا تحل لهم الصدقة و لا الزكاة عوضهم اللّه مكان ذلك بالخمس فهو يعطيهم على قدر كفايتهم فان فضل شي ء فهو له و ان نقص عنهم و لم يكفهم اتمه لهم من عنده كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان «1» و هذه الرواية على فرض كون المراد منها هو

اعطاء الإمام عليه السّلام بالمستحق بقدر مئونة سنته لعدم تصريح فيها بالسنة فلا تدلّ ازيد ممّا دلت عليه الرواية الاولى فلا ترتبطان بالمقام مضافا الى كون الثانية مرسلة و مرفوعة.

فعلى هذا نقول مقتضى اطلاق الادلة جواز دفع الخمس بالمستحق حتى ازيد من مئونة السنة و لو بمقدار يصير غنيّا و لكن الأحوط الاقتصار بمقدار السنة.

***

[مسئلة 7: الخمس الّذي للامام عليه السّلام أمره فى زمان الغيبة الى نائبه]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: النصف من الخمس الّذي للامام عليه السّلام أمره فى

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 263

زمان الغيبة راجع الى نائبه و هو المجتهد الجامع للشرائط فلا بد من الايصال إليه أو الدفع الى المستحقين باذنه و الاحوط له الاقتصار على السادة ما دام لم يكفهم النصف الآخر و أمّا النصف الآخر الّذي للاصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه لكن الاحوط فيه أيضا الدفع الى المجتهد أو باذنه لأنّه اعرف بمواقعه و المرجحات الّتي ينبغى ملاحظتها.

(1)

أقول اعلم انّ الكلام يقع فى موردين:

الاوّل: فيما هو الحكم بالنسبة الى النصف من الخمس الّذي للامام عليه السّلام
اشارة

فى زمان الغيبة.

و الثاني: فى النصف الّذي يكون للاصناف الثلاثة فنقول بعونه تعالى.

امّا الكلام فى المورد الأوّل و هو حكم النصف الّذي للامام عليه السّلام من الخمس

ففيه اقوال:

القول الاوّل: وجوب صرفه فيما يعلم برضى الإمام عليه السّلام به.

القول الثاني: عدم وجوبه راسا لانّهم عليهما السّلام اباحوا لشيعتهم.

القول الثالث: وجوب كنزه و دفنه فيخرجه الحجة عليه السّلام حين ظهوره عليه السّلام فيوصل إليه ارواحنا فداه.

القول الخامس: صرفه فى الاصناف الثلاثة اليتامى و المساكين و ابن السبيل من اهل البيت عليهما السّلام.

القول السادس: اجراء حكم المال المجهول مالكه عليه يصرف فى الصدقة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 264

من باب دعوى انّ المناط فى وجوب صدقة مال المجهول مالكه تعذر الايصال إليه فكذلك المعلوم المالك المعتذر ايصال ماله به و قد ذكر بعض الاقوال أو احتمالات اخر.

اذا عرفت ذلك نقول ان ما ينبغى البحث عنه أولا هو القولان الاولان حتى يعلم أوّلا بانّه هل يجب الخمس على الشخص فى الموارد المذكورة الواجبة فيها الخمس راسا أم لا فان لم يثبت وجوب الخمس عليه من باب تحليلهم عليهما السّلام لشيعتهم فلا يبقى مجال للبحث عن كيفية صرفه فى رضاه أو ايصاله إليه أو التصدق عنه أو اعطائه بالسادة.

و ان ثبت وجوب الخمس فلا بد بعد ذلك من البحث فى كيفية صرفه أو حفظه له عليه السّلام فعلى هذا نجعل محور البحث فعلا فى أنّه هل يجب الخمس فى غيبته عليه الصلاة و السلام أو لا يجب لتحليله لشيعته.

[فى اخبار التحليل]
اشارة

و قبل الورود فى البحث نقول بانّ اخبار التحليل يشمل حال الحضور و التمكن من الوصول الى محضره الشريف بلا واسطة أو بوسيلة نوابه الخاصة او لا يشمله ليس مورد بحثنا فعلا لعدم ثمرة فعلا للبحث عنه ثمّ بعد ذلك نقول بعونه تعالى.

الكلام يقع فى أنّه بعد وجوب الخمس فى الجملة فى غنائم دار

الحرب و اخواتها المتقدمة ذكرها

هل يجب فى الحال اعنى حال الغيبة أو لا يجب ذلك.

فنقول ان كنا نحن و الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الخ و الروايات المصرحة بوجوب الخمس فى الغنائم و المعدن و اخواتهما لا بد من ان نقول بوجوب الخمس حال غيبة الإمام عليه السّلام كحال حضوره لاطلاق الادلة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 265

فمن يدعى تحليله للشيعة لا بد له من اقامة الدليل على مدّعاه كى يخصص أو يقيّد به عموم وجوب الخمس أو اطلاقه و لم يحك القول بالتحليل الا من قليل و هم بين من يدعى التحليل مطلقا و بين من يدعيه فيما لم يكن الاصناف الثلاثة محتاجا إليه.

فنقول بعونه تعالى أنّه يستدل على ذلك بروايات نذكرها و مقدار دلالتها ما فى الاستدلال.

الاولى: ما رواها محمد بن الحسن باسناده عن سعد بن عبد اللّه عن ابى جعفر يعنى احمد بن محمد بن عيسى عن العباس بن معروف عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبد اللّه عن ابى بصير و زرارة و محمد بن مسلم كلهم عن ابى جعفر عليه السّلام قال قال امير المؤمنين عليه السّلام هلك الناس فى بطونهم و فروجهم لانهم لم يؤدّوا إلينا حقّنا الا و انّ شيعتنا من ذلك و آبائهم فى حل «1» و هذه الرواية على تقدير تمامية دلالتها تشمل مطلق الخمس سهم الإمام عليه السّلام و سهم السادة لانّ قوله عليه السّلام (حقنا) مطلق مضافا الى انّه كما يوجب ترك سهم الإمام عدم طبيب الولادة كذلك سهم السادة و روى محمد بن على بن الحسين فى (العلل) عن محمد

بن الحسن عن الصفّار عن العباس بن معروف انّ امير المؤمنين عليه السّلام حلّلهم من الخمس يعنى الشيعة ليطيب مولدهم. «2»

و الظاهر كونها الرواية الاولى و إن اختلف متنها غاية الامر روى الاولى حريز عن ابى بصير و زرارة و محمد بن مسلم و روى الثانية حريز عن زرارة فقط و المروى عنه فى كلتاهما ابو جعفر عليه السّلام.

و ان ابيت عن ذلك نقول ان ما روى زرارة عن ابى جعفر عليه السّلام أنّه قال ان

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 15 من الباب 4 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 266

امير المؤمنين حللهم من الخمس يعنى الشيعة ليطيب مولدهم فيه احتمالان:

الاوّل: ان يكون الألف و اللام فى الخمس فى الرواية للجنس فتشمل كل اقسام الخمس مما يقع تحت يد الشيعة و ما يتعلق بنفسه من ارباح المكاسب و غيرها من الاسباب الموجبة للخمس الاحتمال الثانى يكون الألف و اللام فى الخمس للعهد فيكون المراد خصوص ماله عليه السّلام.

أقول و الظاهر ان المراد من الناس العامة للتعيير عنهم بالناس فى لسان المعصومين عليهما السّلام و لسان الشيعة فيستفاد من الرواية هلاكة العامة فى بطونهم و فروجهم لعدم اداء حقهم ممّا هو لهم من الغنائم و غيرها و ما غصب من غير ذلك من حقوقهم من اعطائهم بخلفاء الجور او الاخذ منهم و لكن الشيعة فى حل من ذلك يعنى بالفارسية (رها) من أجل ما يقع فى ايدهم ممّا لم تعدّ العامة حقهم عليهم السّلام.

و انّى ذلك من حلية الخمس المتعلق بانفس الشيعة مثلا

خمس أرباح تجاراتهم فى حل و الحاصل عدم دلالة الرواية الشريفة على حلية الخمس الواجب على نفس الشيعة عليهم و لا يخفى عليك ان ما يأتى بالنظر هو أن النظر فى السؤال و الجواب ليس صورة العلم بابتلاء السائل بحق الإمام عليه السّلام بل بعد غصب حقهم عليهما السّلام من الخمس و الفي ء و غيرها يوجب الشبهة و المعرضية لوقوع اموالهم تحت يد السائل كما فى جوائز السلطان مثلا فحلّ لشيعتهم فى هذه الصورة لو وقع حقهم فى ايديهم.

الثانية: ما رواها على بن مهزيار قال قرأت فى كتاب لابى جعفر عليه السّلام الى رجل يسأله ان يجعله فى حل من مأكله و مشربه من الخمس فكتب بخطّة من اعوزه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 267

شي ء من حقى فهو فى حل «1».

أقول الظاهر من السؤال هو انّ الإمام عليه السّلام يجعل السائل فى حل من مأكله و مشربه من الخمس و هل يكون سؤاله ممّا تعلق بنفسه من الخمس و هو يكون فى مأكله و مشربه.

أو عمّا يأتى تحت يده من الماكل و المشرب و ربما تعلق به الخمس لعدم مبالات من اخذ منهم فعلى الاحتمال الأوّل يكون من محل الكلام و على الثانى خارجا عن محل الكلام لعدم علمه بتعلق الخمس بما وقع تحت يده.

و على كل حال جعله الإمام عليه السّلام فى حل فى صورة اعوازه عن حق نفسه.

و انّى هذا من حلية الخمس لغير هذا الشخص و لغير صورة اعوازه ديون الخمس و لغير حق نفس ابى جعفر عليه السّلام من ساير الائمة عليهما السّلام و فى حال الغيبة مطلقا فلا يمكن الاستدلال بها للحيلة الّتي مورد النزاع.

الثالثة: ما

رواها ضريس الكناسى قال قال ابو عبد الله عليه السّلام أ تدري من اين دخل على الناس الزنا فقلت لا ادرى فقال من قبل خمسنا اهل البيت الّا لشيعتنا الاطيبين فانّه محلل لهم و لميلادهم «2».

أقول لا يظهر بعد التأمل من الرواية الّا ان دخول الزنا على الناس (اى العامة) يكون من قبل خمس اهل البيت و منعهم عنه فصار خمسهم فى حق الغاصبين الحاكمين و الناس اخذوا من الغاصبين فلاجل وقوعهم فى الابتلاء بما غصب عن اهل البيت دخل عليهم الزنا و لكن الشيعة من هذا الحيث فى التوسع لأنّه عليه السّلام جعلهم

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 268

فى حل من هذا الحيث.

فلا يستفاد منها الا حلية ما يصل اتفاقا من هذه المغصوبات تحت ايدى الشيعة فلا يستفاد منها حلية الخمس الواجب على الشيعة بانفسهم من باب كونهم مورد الاحد الاسباب الموجبة للخمس.

الرابعة: ما رواها ابو سلمة سالم بن مكرم و هو ابو خديجة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قال رجل و انا حاضر حلّل لى الفروج ففزع ابو عبد اللّه عليه السّلام فقال له رجل ليس يسلك ان يعترض الطريق انّما يسألك خادما يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا اعطيه فقال هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم و الغائب و الميت منهم و الحىّ و ما يولد منهم الى يوم القيامة فهو لهم حلال أمّا و اللّه لا يحل الا لمن احلانا له و لا و اللّه ما اعطينا احدا ذمة و

ما عندنا لاحد عهد (هوادة) و لا لاحد عندنا ميثاق «1».

أقول الظاهر من الرواية كون نظر السائل الى ما يقع تحت يده من الغير و يحتمل كون حقهم عليهما السّلام فيه فيسأل تحليله له فحل عليه السّلام لشيعته و هذا غير مرتبط بما نحن فيه.

و الرواية ظاهرية فى انّ معرضية وقوع بعض حقهم باحد الاسباب اوجبت سؤاله عنه عليه السّلام و طلبه الحلية عنه عليه السّلام.

الخامسة: ما رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام قال انّ اشدّ ما فيه الناس يوم القيامة ان يقوم صاحب الخمس فيقول يا ربّ خمسى و قد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم و لتزكوا اولادهم «2»

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 269

أقول و الظاهر كون مفادها كسابقها فلا ربط لها بالمقام.

السادسة: ما رواها محمد بن سنان عن يونس بن يعقوب قال كنت عند ابى عبد اللّه عليه السّلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك تقع فى ايدينا الاموال و الارباح و تجارات نعلم ان حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام ما انصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم «1».

أقول و هذه الرواية اصرح من الروايات المتقدمة من حيث كون موردها هو ما يقع تحت ايدى الشيعة من الاموال المشكوكة كون حقهم عليهما السّلام فيها

و من هذه الرواية يستفادان مورد كل هذه الروايات هو ما قلنا و غير مربوطة بما نحن فيه.

السابعة: ما رواها داود بن كثير الرقى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال سمعته يقول

الناس كلهم يعيشون فى فضل مظلمتنا الّا انا احللنا شيعتنا من ذلك «2».

لا يبعد شمولها لمطلق الخمس فى سهم الإمام عليه السّلام و سهم السادات نباء على دلالتها على حلية الخمس مطلقا.

أقول يشير عليه السّلام ظاهرا الى الظلمة الواقعة من غصب حقهم من الخلافة و ما تابعها من الخمس و الأنفال و صفو المال الّذي كان لهم و المراد بان الناس يعيشون فى فضل مظلمتنا باعتبار انهم يتصرفون فى عيشهم و فى ظل حكومة الجور و لحوقهم فيها و حلل ما يقع قهرا فى ايدى الشيعة ليزكوا فالرواية غير مربوطة بما نحن فيه.

الثامنة: ما رواها الحارث بن المغيرة النصرى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 270

انّ لنا اموالا من غلات و تجارات و نحو ذلك و قد علمت ان لك فيها حقا قال فلم احللنا إذا لشيعتنا الا لتطيب ولادتهم و كل من والى آبائى فهو فى حل ممّا فى ايديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب «1».

أقول و الرواية و إن كانت مجملة لعدم معلومية الحق الّذي كان منه عليه السّلام فى امواله و لكن الظاهر خصوصا باعتبار ساير الروايات المذكورة ان المراد ما وصل فى امواله من حقوقه باعتبار اختلاطه فى المعاملات و غيرها به فليست الرواية مربوطة بمحل الكلام.

التاسعة: ما رواها الفضيل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من وجد برد حبنا فى كبده فليحمد اللّه على اوّل النعم قال قلت جعلت فداك ما اوّل النعم

قال طيب الولادة ثمّ قال ابو عبد اللّه عليه السّلام قال امير المؤمنين عليه السّلام لفاطمة عليها السّلام احلى نصيبك من الفي ء لآباء شيعتنا ليطيبوا ثمّ قال ابو عبد اللّه عليه السّلام انّا احللنا امهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا «2».

أقول و هى ظاهرة بل نصّ فى ان المراد ما اخذ الغاصبين من حقهم من فى ء فاطمة عليها السّلام و غيره و يصل قهرا منه بايدى الناس و الشيعة فاحل للشيعة فلا ربط للرواية بحلية الخمس الواجب على نفس الشخص من ارباح مكاسبه أو غيرها من الاسباب الموجبة للخمس.

العاشرة: ما رواها ابو سيار مسمع بن عبد الملك فى حديث قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام انى كنت وليت الغوص فاصبت أربعمائة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين الف درهم و كرهت ان احبسها عنك و اعرض لها و هى حقك الّذي جعل اللّه تعالى لك فى اموالنا فقال ما لنا من الأرض و ما اخرج اللّه منها الّا الخمس

______________________________

(1) الرواية 9 من الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

(2) الرواية 10 من الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 271

يا أبا سيار الأرض كلّها لنا فما اخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا قال قلت له انا احمل أليك المال كله فقال لى يا أبا سيار قد طيّبناه لك و حللنا لك منه فضم أليك مالك و كل ما كان فى ايدى شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون و محلل لهم ذلك الى ان يقوم قائمنا فيجيبهم طسق ما كان فى ايدى سواهم فانّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا فياخذ الأرض من ايديهم

و يخرجهم منها صغرة «1».

أقول يحتمل كون الأرض الّتي حلّ عليه السّلام لشيعته ارضا خاصة الّتي وليها أو ارض الأنفال كما احتمله صاحب الوسائل رحمه اللّه فلا تدلّ الرواية على حلية مطلق الخمس للشيعة و المحتمل كونه متوليا على الغوص من قبل حاكم الجور فما وقع فى يده هو ما يأخذ من الغواصين كما يدل عليه رواية 19 و 20 من الباب 4 ورد فى إباحة حصة الإمام عليه السّلام من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام.

الحادية عشر: ما رواها الحرث بن المغيرة قال دخلت على ابى جعفر عليه السّلام فجلست عنده فاذا بخيّة قد استاذن عليه فاذن له فدخل فجثا على ركبتيه ثمّ قال جعلت فداك انى اريد ان أسألك عن مسئلة و اللّه ما اريد بها الّا فكاك رقبتى من النار فكانه رق له فاستوى جالسا فقال يا بخيّة سلنى فلا تسألني عن شي ء الّا أخبرتك به قال جعلت فداك ما تقول فى فلان و فلان قال يا بخيّة انّ لنا الخمس فى كتاب اللّه و لنا الأنفال و لنا صفو المال و هما و اللّه اوّل من ظلمنا حقّنا فى كتاب اللّه الى ان قال اللهم انا قد احللنا ذلك لشيعتنا قال ثمّ اقبل علينا بوجهه فقال يا بخيّة ما على فطرة ابراهيم غيرنا و غير شيعتنا «2».

اقول و لا يخفى انها لا ظهور لها فى إباحة الخمس مطلقا حتى ما تعلق بنفس

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب 4 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 14 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 272

الشيعة بسبب حصول اسبابه لها بل المتقن أو الظاهر

منها خصوص الخمس الّذي ذهب عن ايديهم مثل الأنفال و صفو المال بظلم فلان و فلان.

الثانية عشر: ما رواها عبد العزيز بن نافع قال طلبنا الاذن على ابي عبد اللّه عليه السّلام و ارسلنا إليه فارسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت انا و رجل معى فقلت للرجل احبّ ان تحل بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك ان ابى كان ممن سباه بنو امية و قد علمت ان بنى امية لم يكن لهم ان يحرّموا او لا يحللوا و لم يكن لهم ممّا فى ايديهم قليل و لا كثير و انّما ذلك لكم فاذا ذكرت الّذي كنت فيه دخلنى من ذلك ما يكاد يفسد على عقلى ما انا فيه فقال له انت فى حلّ ممّا كان من ذلك و كل من كان فى مثل حالك من ورائى فهو فى حلّ من ذلك قال فقمنا و خرجنا فسبقنا معتسب الى النفر القعود الذين ينتظرون اذن ابى عبد اللّه عليه السّلام فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشي ء ما ظفر بمثله احد قطّ قيل له و ما ذاك ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على ابى عبد اللّه عليه السّلام فقال احدهما جعلت فداك انّ ابى كان من سبايا بنى امية و قد علمت ان بنى امية لم يكن لهم من ذلك قليل و لا كثير و انا احب ان تجعلني من ذلك فى حلّ فقال و ذلك إلينا ما ذلك إلينا ما لنا ان تحلّ و لا ان نحرم فخرج الرجلان و غضب ابو عبد اللّه عليه السلام فلم يدخل عليه احد فى تلك الليلة إلا بدأه ابو عبد اللّه عليه السّلام فقال الا تعجبون

من فلان يجيئنى فيستحلّني ممّا صنعت بنو اميّة كانه يرى ان ذلك لنا و لم ينتفع احد فى تلك الليل بقليل و لا كثير الّا الاولين فانّهما عينا بحاجتهما «1».

أقول و هذه الرواية لا تدلّ على الاباحة بل تدلّ على خلافها بل كان تحليله عليه السّلام لمن دخل أولا لخصوصية فيه مثل فقر او جهة اخرى ربما يوجب فساد عقله فحلل له خاصة و لم يحلّ لغيره مع شدة استنكاره عليه السّلام من باب عدم كونه أهلا

______________________________

(1) الرواية 18 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 273

للتحليل لعدم كونه من شيعتهم او لعدم حاجته أو للتقية كما يشعر بها قوله عليه السّلام (ما لنا ان نحلّ و لا ان نحرّم) و الحال أنّه حقهم واقعا و امره بيدهم و على كل حال لا تدلّ الرواية الّا على تحليله لخصوص الشخص المذكور لخصوص ما وصل تحت يده من عمال حكومة الجور فلا ربط لها بحلية الخمس فهى داله على عدم التحليل و فى الحقيقة معارضة مع بعض ما دل على تحليل ما يقع تحت يد الشخص ممن غصب حقهم من الخمس و غيره.

الثالثة عشر: ما رواها ابو حمزة عن ابى جعفر عليه السّلام فى حديث قال ان اللّه جعل لنا اهل البيت سهاما ثلاثة فى جميع الفي ء فقال تبارك و تعالى و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فان للّه خمسه و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل فنحن اصحاب الخمس و الفي ء و قد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا و اللّه يا أبا حمزة ما

من ارض تفتح و لا خمس يخمس فيضرب على شي ء منه الّا كان حراما على من يصيبه فرجا كان او ما لا الحديث «1» تدلّ على فرض تمامية دلالتها على حلية مطلق الخمس من سهم الإمام عليه السّلام و سهم سادات.

اقول و هذه الرواية بما ذكر فى ذيلها لا تفيد حلية الخمس و الفي ء الا فيما ربما يقع بالتحولات الواقعة تحت يدى الشيعة.

الرابعة عشر: ما روى فى تفسير الحسن بن على العسكرى صلوات اللّه و سلامه عليهما عن آبائه عن امير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قد علمت يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم أنّه سيكون بعدك ملك غضوض و جبر فيستولى على حمسى من السبى و الغنائم و يبيعونه فلا يحل لمشتريه لأنّ نصيبى فيه فقد وهبت نصيبى منه لكل من ملك شيئا من ذلك من شيعتى لتحلّ لهم منافعهم من مأكل و مشرب و ليطيب

______________________________

(1) الرواية 19 من الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 274

مواليدهم و لا يكون اولادهم اولاد حرام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم ما تصدق احد افضل من صدقتك و قد تبعك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فى فعلك احل الشيعة كلما كان فيه من غنيمة و بيع من نصيبه على واحد من شيعتى و لا احلها انا و لا انت لغيرهم «1».

أقول و دلالتها على خصوص ما وصل بيد الشيعة من الغاصبين اتفاقا واضح فلا ربط لها لما نحن فيه.

الخامسة عشر: ما رواها عيسى بن المستفاد عن

موسى بن جعفر عن ابيه عليه السّلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال لابى ذر و سلمان و المقداد اشهدونى على انفسكم بشهادة ان لا إله الا اللّه الى ان قال و إن على بن ابى طالب وصى محمد و امير المؤمنين و إنّ طاعته طاعة اللّه و رسوله و الائمة من ولده و إنّ مودة اهل بيته مفروضة واجبة على كل مؤمن و مئونة مع اقام الصلاة لوقتها و اخراج الزكاة من حلّها و وضعها فى اهلها و اخراج الخمس من كل ما يملكه احد من الناس حتى يرفعه الى ولى المؤمنين و اميرهم و من بعده من الائمة من ولده فمن عجز و لم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك الى الضعفاء من اهل بيتى من ولد الائمة فمن لم يقدر على ذلك فلشيعتهم ممن لا يأكل بهم الناس و لا يريد بهم الا اللّه الى ان قال فهذه شروط الاسلام و ما بقى اكثر «2».

أقول و هذه الرواية تدلّ على ضد مدعى الحلية لدلالتها على وجوب اخراج الخمس.

السادسة عشر: ما رواها العياشى فى تفسيره عن فيض بن ابى شيبه عن رجل عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال انّ اشد ما فيه الناس يوم القيامة إذا قام صاحب

______________________________

(1) الرواية 20 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 21 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 275

الخمس فقال يا رب خمسى و إن شيعتنا من ذلك فى حلّ «1».

اقول و هذه الرواية ضعيفة السند لارسالها فلا يؤخذ بها مضافا الى انها لا تدلّ

الا على كون الشيعة فى يوم القيامة مستريحه و فى حل و هل منشأه حلّ عليهم فى الدنيا و لهذا فى حلّ فى الآخرة او لانّهم أدّوا ما عليهم من حق صاحب الخمس و لهذا فى حل فى الآخرة و كلهما محتمل فلا يمكن الاستدلال بها على حلية الخمس حال الغيبة.

السابعة عشر: ما رواها حكيم مؤذن بنى عيسى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له (و اعلموا انّما غنمتم من شي ء فان للّه خمسه و للرسول) قال هى و اللّه الافادة يوما بيوم الّا انّ ابى جعل شيعتنا من ذلك فى حل ليزكوا «2».

و هذه الرواية على تقدير تمامية الاستدلال بها تدلّ على حلية مطلق الخمس من سهم الإمام و السادات.

أقول و لعل هذه الرواية أظهر رواية من الروايات من حيث دلالتها على ما يدعى من إباحة الخمس الواجب بسبب الاسباب المتقدمة ذكرها على الشيعة.

الّا انّها ضعيفة السند لمجهولية حكيم مضافا الى ما فى محمد بن سنان الواقع فى طريق الرواية من الاختلاف فى توثيقه و هى لا تدلّ الا على ان الباقر عليه السّلام جعل شيعته فى حل و الصادق عليه السّلام بناء على امضائه و لا يدل على اباحته مطلقا حتى لمن يجب عليه الخمس بعده فى زمن سائر الائمة عليهم السّلام لأنّه عليه السّلام اسقط حقه لا حق الباقين من الائمة عليهما السّلام.

______________________________

(1) الرواية 22 من الباب 4 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل

(2) الرواية 8 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 276

الثامنة عشر: ما رواها الصدوق فى كتاب اكمال الدين عن محمد بن محمد بن عصام الكلينى عن محمد

بن يعقوب الكلينى عن إسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان عجل اللّه تعالى فرجه الشريف امّا ما سألت عنه من امر المنكرين لى الى ان قال و أمّا المتلبّسون باموالنا فمن استحل منها شيئا فاكله فانما يأكل النيران و أمّا الخمس فقد ابيح لشيعتنا و جعلوا منه فى حل الى ان يظهر امرنا لتطيب ولادتهم و لا تخبث «1». هذه الرواية على تقدير تماميّة الاستدلال بها تدل على حلية مطلق الخمس سهم الإمام و سهم السادة.

أقول اعلم ان فى التوقيع الشريف كلاما من حيث السند باعتبار أنّه لم يذكر فى الرجال مدح و لا قدح عن محمد بن محمد بن عصام و اسحاق بن يعقوب فمن يوثّقهما ليس منشأه الا رواية الصدوق عن الأوّل و رواية الكلينى رحمه اللّه عن الثانى فمن لا يعتمد بالتوقيع من حيث السند يقول بعدم كفاية مجرد ذلك فى توثيقهما.

و أمّا من حيث الدلالة فنقول حيث ان التوقيع الشريف صدر فى جواب مسائل سألها السائل و لم يذكر الاسئلة فى التوقيع فقوله روحى فداه (و أمّا الخمس) لا نعلم أنّه وقع جوابا عن خمس خاص أو عن مطلق الخمس بعبارة اخرى تكون الألف و اللام فى الخمس للعهد أو للجنس و يحتمل قريبا كونها عهدا و كان سؤاله مثل ساير الاسئلة الواردة فى الروايات المتقدمة من الخمس الّذي وقع تحت يد الأشخاص من الغاصبين من خلفاء الجور فلا اقل من اجمال التوقيع من هذا الحيث فلا يمكن الاستدلال به على حلية الخمس مطلقا حتى فيما وجب على الشخص بحصول اسبابه من ارباح التجارات و غيرها.

التاسعة عشر: ما رواها الشيخ رحمه اللّه باسناده عن محمد بن

على بن محبوب عن

______________________________

(1) الرواية 16 من الباب 4 من ابواب الانفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 277

محمد بن الحسين عن عبد اللّه بن القاسم الحضرمىّ عن عبد اللّه بن سنان قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس ممّا اصاب لفاطمة عليها السّلام و لمن يلى امرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصة يضعونه حيث شاءوا و حرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسه دوانيق فلنا منه دانق الّا من احللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة أنّه ليس من شي ء عند اللّه اعظم من الزنا أنّه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما ابيحوا «1».

أقول أمّا الرواية بحسب السند ضعيفة يعبد اللّه بن قاسم ففيه قال اهل الرجال واقفى كذاب و أمّا بحسب الدلالة فلا ظهور لها فى الحلية المطلقة لأنّ المراد من قوله عليه السّلام (الا من احللناه من شيعتنا الخ هو بعض الشيعة الذين حلل لهم لتطيب به الولادة بحيث لو لم يحلل لهم لا تطيب لهم الولادة مثل الشيعة الّتي كانت من السبايا الّتي سباها بنى امية كما ذكر فى الرواية الثانية عشر.

[الاخبار المعارضة مع هذه الاخبار]

إذا عرفت ما ذكرنا من الروايات المتمسكة بها فى تحليل الخمس و ما فيها من الاشكال من حيث الدلالة أو السند و انه لو كنا و هذه الروايات و لم يكن لنا شي ء آخر لا بد ان نقول بعدم وجود دليل على تحليل الخمس من قبلهم عليهما السّلام.

و لكن يبقى الامور الّتي يوجب وهن الاستدلال بهذه الاخبار.

الاوّل معارضة بعض الاخبار مع هذه الاخبار الّذي اخرجها صاحب الوسائل رحمه

اللّه فى الباب الثالث من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام عليه السّلام نذكر بعضا من هذه الروايات تيمنا.

منها ما رواها محمد بن يزيد الطبرى قال كتب رجل من تجار فارس من

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 8 من ابواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 278

بعض موالى ابى الحسن الرضا عليه السّلام يسأله الاذن فى الخمس فكتب إليه بسم اللّه الرحمن الرحيم انّ اللّه واسع كريم ضمن على العمل الثواب و على الضيق الهمّ و لا يحلّ مال الّا من وجه احلّه اللّه انّ الخمس عوننا على ديننا و على عيالنا و على موالينا (أموالنا) و ما نبذله و نشترى من اعراضنا ممّن نخاف سطوته فلا نزووه عنا و لا تحرموا انفسكم دعانا ما قدر تم عليه فانّ اخراجه مفتاح رزقكم تمحيص ذنوبكم و ما تمهدون لانفسكم ليوم فاقتكم و المسلم من يفى للّه بما عهد إليه و ليس المسلم من أجاب باللسان و خالف بالقلب و السلام «1».

أقول و هذه الرواية نص فى عدم التحليل و يظهر منها عدم امكان تحليل الخمس للحاجة إليه لتوقف حفظ الدين و عيالاتهم و مواليهم.

و منها ما رواها الصدوق رحمه اللّه فى كمال الدين عن محمد بن احمد السنانى و على بن احمد بن محمد الدقاق و الحسين بن ابراهيم بن محمد بن احمد بن هشام المؤدب و على بن عبد اللّه الوراق جميعا عن ابى الحسين محمد بن جعفر الاسدى قال كان فيما ورد على الشيخ ابى جعفر محمد بن عثمان العمرى رحمه اللّه فى جواب مسائلى الى صاحب الدار عليه السّلام و أمّا ما سألت عنه من

امر من يستحل ما فى يده من اموالنا و يتصرف فيه تصرفه فى ماله من غير امرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون و نحن خصمائه فقد قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم المستحل من عترتى ما حرم اللّه ملعون على لسانى و لسان كل بنى مجاب فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا و كانت لعنة اللّه عليه بقوله عزّ و جل الا لعنة اللّه على الظالمين الى ان قال و أمّا ما سألت عنه من امر الضياع الّتي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها و اداء الخراج منها و صرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتسابا للاجر و تقربا إليكم فلا يحل لاحد ان يتصرف فى مال غيره بغير اذنه

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب الانفال من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 279

فكيف يحل ذلك فى مالنا أنّه من فعل شيئا من ذلك لغير امرنا فقد استحلّ منا ما حرّم عليه و من اكل من مالنا شيئا فانما يأكل فى بطنه نارا و سيصلى سعيرا «1».

أقول و هذا التوقيع الشريف يدل صدره على الذم على مستحلّى حقهم و اللعن عليه و إن كان تصرفه حلالا فلا يذمه عليه السّلام.

و إن قلت ان من يستحل حقهم هو المنكر لحقهم و هو غير الشيعة لانّهم لا يتصرفون فى حقهم الا باذنهم المستفاد من تحليلهم لشيعتهم كما يستفاد من اخبار التحليل فليس هذا التوقيع وارد فى محل كلامنا.

قلت أمّا أوّلا فان كان من يحله يحله لاجل تحليلهم لا من باب انكاره الخمس فكان المناسب أنّه روحى فداه يستثنى هذا القسم من كلامه و الحال ان كلامه مطلق

يشمل هذا القسم أيضا.

و أمّا ثانيا قوله فى ذيل التوقيع من اكل من مالنا شيئا فانّما يأكل فى بطنه نارا و سيصلى سعيرا مطلق يشمل الخمس و غير الخمس للشيعة و لغيرهم.

و منها ما رواها سعيد بن هبته اللّه الراوندى فى (الخرائج و الجرائح) عن ابى الحسن المسترق عن الحسن بن عبد اللّه بن حمدان ناصر الدولة عن عمه الحسين فى حديث عن صاحب الزمان عليه السّلام أنّه راه و تحته عليه السّلام بغلة شهبا و هو متعمم بعمامة خضرا يرى منه سواد عينيه و فى رجله خفّان حمرا و ان فقال يا حسين كما ترزأ على الناحية و لم تمنع اصحابى عن خمس مالك ثمّ قال إذا مضيت الى الموضع الّذي تريده تدخله عفوا و كسبت ما كسبت تحمل خمسه الى مستحقه قال فقلت السمع و الطاعة ثمّ ذكر فى آخره ان العمرى اتاه و اخذ خمس ماله بعد ما اخبره بما كان «2».

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب الأنفال ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 8 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 280

اقول و الظاهر ان هذه الاخبار تدلّ على عدم حلية الخمس الواجب على الشخص باحد اسبابه.

امّا من باب شمول اطلاقها له كما هو ظاهر الاخبار.

و أمّا من باب كون المتيقن من الروايات هذه الصورة بناء على عدم شمولها لحال الحضور.

[الجمع بين الاخبار]

إذا عرفت ما بيّنا لك من الطائفتين من الروايات نقول بعونه تعالى جوابا عن الاخبار المتوهمة دلالتها على تحليل الخمس فى حال الغيبة.

أوّلا بعدم دلالتها على المدعى كما بينا فى ذيل كل رواية من الروايات.

مضافا الى ضعف سند بعضها فان بعضها ظاهر

فى عدم ربطه بالمقام و بعضها و ان كان فرضا مربوط بالمقام يوهن الاستدلال به لضعف سنده.

و ثانيا ليس مقتضى الحجية لهذه الاخبار لانّها ممّا اعرض الاصحاب عنها فنكشف من اعراضهم وجود الريب فى صدورها.

و ثالثا انّ ظاهر الحلية و الاباحة من الاخبار المذكورة هو الحلية و الاباحة المالكية بمعنى ان الإمام عليه السّلام المالك له أباح للشيعة و ليس المراد الاباحة الشرعية بمعنى انّه بمقتضى شارعيته اباح للشيعة و بعد ما كانت الاباحة الاباحة المالكية تكون الشبهة موضوعية و لا بد من البينة فى الموضوعات و لا يكتفى فيها بالخبر الواحد كما يكتفى بها فى الشبهة الحكمية.

إن قلت بعد ورد الروايات الدالة عليها تبلغ ثمانية عشر فقد حصلت البينة قلت ان الروايات و إن كانت كثيرة لكن غايتها وثاقة بعض اسانيدها لا عدالة كل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 281

من فى طرقها و فى البينة لا بد من العدالة و هذا التوجيه ذكر فى المستمسك «1» ببيان منّى و لم يكن إن قلت و قلت الّذي بينت بل هو منّى فى مقام توجيه كلامه الشريف أقول بعد ما قلنا بحجية الخبر الواحد من باب الوثوق و الاطمينان و انّ بناء العقلاء فى هذه الصورة فمع حصول الاطمينان بالصدور يثبت به الحلية المالية لأنّ الاطمينان حجة من اىّ سبب حصل.

و رابعا انها معارض بمثلها من الاخبار الّتي ذكرنا بعضها الدالة على عدم تحليل الخمس و نصوصية بعضها لو لا كلّها فى ذلك مضافا الى اطلاق الاخبار الدالة على وجوب الخمس بالاسباب الخاصة لان فيها وجوبه مع تعليله و مع التعارض ان امكن الجمع بينهما بحمل الطائفة الدالة على الحلية على زمان

الحضور و الطائفة الدالة على عدم الحلية على حال الغيبة تكون النتيجة أيضا عدم الحلية حال الغيبة.

فنقول بعض الاخبار من الطائفة الاولى و إن كان قابلا لهذا الحمل لكن ليس كلّها قابلا لهذا لحمل مضافا الى انّ ما ذكر فى بعض الأخبار من حكمة عدم الحلية صونا لحفظ عرضهم و عيالهم و الدين و مواليهم لا يساعد بهذا الجمع.

او حمل الطائفة الاولى.

على حلية خصوص الخمس الّذي يقع تحت ايدى الشيعة من قبل الغاصبين من باب ابتلائهم بهم و بمعاملاتهم و بما فى ايديهم.

و حمل الثانية على خصوص الخمس الواجب على الشخص من الاسباب الخاصة من ربح تجارته و غير ذلك من الاسباب الموجبة للخمس.

فهذا جمع ليس ببعيد و يمكن القول به.

______________________________

(1) المستمسك، ج 9، ص 579.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 282

و ان ابيت عن ذلك و وقع التعارض بينهما.

نقول بانّه لا بد من اخذ الطائفة الثانية و ترك الطائفة الاولى لأنّ الترجيح مع هذه الطائفة.

لأنّ اوّل المرجحات هو الشهرة و هى مع الطائفة الثانية إذا كانت الشهرة المرجحة الشهرة الفتوائية لأنّ المشهور القريب بالاتفاق قائلون بعدم حليته حال الغيبة.

ثمّ بعد الشهرة تصل النوبة بمخالفة العامة و ما دل على عدم التحليل مخالف لهم.

ثمّ بعد ذلك تصل النوبة بموافقة الكتاب و ما دل على عدم التحليل موافق له و ما دل على التحليل مخالف للكتاب.

فتحصل ممّا مر انّ الحق بين القول بالتحليل و بين عدم تحليل الخمس هو القول الثانى.

ثمّ بعد ما يجب اداء نصف الخمس الّذي هو حال الغيبة للامام و لم يبح لشيعته ما نقول فيه فعلى هذا يقع الكلام فى الاحتمالات الباقية غير احتمال التحليل و هى على ما

ذكرنا خمسة احتمالات:

الاحتمال الاوّل: وجوب دفن الخمس و كنزه حتى يظهر الحجة عجل اللّه تعالى تعالى فرجه الشريف و يخرجه و يتصرف فيه بما يشاء.

و وجهه على ما ذكر هو ما روى من ان الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الحجة عليه السّلام و يخرجها من كل مكان «1».

______________________________

(1) الاحتجاج الجزء 7، ص 10 الطبعة الحديثة (على ما فى المتمسّك).

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 283

و فيه كما قيل ان الرواية على فرض صدورها لا تدلّ الّا على ان الكنوز تظهر عند ظهوره روحى فداه و هو يأخذها و هذا لا يدلّ على وجوب دفنها لكى يأخذه إذا ظهر إن شاء الله.

مضافا الى انّ مظنه الخطر و الضرر فى اكثر الاوقات و معها يكون تفريط مال الغير و لا مجوّز له.

الاحتمال الثاني: عز له و ايداعه و الوصية به عند الموت لأنّ هذا مال بعلم مالكه و لا يمكن ايصاله إليه فعلا فلا بد من حفظه و ايداعه لأن يصل إليه.

و فيه ان فى ذلك مظنة الضرر و الخطر فى المال و تفريط فى مال الغير و هو غير جائز.

الاحتمال الثالث: وجوب الاقتصار و صرف سهمه عليه السلام فى الاصناف الثلاثة اليتامى و المساكين و ابن السبيل و يستدل على ذلك بمرسلتى حماد و مرفوعة احمد بن محمد المتقدمتين فى طى المسألة 2 المستفاد منهما أنّه مع عدم كفاية سهم الاصناف الثلاثة لهم من الخمس على الإمام عليه السّلام ان يتم من ماله فان وجوبه عليه حال حضوره عليه السّلام يقتضي وجوبه حال غيبته عليه السّلام فيجب صرفه بهم تتميما لهم.

و فيه ان الروايتين لا تدلّان على وجوب ذلك حال غيبة عليه السّلام

بل ظاهرهما حال الحضور بحيث يأخذ ما زاد عن حاجتهم و يتمم ما نقص عنهم.

الاحتمال الرابع: اجراء حكم المجهول مالكه على سهمه عليه السّلام حال غيبته من باب دعوى شمول بعض النصوص الوارد فيه على كل مال يعلم مالكه و يعتذر الوصول إليه.

و فيه انّ مورد اجراء حكم مجهول المالك كما ذكر هو صورة تعذر ايصال مال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 284

الشخص إليه و مع فرض رضى الشخص المعلوم كونه مالكه للمال بصرفه فى مصرف لا بد من صرفه فيه لأنّ الواجب صرفه فيما يحرز برضاه به لأنّه ايصال به فمع امكان صرفه فيما يعلم برضى الإمام عليه السّلام فيه يعلم بوجوب صرفه فيه لأنّه من جملة ايصال المال به.

فبناء عليه نقول بان الاقوى بين المحتملات.

هو الاحتمال الخامس من الاحتمالات الخمسة و الاحتمال الأوّل من الاحتمالات الستة الّتي تعرضنا لها فى صدر المسألة و هو صرف سهمه عليه السّلام من الخمس فيما يعلم برضى صرفه فيه من اقامة اعلام الدين و ترويج الشريعة و مئونة طلبة العلم و انتشار حلال اللّه و حرامه و غيرها مما يعدّ اعلاء كلمة الاسلام و فى مسيره و حفظ المسلمين و نواميس الدين و هو يختلف باختلاف الازمنة و الأمكنة و الميزان صرفه فى المورد الّذي يعلم رضاه عليه السّلام بصرفه فيه.

إذا عرفت ممّا مر وجوب صرف سهم الإمام عليه السّلام حال غيبة فيما يعلم برضائه فى صرفه فيه يقع الكلام فى أنّه هل يكون للمكلف الواجب عليه سهم الإمام عليه السّلام صرفه فيما يعلم برضاه عليه السّلام فى صرفه فيه بدون ارجاع الامر الى المجتهد الجامع للشرائط.

او لا يجوز له ذلك بل لا

بد من الايصال الى المجتهد لأنّ أمره بيده حتى يصرفه المجتهد فيما يعلم برضاه عليه السّلام.

قد يقال بالاوّل كما حكى عن غرية المفيد و مال إليه صاحب الحدائق.

لعدم دليل على وجوب الرجوع بالمجتهد فاذا علم من عليه حق سهم الإمام عليه السّلام برضاه فى صرفه فى محل يجوز له صرفه بلا مراجعة بالحاكم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 285

و أمّا ادلة الولاية مثل قوله عليه السّلام جعلته قاضيا أو حاكما أو حجة الّتي فى مقام جعل الولاية الّتي للامام عليه على الناس فى مجارى الامور للمجتهد لا يمكن ان يقال بكون المجتهد وليّا عليه فلا ولاية للمجتهد على الإمام عليه السّلام من حيث هذه الولاية.

و أمّا الولاية الّتي للامام عليه السلام على امواله مثل ساير الناس من باب ان الناس مسلطون على اموالهم «1». فادلة الولاية ليست ناظرة الى هذه الولاية حتى يكون امر المال الشخصى المتعلق بالامام عليه السّلام راجعا حال الغيبة إليه و الا لو كان كذلك كان امر السهم بيد المجتهد و له التصرف بما يشاء من المصالح مثل المصالحة بالاقل إذا كان الدوران بين الاقل و الاكثر او تبديله بعين اخرى ممّا يرى مصلحة بمقتضى ولايته عليه سواء علم رضى الإمام عليه السّلام أو لا.

و نتيجة اختيار الاحتمال الأوّل و هو صرفه فيما يعلم برضاه عليه السّلام هى كون المال باقيا بملكه عليه السّلام و حيث نعلم برضاه فى صرفه فى الجهات المربوطة بالاسلام و اعلاء كلمته و تقويته فلنا بصرفه فيه و لا يجوز اذخاره أو ابداعه أو معاملة مجهول المالك معه أو اعطائه بالسادة.

و قد يقال بالثانى كما حكى عن الاكثر بوجوب تولى الفقيه الجامع للشرائط

فى صرفه و الايصال إليه أو صرفه باذنه.

امّا بدعوى الاجماع عليه.

أو من باب انّ للمراجعة بالحاكم دخل فى العلم برضاه من باب كونه ابصر بالجهات الّتي يرضى الإمام صرف ماله فيه بل العوام غالبا لا يلتفتون بالجهات

______________________________

(1) البحار باب 33 حديث 7 ج 2 صفحة 272 الطبعة الجديدة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 286

المرضية عند الإمام عليه السّلام و الملاكات المطلوبة عنده و لهذا مع ان غير المجتهد لا يتوجه بالخصوصيات المطلوبة أو المبغوضة عنده عليه السّلام لا يحصل له العلم برضاه قبل الارجاع الى الحاكم فلا بد من الايصال الى المجتهد أو الاذن منه.

أو بدعوى انّ سهم الإمام عليه السّلام اعنى سهم اللّه تعالى و سهم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و سهم ذوى القربى ليس ملكا لشخصه الشريف بل هو ملك لمنصبه المنيف منصب الزعامة الدينية و ولاية الامر ففى زمان غيبته عليه السلام لا بد من ان يتولاه من يتولى المنصب و إن عزل الحاكم الشرع عن الولاية عليه يؤدى ذلك الى ضياع الزعامة الدينية و الاحتفاط بها من اهم الواجبات الدينية.

امّا كون السهم ملكا لمنصب الإمام عليه السلام فلما يستفاد من بعض روايات الباب المصرحة فيها بانّ سهم اللّه تعالى و سهم رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم للامام عليه السّلام.

مثل ما رواها احمد بن محمد بن ابى نصر عن الرضا عليه السلام قال سئل عن قول اللّه عز و جل وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ فقيل له فما كان اللّه فلمن هو فقال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم

و ما كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فهو للامام الحديث «1».

منها ما فى رواية حماد بن عيسى عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السّلام و فيها قال فسهم اللّه و سهم رسوله لاولى الامر من بعد رسول اللّه وراثة و له ثلاثة اسهم سهمان وراثة و سهم مقسوم له الخ). «2»

لأنّ ما كان سهم اللّه تعالى و سهم رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم لم يصل الى الإمام عليه السّلام من جهة الشخصية بل من جهة ولايته خصوصا مع التعبير فى رواية حماد بأن (سهم اللّه و سهم

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 1 ابواب خمسة الخمس من الوسائل.

(2) الرواية 8 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 287

رسوله لاولى الامر من بعد رسول اللّه) فالظاهر ان ولاية أمره توجب كون سهمها له عليهم السّلام.

و بعد كون السهم ملكا للامام عليه السّلام من باب منصبه فمقتضى ولاية الفقيه كون امر ذلك السهم راجعا إليه فلهذا لا بد من ايصال سهمه عليه السّلام بالمجتهد الجامع للشرائط أو صرفه باذنه فعلى هذا ايصال سهمه عليه السّلام حال الغيبة الى المجتهد احوط لو لم نقل بكونه اقوى.

المورد الثاني: فى حكم نصف الخمس الّذي جعل للاصناف الثلاثة

الايتام و المساكين و ابن السبيل.

فنقول بعونه تعالى بان المحكى فيه اقوال.

القول الاوّل: سقوطه و اباحته للشيعة كما حكى عن الديلمى و الذخيرة و الحدائق و غيرهم.

القول الثاني: فى وجوب دفنه الى زمان ظهور الحجة عليه الصلاة و السلام و روحى فداه كما حكى عن بعض.

القول الثالث: وجوب الوصية به كما حكى عن التهذيب.

القول الرابع: التخيير بين قسمته بين الاصناف الثلاثة وغر له و حفظه و الوصية

به أو بين ذلك و دفنه.

القول الخامس: و هو المشهور وجوب قسمته بين الاصناف الثلاثة المذكورة.

و الدليل على القول الأوّل اطلاق بعض الاخبار المتوهمة دلالتها على إباحة الخمس يشمل الخمس مطلقا سهم اللّه تعالى و سهم رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم و سهم ذوى القربى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 288

الّذي يكون كلّها للامام عليه السّلام و سهم اليتامى و المساكين و ابن السبيل.

و قد مر جواب هذا الدليل فى المورد الأوّل فلا حاجة الى الاعادة.

كما أنّه مر بطلان القول الثانى و الثالث و الرابع.

فالمختار هو الوجه الخامس كما هو مقتضى الآية الشريفة و كثير من الاخبار.

و هل يجب المراجعة الى الحاكم الشرعى فى هذا النصف الّذي للاصناف الثلاثة من السادة و الدفع إليه أو الاستيذان منه او لا يجب ذلك بل له ان يدفع بنفسه ما عليه سهمهم إليهم بدون الرجوع الى المجتهد قولان.

الاقوى الثانى لأنّ مع الشك فى الجزئية و الشرطية مجرى البراءة.

و امّا وجه القول الأوّل ان ذلك وظيفة الإمام عليه السّلام و فى غيبته عليه السّلام الى من هو ولى الامر من قبله و هو المجتهد.

و فيه أنّه لو دل دليل على كون الامر إليه عليه السّلام حال حضوره فهو من باب أنّه يتم ما نقص عن السادة و يأخذ ما يفصل عنهم و لا دليل على ذلك حال الغيبة نعم هو احوط استحبابا.

***

[مسئلة 8: لا اشكال فى جواز نقل الخمس من بلده الى غيره]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: لا اشكال فى جواز نقل الخمس من بلده الى غيره إذا لم يوجد المستحق فيه بل قد يجب كما إذا لم يكن حفظه مع ذلك أو لم يكن وجود المستحق فيه متوقعا بعد ذلك و لا

ضمان حينئذ عليه لو تلف و الاقوى جواز النقل مع وجود المستحق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 289

أيضا لكن مع الضمان لو تلف و لا فرق بين البلد القريب و البعيد و ان كان الاولى القريب الا مع المرجح للبعيد.

(1)

أقول فى المسألة مسائل:

المسألة الاولى: لا اشكال فى جواز نقل الخمس من بلده الى غيره

إذا لم يوجد المستحق فيه لأنّه يجب اداء حق الغير به.

بل يجب ذلك لما قلنا من وجوب ايصال حق صاحب الخمس بهم و على الفرض ليست فى بلده فيجب نقله الى غير بلده لإيصال حقه به.

سواء امكن حفظه او لا يمكن حفظه.

و سواء يكون وجود المستحق فى بلده متوقعا بعد ذلك او لا لوجوب ايصال حق صاحب الحق به فورا بالفورية العرفية.

المسألة الثانية: فى كل الفروض الّتي جامعها عدم وجود المستحق فى بلده

إذا نقل الخمس من بلده و تلف هل يكون ضامنا أو لا.

أقول ما يأتى بالنظر هو جواز عزل الخمس للمالك لأنّ الخمس واجب عليه فيجب رده الى المستحق فيكون اختيار ردّ خمس العين المتعلق للخمس.

و كذا قيمته بناء على تخيير المكلف بين العين و القيمة و قد مرّ الكلام فيه المسألة 75 إليه و ان استشكلنا فى تخييره و لا دليل على كون اختيار عزل الخمس بيد المستحق او الحاكم و إن لم يكن المعزول به إذا كان قيمة الخمس سببا لتشخيص الخمس به ما لم يقبضه المالك أو اجازه بناء على عدم كون المالك مخيرا بين العين و القيمة و مع الشك فى دخل المستحق او وليه فى عزله تجرى البراءة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 290

ففى صورة عزله من العين و كذا القيمة إذا كان له تخيير بين العين و القيمة يكون يد المالك ما لم يفرط فى المعزول بعنوان الخمس يدا أمّا نيّة فلو تلف بلا تفريط لا يكون ضامنا لأنّ نقله من بلده يكون لعدم وجود المستحق و ينقل عنه لادائه بمستحقه فلا تفريط من قبله مسلما بل هو محسن و ما على المحسنين من سبيل.

و الاولى من حيث عدم الاشكال ما إذا نقل تمام العين

المتعلقة للخمس من بلده لأنّ يخرج خمسه و يعطيه بالسادة وجه الاولوية عدم تحقق.

عزل من المالك بل نقل تمام المال كى يأخذ المستحق سهمه كما يأتى إن شاء اللّه فى المسألة 12 من انّه لم ار وجها راسا لأوليه صرف الخمس فى بلد حصل فيه سبب الخمس مثلا حصل الربح فى مكاسبه

المسألة الثالثة: هل يجوز نقل الخمس من بلده مع وجود المستحق فيه او لا.

أقول الكلام فيها ينبغى ان يقع فى الموردين.

المورد الاول: فيما عزل المالك الخمس من عين ما تعلق به الخمس مثلا تعلق بخمس توامين فعزل عنه تومانا واحدا بعنوان الخمس كى يصل الى مستحقه فنقول فى هذا المورد بانّه بعد ما يجب عليه دفع الخمس الى المستحق و المستحق كما يوجد فى بلده يوجد فى بلد آخر و هما مساويان فى الاستحقاق لعدم وجود دليل على تقدم المستحق من اهل بلده على المستحق من غير بلده و لو شككنا فى تقدم اهل البلد على غيره ندفع بالبراءة لكون الشك فى الشرطية و الجزئية.

فتكون النتيجة جواز نقله من بلده الى غير البلد.

إن قلت ان هذا ينافى مع الفورية العرفيّة المعتبرة لوجوب رد الخمس فورا و الاخراج من البلد مع امكان اداء الواجب فى البلد ينافى الفورية.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 291

قلت هذا لا ينافى الفورية العرفيّة لأنّ معنى اطاعة الامر فورا هو القيام بادائه بحسب المتعارف من إتيان مقدماته و شرائطه و القيام باداء الواجب فمن يخرج من بيته لاداء الخمس فهو بادر الى امتثال أمره و إن تحقق المامور به بعد يوم أو ايام فان كان للواجب فردان احدهما ذات مقدمة قصيرة و الآخر ذات مقدمة طويلة لا يحكم العقل بوجوب.

اختيار الفرد الّذي مقدمته قصيرة و تعينه فى قبال الفرد

الّذي الطويل مقدمته طويلة و الّا فلا بد ان تقول بذلك فى نفس بلد المالك بأنّه ان كان طريق بيت سيد من السادة اقصر من السيد الآخر مع فرض تساويها فى الجهات يجب ردّ الخمس بالسيد الّذي كان فصل بيته بيت المالك اقصر من بيت السيد الآخر فهذا ما لا يمكن القول به.

فعلى هذا ما يأتى بالنظر جواز نقل الخمس من بلده مع وجود المستحق الى بلد آخر لدفع الخمس الى المستحق الآخر.

المورد الثانى فيما عزل المالك الخمس فى مال آخر غير العين المتعلقة بها الخمس و قد عرفت فى طى المسألة 75 الاشكال فى تخيير المالك بين اداء الخمس من العين و بين غيره بدون اذن صاحب الخمس أو الحاكم بناء على كون الولاية له حتى فى سهم السادات و قد مر الكلام فى وجوب الاستيذان من الحاكم فى سهم السادة و عدمه فى المسألة السابقة فمع عدم اذن صاحب الخمس أو الحاكم فى سهمه أو سهم السادة لا يتعين الخمس فيما عزله من غير عين المتعلق للخمس فلو تلف فى حال العزل و نقله الى غير البلد فقد وقعت الخسارة على نفسه و هو مديون للخمس و يجب ردّه و لا فرق فى هذه الصورة بين وجود المستحق فى بلده و عدم وجود المستحق فى الضمان لما قلنا من عدم تعين الخمس فيما عزله بعنوان قيمته بل حق صاحب الخمس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 292

باق فى العين و لو تلف المعزول تلف من مال المالك.

و لو قلنا بتخيير المالك بين دفع الخمس عن العين أو القيمة أو اجاز الحاكم أو صاحب الخمس فى حصته بتبديل الخمس بشي ء آخر

فعزله المالك فى مال آخر و نقله الى غير البلد مع وجود المستحق فى بلده فتلف بدون تقصيره و تفريطه فلا ضمان على هذا على المالك لما قلنا من جواز النقل الى غير البلد و لو كان المستحق موجودا فى بلده.

و ممّا مرّ منا جواز نقل الخمس فى صورة عزله فى العين أو عزله فى القيمة باجازة صاحب الخمس او وليه سواء كان المستحق فى بلده أو لا يوجد المستحق فى بلده تعرف أنّه لا فرق بين غير بلده من البلاد من حيث قربه ببلده أو بعده.

***

[مسئلة 9: لو اذن الفقيه فى النقل لم يكن عليه ضمان]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: لو اذن الفقيه فى النقل لم يكن عليه ضمان و لو مع وجود المستحق و كذا لو وكّله فى قبضه عنه بالولاية العامة ثمّ اذن فى نقله.

(1)

أقول بناء على ولايته بالنسبة الى النصف من الخمس الّذي للسادة و أمّا بالنسبة الى النصف الآخر و هو سهم الإمام عليه السّلام فامره إليه كما عرفت فمع كون النقل باذنه لا ضمان عليه لعدم كون يده يد العادية بل يده بعد اذن من له الولاية تكون يد الامانى و لا ضمان مع تلفه بلا تفريطه.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 293

[مسئلة 10: مئونة النقل على الناقل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: مئونة النقل على الناقل فى صورة الجواز و من الخمس فى صورة الوجوب.

(1)

أقول لأنّ فى صورة جواز النقل و هو ما كان المستحق موجودا فى بلده لا يكون النقل لمصلحة صاحب الخمس فلا وجه لكون مئونة النقل على صاحب الخمس.

اما فى الصورة الثانية اعنى صورة وجوب النقل لعدم وجود المستحق فى بلد المالك فالمئونة على الخمس لكون النقل لمصلحته.

***

[مسئلة 11: ليس من النقل لو كان له مال فى بلد آخر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: ليس من النقل لو كان له مال فى بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الّذي عليه فى بلده و كذا لو كان له دين فى ذمة شخص فى بلد آخر فاحتسبه خمسا و كذا لو نقل قدر الخمس من ماله الى بلد آخر فدفعه عوضا عنه.

(2)

أقول ليست الصور المذكورة من النقل بل كفاية دفعه فى الصورة الاولى موقوف على تخيير المالك بين دفع الخمس من العين و قيمته أو كان مع رضى صاحب الخمس.

و كذا احتسابه فى الصورة الثانية.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 294

و كذا فى الصورة الثالثة.

***

[مسئلة 12: لو كان الّذي فيه الخمس فى غير بلده]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: لو كان الّذي فيه الخمس فى غير بلده فالاولى دفعه هناك و يجوز نقله الى بلده مع الضمان.

(1)

أقول وجه الاولية كون العين المتعلقة للخمس فى هذا البلد.

و لم ار وجها للاولوية لأنّ المستفاد من ادلة وجوب الخمس هو وجوب صرفه فى الموارد المذكورة و لا دليل على وجوب صرفه فى بلد حصول موضوع الخمس راسا فعلى هذا لا يأتى بالنظر تقديم لبلد حصول موضوعه على غيره.

و لا يوجب على ما قلنا ضمان فى صورة نقله

***

[مسئلة 13: ان كان المجتهد الجامع للشرائط فى غير بلده]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13: ان كان المجتهد الجامع للشرائط فى غير بلده جاز نقل حصة الإمام عليه السّلام إليه بل الاقوى جواز ذلك و لو كان المجتهد الجامع للشرائط موجودا فى بلده أيضا بل الاولى النقل إذا كان من فى بلد آخر افضل أو كان هناك مرجّح آخر.

(2)

أقول الكلام فى المسألة يقع تارة فى صورة عدم وجود المجتهد الجامع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 295

للشرائط فى بلده بل يكون فى بلد آخر فنقول بعونه تعالى الكلام كما هو مفروض المتن.

ان كان فى سهم الإمام عليه السلام اعنى نصف الخمس فقد مضى ان أمره فى غيبته روحى فداه الى المجتهد الجامع للشرائط فلا بد من الايصال إليه أو الاستيذان منه فمع عدم وجوده فى بلده يجب الايصال به أو الاستيذان منه فى كل بلد كان فكان الحري ان يقول فى هذه الصورة يجب النقل إليه أو الاستيذان منه.

و أمّا بالنسبة الى النصف الآخر المتعلق بالاصناف الثلاثة.

فان قلنا بوجوب تسليمه الى الفقيه أو الاستيذان منه فيجب النقل أو الاستيذان مثل سهم الامام عليه السّلام.

و ان قلنا بعدم وجوبه بل قلنا بانّه احوط وجوبا

فيجب على الأحوط و ان قلنا بعدم وجوب الردّ به و لا الاستيذان منه فلا يجب النقل إليه سواء كان فى بلده أو غير بلده.

و تارة يقع الكلام فى صورة وجود المجتهد الجامع الشرائط فى بلده و انه هل يجوز نقل سهم الإمام عليه السّلام من بلده الى بلد اخر أو لا يجوز ذلك.

الاقوى الجواز لأنّ الواجب الايصال الى المجتهد و لا فرق بين المجتهد فى بلده و بين المجتهد فى غير بلده فهو مخيّر بين ايصاله بايّهما شاء و لا ينافى ايصاله الى المجتهد فى غير بلده مع الفورية العرفية المعتبرة فى امتثال الامر المتعلق بالخمس كما قلنا فى طى المسألة 9.

و كذا سهم السادات بناء على القول بوجوب الايصال إليه بالنحو الفتوى و يجب احتياطا بناء على القول بانّ الايصال إليه احوط وجوبا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 296

و أمّا بناء على عدم وجوب الايصال إليه بل يجوز ردّه الى السادة بنفسه فيجوز له رده الى المجتهد مخيرا بين افراد المجتهدين من بلده و غير بلده أو اعطائه بيده بالمستحقين.

***

[مسئلة 14: قد مرّ أنّه يجوز للمالك ان يدفع الخمس من مال آخر له]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: قد مرّ أنّه يجوز للمالك ان يدفع الخمس من مال آخر له نقدا أو عروضا و لكن يجب ان يكون بقيمته الواقعية فلو حسب العروض بازيد من قيمتها لم تبرأ ذمته و إن قبل المستحق و رضى به.

(1)

أقول بعد فرض جواز دفع الخمس من مال آخر للمالك بحيث يكون الامر إليه بدون احتياج الى رضى صاحب الخمس فى دفع القيمة و إن اشكلنا فيه كما مرّ فى المسألة 75.

فما هو الجائز هو دفع قيمة الخمس قيمته الواقعيّة فلو حسب العروض المؤداة ازيد من قيمته الواقعية لم

تبرأ ذمته عن الخمس الواجب عليه الّا فى مقداره الواقعى و إن قبل المستحق و رضى به لأنّ برضاه لا تبرأ ذمة المالك عما يجب عليه.

***

[مسئلة 15: لا تبرأ ذمته من الخمس الا بقبض المستحق أو الحاكم]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: لا تبرأ ذمته من الخمس الا بقبض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 297

المستحق أو الحاكم سواء كان فى ذمته أو فى العين الموجودة و فى تشخيصه بالعزل اشكال.

(1)

أقول لعدم الدليل على براءة ذمته قبل قبض المستحق أو الحاكم لوجوب ايصال حق كل ذى حق إليه و يحصل بقبضه الى المستحق و هذا واضح كما يحصل بقبضه الى الحاكم أمّا فى سهم الإمام عليه السّلام لأنّ أمره بيده فى غيبته عليه السّلام و أمّا النصف الاخر فيكفى قبضه بناء على ثبوت ولايته به كما هو ثابت للامام عليه السّلام.

نعم يحصل القبض باعطاء خمس العين بصاحب الخمس و برضى صاحب الخمس باحتسابه بما فى ذمته من المالك و بالعين الاخرى.

و أمّا مجرد عزله بان يفرض سهم صاحب الخمس من العين المتعلقة للخمس فالظاهر ان عزله يشخص سهم صاحب الخمس فيه لأنّ الامر فى رد الخمس كما عرفت راجع الى المالك و على هذا لو تلف بعد عزله بلا تفريط لا ضمان عليه.

نعم لو فرط فيه و لو بتأخير قبضه بلا عذر بصاحب الخمس فتلف يكون المالك ضامنا.

و أمّا تبديلها بشي ء آخر بعنوان القيمة فلا يشخصه و إن عزله و افرزه لما اشكلنا فى المسألة 75 فى كون المالك مخيرا بين ردّ عين الخمس و قيمته.

و على هذا لو تلف المعزول يكون على عهدة المالك و لم يبرأ ذمة عن الخمس الواجب عليه.

و أمّا ان قلنا بتخيير المالك بين اقباض العين و قيمته فاختار المالك

قيمة الخمس فى شي ء و لم يفرط فى ايصاله الى المستحق مثلا كان فى طريق الايصال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 298

فتلف قهرا فلا ضمان عليه لأنّه كان فى طريق امتثال الواجب فهو محسن و ما على المحسنين من سبيل.

***

[مسئلة 16: إذا كان فى ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: إذا كان فى ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا و كذا فى حصة الإمام عليه السّلام إذا اذن المجتهد.

(1)

أقول أمّا بناء على عدم تخيير المالك بين دفع الخمس من عين ما تعلق به الخمس و بين دفع قيمته فلا يجوز احتساب ما فى الذمة خمسا الا مع اذن صاحب الخمس و هو السادات و المجتهد فى عصر الغيبة و حيث انا استشكلنا فى تخييره فى طى المسألة 75 نستشكل احتسابه بدون اذن صاحب الخمس و رضاه.

و أمّا على تخييره بين دفع الخمس من العين و بين دفع قيمته فيصح للمالك احتساب ما فى ذمة المستحق خمسا و كذا فى حصة الإمام عليه السّلام و لو لم يأذن المجتهد إذا كان عليه دين فى ذمة المجتهد لأنّه على هذا يجب على المالك الخمس و له تعيينه فى عين المال المتعلق للخمس و فى قيمته فيختار ماله فى ذمة صاحب الخمس خمسا و تكون نتيجته ابراء ذمته عن الدين حيث أنّه بعد تعيينه خمسا لا يحتاج الى الايصال إليه لكونه حاصلا عنده لما فى ذمته من مال المالك.

إن قلت انّ احتسابه ما فى ذمة صاحب الخمس خمسا يحتاج الى قبول صاحب الخمس لأنّه ملك له و التمليك يحتاج الى القبول فلا يجوز احتساب ما فى ذمته خمسا بدون اذنه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 299

قلت

أولا هذا الاشكال مبنى على استفادة الملكية من آية الخمس و قد عرفت أنّه من المحتمل ان تكون الآية الشريفة وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلّٰهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ وَ الْيَتٰامىٰ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الخ فى مقام بيان ان الاصناف الثلاثة مصرف للخمس لا ان تكون فى مقام كونه ملكا لهم.

و ثانيا ليس الايصال الى المستحق تمليكا له حتى يحتاج الى القبول بل و لا أبرأ ذمة المالك حتى يقال بكونه ايقاعا لا يحتاج الى القبول بل بناء على تخييره بين اداء العين أو القيمة معنى براءة ذمة صاحب الخمس يحصل بتعيين شي ء من ماله خمسا و ايصاله الى المستحق و لو لم يعلم به كما يكون الامر كذلك فى ايصال شي ء خارجى به بدون ان يعلمه بذلك فهو باحتسابه ما فى ذمة المستحق خمسا يبرأ ذمة صاحب الخمس عن الدين و يبرأ به ذمته عن الخمس.

***

[مسئلة 17: إذا اراد المالك ان يدفع العوض لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: إذا اراد المالك ان يدفع العوض نقدا او عروضا لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة الى حصة الامام عليه السّلام و إن كانت العين الّتي فيها الخمس موجودة لكن الاولى اعتبار رضاه خصوصا فى حصة الامام عليه السّلام.

(1)

أقول أمّا بناء على جواز دفع القيمة أو العروض عوضا عن العين المتعلقة بها الخمس و تخيير المكلف بين رد العين و القيمة لا يعتبر رضا المستحق أو المجتهد.

و أمّا بناء على عدم تخييره كما استشكلنا تخيير المالك فى المسألة 75 فلا بد من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 300

رضى صاحب الخمس مجتهدا كان او السادة بما يعطيه عوضا قيمة كان أو عروضا.

***

[مسئلة 18: لا يجوز للمستحق ان يأخذ من باب الخمس و يرده على المالك]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 18: لا يجوز للمستحق ان يأخذ من باب الخمس و يرده على المالك الّا فى بعض الاحوال كما إذا كان عليه مبلغ كثير و لم يقدر على ادائه بان صار معسرا و اراد تفريغ الذمة فحينئذ لا مانع منه إذا رضى المستحق بذلك.

(1)

أقول انّ ردّ المستحق.

تارة يقع منه بلا اشتراط رد المالك عليه كما إذا اعطى المالك الخمس بمستحقه مطلقا ثمّ يردّ صاحب الخمس به مثلا يهب به فلا اشكال فيه من حيث كونه اداء للخمس و لا من حيث جواز ردّه.

و تارة يشترط المالك ردّه عليه فهنا كلام من حيث جواز اخذ المستحق فقد يقال بجواز اخذه لأنّه بعد عدم ولاية المالك على هذا الشرط يصير شرطه لغوا فيجوز اخذ ما يعطيه بعنوان الخمس.

و قد يقال بعدم جواز اخذه بانّه و إن كان الشرط لغوا لكن حيث يكون رضاه مقيدا بالرد و ليس مطلقا لا يجوز اخذه لأنّ اخذه برضاه المشروط

غير جائز و رضاه المطلق لم يكن فى البين.

و لكن يمكن ان يقال بجواز اخذه للمستحق لأنّه ما يعطيه ان كان عين الخمس فهو منه يجوز له اخذه و إن كان قيمته يجوز اخذه تقاصا ثمّ له ان يرده به احسانا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 301

و ممّا بينا يظهر لك عدم الفرق بين صورة كون مديون الخمس معسرا أو مؤسرا فيجوز الرد فى الصورة الاولى و كذا الثانية على ما قلنا فى هذه الصورة.

***

[مسئلة 19: إذا انتقل الى الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 19: إذا انتقل الى الشخص مال فيه الخمس ممّن لا يعتقد وجوبه كالكافر و نحوه لم يجب عليه اخراجه فانهم عليهما السّلام اباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من ربح تجارة او غيرها و سواء كان من المناكح و المساكن و المتاجر أو غيرها.

(1)

أقول يظهر ممّا تلونا عليك فى طى المسألة 7 من الروايات المتمسكة بها على تحليل الخمس انّ مورد تحليل الخمس هو كلما يصل بايدى الشيعة من حقوقهم عليهما السّلام من الخمس و الفي ء و الأنفال المغصوبة بايدى خلفاء الجور و عمالهم الكافرين أو من يحذو حذوهم فبناء على هذا يكون الامر كما ذكر المؤلف رحمه اللّه.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 303

فصل: فى الانفال

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 304

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد للّه و الصلاة و السلام على رسول اللّه و على آله آل اللّه و اللعن على أعدائهم أعداء اللّه و بعد الفراغ عن مباحث الخمس نشرع فى مباحث الانفال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 305

فصل فى الانفال أقول النفل بالتحريك و السكون لغة بمعنى الزائد و بهذا المعنى استعمل فى القرآن المجيد وَ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ نٰافِلَةً «1» و بهذا الاعتبار سميت النافلة نافلة لزيادتها على الفريضة.

و فى الاصطلاح عبارة كما ذكر عن غير واحد عن الاموال المختصة بالنبى عليه السّلام كما قال اللّه تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّٰهَ وَ أَصْلِحُوا ذٰاتَ بَيْنِكُمْ «2» و من بعده بالإمام عليه السّلام جعل اللّه له و لهم زيادة على مالهم من سهم الخمس.

و يدل عليه فى الجملة الآية الشريفة و الروايات الّتي

يأتى ذكرها بعد ذلك إن شاء اللّه و يأتى الكلام فيما يعارضها من الاخبار إن شاء اللّه.

فعلى هذا نشرع

فى بيان الموارد الّتي عدّ من الأنفال

اشارة

إن شاء اللّه و نقول بعونه

______________________________

(1) سورة الأنبياء، الآية 21.

(2) سورة الانفال، الآية 1.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 306

تعالى بان الكلام فى موارد الأنفال فى طى امور.

المورد الاوّل: اراضى الكفار الّتي استولى عليها المسلمون من غير قتال

سواء انجلى اهلها عنها أم مكّنوا المسلمين منها و سلموها بالمسلمين طوعا و يدل عليه بعض الروايات.

منها ما رواها محمد بن مسلم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام أنّه سمعه يقول انّ الأنفال ما كان من ارض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا و اعطوا بايديهم و ما كان من ارض خربة أو بطون أو دية فهذا كله من الفي ء و الأنفال للّه و للرسول فما كان للّه فهو للرسول يضعه حيث يحبّ «1».

و منها ما رواها حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال الأنفال ما لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب أو قوم صالحوا او قوم اعطوا ما بايديهم و كل ارض خربة و بطون الاودية فهو لرسول اللّه و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء «2».

و منها ما رواها زرارة عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له ما يقول اللّه يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفٰالِ قُلِ الْأَنْفٰالُ لِلّٰهِ وَ الرَّسُولِ و هى كل ارض جلا اهلها من غير ان يحمل عليها بخيل و لا رجال و لا ركاب فهى نفل للّه و للرسول «3».

و منها ما رواها حماد عن العبد الصالح عليه السّلام فى حديث قال و للامام صفو المال ان يأخذ من هذه الاموال صفوها الجارية الفارهة و الدابة الفارهة و الثوب و المتاع ممّا يحبّ أو يشتهى فذلك له قبل القسمة و قبل اخراج الخمس و له ان يسدّ بذلك المال الجميع

ما ينوبه من مثل اعطاء المؤلفة قلوبهم و غير ذلك ممّا ينوبه فان بقى بعد ذلك

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 1 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب المذكور من الوسائل.

(3) الرواية 9 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 307

شي ء اخرج الخمس منه فقسّمه فى اهله و قسم الباقى على من ولى ذلك و إن لم يبق بعد سد النوائب شي ء فلا شي ء لهم الى ان قال.

و له بعد الخمس الأنفال.

و الأنفال كل ارض خربة قد باد أهلها.

و كل ارض لم يوجب عليها بخيل و لا ركاب و لكن صالحوا صلحا و اعطوا بايديهم على غير قتال و له رءوس الجبال و بطون الاودية و الّا جام و كل ارض ميتة لا ربّ لها و له صوافى الملوك ما كان فى ايديهم من غير وجه الغصب لانّ الغصب كلّه مردود.

و هو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له و قال ان اللّه لم يترك شيئا من صنوف الاموال الّا و قد قسّمه فاعطى كل ذى حق حقه الى ان قال و الأنفال الى الوالى كل ارض فتحت ايام النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم الى آخر الا بد و ما كان افتتاحا بدعوة اهل الجور و اهل العدل لأنّ ذمة رسول اللّه فى الاولين و الآخرين ذمة واحدة لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال المسلمون اخوة تتكافأ دمائهم يسعى بذمتهم ادناهم «1».

و هل يختص ما لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب بخصوص الأرض الّتي لم يوجف عليها بخيل و لا

ركاب أو يشمل غير الأرض مثل المنقولات ظاهر بعض الروايات مثل رواية حفص بن البخترى المتقدمة ذكرها هو الشمول لكن.

ظاهر بعض العبائر من عبائر الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم هو الأوّل كما عنوناه نحن أيضا.

و لعله لما فى بعض الروايات حمل الأنفال على كل ارض لم يوجف عليها بخيل

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب الانفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 308

و لا ركاب فلا يبعد الاختصاص.

المورد الثاني: الأرض الموات الّتي ليس لها مالك معروف

سواء ملكت ثمّ باد اهلها أم لم يجر عليها ملك مالك كالمفاوز و موات لم يجر عليه ملك مالك و ادعى عليه الاجماع أو كما فى كلمات بعضهم بلا خلاف ظاهر و يدل عليه بعض النصوص منها النصوص المتقدمة ذكرها و الظاهر ان مورد تسالمهم فيما ملكت ثمّ باد اهلها هو الأرض الّتي ليس لها مالك معروف و يدلّ على الحكم فى الجملة بعض النصوص المتقدمة. ذكرها و غير ذلك راجع الباب 1 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل و هل يستفاد من الروايات اشتراط ما قلنا من عدم كون مالك معروف لها او لا الظاهر عدم وجود تصريح بهذا الشرط فى الروايات.

نعم لا يبعد استفادة ذلك من قوله عليه السّلام كل (ارض خربة قد باد اهلها) لانّ مورد الدليل هو كل مورد ليس للأرض مالك معروف لأنّ الأرض اذا صارت مخروبة و باد اهلها لا يعرف صاحبها غالبا فالمتيقن من النصوص يكون هذه الصورة.

و أمّا الاراضى العامرة فما دامت عامرة تكون للمالك العامر لها و لورثته بعده و إن ترك الانتفاع بها فهى خارجة عن موضوع الكلام.

ثمّ ان الأرض الموات الّتي عدّ من

الأنفال كما يظهر من مطاوى كلماتهم و التكلم حولها تارة تكون الأرض الموات الغير المسبوقة بالاحياء و التملك رأسا فهى من الانفال و تارة تكون الارض الموات مسبوقة بالملك و لها صورتان:

الصورة الاولى: ما كانت مملوكة لكن سبب ملك المالك يكون الشراء أو العطية أو الارث.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 309

الصورة الثانية: ما كانت ملكا للمسلمين فتحوها عنوة ثمّ صارت مواتا.

الصورة الثالثة: و هى كل ارض كان له مالك ملكها بالاحياء ثمّ يطرحها الموت.

اما الصورة الاولى فالظاهر من عبائرهم كونها من الأنفال فيما لا يكون لها مالك معروف و شمول النصوص الواردة فى الأرض الخربة لها.

و أمّا الصورة الثانية فالظاهر دخولها فى اطلاق المستفاد من النصوص الواردة فى المسألة.

و أمّا الصورة الثالثة فقد وقع الخلاف فى أنّه اذا كانت أرضا خربة مسبوقة بالاحياء و كان لها مالك معلوم.

هل تخرج عن ملك مالكه بالموت و جواز احيائها.

أو لا تخرج عن ملك مالك الأوّل بل باق على ملكها قولان.

قول بانها باقية على ملك مالكه أو ملك ورثته و فى الجواهر أنّه المحكى عن عن (المبسوط) و (المهذب) و (السرائر) و (الدروس) و (جامع المقاصد) بل قيل لم يعرف الخلاف فى ذلك قبل الفاضل فى كرة.

و قول بانّها ملك للمحيي الثانى حيث أنّه بعد ما حكى عن مالك أنّه ملك للمحيي الثانى قال لا بأس بهذا القول عندى نعم.

قيل ربما أشعرت به عبارة الوسيلة و اختاره فى لك و ضه بعد ان حكاه عن جماعة منهم العلامة فى بعض فتاويه و مال إليه فى كرة و فى الكفاية أنّه أقرب و فى المفاتيح أنّه اوفق بالجمع بين الاخبار بل فى مع صد أن هذا

القول مشهور بين الاصحاب.

إذا عرفت القولين فى المسألة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 310

نقول أمّا مقتضى القاعدة فهو بقائه على ملك المالك و إن صارت مواتا و بعد كونه لمالكه لا يجوز تصرّف الغير بالاحياء و غيره فيها بغير اذنه و لا فرق بمقتضى استصحاب الملكية اعنى مقتضى القاعدة بين كون مالكيته لها بالاحياء أو بالشراء عن الإمام عليه السّلام أو غيره فلا تكون من الأنفال بمقتضى القاعدة اعنى استصحاب الملكية.

و أمّا القولان فى المسألة فلا بد من التتبع التام حتى نرى انّ القولين متقابلان بمعنى ان محل كلامهما واحد أو مختلف مثلا ان كان القائل بخروجها عن ملكها بإحياء الشخص الثانى يقول به فى صورة الاعراض و القائل بعدمه يقول فى صورة عدم الاعراض فلا تنافى و تهافت بين القولين.

و أمّا النص فاستدل للقول بخروج الأرض عن ملكية مالك الأوّل بعد صيرورتها مواتا و دخولها فى ملكية المحيى الثانى بروايتين:

الاولى: ما رواها ابو خالد الكابلى عن ابى جعفر عليه السّلام قال وجدنا فى كتاب على عليه السّلام ان الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين انا و اهل بيتى الذين اورثنا الأرض و نحن المتّقون و الأرض كلّها لنا فمن احيى أرضا من المسلمين فليعمرها و ليؤد خراجها الى الإمام من اهل بيتى و له ما اكل منها فان تركها و اخربها فاخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و احياها فهو احقّ بها من الّذي تركها فليؤدّ خراجها الى الإمام من اهل بيتى و له ما اكل منها حتى يظهر القائم (عجّل الله تعالى فرجه) من اهل بيتى بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كما حواها

رسول اللّه و منعها الّا ما كان فى ايدى شيعتنا فانه يقاطعهم على ما فى ايديهم و يترك الأرض فى ايديهم «1».

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب احياء الموات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 311

أقول مقتضى هذه الرواية عدم كون الأرض المفروضة من الأنفال لما امر عليه السّلام باداء خراجها و الأنفال كما يأتى ابيح لشيعتهم عليهما السّلام بدون ان يجب عليهم اعطاء شي ء.

ثمّ ان موردها هل هو خصوص صورة اعراض المالك عنها ثمّ احياها.

أو مطلق يشمل صورتى الاعراض و عدمه لأنّ مورد المفروض فى الرواية صورة ترك الأرض و خرابها بيد المالك و من المعلوم ان من يخرب مثلا داره بيده و يتركه يعرض عنه و الّا لا وجه لأنّ بتركه و يخربه.

نعم لو كان المذكور فى الرواية فقط يتركها كان مساعدا مع الاعراض و عدمه و أمّا تخريبها فلا تساعد الّا مع الاعراض فلا اطلاق للرواية يشمل صورة عدم الاعراض و هذه الرواية تشمل كلا من صورتى المعرفة بالمالك الأوّل و عدم المعرفة به و كونه مجهولا.

الثانية: ما رواها معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول ايّما رجل اتى خربة بائرة فاستخرجها و كرى انهارها و عمّرها فانّ عليه فيها الصدقة فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها و تركها فاخربها ثمّ جاء بعد يطلبها فان الأرض للّه و لمن عمّرها «1».

أقول و الرواية ذو احتمالين:

احدهما: ما يأتى فى بادى النظر و حملت الرواية عليه و هو انّ قوله عليه السّلام (فانّ الأرض للّه و لمن عمرها) يدل على كون الأرض لمن عمّرها ثانيا و يكون المراد انّ الأرض الميتة للّه و

هى لمن عمّرها بحكم اللّه فالمعمر لها بعد موتها الثانية هو المحيى الثانى فهى له.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب احياء الموات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 312

ثانيهما: ما يخطر ببالى و هو ان يكون النظر فى قوله (فانّ الأرض للّه و لمن عمرها) هو انّ الأرض الميتة للّه فاذا عمّرت أولا فهى باقية على ملك معمّرها أو من تصل به بطريق الشرعى و معناه انّ بصيرورتها ميتة لا تخرج عن ملك معمرها الاوّل فعلى هذا تدلّ على عدم خروج الأرض عن ملكية من عامرها أولا بطرو الممات لها.

و فى قبال ذلك استدل على بقاء الأرض فى ملك المحيى الأوّل و إن صارت ميتة بعد ذلك و عدم خروجها عن ملكه بعروض الموت لها بروايتين:

الاولى: ما رواها سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللّه عن الرجل يأتى الأرض الخربة فيستخرجها و يجرى انهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه قال الصدقة قلت فان كان يعرف صاحبها قال فليؤد إليه حقه «1».

الثانية: ما عن الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام مثله.

أقول و بعد التعارض بين الطائفتين لأنّ مفاد الطائفة الاولى خروج الملك عن ملك المالك الأوّل بخرابه و صيرورته ملكا للثانى بسبب احيائه ثانيا.

و مفاد الثانية بقاء الملك على ملك المالك الأوّل و إن خربت الأرض و عدم دخولها فى ملك الثانى باحيائها ثانيا فتصيران متعارضتين فان امكن الجمع بينهما فهو و الا فلا بد من اعمال قواعد التعارض.

و هل يمكن الجمع بينهما.

امّا بحمل الطائفة الاولى على صورة كون الأرض مملوكة للمالك بالاحياء كما هو صريح الرواية الاولى من الطائفة الاولى و عليها تحمّل الثانية منها.

______________________________

(1)

الرواية 3 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 313

و حمل الطائفة الثانية بما كانت الأرض مملوكة للمالك الأوّل بغير الاحياء مثل اشترائها عن الإمام عليه السّلام او غيره أو إرثا أو عطيته.

فتكون نتيجة الجمع هو كون الأرض لمن عمّرها ثانيا بعد خرابها إذا كانت مملوكة للمالك الأوّل بالاحياء و تكون باقية على الملك الأوّل حتى بعد خرابها و حتى بعد احيائها بيد الثانى إذا كانت مملوكة للمالك الأوّل بغير الاحياء.

و يبعّد هذا الجمع.

أو لا اطلاق الرواية الثانية من حيث كون مالكية الأوّل بالاحياء أو بغيره من الاشتراء و نظائره.

و ثانيا كون ملكية من ملك الأرض بغير الاحياء مثل الارث أو العطية أو الاشتراء بلا مشقة يتحملها و بلا مال يصرف فيها فى صورة الارث و العطية باقية بعد خرابها و احياء الآخر و عدم بقاء ملكية الحاصلة باحيائه و تحمل المشاق و المصارف فيها بخرابها و صيرورتها ملكا للآخر بالاحياء.

و أمّا بحمل الطائفة الاولى على صورة اعراض المالك عن الأرض و صيرورته ميتة خربة متروكة باعراضه عنها ثمّ احياها الثانى.

و حمل الطائفة الثانية على صورة عدم اعراضه عنه و إن صارت خربة و تكون نتيجة الجمع.

هو خروج الأرض عن ملك مالك الأوّل باعراضه عنها و دخولها فى ملك الثانى لاحيائها بعد موتها و اعراض المالك الأوّل عنها.

و بقائها فى ملك الأوّل فى صورة عدم اعراضه عنها و إن احياها الثانى بعد موتها و خرابها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 314

و يشهد على صحة الجمع قوله عليه السّلام فى الرواية الاولى من الطائفة الاولى (فان تركها و اخربها) يعنى ترك الأرض المالك الأوّل و اخربها فانّ

ترك الأرض و تخريبها يساعد مع الاعراض عنها.

المورد الثالث: ممّا يعدّ من الأنفال سيف البحار

و هو بكسر السين ساحل البحار.

و ما ينبغى ان يتكلم فى المقام فيه وجود الدليل عليه و عدمه.

فنقول بعونه تعالى بانّه لم اجد دليلا يدلّ على العنوان المذكور و لهذا نقول.

ما يمكن ان يكون دليلا عليه قوله عليه السّلام فى رواية حماد المتقدمة ذكرها فى المورد الاوّل: و هو (كل ارض ميتة لا رب لها) فعلى هذا نقول ان كان ساحل البحر ملكا لاحد مثل من احيا ساحل البحر فهو له أو كان من جملة اراضى المفتوحة عنوة فهو للمسلمين.

و أمّا إذا كان الساحل ممّا لا رب له فهو من الأنفال بمقتضى الرواية المذكورة بناء على جبر ضعف سندها من حيث الارسال بعمل الاصحاب.

أو فى قوله عليه السّلام فى رواية إسحاق بن عمار قال (و كل ارض لا رب لها «1»).

المورد الرابع: رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام

يدل عليه بعض الروايات المتقدمة فى المورد الأوّل اعنى مرسلة حماد و بعض آخر من الاخبار المذكورة فيه خصوص رءوس الجبال و بطون الأوديّة و كذا لآجام فى بعض الروايات راجع الباب الأوّل من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

فأصل الحكم فى الجملة لا اشكال فيه انّما الكلام يقع فى بعض الخصوصيات.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 1 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 315

الخصوصية الاولى: هل يكون هذه الامور من الأنفال مطلقا من الإمام عليه السّلام حتى فيما كان فى غير الأرض المختص به مثل ما كان فى الأرض المملوكة للشخص أو الأرض المملوكة للعموم كاراضى المفتوحة عنوة أو يختص بخصوص ما كان منها فى الاراضى المملوكة له عليه السّلام.

و انا اقول بنحو الاختصار بانّ الروايات الدالة مطلقة فلا وجه للاختصاص

و ضعف سند بعضها لا يضر لعدم ضعف اسانيد كل الاخبار مضافا الى ما قيل من انّ الميزان فى حجية الخبر و هو الوثوق بالصدور موجود حتى فيما يقال بضعف سندها مثل خبر حسين بن راشد.

الخصوصية الثانية: المراد من الآجام و هى بالفارسية بيشه أو جنگل.

هل هى نفس الآجام.

أو هى مع ارضها اعنى الأرض الملتفة بالشجر أو القصب و لعل منشأ الاختلاف اختلاف كلمات اهل اللغة فيما هو المراد من الآجام.

و لو شككنا فى ما هو المراد منها فما منها واقعة فى الأرض المختصة للامام عليه السلام فلا ثمرة لهذا الخلاف فيه و ما كان فى غير الأرض المختصة به عليه السّلام فقد يقال بان المتيقن الخارج بحسب الدليل هو نفس الآجام و أمّا الأرض منها فليست داخلة فى حكمها لأنّه بعد عدم شمول الدليل نشك فى بقائها على ملك مالكه أو خروجها عنه فيستصحب ملكيته له.

لكن نقول بانّه ان كانت الآجام فى الاراضى الّتي حكمنا بانّها للامام فالارض له عليه السّلام على كل حال أمّا اصالة أو بتبع الآجام و إن كانت فى الارضى الّتي ليست للامام كالارض المفتوحة عنوة فالآجام تابعة للاراضى بناء على عدم شمول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 316

الاراضى الّتي قلنا بكونها من الأنفال للاراضى الشخصية فاذا كانت الآجام موجودة حال احيائها فهى لمحييها بتبع الأرض و إن وجدت بعد الاحياء فهى لمالك الأرض فتأمل.

المورد الخامس: صفايا الملوك فى قطائعها و الغنيمة بغير اذن الإمام عليه السّلام

ما يمكن ان يستدل به على كون المذكورات من الأنفال.

امّا صفايا الملوك و قطائفها يدل عليه.

ما رواها الحرث بن المغيرة عن ابى جعفر عليه السّلام و فيها قال عليه السّلام (ان لنا الخمس فى كتاب اللّه و لنا الأنفال و لنا

صفو المال الخ «1» ذكرنا تمام الرواية فى طى المسألة 7 من المسائل المتعلقة بقسمة الخمس.

و ما رواها داود بن فرقد قال قال ابو عبد اللّه عليه السّلام قطائع الملوك كلّها للامام و ليس للناس فيها شي ء «2».

و ما رواها إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأنفال فقال هى القرى الّتي قد خربت و انجلى اهلها فهى للّه و للرسول و ما كان للملوك فهو للامام و ما كان من الأرض بخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل ارض لا رب لها و المعاون منها و من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال «3».

و أمّا انّ الغنيمة بغير اذن الإمام من الأنفال و له عليه السّلام يدلّ عليه.

ما رواها معاوية بن وهب قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام السرية يبعثها الإمام

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 10، ص: 316

______________________________

(1) الرواية 14 من الباب 4 من ابواب الأنفال ما يهتص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 1 من الابواب المذكورة من الوسائل.

(3) الرواية 20 من الباب 1 من الابواب المذكورة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 317

فيصيبون غنائم كيف يقسم قال ان قاتلوا عليها مع امير أمره الإمام عليهم اخرج منها الخمس للّه و للرسول و قسم بينهم ثلاثة اخماس و إن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلما غنموا للامام يجعله حيث احبّ «1».

و هنا كلام فى خصوص ما يغنمه بغير اذن الإمام عليه السّلام من انّ ما

رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى الرجل من اصحابنا يكون فى لوائهم و يكون معهم فيصيب غنيمة قال يؤدى خمسا و يطيب له.

تدلّ على كون الغنيمة الحاصلة بغير اذن الإمام عليه السلام للمغتنمين بالكسر و عليهم السّلام فتعارض مع ما دلت على كونها للامام عليه السّلام.

و فيه أنّه يمكن ان يكون ما اغتنموا به يكون الإمام عليه قد رضى عنها بالخمس و اضف الى ان الاصحاب لم يعملوا بالرواية.

المورد السادس: المعادن

و فيه قولان قول بكونه من الأنفال فللامام عليه السّلام و قول بكون الناس فيها شرع سواء.

و استدل على القول الأوّل بروايات:

الاولى: ما رواها إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الأنفال فقال هى القرى الّتي قد خربت و انجلى اهلها فهى للّه و للرسول و ما كان للملوك فهو للامام و ما كان من الأرض الخربة لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب و كل ارض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال «2».

ذكرنا هذه الرواية فى المورد الخامس و ذكرناها فى هذا المورد لكون المذكور

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 1 من ابواب المذكورة من الوسائل.

(2) الرواية 20 من الباب 1 من الابواب المذكورة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 318

فيها (المعادن) الّذي هو مورد البحث فى المورد السادس.

الثانية: ما رواها ابو بصير (بنقل تفسير العياشى) عن ابى جعفر عليه السّلام قال لنا الأنفال قلت و ما الأنفال قال منها المعادن و الآجام و كل ارض لا رب لها و كل ارض باد اهلها فهو لنا «1».

الثالثة: ما رواها داود بن فرقد (بنقل تفسير

العياشى) عن ابى عبد اللّه عليه السّلام فى حديث قال قلت و ما الأنفال قال بطون الاودية و رءوس الجبال و الآجام و المعادن و كل ارض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و كل ارض ميتة قد جلا اهلها و قطائع الملوك «2».

القول الثاني: و هو كون الناس فيها شرع سواء بمقتضى القاعدة.

و ما تمسك به من الروايات الثلاثة على القول الأوّل.

لا حجية للثانية و الثالثة منها لضعف سندهما.

و الاولى: منها ان كانت موثقة لكن بعد ما فى بعض النسخ بدل (منها) فيها) (لا نعلم بان الصادر عنه عليه السّلام ايّة منهما و مفاد الرواية بناء على كون الصادر (منها) و ان كان المعادن من الأرض لارجاع ضميرها بالارض و لكن بناء على كون الصادر (فيها) يكون المفاد و المعادن فيها اعنى المعادن الّتي فى الاراضى الّتي لا رب لها فلا تدلّ الرواية الا على كون ارض الّتي لا رب لها مع ما فيه من المعادن للامام عليه السّلام فلا تدلّ على كون مطلق المعادن حتى ما ليست فى الاراضى الّتي لا رب لها ملكا له عليه السّلام فتأمّل فى المسألة. وجه التأمل عدم وجود نص يتم حجيته من حيث السند و الدالة لأنّ بعضها فيها الاشكال من حيث السند و بعضها من حيث الدلالة و لكن

______________________________

(1) الرواية 28 من الباب 1 من ابواب الأنفال و ما يختص بالامام من الوسائل.

(2) الرواية 32 من الباب المذكور من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 319

الظاهر تسالم القدماء على كونها من الأنفال و لم ينقل مخالف قبل ابن ادريس و ربما يقال بجبر ضعف سند ما تمّ دلالتها بعمل الاصحاب به

و لهذا استدعينا التأمل فى المسألة.

المورد السابع: إرث من لا وارث له

حكى عن المنتهى أنّه من الأنفال عند علمائنا اجمع يستدل عليه ببعض الروايات نذكر بعضها.

الاولى ما رواها محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السلام قال من مات و ليس له وارث من قرابته و لا مولى عتاقه قد ضمن جريرته فماله من الانفال «1» و هى بعد ما دلّ النصّ على انّ الأنفال بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم للامام عليه السّلام يدل على كون الوارث هو عليه السّلام.

الثانية: ما رواها الحلبى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال من مات و ترك دينا فعلينا دينه و إلينا عياله و من مات و ترك مالا فلورثته و من مات و ليس له موالى فماله من الأنفال «2» و هى مثل الاولى.

الثالثة: ما رواها عمار بن ابى الاحوص قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن السائبة فقال انظروا في القرآن فما كان فيه فتحرير رقبة فتلك يا عمار السائبة الّتي لا ولاء لاحد عليها الا اللّه فما كان ولائه للّه فهو لرسول اللّه و ما كان ولائه لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم فان ولائه للامام و جنايته على الإمام و ميراثه له «3» تدلّ فى خصوص السائبة الّتي ليس لها الا اللّه تعالى.

الثالثة: ما رواها حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن سارق عدا على

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة و الامامة من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 3 من الابواب ولاء ضامن الجريرة و الامامة من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة و الامامة من

الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 320

رجل من المسلمين فعقره و غصب ماله ثمّ انّ السارق بعد تاب فنظر الى مثل المال الّذي كان غصبه الرجل فحمله إليه و هو يريد ان يدفعه إليه و يتحلل منه ممّا صنع به فوجد الرجل قد مات فسئل معارفه هل ترك وارثا و قد سألني عن ذلك ان أسألك عن ذلك حتى ينتهى الى قولك فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام ان كان الرجل الميت يوالى الى رجل من المسلمين و ضمن جريرته و حدثه أو شهد بذلك على نفسه فان ميراث الميت له و إن كان الميت لم يتوال الى احد حتى مات فان ميراثه لامام المسلمين فقلت فما حال الغاصب فيما بينه و بين اللّه تعالى فقال إذا هو اوصل المال الى امام المسلمين فقد سلم و أمّا الجراحة فانّ الجروح يقتص منه يوم القيامة «1».

و فى قبال ذلك بعض الاخبار تدلّ على أنّه اذا لم يكن للميت وارث يجعل تركته فى بيت المال من المسلمين كالرواية 2 من الباب 2 و الرواية 9 من 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة و الامامة.

يمكن حملها على أنّه يجعل فى بيت المال من المسلمين لأنّه تحت يد الامام عليه السّلام فيفعل به ما شاء عليه السّلام فلا تعارض مع ما دل على كونه عليه السّلام وارثه.

مضافا الى انها موافقة للعامة القائلين بكونه للمسلمين فصدرت تقيّة.

المورد الثامن: عدّ من الأنفال البحار

كما حكى عن المقنعة و ابى الصلاح.

و عن غير واحد عدم الدليل عليه.

لكن يمكن ان يستدل عليه.

بما رواها حفص بن البخترى عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال انّ جبرئيل عليه السّلام كرى برجله خمسة انهار و لسان الماء يتبعه

الفرات و دجلة و نيل مصر و مهران و نهر بلخ فما

______________________________

(1) الرواية 11 من الباب 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة و الامامة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 321

سقت أو سقى منها فللامام و البحر المطيف بالدنيا و هو افسيكون «1».

و ما رواها يونس بن ظبيان او المعلى بن خنيس «2» و دلالتهما على كون البحار كلّها من الأنفال كون البحار عدّت من المذكورات فى الروايتين- هذا تمام الكلام فيما عدوا من الأنفال.

إذا عرفت ذلك ينبغى ان نعطف عنان الكلام فى تحليل الأنفال فى زمان غيبته روحى فداه للشيعة فنقول بعونه تعالى.

الكلام فى حكم الأنفال الّتي سبق الكلام فيها بانّها ملك للامام عليه السّلام فى حال الغيبة من حيث تحليله للشيعة و عدمه.

اعلم انّ المستفاد من جملة من الاخبار المتقدمة ذكرها فى طى المسألة 7 من المسائل المتعلقة بقسمة الخمس تحليل الأنفال للشيعة مثل الرواية الاولى و الثانية و الثامنة و الحادية عشر و غيرها.

و اطلاق بعضها يقضى عدم الفرق فى حليتها للشيعة بين ما يتعلق بالمناكح و المساكن و المتاجر و بين غيرها.

و قد يتمسك على الحلية بالسيرة المستمرة على الحلية.

و لكن على فرض ثبوتها لا يثبت كون الحلية فى التصرفات من باب انها من المباحات للشيعة بل لو ثبتت تدلّ على الحلية مطلقا لهم و لغيرهم فتعارض السيرة مع اخبار التحليل لأنّ مفاد اخبار التحليل الاباحة للشيعة و مفاد السيرة تحليلها مطلقا و ما يهوّن الخطب كون السيرة مستندا بالاخبار الصادة عنهم عليهم السّلام هذا تمام

______________________________

(1) الرواية 18 من الباب 1 من ابواب الانفال من الوسائل.

(2) الرواية 17 من الباب 4 من ابواب الأنفال من

الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 322

الكلام فى الأنفال و الحمد للّه أولا و آخرا و الصلاة و السلام على رسوله و آله و اللعن على اعدائهم اجمعين.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 323

خاتمة فى الفي ء

و هو فى اللغة الرجوع الى ما كان الشي ء عليه من حالته الاصلية فلو كانت ارض لاحد فغصبها الآخر ثمّ رجعت بمالكها يسمى فيئا.

فقوله تعالى ما افاء اللّه على رسوله من اهل القرى فلله و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل الخ «1» بظاهره هو ما ارجع اللّه تعالى على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم ممّا كان له فغصب ما كان له.

و هذه الآية تساعد بظاهرها بالمعنى الّتي كانت للفي ء لغة لأنّ الأرض كلّها ملكا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم على مذهبنا فارجعها اللّه تعالى إليه لانّ الآية نزلت فى قصة اراضى بنى نظير فكانت الاراضى الواقعة تحت يدهم ملكا له صلّى اللّه عليه و آله و سلم و غصبوها فأفاء اللّه على رسوله يعنى ارجعها إليه.

و لا تساعد ظاهر الآية مع قول العامة الّتي لم تقل بمقالتنا فقولهم مخالف لظاهر الآية.

______________________________

(1) سورة الحشر، الآية 7.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 324

ثمّ انّ الخلاف وقع بين اصحابنا فى المراد من الفي ء.

يظهر من كلام بعضهم كما حكى عن الكلينى رحمه اللّه.

انّ الفي ء كلما غلب عليه اعداء خلفاء اللّه تعالى ثمّ رجع الى خلفائه بحرب أو غلبة.

و انّ ما رجع إليهم من غير ان يوجف عليه بخيل و لا ركاب فهو من الأنفال.

و يظهر من بعضهم كما حكى عن الشيخ فى التبيان فى

تفسير الآية الشريفة من سورة الحشر بانّ الفي ء كلما اخذ من الكفار بغير قتال أو انجلى اهلها و كان ذلك للنبى خاصة يضعه فى المذكورين فى الآية.

فالمستفاد من القول الأوّل هو ان الفي ء عبارة عما رجع الى خلفا اللّه بالحرب و الغلبة.

و المستفاد من القول الثانى هو ان الفي ء عبارة عما اخذ من الكفار بغير قتال.

فعلى الأوّل يكون الفي ء غنيمة و على الثانى يكون من الأنفال.

اعلم ان ظاهر الآية تساعد مع القول الثانى لأنّ ما افاء اللّه على رسوله و ارجعه إليه من الاراضى هو اراضى الأنفال و أمّا الاراضى المفتوحة عنوة الّتي تكون للمسلمين فلم يرجعها اللّه تعالى الى رسوله بل ارجعه الى المسلمين فما يؤخذ عنهم بغير قتال أو انجلى اهله يرجع الى رسوله فهو ممّا افاء اللّه على رسوله لا ما يؤخذ عنوة الّذي يكون للمسلمين و على هذا تكون النسبة بين الفي ء و الأنفال عموما مطلق لأنّ كل فى ء نفل لكونه مختصا بالنبى ثمّ الإمام صلى اللّه عليهما و على آلهما.

و أمّا كل نقل ليس فيئا مثل الاراضى الموات الّتي ما وصلت بايدى الكفار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 325

و كذا رءوس الجبال و كذا بطون الاودية.

و هنا كلام آخر من حيث انّ الفي ء ان كان من الأنفال فلم لا يكون حكمه حكم الأنفال لأنّ المستفاد من قوله تعالى يسألونك عن الأنفال الخ كون الأنفال للّه تعالى و للرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم و المستفاد من الآية الواردة فى الفي ء (ما أفاء اللّه الخ كونه مقسما بستة اسهم).

و نجيب عنه مع قطع النظر عما قيل فى المقام بانّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و

آله و سلم لم يوزع اموال بنى النضير الواردة فيها آية الفي ء على الطوائف الستة بل وزعها بين المهاجرين و ثلاثة نفر من الانصار المحتاجين.

بانّه لا مانع من تخصيص آية الأنفال بآية الفي ء فى خصوص مورده و هو فيما كانت ارض فى يد قوم أو شخص فيرجع الى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم.

هذا تمام الكلام فى مبحث الخمس من شرحنا على العروة الوثقى مع ما ضمنا إليه من الأنفال و الفي ء و كان فراغى من بحثى هذا و القائى على جمع من الطلاب الاعلام و كتابتى يوم الثلثاء الرابع من شهر ربيع الأوّل من شهود/ 1401 القمرى من الهجرة النبوية و انا اقل خدمة اهل العلم على الصافى الكلبايكاني ابن العلامة المجاهد الورع الشيخ محمد جواد اعلى اللّه مقامه.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 327

الفهرس

الكلام فى الخمس 5

فى ما يجب فيه الخمس 8

الكلام فى الغنائم 9

فى الرّد على العامة من عدم تعديهم الى كل غنيمة 10

الكلام فى الخصوصيات المذكورة للغنيمة 11

نقل كلام السيد البروجردي رحمه اللّه 15

ذكر الخصوصيات فى الغنيمة 17

ذكر الخصوصية السابعة و أقسامها 17

ذكر الخصوصية الثامنة 18

حكم ما اذا غار المسلمون على الكفار 19

جواز أخذ مال النصّاب و البغاة 20

يشترط فى المغتنم ان لا يكون غصبا من مسلم 22

لا يعتبر فى وجوب الخمس فى الغنم بلوغ النصاب 23

السلب من الغنيمة فيجب فيه الخمس 24

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 328

الكلام فى المعادن و احكامها 25

ذكر الأخبار الواردة فى المعادن 27

فى المراد من المعدن 29

ذكر قول أهل اللغة

و الأصحاب فى المراد من المعدن 30

لا فرق بين كون المعدن فى الأرض المباحة أو فى الأرض المملوكة 31

لا فرق بين كون المستخرج بالغا او غير بالغ عاقلا او مجنونا 32

اذا بلغ عشرين دينارا يجب فيه الخمس 33

لو اخرج دفعات وجب الخمس اذا بلغ النصاب 35

كل معدن مستقل فى الحكم و لو كان فى الجنس متحدا مع الآخر 35

يكفى إخراج تراب المعدن بعنوان الخمس لو علم بتساوى الاجزاء 36

حكم ما اذا وجد مقدارا من المعدن مطروحا 37

عدم كون الغاصب مالكا للمعدن 39

حكم المعدن اذا كان فى الأرض المفتون عنوة 40

لا يعتبر المباشرة فى استخراج المعدن 41

حكم ما عمل فى المعدن عملا يوجب زيادة القيمة 42

مع الشك فى بلوغ المعدن النصاب 43

الكلام فى الكنز و حكمه 45

ذكر الأخبار الواردة فى الكنز 46

الكلام فى المراد من الكنز 47

ذكر المحتملات فى الرواية 48

المختار فى المسألة 50

لا إشكال فى وجوب الخمس فى الموارد المذكورة فى المتن 51

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 329

التمسك بالأصل و رده 52

الموارد المذكورة من الكنز فى الموضع الأول كانت ملكا للواجد 53

الكلام فى الموضع الثانى و الثالث و الرابع و الخامس 54

هل يشترط فى وجوب الخمس النصاب 55

ما يدل على اعتبار النصاب من الروايات 56

اذا كان الكنز فى الأرض المستأجرة او المستعارة 57

حكم الكنز الّذي يعلم الواجد انه لمسلم اما موجود هو او وارثه 58

حكم الكنوز المتعددة 59

حكم اذا اشترى دابة و وجد فى جوفها شيئا 60

إنما يعتبر النصاب فى الكنز بعد إخراج

المئونة 61

حكم صورة اشتراك جماعه فى الكنز 62

الكلام فى حكم الغوص 63

ذكر الروايات الوردة فى الغوص 64

ذكر وجوه الجمع بين الروايات 66

ما يأتى بالنظر فى الجمع بين الأخبار 68

هل يعتبر فى الغوص النصاب أولا 69

المخرج بالآلة فى حكم الغوص أو لا 70

او أخذه من الساحل او من وجه الماء 71

حكم الغوص من غير قصد الحيازة 72

حكم الأنهار العظيمة كدجلة و النيل و الفرات 73

حكم ما غرق فى البحر صورة إعراض مالكه عنه 75

حكم المعدن اذا كان تحت الماء 76

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 330

حكم العنبر الخارج من البحر بالغوص 77

الكلام فى اعتبار النصاب فى العنبر و عدمه 79

المختار عدم اعتبار النصاب فى العنبر 81

الكلام فى المال المختلط بالحرام و ذكر الاخبار الواردة فيها 82

الكلام حول الروايات 84

يشترط عدم تمييز المال و الجهل بالمقدار و الصاحب 85

ذكر الخبرين الدالين على وجوب التصدق و ردهما 87

الكلام فى مصرف هذا الخمس 88

نقل كلام السيد البروجردي رحمه اللّه 89

الإشكال على كلام الثانى للسيد البروجردي رحمه اللّه 93

الكلام فى صورة الجهل بالمالك و العلم بالمقدار 94

الكلام فى صورة الجهل بالمقدار و العلم بالمالك 95

ذكر المحتملات فى مقام أداء من بيده المال 96

ذكر المختار 98

يكفى إخراج الخمس فى حيلة البقية 99

ذكر صور المسألة 100

لو علم إجمالا بنقيصة الحرام عن الخمس 101

اذا علم قدر المال و لم يعلم صاحبه 102

ذكر الاحتمالات الستة فى المسألة 103

المختار الاحتمال السادس و ذكر صورة العلم بقدر المال فى عدد محصورين

106

بيان صور كون حق الغير فى ذمته لا فى عين ماله 107

بيان أحكامها 109

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 331

حكم هذا الخمس مثل غيره فى كون أمره بيد المالك 112

بعد تبين المالك لا يبعد عدم الضمان فى الخمس 113

أما بعد التبين فى الصدقة و عدم رضا المالك بها لا يجب على المالك غرامتها إلّا من باب تنقيح المناط و قياسه باللقطة 114

اذا علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أزيد من الخمس او أنقص 115

حكم ما لو خلط المالك مال الغير المجهول قدرا بماله 116

الكلام فى كون المال المخلوط بالحرام كان متعلقا للخمس 118

اذا أتلف المال المختلط قبل إخراج الخمس لم يسقط الخمس 120

اذا باع المال المختلط قبل الخراج خمسه ضمنه 121

السادس مما يجب فيه الخمس هو الأرض التى اشتراها الّذي من المسلم 122

الكلام فى الرواية الدالة على وجوب الخمس على الذمى 124

دفع الاشكال عن سنده 125

الكلام فى كون نفس الأرض متعلقا للخمس لا البناء و الشجر و الزرع 126

هل الخمس مختص بما اذا اشتراه الذمي أو يشمل كل المعاوضات 128

الكلام فى تخيير الّذي بين دفع الخمس من عين الأرض و القيمة 129

لا نصاب فى هذا القسم من أقسام الخمس 130

هل يعتبر قصد القربة فى أداء الخمس او لا 131

حكم ما لو اشترى الّذي الأرض المفتوحة عنوة 132

لا يسقط الخمس عن الّذي و لو باعها او أقالها 133

لو شرط الّذي كون الخمس على البائع كان الشرط باطلا 135

لو اشترى الّذي الارض ثم باعها ثم اشتراها وجب عليه خمسان 136

لو أسلم

الّذي بعد الشراء لم يسقط الخمس منه 137

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 332

صورة شراء الّذي الأرض من الذمى 138

من يحكم المسلم بحكمه و من يحكم الذمى بحكمه 139

لو اشترى الذمى ما أعطاه بعنوان الخمس من الارض وجب عليه خمسه 140

الكلام فى السابع ممّا يجب فيه الخمس 141

ذكر الاخبار الواردة فى المسألة 142

وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونته و مئونة عياله 145

المراد من المؤنة مئونة السنة 147

ذكر الاخبار الدالة على كون المراد مئونة السنه و ذكر الاطلاق المقامى 148

هل يثبت الخمس فى مطلق الفائدة أو لا 150

ذكر الأقوال فى وجوب الخمس فى الهبة 151

كون الخمس فى الهبة يثبت بالأولوية 152

ذكر الأخبار الدالة على الخمس و ردّها 153

كلام السيد البروجردي قدس سره و ردّه 154

الوجه الرابع لوجوب الخمس فى الهبة 155

حكم الجائزة من حيث وجوب الخمس فيها و عدمه 156

الكلام فى الخمس فى الميراث 157

الكلام فى حاصل الوقف الخاص من حيث الخمس و عدمه 159

الكلام فى وجوب الخمس الندر و عدمه 160

الكلام فى وجوب الخمس فى المهر و عوض الخلع 161

لا خمس فيما ملك بالخمس 162

الكلام فى الصدقة المندوبة من حيث الخمس و عدمه 163

التمسك بالرواية لعدم الخمس فيما ملك بالخمس 164

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 333

اذا علم بعد الشراء أن البائع لم يؤد خمس المبيع و ذكر صور هذه المسألة 165

حكم الأعيان التى أدى خمسه ثم زادت قيمتها السوقية 167

او تمت الزيادة المتصلة او منفصلة 169

اذا زادت القيمة السوقية لم يبعها الى

آخر السنة وجب الخمس 170

اذا كان المقصود و من البستان الاتجار وجب خمسها 171

اذا كان له انواع مختلفه من الاكتسابات وجب خمسها بعد المئونة 172

يشترط فى وجوب خمس الربح استقراره 173

الكلام فى وجوب خمس رأس المال و عدمه 175

الكلام فى مبدأ السنة التى بعد خروج مئونتها يجب الخمس 177

الكلام فى المراد من المئونة 179

لا فرق فى المئونة بين ما يصرف عينه بين ما يبقى عينه 181

المناط فى المئونة ما يخرج فعلا 183

حكم صورة استقراضه للمئونة 184

يجب الخمس فيما زاد من المئونة 185

التمسك بالاستصحاب 186

الايراد على الجواب و القول بعدم لزوم الخمس 187

لا يخرج مئونة هذه السنة من السنة اللاحقة 189

مصارف الحج من مئونة عام الاستطاعة 190

اداء الدين من المئونة 191

تعلق وجوب الخمس بحصول الربح 193

الأقوال فيه و ذكر الأدلة 194

ذكر الروايات فى تأييد القول المشهور 197

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 334

بيان الثمرة بين القولين 198

الكلام فى جواز التأخير الى آخر السنة 199

لو تلف بعضى أمواله لم بجبر بالربح و ليس من المئونة 200

الكلام فى جبر تلف رأس المال بربح آخر او لا 201

ذكر صور المسألة 202

الكلام فى جبر الخسارة فى تجارة الربح حاصل فى تجارة اخرى 203

ذكر صورة المسألة 204

الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين 205

فى كون المالك مخيرا بين دفع العين و القيمة فى الخمس 207

ذكر الاخبار الدالة على تخيير المالك فى اداء الخمس 209

الوجه الثانى لتخيير المالك ما قاله العلامة فى الزكاة 210

القول بالتخيير منسوب الى مذهب الاصحاب 211

حكم

لو اتجر المالك بالربح قبل اداء الخمس فى الذمة 213

مختار المؤلف كون الخمس بعنوان الكل فى المعين 214

مختار المقرر كون تعلق الخمس بالعين بنحو الاشاعة 215

الكلام فى الاتجار بالربح الحاصل فى أثناء السنة 216

مختار المؤلف القول الثانى 217

مختار المقرر عدم الخمس فيه مطلقا 218

لا يجوز للمالك أن ينقل الخمس إلى ذمته 219

يجوز للمالك تعجيل إخراج الخمس 220

مع كشف عدم كون المالك مديونا بالخمس له الرجوع على الفقير مع بقاء عينه 221

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 335

لا يجوز التصرف فيما اشتراه من الربح المتعلق به الخمس بالوضوء و الغسل 222

المدار فى كون مصارف الحج من المئونة كون إنشاء الفرق هذه السنة 223

الكلام فى ما لو جعل الغوص او المعدن مكسيا 225

الكلام فى كسب المرأة و الخمس فيه و عدمه 228

الظاهر عدم اشتراط التكلف و الحرية و البلوغ فى الامورة المتعلقة بالخمس 229

فصل: فى قسمة الخمس و مستحقّه 231

فى قسمة الخمس و مستحقّه 233

اشتراط الايمان فى الايتام و المساكين و ابن السبيل 237

الكلام فى اعتبار الفقر فى الايتام و عدمه 238

الاحوط اعتبار الفقر فى الايتام 239

عدم اعتبار العدالة فى الاصناف الثلاثة 240

لا يجب البسط على الاصناف 241

الاستدلال لعدم وجوب البسط 242

الاستدلال لوجوب البسط على الثلاثة 243

ردّ الاجماع الى السيرة 244

من عدم ذكر البسط فى الاخبار يكشف وجود السيرة 245

ما يكون قابلا للاستدلال على عدم وجوب البسط هو السيرة 246

المختار لنفس المالك الاستيذان من الفقيه فى البسط و عدمه 247

الكلام فى وجوب البسط فى كل صنف و

عدمه 248

الكلام فى مستحق الخمس و هو من انتسب الى هاشم بالأبوين 249

وجه شمول الدليل لمستحق الخمس المنتسب بهاشم بالام 250

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 336

ذكر الوجوه لاختصاص الخمس بالمنتسب الى هاشم بالاب 251

البحث فيها و ردّ بعضها 252

المختار ما عليه المشهور 254

لا فرق فى المنتسب بالاب الى هاشم بين كونه علويا او عباسيا او عقيليا 255

لا يصدق مدعى النسب الّا بالبينة او الشياع 256

لا يكفى الاحتيال المذكور فى المتن لبراءة الذمة 257

الكلام فى جواز دفع الخمس الى من يجب نفقته على المستحق 258

فى ذكر احكامها و فروعها 259

المختار جواز اعطاء الخمس بالمستحق و لو بأزيد من مئونة سنته 262

الكلام فى امر الخمس فى زمان الغيبة 263

ذكر اخبار التحليل 265

ذكر اخبار التحليل و ردّها 267

ذكر الاخبار الّتي دلّت على عدم التحليل 279

ذكر الجمع بين الاخبار 281

ذكر الاحتمالات المذكورة فى سهم الامام عليه السّلام 282

الكلام فى الاحتمال الخامس 284

ذكر الاحتمالات الخمسة فى سهم الامام عليه السّلام 285

الكلام فى سهم المساكين و الايتام و ابناء السبيل 287

الكلام فى نقل الخمس من بلده الى غيره 289

من حيث وجود المستحق فيه و عدمه 290

نقل الخمس و عزله فى مال آخر 291

نقل فى مال اخر باجازة الحاكم او المستحق 292

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 337

مئونة النقل على الناقل اذا كان مستحبا و على الخمس اذا كان واجبا 293

اذا كان المال الّذي فيه الخمس فى غير بلده يجوز نقله الى بلده 294

الكلام فى نقل سهم الامام

الى المجتهد فى بلده او غير بلده 295

لا تبرأ ذمة المالك الّا بقبض المستحق 297

جواز احتساب ما فى ذمة المستحق 298

او الحاكم من باب الخمس او سهم الامام 299

لا يجوز للمستحق أخذ الخمس ردّه على المالك 300

اذا انتقل الى الشخص مال فيه خمس ممّن لا يعتقد وجوبه لم يجب عليه اخراجه 301

فصل: فى الانفال 303

الكلام فى الانفال 305

المورد الاوّل الاراضى الّتي استولى عليها المسلمون من غير قتال 306

ذكر الروايات الدالّة على كون أراضى الكفار من الانفال 307

الثانى من الانفال الارض الموات 308

ذكر اقسام الموات 309

ذكر القولين فى المسألة 310

ذكر الروايات المربوطة بالقولين 311

ذكر وجهين للجمع بين الاخبار 313

ذكر الخصوصيات 315

الخامس من الانفال صفايا الملوك 316

السادس من الانفال المعادن 317

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 10، ص: 338

فيها قولان قول بكونه منها و قول بكون الناس فيها شرع سواء 318

السابع من الانفال إرث من لا وارث له 319

الثامن من الانفال البحار 320

حكم الانفال فى زمان الغيبة 321

الكلام فى الفي ء 323

الكلام فى المراد من الفي ء 325

الكلام فى حكم الفي ء 325

الفهرس 327

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.